2025/01/07
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلِمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَا وَرَجُلَانِ، رَجُلٌ مِنَّا، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَحْسَبُ، فَبَعَثَهُمَا عَلِيٌّ - وَجْهًا، وَقَالَ:

 بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ

من كان على جنابة هل يقرأ القرآن؟

228 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلِمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَا وَرَجُلَانِ، رَجُلٌ مِنَّا، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَحْسَبُ، فَبَعَثَهُمَا عَلِيٌّ - وَجْهًا، وَقَالَ: إِنَّكُمَا عِلْجَانِ، فَعَالِجَا عَنْ دِينِكُمَا. ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْمَخْرَجَ ثُمَّ خَرَجَ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَخَذَ مِنْهُ حَفْنَةً فَتَمَسَّحَ بِهَا، ثُمَّ جَعَلَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الْخَلَاءِ فَيُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ وَيَأْكُلُ مَعَنَا اللَّحْمَ، وَلَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ أَوْ قَالَ: يَحْجِزُهُ عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ.

رجال السند:

  1. حفص بن عمر، ابن الحارث النمري، أبو عمر الحوضي، ثقة ثبت.
  2. شعبة، ابن الحجاج، تقدم.
  3. عمرو بن مرة، ابن عبد الله الجملي المرادي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة عابد.
  4. عبد الله بن سلمة، المرادي الكوفي، صدوق تغير حفظه.
  5. علي، I.

شرح الحديث:

«دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَا وَرَجُلَانِ، رَجُلٌ مِنَّا»، أي: من مراد، وهي قبيلة في اليمن.

«وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَحْسَبُ»، قبيلة من مضر.

«فَبَعَثَهُمَا عَلِيٌّ - وَجْهًا»، أرسلهما علي جهة من الجهات.

«وَقَالَ: إِنَّكُمَا عِلْجَانِ»، العلج القوي الشديد الضخم.

«فَعَالِجَا عَنْ دِينِكُمَا». أي: فاعملا لدينكما.

«ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْمَخْرَجَ ثُمَّ خَرَجَ»، المخرج أي: الخلاء.

«فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَخَذَ مِنْهُ حَفْنَةً» ملء الكف أو الكفين.

«فَتَمَسَّحَ بِهَا»، إما غسل يديه وإما يديه ووجه، يعني: لم يتوضأ.

«ثُمَّ جَعَلَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ»، يعني: لم يتوضأ فاستغربوا فعله.

«فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الْخَلَاءِ فَيُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ وَيَأْكُلُ مَعَنَا اللَّحْمَ»، لهذا عامة أهل العلم على أنه من كان على حدث أصغر له أن يقرأ القرآن. وقد جاء أن النبي H كان يذكر الله على كل أحيانه. كما في صحيح مسلم. ومن الذكر القرآن.

ولا خلاف بين العلماء على أن الجنب له أن يأكل مع الناس وهو على جنابة.

«وَلَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ أَوْ قَالَ: يَحْجِزُهُ» أي: لا يمنعه.

«عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ». على كل حال يقرأ القرآن.

«لَيْسَ الْجَنَابَةَ» أي: إذا كان جنبًا لم يكن يقرأ القرآن وبهذا الحديث أخذ جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة وقالوا: الجنب لا يجوز له أن يقرأ القرآن فقد كان النبي H يترك قراءة القرآن إذا كان جنبًا، وتركه لقراءة القرآن وهو على جنابة يدل على أن هذه الحالة ليست جائزة.

وجوز كثير منهم قراءة القرآن إذا كان دعاء وتعوذًا لا تلاوة.

وذهب جماعة من السلف والظاهرية إلى أنه يجوز للجنب أن يقرأ القرآن وردوا على الحديث بجوابين:

الأول: أن في إسناده ضعف، فعبد الله بن سلمة مختلف فيه، وثقه بعضهم وضعفه بعضهم.

الثاني: على صحته إن النبي H لم ينه الجنب عن قراءة القرآن وإنما كان لا يفعله، وترك النبي H للشيء لا يدل على التحريم وإنما للكراهة، وفعل النبي H لا يلزم منه الوجوب بل الاستحباب.

وهذا القول الثاني قوي لكن ما عليه الجمهور أولى وأحوط فالأمر في حق الجنب سهل، فيستطيع الاغتسال بسهولة، وهذا مقتضى تعظيم القرآن.

وأما مس القرآن للجنب فعامة أهل العلم على أن الجنب لا يمسه، فقد قال النبي H «لا يمس القرآن إلا طاهر». أي: طاهر من الحدث.

وهل للحائض أن تقرأ القرآن من غير مس، أو تقرأه مع مسه بحائل؟

مذهب جماعة من السلف ومذهب الحنفية والصحيح عند الشافعية والصحيح عند الحنابلة أنها كذلك لا يجوز لها أن تقرأ القرآن، فلما كان الجنب لا يجوز له أن يقرأ القرآن فالحائض كذلك، فكلاهما على حدث أكبر لا يرتفع هذا الحدث إلا بالغسل، وإن كان الحديث نصًّا في الجنب لكن الحائض تلتحق به وتقاس عليه.

ومذهب بعض السلف والمالكية والظاهرية وجماعة من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن باز وابن عثيمين أنها: لا بأس أن تقرأ القرآن لأن النهي جاء للجنب والفارق حاصل فالجنابة يستطيع الشخص أن يرفعها متى شاء فالأمر بيده، أما الحيض ليس بيد المرأة.

والفارق الثاني: أن أمر الجنابة لا تطول، فيمكن الشخص أن يغتسل من الجنابة مباشرة، وأما الحائض فتطول مدتها، وغالب النساء بين ستة إلى سبعة أيام، وأيضًا لم يثبت عن النبي H أنه كان يمنعها كما أنه كان لا يمنعها من الذكر غير القرآن عند جميع العلماء.

وهذا القول هو الأقوى، والله أعلم، والأولى لها ألا تقرأ إلا إذا وجدت حاجة أو مصلحة، كمن خشيت أن تنساه أو معلمة تعلمه أو طالبة تسمعه او مريضة تحتاجه للتداوي.

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1690