وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا, حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ, وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
حديث عياض بن حمار I: رواه مسلم (2865).
التواضع: رضا الإنسان بمنزلة دون ما يستحقه من فضل ومنزلة، من غير مهانة ولا تضييع لحقه.
وقد حث عليه الشرع، قال تعالى: ﴿ وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا ﴾ [الفرقان: ٦٣]، أي سكينة ووقارًا، متواضعين غير متكبرين، وقال تعالى:
﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [المائدة: ٥٤]، فصفة المؤمن الكامل أنه يكون متواضعًا لأخيه المؤمن، فالذل هنا ذل اللين والرحمة والشفقة، لا ذل الهوان، وقال تعالى: ﴿ تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗا ﴾ [القصص: ٨٣]، أخبر الله تعالى أن الدار الآخرة ونعيمها الدائم جعله لعباده المؤمنين المتواضعين، وعن أبي هريرة I، قال: قال رسول الله H: «مَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ , إِلَّا رَفَعَهُ». رواه مسلم، فيرفعه الله على تواضعه في الدنيا بأن يجعل له في القلوب محبة ومكانة وعزة، وفي الآخرة بالثواب، وقال H: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ –أي: لا يظلم ولا يعتدي أحد على أحد -، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ –أي: لا يتعالى ولا يتباهى أحد على أحد-».
فالتواضع المحمود الذي يحبه الله: هو ترك التطاول على الناس والازدراء لهم وخفض جناح الذل والرحمة لهم، وأما تواضع المرء لصاحب الدنيا؛ رغبة في دنياه ونيل حظه منه؛ فهذا من التواضع المذموم، وهو ضعه ومهانة لا تواضع.