وفيه مسائل:
المعتبر فيه رؤية هلال رمضان، فإذا رآه الناس في ليلة الثلاثين من شعبان؛ فإن اليوم الثاني يكون أول أيام شهر رمضان، ولا يكون اليوم الثلاثين من شعبان، ويجب على الناس الصوم وهذا بإجماع العلماء.
فعن ابن عمر ب قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له»([1]).
فإذا لم يروا الهلال وكان الجو صحوًا فيكون اليوم التالي هو الثلاثين من شهر شعبان، وتكمل عدة شهر شعبان بإجماع العلماء، أما إذا كان الجو غير صحو ففيه خلاف سيأتي([2]).
فيه خلاف بين العلماء:
القول الأول: لا بد من شهادة عدلين على الأقل في إثبات رؤية هلال رمضان، ويلزم الناس الصيام حينها، ولا تقبل شهادة واحد عدل على رؤيتة، ولا يصح أن يُصام بشهادته وحده على رؤية الهلال.
وهو مذهب جماعة من السلف، ومذهب مالك، وإسحاق بن راهويه، وقول للشافعي، ورواية لأحمد.
دليلهم: ما روى الحسين بن الحارث الجدلي قال: خطبنا أمير مكة الحارث بن حاطب ا فقال: «عهد إلينا رسول الله ﷺ أن ننسُك لرؤيته، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل؛ نسكنا بشهادتهما» ثم قال أمير مكة: «إن فيكم من هو أعلم مني بالله ورسوله» وأشار إلى رجل خلفه، فإذا هو ابن عمر فقال: «بذلك أمرنا رسول الله ﷺ» ([3]).
وأيضًا ما جاء عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب: أنه خطب الناس فقال: ألا إني قد جالست أصحاب رسول ﷺ وسألتهم ألا وإنهم قد حدثوني أن رسول الله ﷺ قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم؛ فأتموا ثلاثين، فإن شهدا شاهدان، فصوموا وأفطروا» ([4]).
وقياسًا على هلال شوال حيث يشترط فيه شهادة اثنين عدول حتى يُفطر الناس، ولا تقبل فيه شهادة واحد.
وردوا على الأحاديث التي ظاهرها قبول رسول ﷺ شهادة عدل واحد في إثبات رؤية هلال رمضان: بأنها إما ضعيفة، وإما محمولة على وجود آخر معه في هذه الشهادة، لكنه لم يذكر في الحديث؛ حتى لا تعارض هذه الأحاديث ما جاء في الأحاديث السابقة من اشتراط شاهدي عدل في ذلك.
القول الثاني: إذا كانت السماء صحوًا فلا بد من رؤية جمع عظيم لإثبات هلال رمضان، ومقدار الجمع ما يقع غلبة الظن بخبرهم، وأما إذا لم تكن السماء صحوًا بسبب الغيم أو الغبار فتقبل شهادة عدل واحد في أنه رأى هلال رمضان.
وهو المذهب عند الحنفية.
ودليلهم: أما اشتراط الجمع عند عدم وجود علة في السماء؛ لأنه يبعد أن تنظر الجماعة الكبيرة إلى مطلع الهلال وأبصارهم صحيحة ولا مانع من الرؤية فيراه واحد دون الباقين، وأما الاكتفاء بالواحد عند وجود علة في السماء من غيم وغيره؛ لأنه قد ينشق الغيم فيتفق لبعض الناس النظر إلى الهلال دون الباقين.
وفي رواية لأبي حنيفة: "يكفي شاهدان في مثل هذه الحالة"، واختارها بعض متأخري الحنفية؛ لأن الناس تكاسلت عن ترائي الهلال.
القول الثالث: يقبل في إثبات رؤية هلال شهر رمضان قول شخص واحد عدل، ويلزم الناس الصيام اعتمادًا على قوله، سواء كان الجو صحوًا أو مغيمًا.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الأصح عند الشافعية، والمذهب عند الحنابلة، ورواية لأبي حنيفة.
ودليلهم: الأول: ما جاء عن ابن عمر ا أنه قال: «تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله ﷺ أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه»([5])، وظاهره أن رسول الله ﷺ اكتفى برؤية ابن عمر وحده.
الثاني: حديث ابن عباس ب قال: جاء أعرابي إلى رسول الله ﷺ فقال: رأيت الهلال فقال له رسول ﷺ: «أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله؟» قال: "نعم"؛ فقال رسول اللهﷺ : «يا بلال أذن بالناس أن يصوموا غدًا»([6]).
