2025/01/11
باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية

باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية

 

       أي: كانت لأهل الجاهلية أنواع وطرق وأضرب متعددة في النكاح يرتضون بها ويسيرون عليها, وأما الإسلام فليس هنالك إلا طريقة واحدة في النكاح وما عداها فهو محرم ممنوع.

 

2272 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ [ص:282] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ، " أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَكَانَ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ فَيُصْدِقُهَا، ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِنْ أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ يُسَمَّى نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، فَتَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ، وَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ، فَتُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، وَنِكَاحٌ رَابِعٌ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ يَكُنَّ عَلَمًا لِمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ فَالْتَاطَهُ، وَدُعِيَ ابْنَهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْيَوْمَ.

رجال السند:  

  1. أحمد بن صالح, المصري, أبو جعفر الطبري, ثقة, حافظ.
  2. عنبسة بن خالد, القرشي, أبو عثمان الأيلي, صدوق.
  3. يونس بن يزيد, الأيلي, أبو يزيد القرشي, ثقة.
  4. محمد بن مسلم بن شهاب, الزهري.
  5. عروة بن الزبير, الأسدي, ثقة, ثبت.
  6. عائشة, رضي الله عنها. 

 

شرح الحديث:

أَنَّ عَائِشَةَ [ص:282] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ، " أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ" أي: في عهد الجاهلية وهو ما قبل عهد الإسلام.

 "عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ" أي: على أربعة أنواع وأضرب.

 " فَكَانَ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ" أي: كالنكاح الموجود في الإسلام.

 " يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ" من كانت تحت ولايته كأبنته أو أخته.

 " فَيُصْدِقُهَا" أي: يمهرها.

 " ثُمَّ يَنْكِحُهَا" ثم يتزوج بها.

"وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا" أي: طهرت من حيضها.

" أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ" أي: أرسلي إليه رسالة.

 " فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ" أي: مكنيه من جماعك, وزوجها يقول لها هذا حتى يأتي الولد ذكياً نجيباً, فينتقي الزوج رجلاً من القبيلة يجامع زوجته بعد أن تتطهر من الحيض قبل أن يمسها الزوج فيطلب رجلاً ذا صفات حميدة كالكرم والشجاعة ابتغاء أن يكون الولد إذا حملت منه على هذه الصفات.

 "وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا" لا يقربها زوجها بعد أن جامها الرجل الآخر .

" وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا "أي: لا يجامعها أبداً.

"حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ" أي: من الرجل الذي جامعها غير زوجها.

" فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِنْ أَحَبَّ" أي: ظهر حملها, جامعها زوجها إذا رغب بذلك.

"وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ" أي: يطلب الزوج من امرأته أن تمكن رجلاً يختاره في جماعها.

"رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ" أي: لأن يكون الولد نجيباً يكتسب هذه الصفات الحميدة من هذا الرجل الذي جامع زوجته.

 " فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ يُسَمَّى نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ" أي: التمكين فالمرأة تمكن غير زوجها من جماعها.

"وَنِكَاحٌ آخَرُ" أي: ثالث.

" يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ" أي: مجموعة لكن أقل من عشرة.

" فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا" كلهم يجامعها.

" فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ" أي: حملها.

" وَمَرَّ لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا" أي: بعد فترة من الولادة.

" أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ " طلبت جميع الرهط الذين جامعوها.

 " فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ َأنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا "أي: يحضروا جميعاً عندها.

" فَتَقُولُ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ "أي: أنتم تعلمون أنكم اجتمعتم على جماعي.

"وَقَدْ وَلَدْتُ "أي: حملت وأنجبت.

"وَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ " تختار واحداً من هؤلاء  الذين جامعوها فتلحق الولد به  وتنسبه إليه.

"فَتُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ "أي: تقول لك يا فلان.

"فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا "أي: ينسب إلى هذا الرجل الذي اختارته ويلحق به وليس له أن يمتنع.

 " وَنِكَاحٌ رَابِعٌ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ" أي:  أكثر من عشرة.

 " فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا "أي: لا تمنع أحداً جاء يجامعها.

"وَهُنَّ الْبَغَايَا "أي: الزواني.

"كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ "أي: يضعن على باب دارهنَّ اعلام يفهم منها أن هذه المرأة  باغية.

 "يَكُنَّ عَلَمًا لِمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ "أي: من أراد جماعها دخل عليها إلى هذا الدار التي عليه علامة يعرف بها أنها باغية.

 "فَإِذَا حَمَلَتْ " من هذا الجماع وقد جامعها مجموعة.

"فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا "أي: اجتمع لها له كل من وطأها.

"وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ "أي: طلبوا قائفاً وهو الذي ينسب مولوداً لرجل بناءً على الشبه.

 "ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا "أي: نسبوه.

"بِالَّذِي يَرَوْنَ "أي: بالذي يختاره القائف.

"فَالْتَاطَهُ "أي: "الصقه بهذا الرجل ونسبه إليه وألحقه به.

 "وَدُعِيَ ابْنَهُ "أي: يكون ابناً لهذا الرجل الذي اختاره الطائف, وقضى بأنه يشبهه.

"لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ " ليس له الحق في الرفض.

"فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أي: بعثه بدين الإسلام.

"هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ "الغاه ومنعه وحرمه.

 "كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْيَوْمَ "أي: نكاح واحد أبقاه لكي يبقى النسل البشري لكن بطريقة صحيحة نقية بعيدة  عن الفحش والفوضى والعبث بأن يأتي الرجل يخطب من الرجل وليته كأبنته أو أخته وينكحه من طلبها برضاها وبالمهر المتفق عليه, وبألفاظ العقد المشتملة على الإيجاب والقبول ولابد من الشهود على الأرجح من قولي أهل العلم.

 

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1989