2025/01/13
المطلب الأول: تعريف الصيام، وهل يقال جاء رمضان؟

مقدمة الشيخ العلامة: محمد بن عبدالله الإمام 

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:

فبين يدي كتاب ”الشامل لمسائل الصيام والاعتكاف وليلة القدر“ لمؤلفه الشيخ توفيق البعداني.

والشيخ توفيق هو النائب الأول لي في الفتوى، والنائب الثاني في التدريس، فقد أعطي بسطة في العلم بأحكام الشريعة، فعنده حصيلة علمية في الأحكام الشرعية واسعة، فهو أهل لأن يستفاد منه.

 وقد سار في كتابه المذكور آنفًا سيرًا حسنًا وخلاصته: ذكر المسألة، وذكر كلام أهل العلم، وأدلتهم، وترجيح ما اقتضاه الدليل، والفهم السديد.

وفقنا الله وإياه إلى كل خير ودفع عنا كل ضير ولا حول ولا قوة إلا بالله.

محمد بن عبد الله الإمام

دار الحديث بمعبر

11/10/1431هـ   

مقدمة الكتاب للشيخ: توفيق البعداني

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد:

 فهذا كتاب شامل لمسائل الصيام والاعتكاف وليلة القدر.

تحتوي المسألة على:

- أقوال أهل العلم، والاختلاف الحاصل بينهم فيها.

- مع الأدلة الشرعية لكل طائفة.

- وتخريج الأحاديث المعتمد عليها في المسألة والإحالة إلى مخرجيها.

- مع ذكر المراجع العامة المأخوذة منها المسألة.

- ثم أنهي المسألة باختيار القول الراجح من أقوال العلماء بحسب ما أفهمه من أقوالهم وأدلتهم.

- وربما أضفت للمسألة بعض الفروع أو التنبيهات أو الفوائد بحسب الحاجة.

مع محاولة الاختصار في جميع محتويات المسألة قدر الإمكان بما لا يحصل بسببه خلل وأسميت هذا الكتاب:

الشامل لمسائل الصيام والاعتكاف وليلة القدر

ولا شك أن الحاجة ماسة لمعرفة كثير من هذه المسائل، كيف لا وصيام رمضان يعتبر أحد أركان الإسلام الخمسة؟!

أسأل من الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب الإسلام والمسلمين، وأن يجعل عملي فيه خالصًا لوجهه الكريم، وأن يُعظِم الأجر والمثوبة لي ولوالدي ولأهلي، وأن يغفر لنا إنه عفو غفور كريم.

وصلى الله وسلم على رسولنا الكريم وآله وصحبه.

                     كتبه:

أبو مالك توفيق بن محمد بن نصر البعداني

          دار الحديث بمعبر- اليمن  

                15/رمضان 1431 هـ

المطلب الأول: تعريف الصيام، وهل يقال جاء رمضان؟

فيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الصيام:

الصيام لغة: الإمساك.

في الشرع: إمساك عن أشياء مخصوصة، في زمن مخصوص، بشرائط مخصوصة، من شخص مخصوص([1]).

الثانية: هل يقال رمضان دون إضافته للفظ (شهر)؟

فيه خلاف بين العلماء:

القول الأول: يكره أن يقال: (رمضان) دون إضافته للفظ (شهر)، إنما يقال: (شهر رمضان)، سواء وجدت قرينة تدل على أن المراد شهر رمضان، كقولنا: (صمنا رمضان)، أم لا توجد قرينة تدل على أن المراد شهر رمضان كقولنا: (جاء رمضان).

وهو قول بعض الحنفية، وقول عند المالكية، ووجه للحنابلة.

وحجتهم: أن لفظ (رمضان) اسم من أسماء الله تعالى، ففي الحديث عن أبي هريرة ا قال: قال رسول الله : «لا تقولوا: "رمضان"؛ فإن رمضان اسم من أسماء الله، ولكن قولوا: "شهر رمضان"»([2]).

وأيضًا: ورد في القرآن مقيدًا، حيث قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة: ١٨٥ ].

والأحاديث التي جاءت بلفظ (رمضان) دون إضافته لـ(شهر) لعله من تصرف رواة الأحاديث.

القول الثاني: إن كان هناك قرينة تصرفه إلى الشهر فلا يكره، كقولنا: (صمنا رمضان، قمنا رمضان، رمضان أفضل الأشهر)، وإن لم توجد قرينة تدل على أن المراد هو (شهر رمضان) فيكره، كقولنا: (جاء رمضان، دخل رمضان، أحب رمضان).

وهو قول جماعة  كثيرة من الشافعية، وبعض الحنابلة، وبعض المالكية.

وحجتهم: حديث أبي هريرة ا السابق قالوا: يحمل على هذا أي: على أنه لا يقال ذلك غير مقترن بما يدل على إرادة الشهر.

القول الثالث: لا يكره أن يقال: (رمضان) مطلقًا – بقرينة وبغير قرينة-.

وهو قول الجمهور من العلماء.

وحجتهم: أن الكراهة إنما تثبت بنهي من الشرع، ولم يثبت فيه نهى.

وحديثهم الذي استدلوا به لا يصح، وقد ثبتت أحاديث كثيرة في ”الصحيحين وغيرهما في تسمية رمضان من غير إضافته إلى لفظ (الشهر)، في كلام رسول الله ﷺ  كحديث أبي هريرة ا عن رسول الله r قال: «إذا جاء رمضان؛ فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار» وفي لفظ: «إذا دخل رمضان ...» ([3]).

والقول بأن حذف لفظ شهر من الأحاديث تصرف من الرواة دعوى لا دليل عليها، والأصل ضبطهم للفظ وعدم تصرفهم فيه. 

الترجيح: الراجح: مذهب الجمهور؛ لما سبق ذكره ([4]).

 

([1]) ”المغني لابن قدامة (4/323)، المجموع للنووي (6/247)، فتح الباري لابن رجب (4/592).

([2]) سنده ضعيف: رواه البيهقي في سننه (4/201) وضعفه.

([3]) البخاري (1898،1899) ومسلم (1079).

([4]) ”حاشية ابن عابدين (3/295)، مواهب الجليل شرح مختصر خليل (3/277)، المجموع للنووي (6/247)، فتح الباري (4/606)، المغني (4/324)، الإنصاف للمرداوي (3/269).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=2031