الثالث: أنه خبر ديني لا شهادة، فأشبه رواية الأخبار فيشترط فيه العدالة دون العدد.
وردوا على ما استدل به من قال: "لا تكفي شهادة واحد لإثبات هلال رمضان" بأن أحاديثهم التي استدلوا بها وفيها اشتراط الشاهدين لإثبات هلال رمضان بأنها أحاديث ضعيفة، وعلى صحتها فليس فيها إلا قبوله ﷺ لشهادة اثنين ونحن لا ننكر هذا وليس فيه أنه لا تقبل شهادة واحد فيحمل هذا على الاستحباب والاحتياط إذا رأى إمام المسلمين ذلك وبهذا تجتمع الأدلة.
وأيضًا: في حديث أمير مكة قال: «عهد إلينا رسول الله ﷺ أن ننسُك لرؤيته» فالظاهر أنه لم يقصد بذلك هلال رمضان وإنما المقصود به هلال الحج أو هلال الفطر كما يفهم من قوله: «ننسُك» أي: نسك الحج أو الفطر.
ولا يقاس على إثبات هلال شوال الذي فيه عدم الاكتفاء بشهادة واحد عدل؛ وذلك لأن إثبات رؤية هلال رمضان خُص بدليل شرعي، وهو حديث ابن عمر السابق، وبقي إثبات رؤية هلال شوال – الفطر- على الأصل في اشتراط شاهدين، ولا مانع من هذا؛ لأن الأشياء التي تحتاج إلى الشهادة لإثباتها تختلف، فهذا الصوم، وهذا الفطر، وهذا الحج، وهكذا الشهادة في الحقوق تختلف فبعضها تحتاج لأربعة شهود كالزنا، وبعضها لشاهدين، وبعضها يقبل فيها شاهد ويمين.
وأيضًا التفرقة بين ما يشترط لإثبات رؤية هلال شوال من العدد وعدم اشتراطه لإثبات هلال رمضان إنما ذلك لأجل الاحتياط للعبادة، فهلال شوال يستفاد منه انتهاء العبادة، وهي الصوم، والخروج منها إلى الفطر، فوجب التحوط لعبادة الصوم، فلا يخرج منها إلا بيقين، فلا بد من شاهدين على الأقل، وأما هلال رمضان فيستفاد منه الدخول في عبادة الصوم فوجب التحوط لها بقبول شاهد واحد عدل؛ حتى لا يفوت بعض وقتها مع وجود الشاهد العدل الذي يشهد على دخول وقتها، فقبول قوله هنا فيه احتياط وتحري فيجب اتباعه.
وردوا على الحنفية: أن تفصيلهم المذكور لا دليل عليه من الشرع، إنما هو رأي يخالف ما يظهر من الأدلة الشرعية السابقة الذكر.
ولأنه يجوز انفراد الواحد بالرؤية دون البقية لجواز اختلاف معرفتهم بالمطلع ومواضع قصدهم مع التفاوت في حدة النظر.
الترجيح: الراجح ما ذهب إليه الجمهور من الاكتفاء بقبول شاهد عدل في إثبات رؤية هلال رمضان؛ لقوة أدلتهم أمام أدلة المخالفين، وإذا ارتاب ولي الأمر من قوله فله رد شهادته، وعدم الاكتفاء بشهادته([7]).
بمعنى هل تقبل شهادتها؟ فيه خلاف بين العلماء:
القول الأول: إذا شهدت المرأة الموثوق بها على أنها رأت هلال رمضان؛ فتقبل شهادتها في ذلك.
وهو قول الحنفية، والصحيح عند الحنابلة، ووجه للشافعية، وبعض المالكية، وقول ابن حزم.
دليلهم: أنه خبر ديني فتشترط فيه العدالة، دون النظر إلى الذكورة كرواية الأخبار، فإثبات رؤية هلال رمضان هو في الحقيقة من باب الإخبار، وليس من باب الشهادة، وخبر الواحد العدل مقبول ذكرًا كان أو أنثى، وأيضًا لما في الأخذ بقولها من الاحتياط للعبادة وهي الصيام.
القول الثاني: لا تقبل شهادة المرأة هنا.
وهو الأصح عند الشافعية، والمشهور عند المالكية، ووجه للحنابلة.
