عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ, فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ, كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.
(1494) 02 - وَلِابْنِ مَاجَهْ: مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوُهُ.
حديث أبي هريرة I: رواه أبو داود (4903)، عن إبراهيم بن أبي أسيد عن جده عن أبي هريرة رضي الله عنه، وجد إبراهيم، مجهول.
وحديث أنس I: رواه ابن ماجه (4210)، وفيه عيسى بن أبي عيسى الحناط، متروك، فالحديث لا يصح.
الحسد: تمني زوال النعمة عن الغير، من مال أو صحة أو مكانة أو أولاد، ولو لم يتمن انتقال هذه النعمة إليه، وهو محرم بإجماع العلماء، فقد قال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوۡاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ ﴾ [النساء: ٣٢]، وقال سبحانه: ﴿ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ٥ ﴾ [الفلق: ٥]، وقال D: ﴿ أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ ﴾ [النساء: ٥٤]، وفي صحيح مسلم أن النبي H قال: «لَا تَحَاسَدُوا»-وسيأتي ذكره-، وفي الحديث «إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ -أي: احذروا الحسد،فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ –أي: يُذْهِبْ الحسنات- كَمَا تأكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ».
والحسد له مراتب.
الأولى: تمني زوال النعمة بالقلب.
الثانية: إظهار الحسد له بالكلام.
الثالثة: أن يسعى في الكيد والأذى له، أو يمنعه حقه، أو الخوض في عرضه حسدًا، وهو أشد مراتب الحسد.
والحسد له مفاسد كثيرة:
المفسدة الأولى: كراهية ما قدَّر الله، فإن كراهية ما أنعم الله به على الشخص يعتبر كراهة لما قدره الله ومعارضة لقضائه.
المفسدة الثانية: أن الحسد يذهب الحسنات؛ لأن الغالب أن الحاسد يتعدى على المحسود، بلسانه أو بفعله أو بهما.
المفسدة الثالثة: أن فيه تشبهًا باليهود، فهم أهل حسد، ومن تشبه بخصلة من خصال الكفار صار منهم فيها، وفي الحديث السابق: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
المفسدة الرابعة: ما يقع في قلب الحاسد من الحسرة والجحيم، فكلما رأى نعمة من الله على هذا المحسود حزن واغتم وضاق صدره.
المفسدة الخامسة: أن الحسد يوجب ازدراء نعمة الله؛ لأن الحاسد يرى أن المحسود في نعمة أكبر منه، فيحتقر نعمة الله عليه.
وليس من الحسد أن تتمنى مثل نعمة الغير، دون تمني زوالها عنه، ولا تكره ما أنعم الله عليه، ففي الصحيحين عن ابن مسعود I: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ».