يعني: لم يقبل من فاطمة ما ذكرته عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها ولا سكنى, وإنما النفقة والسكنى في العدة للمطلقة طلاقاً رجعياً وهي الطلقة الأولى والثانية.
2291 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مَعَ الْأَسْوَدِ، فَقَالَ: أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «مَا كُنَّا لِنَدَعَ كِتَابَ رَبِّنَا، وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ، لَا نَدْرِي أَحَفِظَتْ ذَلِكَ أَمْ لَا»
رجال السند:
شرح الحديث:
كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ "أي: الذي تصلى فيه الجمعة.
"مَعَ الْأَسْوَدِ، "الأسود بن يزيد النخعي, ثقة, مخضرم.
"فَقَالَ: أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "جاءت إلى عمر بن الخطاب في خلافته.
"قَالَ: «مَا كُنَّا لِنَدَعَ "أي: لنترك.
"كِتَابَ رَبِّنَا، وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أي: حكم الله وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"لِقَوْلِ امْرَأَةٍ "لقول امرأة واحدة وهي فاطمة بنت قيس التي ذكرت أن المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها ولا سكنى في العدة, مع أن الآية في قوله تعالى: {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن} عامة تشمل كل مطلقة.
"لَا نَدْرِي أَحَفِظَتْ ذَلِكَ أَمْ لَا»" لا ندري هل حفظت جيداً أم نسيت.
2292 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ عَابَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَشَدَّ الْعَيْبِ - يَعْنِي حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - وَقَالَتْ: «إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ رَخَّصَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
رجال السند:
شرح الحديث:
لَقَدْ عَابَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَشَدَّ الْعَيْبِ "يعني: عابت عائشة رضي الله عنها العيب الشديد وأنكرت الانكار الشديد.
" يَعْنِي حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ "أي: في قولها أن المطلقة ثلاثاً لها أن تخرج من بيت زوجها وتسكن في بيت غيره.
" وَقَالَتْ: «إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ "أي: في مكان خال مخيف.
"فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا "فخيف عليها من الأذية.
"فَلِذَلِكَ رَخَّصَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أن تتحول من بيت زوجها وهي في أثناء عدتها إلى بيت آخر خشيت الضرر والأذية عليها, فهو خاص بحالة فاطمة وليس عاماً.
2293 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قِيلَ لِعَائِشَةَ: أَلَمْ تَرَيْ إِلَى قَوْلِ فَاطِمَةَ؟ قَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا خَيْرَ لَهَا فِي ذَلِكَ.
رجال السند:
شرح الحديث:
أَنَّهُ قِيلَ لِعَائِشَةَ: أَلَمْ تَرَيْ إِلَى قَوْلِ فَاطِمَةَ؟ "ألم تسمعي إلى قول فاطمة أن المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها ولا سكنى.
"قَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا خَيْرَ لَهَا فِي ذَلِكَ "أي: لا فائدة من ذكرها لذلك ولا منفعة, لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أذن لها في ظن عائشة في الانتقال لأسباب خاصة بها, وإلا فالمطلقة ثلاثاً تبقى في بيت زوجها كالمطلقة طلاقاً رجعياً الطلقة الأولى والثانية.
2294 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، فِي خُرُوجِ فَاطِمَةَ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الْخُلُقِ.
رجال السند:
شرح الحديث:
فِي خُرُوجِ فَاطِمَةَ، "يعني: من بيت زوجها عندما طلقها الثالثة لتعتد في بيت آخر.
"قَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الْخُلُقِ "أي: بسبب أذية فاطمة لأقارب زوجها فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما أذن لفاطمة بنت قيس وهي مطلقة أن تخرج من بيت زوجها إلى بيت آخر لسببين:
الأول/ لأنها كانت في بيت موحش فيخشى عليها.
والثاني/ لأنها كانت تؤذي أقارب زوجها, وتسيء الخلق معهم.
2295 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ [ص:289] مُحَمَّدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ الْبَتَّةَ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَقَالَتْ لَهُ: «اتَّقِ اللَّهَ، وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا»، فَقَالَ مَرْوَانُ - فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ -: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ غَلَبَنِي، وَقَالَ مَرْوَانُ - فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ -: أَوَ مَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ»، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ كَانَ بِكِ الشَّرُّ فَحَسْبُكِ مَا كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ
1- القعنبي, عبدالله بن مسلمة القعنبي, أبو عبدالرحمن المدني, ثقة, عابد.
2- مالك , ابن أنس أبو عبد الله الحميري المدني, إمام دار الهجرة.
3- يحيى بن سعيد, الأنصاري, أبو سعيد المدني, ثقة, ثبت.
4- القاسم بن محمد.
5- سليمان بن يسار.
«أَنَّهُ سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ» أي: يحدثان
«أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ» الأموي.
«طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ الْبَتَّةَ» يعني التطليقة الأخيرة.
«فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ» حولها أبوها إلى بيته.
«فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ» تناصحه.
«وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ» من قبل معاوية ا .
«فَقَالَتْ لَهُ: «اتَّقِ اللَّهَ» في قضية هذه المرأة المنتقلة من بيت زوجها إلى بيت أبيها.
«وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا» لتعتد في بيت زوجها.
«فَقَالَ مَرْوَانُ - فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ » يعني: ابن يسار.
«إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ غَلَبَنِي» أي: لم يطعني في ردها إلى بيتها.
«وَقَالَ مَرْوَانُ - فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ » في رواية القاسم.
«أَوَ مَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟» بما حدثت عن النبي ﷺ أن المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها ولا سكنى.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ»، أي: لا حجة لك ولا دليل في حديث فاطمة, لأن النبي ﷺ أمرها أن تنتقل لأسباب خاصة فيها.
«فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ كَانَ بِكِ الشَّرُّ» يعني: أي إن كان عندك, أن سبب خروج فاطمة بنت قيس ما وقع بينها وبين أقارب زوجها من الشر وسوء الخلق.
«فَحَسْبُكِ» أي: يكفيك دليلاً وحجة.
«مَا كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ» يعني بين يحيى بن سعيد بن العاص وزوجته من الشر والأذية و سوء الخلق, فهذا السبب كافٍ في انتقالها من بيت زوجها, فهو كالسبب الذي رآه النبي ﷺ في انتقال فاطمة بنت قيس من بيت زوجها إلى بيتٍ آخر عندما طلقها ثلاثا.
وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم مختصراً.
قال أبو داود:
2296 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقُلْتُ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: طُلِّقَتْ فَخَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: «تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتِ النَّاسَ، إِنَّهَا كَانَتْ لَسِنَةً، فَوُضِعَتْ عَلَى يَدَيْ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى»
1- أحمد بن عبدالله بن يونس, اليربوعي, أبو عبدالله الكوفي, ثقة, حافظ.
2- زهير, ابن معاوية الجعفي, أبو خيثمة الكوفي, ثقة, ثبت.
3- جعفر بن برقان, الكلابي, أبو عبد الله الجزري, صدوق يهم.
4- ميمون بن مهران, الجزري, أبو أيوب الرقي, ثقة, فقيه.
5- سعيد بن المسيب, بن حزن القرشي, سيد التابعين, من العلماء والعباد الكبار.
«قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ» من الرقة في العراق.
«فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ» أي: ذهبت إليه.
«فَقُلْتُ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: طُلِّقَتْ» الطلقة الثالثة.
«فَخَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا» أي: انتقلت من بيت زوجها إلى بيت آخر.
«فَقَالَ سَعِيدٌ:» يعني: ابن المسيب.
« تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتِ النَّاسَ » بحديثها الذي كانت تحدث به عن النبي ﷺ أن المطلقة ثلاثاً لا سكنى لها ولا نفقة, وأن النبي ﷺ أمرها أن تنتقل من بيت زوجها.
« إِنَّهَا كَانَتْ لَسِنَةً » أي: في لسانها حدة تؤذي به أقارب زوجها.
«فَوُضِعَتْ عَلَى يَدَيْ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» أي: انتقلت للاعتداد في بيت ابن أم مكتوم الأعمى.
وقد أخذ بهذا الرأي كثير من العلماء أن النبي ﷺ نقلها بسبب أذيتها لأقارب زوجها,
أو لأنها كانت في مكان خالٍ يخشى عليها, وإلا فالأصل أنها تعتد في بيت زوجها كالرجعية, والأقرب والله أعلم أن المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها ولا سكنى, لأن فاطمة بنت قيس صحابية ك نقلت هذا الخبر عن النبي ﷺ فقولها مقدم, ولأنها صاحبة القصة فهي أعرف بسبب انتقالها, وقد كانت ترد على من أنكر عليها.