دليلهم: أن هذا من باب الشهادات، وليس هو من باب الإخبار، وفي الشهادة ما يطلع عليه الرجال لا تقبل فيه شهادة النساء، والشهادة على رؤية هلال رمضان مما يطلع عليه الرجال غالبًا؛ فلا تقبل شهادتها فيه.
القول الثالث: تقبل شهادة رجل وامرأتين على إثبات رؤية هلال رمضان.
وهو قول بعض المالكية.
لعل دليل من قال بهذا: قياسه على قبول شهادة الرجل والمرأتين في باب الأموال، أو قياسه على قبول ذلك فيما يطلع عليه الرجال غالبًا عند من يقول بقبول شهادة الرجل والمرأتين فيه، كالشهادة في النكاح والخلع والطلاق.
الترجيح: الراجح هو: القول الأول قبول شهادة المرأة على رؤية هلال رمضان، والذي يظهر لي أن قول الشافعية هنا برد شهادة المرأة بعلة أن هذا من باب الشهادة يناقض ما اختاروه في المسألة الأولى من قبول خبر الواحد في رؤية الهلال؛ لأن قولهم بالاكتفاء بشهادة العدل الواحد على رؤيته يدل على أن هذا من باب الإخبار والرواية، وليس من باب الشهادة؛ إذْ لو كان من باب الشهادة لما صح قبول شهادة الواحد على رؤيته دون وجود أمر آخر ينضم لشهادته حتى تقبل منه، وباب الأخبار يقبل به قول الواحد العدل ذكرًا كان أو أنثى([8]).
القول الأول: لا بد من شاهدين على الأقل، فلا يقبل قول شاهد واحد في رؤيتة.
وهو مذهب جمهور العلماء، بما فيهم الأئمة الأربعة.
واستدلوا بالآتي:
الأول: بما جاء عن ربعي بن حراش عن بعض أصحاب النبي ﷺ قال: «أصبح الناس لتمام ثلاثين يومًا، فجاء أعرابيان فشهدا بالله أنهما أهلَّاه بالأمس عشية، فأمر رسول ﷺ الناس أن يفطروا»([9]).
ففيه أن رسول ﷺ أمر الناس بالإفطار عند ما شهد على رؤية الهلال اثنان.
الثاني: بما جاء عن ابن عباس وابن عمر قالا: «كان رسول الله ﷺ لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين»([10]).
الثالث: حديث أمير مكة السابق – وسنده حسن- وفيه: «وإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما» فلو كان الحكم يثبت بشاهد واحد لما احتاج إلى اشتراط الاثنين، وكونه هلال نسك فهو يصلح لهلال النحر ولهلال الفطر، ولو كان هذا في هلال النحر فهلال الفطر أولى وأحرى.
الرابع: أن هذا الذي أمر به عمر بن الخطاب ا حيث قال: «لا تفطروا حتى يشهد شاهدان ذوا عدل أنهما رأياه بالأمس»([11]).
الخامس: لأجل الاحتياط للعبادة حتى يحصل ترك الصوم والإفطار بيقين – كما مرَّ في المسألة الثانية-.
السادس: لأن الفطر فيه نفع دنيوي للعباد، فأشبه سائر حقوقهم، فيشترط فيه ما يشترط فيها.
القول الثاني: تكفي شهادة عدل واحد على إثبات رؤيته كما في هلال رمضان.
وهذا قول الظاهرية، وأبي ثور، وبعض أهل الحديث، واختاره الشوكاني.
وحجتهم: عدم وجود فرق بين هلال شوال وهلال رمضان، ومن فرق بين الهلالين فاشترط شاهدين في إثبات هلال شوال واكتفى بشاهد واحد في إثبات هلال رمضان؛ فلا حجة له على هذا التفريق، وكلاهما لأجل الصوم فهذا لدخول الشهر، والثاني لخروج هذا الشهر.
وأيضًا التعبد بقبول خبر الواحد يدل على قبوله في كل موضع، إلا ما ورد الدليل بتخصيصه بعدم التعبد بخبر الواحد، كالشهادة على الأموال والحدود.
وردوا على أحاديث الجمهور بأنها لا تدل على وجوب توفر شاهدين، فليس في هذه الأحاديث: أنه لا تقبل شهادة الواحد، فالحكم على جواز الأمرين جميعًا.
