2025/01/06
عنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِعَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: تَوَضَّئُوا مِنْهَا، وَسُئِلَ عَنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، فَقَالَ:

بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ

أي: حكم الوضوء من أكل لحم الإبل.

183 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: تَوَضَّئُوا مِنْهَا، وَسُئِلَ عَنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: لَا تَوَضَّئُوا مِنْهَا، وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ فَقَالَ: صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ.

رجال السند:

  1. عثمان بن أبي شيبة، عثمان بن محمد بن أبي شيبة، أبو الحسن البصري، ثقة حافظ.
  2. أبو معاوية، محمد بن خازم الضرير الكوفي، ثقة رمي بالإرجاء.
  3. الأعمش، سليمان بن مهران الأسدي، أبو محمد الكوفي، ثقة حافظ عارف بالقراءات يدلس.
  4. عبد الله بن عبد الله الرازي، مولى بني هاشم القاضي، أبو جعفر الكوفي، صدوق.
  5. عبد الرحمن بن أبي ليلى، الأنصاري الكوفي، ثقة.
  6. البراء بن عازب، I.

شرح الحديث:

«سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ»، أي: هل يجب الوضوء من أكل لحم الإبل.

«فَقَالَ: تَوَضَّئُوا مِنْهَا»، وهذا يدل على أن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء.

«وَسُئِلَ عَنْ لُحُومِ الْغَنَمِ»، هل يجب الوضوء من أكل لحم الغنم.

«فَقَالَ: لَا تَوَضَّئُوا مِنْهَا»، أي: لا يجب الوضوء منها.

ففرق النبي H بين لحم الإبل وبين لحم الغنم.

وتمسك بهذا الحديث بعض السلف وعامة أهل الحديث والحنابلة والظاهرية، فقالوا: يجب الوضوء من أكل لحم الإبل.

والوضوء إذا أطلق يحمل على معناه الاصطلاحي.

وأما جمهور العلماء فقالوا: لا يجب الوضوء من أكل لحم الإبل فقد ثبت عن النبي H ترك الوضوء مما مست النار. فقالوا: كان الأمر بالوضوء منه ثم نسخ، فجاء عنه أنه أكل لحمًا فصلى ولم يتوضأ، وعن جابر I أنه قال: كان آخر الأمرين من النبي H ترك الوضوء مما مست النار -سيأتي تخريجه-.

أو يحمل الوضوء على المعنى اللغوي، أي: غسل اليدين.

والقول الأول هو الأرجح.

ولا يسلم بأنه منسوخ، لأن النبي H فرق بين الوضوء من لحم الإبل والوضوء من لحم الغنم، ولو كان هذا الحديث قبل النسخ لقال في لحم الغنم ما قال في لحم الإبل.

مسألة: حكم الوضوء من لبن الإبل.

اختلف القائلون بانتقاض الوضوء من لحم الإبل هل ينتقض الوضوء بشرب المرق وشرب اللبن على قولين:

الأول: أن الوضوء ينتقض لأن المرق مستخلص منه وينتقض من اللبن لأن النبي H قال: «توضؤوا من لبن الإبل». ورواه ابن ماجه.

الثاني: وهو المشهور لا ينتقض بشرب المرق ولا بشرب اللبن.

أما المرق لأن الحديث جاء في اللحم والمرق لا يسمى لحمًا، ومن تيقنت طهارته فلا تنتقض إلا بدليل.

وأما اللبن فالحديث فيه ضعيف.

وهذا القول هو الصحيح.

والذين يقولون بانتقاض الوضوء من لحم الإبل ذكروا عللًا وأسبابًا:

فقال بعضهم: لأنها خلقت من شياطين، وقال بعضهم: لأن في لحمها قوة وشدة.

ومنهم من قال: الأمر تعبدي. وهذا أحسن تخريج والله أعلم.

«وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ»، مبارك الإبل مواضع إقامتها.

«فَقَالَ: لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ»، اختلفوا في معنى من شياطين:

فقيل: إنها خلقت من الشياطين.

وقيل: إنها خلقت مما خلقت منه الشياطين وهي النار.

وقيل: أي: لها خلق وطبع كخلق وطبع الشياطين من النفرة والأذية.

«وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ» مرابض الغنم: مواضع إقامتها ومأواها.

«فَقَالَ: صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ». أي: في الغنم بركة وخير.

وقد اختلف العلماء في حكم الصلاة في مبارك الإبل، فالصحيح عند الحنابلة أن الصلاة تفسد فقد نهى النبي H عن ذلك والنهي يقتضي الفساد والبطلان.

وقال جمهور أهل العلم: تكره الصلاة في مبارك الإبل، والصلاة صحيحة فلا دليل على بطلانها بشرط عدم وجود الروث والبول.

ولأحمد رواية ثانية، بأنه محرم ولا تبطل الصلاة.

والراجح أنها لا تبطل، وهل النهي للكراهة أم للتحريم؟

الأقرب والله أعلم أن النهي للتحريم.

وأما مرابض الغنم، فعامة العلماء على أن الصلاة تصح فيها.

ولو وجد من بول وروث الغنم في مرابضها فحكم الصلاة فيها مبني على الخلاف في طهارة بول وروث ما يؤكل لحمه فمذهب الحنفية والشافعية أنه نجسة لعمومات الأدلة في نجاسة الأبوال والأرواث.

ومذهب جماعة من السلف والمالكية والحنابلة أن بول وروث ما يؤكل لحمه طاهر، وإن لم توجد أدلة صريحة عليه، لكن الأدلة بمجموعها تدل على ذلك.

كحديث الباب فلا تسلم مرابض الغنم من بعرها أو بولها.

ومنها: حديث العرنيين أن النبي H أمرهم بالشرب من أبوال الإبل ولم يأمرهم بغسل أفواههم منه أو غسل الأواني.

ومنها أن النبي H طاف على بعير في حجة الوداع والحيوان لا عقل له.

والقول الثاني أصح.

أما ما لا يؤكل لحمه فهو نجس عند عامة العلماء.

والحديث إسناده صحيح.

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1644