عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ, فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ, وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ, وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ, وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ, حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا, وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ, فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ, وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ, وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ, وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ, حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
حديث ابن مسعود I: رواه البخاري (6094)، ومسلم (2607).
الصدق: الإخبار عن الشي على حقيقته، وهو ضد الكذب. وقد أمر الشرع به، قال تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ ١١٩ ﴾ [التوبة: ١١٩]، وفي الصحيحين «أن هرقل عظيم الروم، سأل أبا سفيان، بماذا يأمركم-يعني رسول الله H-قال يأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة».
ومن فوائد تحري الصدق: أنه يرشد إلى البر، الذي هو اسم جامع لكل خير ولكل فعل مرضي، والبر يوصل إلى الجنة؛ فآل به الصدق إلى دخول الجنة، بخلاف الكذب؛ فإنه يرشد إلى الفجور، والفجور: اسم جامع لكل شر، أي: الميل إلى الفساد والانطلاق إلى المعاصي، والفجور يوصل إلى النار؛ فآل به الكذب إلى دخول النار، فقد قال H:«عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ –أي: الزموا الصدق-, فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ, وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ»,وقال: «وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ –أي: احذروا الكذب-, فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ, وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ»، ومن اعتاد على الصدق، وصار له سجية، يكتب عند الله صديقًا، ومن اعتاد على الكذب، وصار له سجية، يكتب عند الله كذابًا، قال H: «وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ, وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ, حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا»، قال: «وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ, وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ, حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا».
والصدق يكون بالنية والعزم، مثلًا: ينوي ويعزم بدون تردد أنه لو حصل على مال تصدق ببعضه، ويكون بالوفاء بالعزم وبما نواه، ويصدق بما عزم ونوى فعله، فمثلًا: يفي بما عزم على التصدق ببعضه، ويكون بالقول، فلا يتكلم إلا بالصدق، ويكون بالعمل، بأن يكون عمله موافقًا لما في باطنه، فإن كان باطنه على خلاف ما ظهر؛ فهو غير صادق في عمله، وقد سبق الكلام على صفة الكذب.