أي: بعد فراغه من الوضوء ما هو الذكر الذي يأتي به؟
168 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُدَّامَ أَنْفُسِنَا نَتَنَاوَبُ الرِّعَايَةَ رِعَايَةَ إِبِلِنَا، فَكَانَتْ عَلَيَّ رِعَايَةُ الْإِبِلِ فَرَوَّحْتُهَا بِالْعَشِيِّ، فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلَّا فَقَدْ أَوْجَبَ.
فَقُلْتُ: بَخٍ بَخٍ مَا أَجْوَدَ هَذِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيَّ الَّتِي قَبْلَهَا: يَا عُقْبَةُ أَجْوَدُ مِنْهَا. فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قُلْتُ: مَا هِيَ يَا أَبَا حَفْصٍ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ آنِفًا قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ وُضُوئِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ.
قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَحَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.
«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُدَّامَ أَنْفُسِنَا» أي: كل يخدم نفسه.
«نَتَنَاوَبُ الرِّعَايَةَ رِعَايَةَ إِبِلِنَا»، يتناوبون في الرعي.
«فَكَانَتْ عَلَيَّ رِعَايَةُ الْإِبِلِ» أي: يومه.
«فَرَوَّحْتُهَا بِالْعَشِيِّ»، أي: ردها إلى مأواها في آخر النهار.
«فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ» وإحسان الوضوء إكماله وإتمامه بالإتيان بواجباته وآدابه وسننه على الطريقة الشرعية.
«ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ» يصلي ركعتين.
«يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ» أي: يخشع ويخضع بالقلب والجوارح.
«إِلَّا فَقَدْ أَوْجَبَ». أي: وجبت له الجنة.
«فَقُلْتُ: بَخٍ بَخٍ» كلمة تقال لمدح الشيء والرضى به.
«مَا أَجْوَدَ هَذِهِ»، أي: ما أحسن هذا الكلام.
«فَقَالَ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيَّ» أي: أمامي.
«الَّتِي قَبْلَهَا: يَا عُقْبَةُ أَجْوَدُ مِنْهَا». أي: الكلمة التي ذكرها النبي H قبل أن تأتي أحسن منها.
«فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قُلْتُ: مَا هِيَ يَا أَبَا حَفْصٍ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ آنِفًا قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ وُضُوئِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، أي: يتوضأ ويحسن الوضوء ويأتي بكلمة التوحيد.
«إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ». هذا الحديث فيه أن الجنة لها ثمانية أبواب، وقد جاءت تسمية بعض هذه الأبواب في أحاديث كباب الصلاة وباب الصدقة وباب الجهاد وباب الصيام، كما في الصحيحين.
ولا شك أن الأجر في هذا أعظم والعمل فيه أقل.
والحديث رواه مسلم.
وقد أجمع العلماء على استحباب هذا الذكر بعد الانتهاء من الوضوء.
وجاءت زيادة عند الترمذي «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين» حسنها بعض أهل العلم.
وروى النسائي وغيره ذكرًا آخر «سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك». ثبت موقوفًا على أبي سعيد I وقد نص على استحبابه جماعة من أهل العلم لأن الحديث له حكم الرفع ففيه ذكر لأجور لا تُعلم إلا بالوحي ولا مجال للاجتهاد فيها.
«قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَحَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ» الدمشقي أبو شعيب الإيادي، ثقة عابد.
«عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ» عائذ الله بن عبد الله الخولاني، ولد يوم حنين.
«عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ». هذا سند آخر لعقبة بن عامر I.