وأثر عمر السابق قد جاء عنه خلافه بلفظ: «أن عمر بن الخطاب ا كان ينظر الهلال فراءه رجل فقال عمر: يكفي المسلمين أحدهم فأمرهم فأفطروا وصاموا» وفي رواية: «في فطر وأضحى» وفي رواية: «هلال شوال»([12]).
الترجيح: الراجح: مذهب الجمهور، كما يظهر من أدلتهم، وقد صح عن عمر ا ولا يعلم له مخالف من الصحابة – فيما يظهر- ولم يصح عنه خلافه.
تنبيه: يشترط الحنفية هنا شاهدين في حالة الغيم، أما في حالة الصحو، فكما مر في إثبات رؤية هلال رمضان، فالمذهب عندهم لا بد من الجمع العظيم، وفي رواية لأبي حنيفة يكفي شاهدان([13]).
القول الأول: تقبل، ولو كانت امرأة واحدة.
وهو قول ابن حزم.
دليله: أن هذا أمر ديني، فيكفي فيه واحد يشترك فيه الرجال والنساء، كما في رواية الأخبار.
القول الثاني: تقبل شهادة رجل وامرأتين.
وهو قول الحنفية، وبعض المالكية.
دليلهم: أن شهادة رجل وامرأتين في باب الأموال مقبولة بالإجماع، كالديون والبيع والشراء، فكذلك الحال في الأمور التي لا يطلع عليها إلا الرجال غالبًا، ورؤية هلال شوال منها.
القول الثالث: لا تقبل شهادة رجل وامرأتين ولا شهادة النساء منفردات وإن كثرن.
وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، والمشهور عند المالكية.
دليلهم: أن إثبات رؤية هلال شوال هو من الأمور التي لا يطلع عليها غالبًا إلا الرجال، وليس هو من الأموال ولا يقصد به المال، فهو كالشهادة على الطلاق والنكاح والخلع مما يطلع عليه الرجال غالبًا، وهذا لا تقبل فيه شهادة النساء، وإنما جاء النص على قبول شهادتهن في الأموال.
الترجيح: الأحوط القول الثالث.
وهذه المسألة مبنية على مسألة مشهورة بين العلماء وهي: هل تقبل شهادة الرجل والمرأتين فيما ليس هو من الأموال ولا يقصد به المال وليس هو من الحدود وإنما هو من الأمور التي لا يطلع عليها إلا الرجال غالبًا؟
والجمهور فيها على عدم قبول شهادة الرجل والمرأتين، وخالف جماعة من السلف، وهو مذهب الحنفية، فأجازوها قياسًا على الشهادة في الأموال، وليس المقام هنا لهذه المسألة حتى يتوسع فيها وإنما هذا من باب الفائدة والتنبيه([14]).
هذه المسألة فيمن كان يسكن وحده أو يسكن مع الناس ورأى الهلال ولم يخبر حاكم المسلمين أو أخبره فلم يقبل شهادته لأنه لا يعرفه أو لفسقه أو للاحتياط أو لأنه لا يقبل إلا شهادة اثنين فهل يلزم عليه الصوم؟
فيه خلاف بين العلماء.
القول الأول: إذا ردت شهادته يفطر ولا يصوم، أما إذا لم يوجد غيره يسكن معه؛ فإنه يصوم.
وهو قول بعض السلف كعطاء والحسن، وقول إسحاق بن راهويه، ورواية للإمام أحمد، واختاره ابن تيمية وابن القيم والألباني وابن باز.
واستدلوا بالآتي:
الأول: بما روى عن أبي هريرة ا قال: قال رسول الله ﷺ: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون»([15]).
ووجه الاستدلال من الحديث: أن قوله ﷺ : «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون» يدل على أنه يصوم مع الناس ويفطر مع الناس، فلا ينفرد وحده بالصوم والفطر.
وقد فسر بعض العلماء الحديث: بأن معنى هذا: أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس، وتقريره: أنه ﷺ أضاف الصوم والفطر والأضحية إلى الجماعة.
الثاني: أنه قد يجوز أن يكون عرض له غلط في الرؤية، فلا ينفرد عن الجماعة بمجرد ذلك، ومخالفة عامة الناس له يقوي هذا الغلط.
الثالث: قياسًا على هلال شهر ذي الحجة، فلا يُعلم أن أحدًا قال: "من رآه وحده أنه يقف وحده وينحر وحده ويتحلل وحده دون سائر الحجاج!".
