بَابُ الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ
يعني: من أصابته الجنابة ولم يجد الماء جاز له أن يتيمم ويصلي، ولا يترك الصلاة.
332 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، نَا خَالِدٌ، ( ح ) وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: نَا خَالِدٌ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ الْوَاسِطِيَّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: اجْتَمَعَتْ غُنَيْمَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ ابْدُ فِيهَا، فَبَدَوْتُ إِلَى الرَّبَذَةِ، فَكَانَتْ تُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ فَأَمْكُثُ الْخَمْسَ وَالسِّتَّ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَسَكَتُّ، فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَبَا ذَرٍّ، لِأُمِّكَ الْوَيْلُ، فَدَعَا لِي بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ فَجَاءَتْ بِعُسٍّ فِيهِ مَاءٌ، فَسَتَرَتْنِي بِثَوْبٍ وَاسْتَتَرْتُ بِالرَّاحِلَةِ، وَاغْتَسَلْتُ فَكَأَنِّي أَلْقَيْتُ عَنِّي جَبَلًا، فَقَالَ: الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ، وَقَالَ مُسَدَّدٌ: غُنَيْمَةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَحَدِيثُ عَمْرٍو أَتَمُّ.
«اجْتَمَعَتْ غُنَيْمَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» غنيمة: قطيع من الشاة.
«فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ ابْدُ فِيهَا»، أي: اذهب بها إلى البادية.
«فَبَدَوْتُ إِلَى الرَّبَذَةِ»، خرج مع القطيع إلى الربذة، وهي قرية قريبة من المدينة.
«فَكَانَتْ تُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ» كان يجنب في هذه المدة التي مكث فيها.
«فَأَمْكُثُ الْخَمْسَ وَالسِّتَّ»، يمكث خمس ليال وست ليال وهو على جنابة ولا يصلي جهلًا منه بالمطلوب الشرعي.
«فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَبُو ذَرٍّ فَسَكَتُّ، فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَبَا ذَرٍّ»، أي: فقدك أمك.
«لِأُمِّكَ الْوَيْلُ»، أي: لأمك الحزن والهلاك.
«فَدَعَا لِي بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ» أمة سوداء.
«فَجَاءَتْ بِعُسٍّ فِيهِ مَاءٌ»، العس القدح الكبير في داخله ماء.
«فَسَتَرَتْنِي بِثَوْبٍ» سترته بثوب من جهة.
«وَاسْتَتَرْتُ بِالرَّاحِلَةِ»، أي: واستتر بالراحلة وهي المركب من الجهة الأخرى.
«وَاغْتَسَلْتُ فَكَأَنِّي أَلْقَيْتُ عَنِّي جَبَلًا» ألقيت ثقلًا وهمًّا شديدًا.
«فَقَالَ» يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
«الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ» أي: التراب الطيب الطاهر.
«وَضُوءُ الْمُسْلِمِ» أي: طهور المسلم يتطهر به إذا لم يجد الماء.
«وَلَوْ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ»، ولو بقي مدة طويلة.
«فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ» بعد أن فقدته.
«فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ»، أي: أمسه بشرتك والمعنى: اغتسل به.
«فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ»، هذا أعظم بركة وأكثر أجر.
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: غُنَيْمَةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَحَدِيثُ عَمْرٍو أَتَمُّ. أي: أكمل من حديث مسدد.
والحديث حسن لغيره.
وفيه أن من أصابته الجنابة ولم يجد الماء أنه يتيمم، وهذا كان فيه خلاف في عهد الصحابة ثم استقر الإجماع على أن الجنب إذا لم يجد الماء أنه يتيمم.
وفيه أن من كان على جنابة فتيمم ثم وجد الماء أنه يجب عليه أن يغتسل، وتيممه لا يرفع الحديث وإنما هو مبيح أو رافع مؤقت.
فلو وجد الماء في أثناء الصلاة، فهل يستمر في صلاته أم يقطع الصلاة؟
على قولين عند أهل العلم:
الأول: أنه يستمر في صلاته؛ لأنه قد دخل الصلاة بطهارة شرعية.
الثاني: أنه يقطع الصلاة ويغتسل لأنه لم يكمل الصلاة بعد لظاهر هذا الحديث «فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك»، أي: بشرتك، ولم يفرق بين حالة بعد الصلاة وحالة أثناء الصلاة، وهو الأرجح.
أما إذا وجده بعد انقضاء الصلاة فسيأتي إن شاء الله.