- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ, وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ, وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1500) 08- وَلَهُمَا: مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ: «وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».
حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (33)، ومسلم (107).
حديث عبد الله بن عمرو L: رواه البخاري (34)، ومسلم (106).
وهو الإخبار عن الشيء على خلاف حقيقته، وهو ضد الصدق.
وقد أجمع العلماء على تحريمه في الجملة، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَفۡتَرِي ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰذِبُونَ ١٠٥ ﴾ [النحل: ١٠٥]، وجعله
رسول الله H علامة من علامات النفاق، فقال H: «آيَةُ الْمُنَافِقِ»، أي: علامته، والمراد به النفاق العملي الذي لا يخرج من الملة، وأما النفاق الاعتقادي؛ فهو يخرج من الملة، وذلك بأن يظهر الإيمان ويبطن الكفر، قال: «إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ».
وسيأتي حديث ابن مسعود وفيه: «إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ».
ودوافع الكذب كثيرة، منها: جلب المنفعة، ودفع الضرر، والخوف من النقد ومن العقاب، وقلة المراقبة لله، وعدم المبالاة، والاعتياد عليه.
وقد يباح الكذب في حالات، كحالة الحرب والإصلاح بين المتخاصمين.
ومعناه: عدم الوفاء بما التزم به الشخص.
وخلف الوعد إذا كان بعدم الوفاء بالعهود اللازمة، فهو محرم بلا خلاف، فيجب الوفاء بجميع عقود المسلمين التي بينهم إذا تراضوا عليها في البيوع أو النكاح أو الصلح أو غيرها، قال تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِ ﴾ [المائدة: ١]، وقد عده النبي H من خصال المنافقين، قال: «وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ»، وفي حديث عبد الله بن عمرو L: « وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ» أي: غدر بنقض العهد.
وإذا أُخلف الوعد بغير العهود والعقود اللازمة، وترتب عليه حصول ضرر على الموعود، بسبب ترك الوفاء بالوعد؛ فهو محرم على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأنه لا يجوز الإضرار بالآخرين والأذية لهم، كأن يقول شخص لآخر: وافق على هذا الزواج، والمهر الذي اشترطوه عليك أنا سأدفعه، أو سأدفع بعضه، ثم يخلف وعده بلا عذر.
وأما إذا لم يترتب عليه حصول ضرر بالموعود؛ فذهب بعض السلف وبعض المالكية وبعض الحنابلة، إلى أنه يجب أيضًا الوفاء؛ لعموم قوله: «وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ».
ومذهب جمهور العلماء: أنه يكره إخلافه ولا يحرم؛ فليس ملزمًا بالوفاء به، ولم يورط من وعده، حتى تضرر بسببه. وقوله: «وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» لا يلزم منه الحرمة، أو يحمل على نقض العهود، أو إذا تضرر بسببه، وهذا هو الأرجح.
وهي عدم الوفاء بما ائتمن عليه الشخص. وهي محرمة بالإجماع، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا ١٠٥ ﴾ [النساء: ١٠٥]، وعدها النبي H من النفاق، قال: «وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ»، وهي من صفة اليهود إلا قليلًا منهم، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٖ مِّنۡهُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡ ﴾ [المائدة: ١٣].
وخيانة الناس على أنواع، منها:
وهو الميل عن الحق والاحتيال في إبطاله، وهو محرم بالإجماع، فهو خصلة من خصال النفاق، ففي الحديث «وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ»، فيدعي ما ليس له أو يكذب ليأخذ حق غيره، أو يشهد زورًا على غيره، أو ينكر ما هو عليه.
وسيأتي الكلام على الفجور عمومًا فيما بعد.