وقوله ﷺ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» فهذا لا حجة فيه على أنه يصوم وحده، بل فيه أن الصوم والفطر بالرؤية يكون للجميع؛ لأن الخطاب هنا للجماعة.
وأيضًا: الهلال لا يسمى هلال لمجرد الطلوع والرؤية، إنما إذا انضم لذلك الظهور والاشتهار .
القول الثاني: يلزمه الصوم، ولا يفطر ولو ردت شهادته.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة، واختاره الشيخ العثيمين.
واستدلوا بما يلي:
الأول: بما جاء عن أبي هريرة ا قال: قال رسول الله ﷺ: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته»([16]). فعلق الصيام على الرؤية، وهو قد رآه فالرؤية موجودة.
الثاني: لقوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: ١٨٥]. وهذا شهده عندما رأى هلاله.
الثالث: لأنه برؤية الهلال تيقن أنه من رمضان؛ فلزمه صيامه، فكيف يصح له أن يفطر؟
الرابع: لأنه لو شهد عدل واحد على رؤيته الهلال وقبل منه الإمام؛ للزمه الصوم لقوله، فإذا لزمه الصوم لرؤية غيره، فلأن يلزمه من رؤية نفسه أولى وأحرى.
الخامس: أنه يلزمه الصوم إذا رأى طلوع الفجر ولو لم يره الآخرون، فكذلك هنا يلزمه الصوم عند رؤية الهلال بمفرده.
وردوا على حديث: «الصوم يوم تصومون..» بأن هذا في حق العامة، أما من رآه فإنه يلزمه أن يصومه، فليس بيوم الصوم في حق الجماعة، ولا يلزم الجميع أن يروا الهلال.
وأيضًا بعض العلماء فسره بغير هذا، فجعله في رفع الخطأ عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قومًا اجتهدوا فلم يروا الهلال فأكملوا عدد شعبان ثلاثين يومًا ثم ابتدءوا الصوم، ثم ثبت بعد ذلك أن شعبان كان تسعًا وعشرين فقط؛ فلا وزر عليهم به، فصومهم يوم صاموا وعليهم القضاء، ولهذا بوب بعض أهل الحديث في كتبهم كأبي داود والبغوي والبيهقي على هذا الحديث بقولهم: (باب إذا أخطأ القوم الهلال).
وقال بعض أهل العلم: معنى الحديث: "أنه لا يصام يوم الشك احتياطا، وإنما الصوم يوم يصوم الناس" وقد جاء إلى ابن عمر ا رجال فقالوا: نسبق قبل رمضان حتى لا يفوتنا منه شيء فقال: «أف أف صوموا مع الجماعة»([17]) فلما أرادوا الاحتياط للصوم دون رؤية أنكر عليهم وأمرهم أن يكونوا مع الجماعة.
أما الهلال فهوا اسم لما يطلع ويُرى في السماء ولا يلزم لذلك الاشتهار.
الترجيح: الأقرب عندي: مذهب الجمهور: أنه يصوم وحده؛ لأن رمضان في حقه إذا تيقن من رؤية الهلال، فكيف يفطر وهو يوم من رمضان بدليل رؤيته لهلاله؟!
وأما حديث أبي هريرة: «الصوم يوم تصومون» فقد وقع الخلاف في معناه–كما مر-، وحيث وقع الخلاف فتبين أنه ليس نصًا صريحًا يُرجع إليه.
ويشكل علينا من رأى هلال ذي الحجة وحده، فإنه لا يقف في عرفه وحده، ولا يتحلل وحده قبل وقت التحلل عند سائر الحجاج.
ولم أجد من رد على هذا الإشكال ممن قال: "يصوم وحده"، وعندي -والله أعلم-: أنه لا يعرف فيه خلاف، فلذلك لا يقال به؛ لأنه ليس هنالك قائل به فيما نظن، بخلاف مسألتنا هذه فيها خلاف، بل المخالف هم الجمهور من العلماء بما فيهم الأئمة الثلاثة والأشهر عن أحمد([18]).
القول الأول: لا يفطر وحده إذا ردت شهادته، أو لم يوصلها للحاكم، وعليه مواصلة الصوم مع جماعة المسلمين، أما إذا لم يوجد معه غيره في ذلك الموضع؛ فإنه يفطر.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الأصح عند الحنفية، والمالكية، والحنابلة، ورجحه ابن تيمية وابن باز والألباني وابن عثيمين.
حجتهم: الأول: حديث أبي هريرة ا السابق: «والفطر يوم تفطرون» فلا يفطر وحده، إنما يفطر مع الناس، ولأنه يحتمل أن يكون غلط بالرؤية بدليل مخالفة جماعة المسلمين له، فتفرده بالرؤية مع شدة حرص الناس على رؤيته دليل غلطه.
الثاني: احتياطا للصوم، فيستمر صائمًا احتياطا، ولا يقاس على صومه وحده؛ لأن ذلك لأجل الاحتياط لعبادة وهي الصوم، أما الفطر فليس مما يحتاط له لهذا لا تقبل فيه إلا شهادة اثنين – كما مر-.
الثالث: سدًّا للذريعة حتى لا يدعي الفساق أنهم رأوا الهلال، فيفطرون، وهم لم يروه بعد.
الرابع: خشية أن يتهم إذا أفطر فيعرض نفسه للأذى.
الخامس: ما جاء أن رجلين رأيا الهلال في سفر فتعجلا حتى قدما المدينة، فأخبرا عمر بن الخطاب، فقال عمر لأحدهما: «أصائم أنت؟» قال: نعم قال: «لم ؟» قال: لأني كرهت أن يكون الناس صيامًا وأنا مفطر. وقال الآخر: أصبحت مفطرا قال: «لم ؟» قال: لأني رأيت الهلال، فكرهت أن أصوم فقال -للذي أفطر-: «لولا هذا – يعني الذي صام – لرددنا شهادتك ولأوجعنا رأسك»([19]).
فأراد عمر ضربه لإفطاره برؤيته وحده، ودفع عنه الضرب لشهادة صاحبه معه على رؤيته، ولا مخالف لعمر ا في هذا.
السادس: لأن هلال شوال لا يثبت إلا بشاهدين وهذا رآه وحده.
القول الثاني: يفطر وحده، ولا يصوم.
وهذا مذهب الشافعية، وابن حزم، وبعض الحنفية، وبعض المالكية، وبعض الحنابلة، بل خرج بعضهم من كلام الإمام أحمد القول بهذا في رواية، ورده ابن تيمية، والجماعة نقلوا عن أحمد: أنه لا يفطر.
وحجتهم: أنه تيقن انتهاء رمضان برؤية هلال شوال، فلزمه الإفطار، حتى لا يصوم يوم العيد، وقد نهى الشرع عن صيام يوم العيد.
ولعموم قوله: «أفطروا لرؤيته»، وهذا قد رآه.
وحديث أبي هريرة: «الفطر يوم تفطرون» يرد عليه بنحو ما سبق في المسألة السابقة.
ويفطر سرًا حتى لا يؤذى ولا يتعرض للتهمة في دينه.
الترجيح: الراجح: القول الثاني.
ومن قالوا: "يصوم وحده ولا يفطر وحده"؛ فظاهر هذا وقوع التناقض منهم، ومن العجيب جدًا أن بعض فقهاء المذاهب يستدل بحديث أبي هريرة هنا في قوله: «الفطر يوم تفطرون» ولا يأخذ به في الصوم وفيه: «والصوم حين تصومون» بل بعضهم يذكره دليلًا لمن لا يرى للشخص الصوم وحده ولا يرد عليه، ثم يجعله دليلًا لمذهبه في القول بعدم الفطر وحده.
تنبيه: الشيخ العثيمين قال في الصوم: "يصوم وحده"، ومنع الفطر وحده والسبب حتى يحصل الاحتياط في الفطر والصوم([20]).
لم أقف على رأي الحنفية والمالكية فيه بعد النظر في مراجع كثيرة للمذهبين خاصة الحنفية، وقد يصعب استنباط مذهبهما من كلامهم في منع الشخص الرائي لهلال شوال من الفطر وحده.
فالعلة عند الحنفية الاحتياط للصوم وخشية الوهم، مع أنهم في حاله كون الجو صحوًا لا يكتفون بالشاهدين، إنما يشترطون الجمع الكبير في إثبات رؤية هلال شوال.
قال التهانوي الحنفي([21]) «وفي “سنن الترمذي” قال رسول الله ﷺ: «الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون ...» قال: وتقريره أنه ﷺ أضاف الصوم والفطر والأضحى إلى الجماعة في قوله: «تصومون ... تفطرون ... تضحون »، فلا بد من أصل الحكم من الجماعة الكثيرة أو جميع المسلمين الموجودين في بلده مثلًا في هذه الأحكام، إلا إذا عرض عارض ككون السماء مغيمة مثلًا». اهـ
أما العلة عند المالكية فهي خشية فتح الباب للفساق ادعاء انتهاء رمضان مع تعريض المفطر نفسه للتهمة والأذى.
أما الحنابلة فقد تكلموا على هذه المسألة وخلصوا بوجهين – ولم يتوسعوا في البحث- قال المردواي([22]): «لو رآه عدلان، ولم يشهدا عند الحاكم أو شهدا فردهما لجهله بحالهما لم يجز لأحدهما ، ولا لمن عرف عدالتهما الفطر بقولهما في قياس المذهب؛ لما فيه من الاختلاف، وتشتيت الكلمة، وجعل مرتبة الحاكم لكل إنسان قاله المجد في “شرحه”، وقدمه في “الفروع”، وجزم المصنف والشارح بالجواز ، وهو الصواب» .اهـ
قال ابن قدامة([23]): «ولكل واحد منهما الفطر بقولهما لقوله ﷺ: «إذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا»([24])».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية([25]): «وحينئذ فشرط كونه هلالًا وشهرا شهرته بين الناس واستهلال الناس به حتى لو رآه عشرة ولم يشتهر ذلك عند عامة أهل البلد لكون شهادتهم مردودة أو لكونهم لم يشهدوا به كان حكمهم حكم سائر المسلمين ... وهذا معنى قوله: «صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون»...». اهـ
أما الشافعية؛ فهم يقولون فيما إذا رآه وحده يفطر، فمن باب أولى إذا رآه اثنان.
فيها أقوال:
القول الأول: لا يفطرون، سواء كان الجو صحوًا أو غيمًا، ويلزمهم صوم اليوم الآتي، أي: أنهم يصومون رمضان واحدًا وثلاثين يومًا.
وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، وهو وجه مشهور للشافعية.
ودليلهم: أنه لا يثبت خروج الشهر إلا بشهادة اثنين، والصوم هنا مبني على شهادة رجل واحد، فهو مبني على سبب لا يثبت به خروج الشهر، فلم يجز أن يستند الفطر إلى شهادة واحد.
القول الثاني: إذا كان الجو صحوًا؛ فلا يفطرون، ويواصلون صوم يوم الغد، وإن كان هناك علة من غيم أو غبار؛ فيفطرون، ولا يصومون اليوم التالي.
وهو مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، ووجه للحنابلة.
دليلهم: أنه في حال الصحو ليس هناك مانع من رؤية الهلال، فلما لم يروا الهلال مع صفاء الجو؛ حصل الشك بخبر الواحد الذي اعتمدوا عليه في دخول رمضان، فيكون الاحتياط لرمضان بصوم اليوم التالي، أما إذا كان هنالك غيم أو غيره؛ فيحتمل أن هلال شوال طلع ومنع الغيم رؤية الناس للهلال، وقد أكملوا عدة رمضان بصيام ثلاثين يومًا.
القول الثالث: يلزم الناس الفطر، ولا يصومون اليوم التالي سواء كان الجو صحوًا أو غيمًا.
وهو المذهب عند الشافعية، وقول محمد بن الحسن الحنفي، ووجه للحنابلة.
دليلهم: أن الشهر لا يمكن أن يزيد على ثلاثين يومًا، وقد أكملوا عدة رمضان ثلاثين يومًا، وهلال رمضان ثبت بحجة شرعية فثبت الإفطار بعد استكمال عدة رمضان، والذي ثبت هنا بالشاهد الواحد إنما هو الصوم وحده، وأما الفطر فثبت تبعًا وضمنًا لا أن الفطر ثبت أصلًا وابتداء بقول الواحد.
الترجيح: الراجح: القول الثالث أنهم يفطرون سواء كان الجو صحوًا أو غيمًا؛ لصحة دليلهم، ورجحه الشيخ ابن عثيمين([26]).
يلزم عليه الصوم إذا أخبره من يثق به ويعتقد صدقه: أنه رأى هلال شهر رمضان؛ لأنه خبر، وخبر الثقة مقبول، كما لو رآه بنفسه.
وهذا هو الذي نص عليه جماعة من الشافعية، ولم يذكروا فيه خلافًا عندهم، وهكذا نص عليه جماعة من الحنابلة، واقتصروا عليه، ولم يذكروا فيه خلافًا في المذهب، واختاره ابن حزم([27]).
المسألة هذه فيما لو رأى الناس الهلال في نهار الثلاثين من شعبان فهل يصومون هذا النهار؛ بناء على أن الهلال لليلة الماضية، فيكون هذا اليوم من رمضان أم أنهم لا يصومون على اعتبار أن هذا الهلال لليلة المستقبلة وهذا اليوم هو الثلاثون من شعبان؟
وكذلك إذا رأوا الهلال في نهار ثلاثين من رمضان، فهل يواصلون الصوم على أن هذا اليوم من رمضان أم يفطرون على أنه أول شوال؟
وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء:
القول الأول: إذا رئي الهلال نهارًا؛ فهو لليلة المقبلة سواء رئي قبل الزوال أو بعده، فعليه إذا كان في ثلاثين شعبان فلا يصومون، وإذا رئي الهلال في آخر رمضان في ثلاثين منه؛ فلا يفطرون.
وهذا قول جمهور العلماء، وهو المذهب عند الحنابلة، والمذهب عند الحنفية.
دليلهم: أنه قول جماعة من الصحابة، فعن أبي وائل قال: جاءنا كتاب عمر بن الخطاب ا ونحن في الخانقين – بلده-: «أن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهارًا؛ فلا تفطروا حتى تمسوا إلا أن يشهد رجلان مسلمان: أنهما أهلا بالأمس عشية»([28]).
وعن سالم: أن أناسًا رأوا هلال الفطر نهارًا فأتم عبد الله بن عمر ا صيامه إلى الليل وقال: «لا حتى يرى من حيث يرى بالليل»([29]).
وعن سعيد بن المسيب: رآه الناس في زمن عثمان حين زاغت الشمس فأفطر بعضهم، فقال عثمان: «أما أنا فمتم صيامي إلى الليل»([30]).
وعن يحيى بن أبي إسحاق قال: رأيت الهلال هلال الفطر قريبًا من صلاة الظهر، فأفطر ناس، فأتينا أنس بن مالك ا فذكرنا له ذلك فقال: «وأما أنا فمتم يومي هذا إلى الليل»([31]).
وعن ابن مسعود قال: «إذا رأيتم الهلال نهارًا؛ فلا تفطروا؛ فإن مجراه في السماء لعله أن يكون أن أهل ساعتئذ»([32]).
وهذه الآثار وإن كانت في آخر شهر رمضان في خروجه؛ فإنها تعم كذلك أول شهر رمضان، أي: في دخوله، فلا فرق بين الأهلة، وما لا يكون هلالًا في آخر الشهر لا يكون هلالًا في أوله.
ولا فرق بين رؤيته قبل زوال الشمس أو بعده، والتفريق بين رؤيته قبل الزوال وبعده لا يستند إلى كتاب ولا سنة ولا عادة مطردة، ولأن ما يرى كبيرًا هو الذي يرى نهارًا فلا يجوز الاستدلال بظهوره نهارًا على أنه ابن الليلة الماضية.
القول الثاني: إذا رئي قبل الزوال فهو لليلة الماضية، فإن كان أول الشهر فيصومون أو يمسكون، وإن كان آخره فيفطرون، إذا رئي بعد زوال الشمس فهو لليلة المقبلة؛ فإن كان أول الشهر فلا يصومون هذا النهار؛ لأنه من شعبان وإن كان آخر الشهر فلا يفطرون لأنه لا زال من رمضان.
وهو قول الثوري، وأبي يوسف الحنفي، وابن حبيب المالكي، وابن حزم، وأبي بكر بن داود الظاهري، وهو رواية للإمام أحمد.
ودليلهم: الأول: أن ما قبل الزوال أقرب إلى الليلة الماضية فيكون لها، وقد قال الرسول ﷺ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» فيجب الصوم والفطر في هذه الحالة.
الثاني: أن هذا الذي جاء عن عمر ا، فقد قال إبراهيم النخعي: إن عمر ا كتب إلى عتبة بن فرقد: «إذا رأيتم الهلال نهارًا قبل أن تزول الشمس تمام ثلاثين فأفطروا، وإذا رأيتموه بعد أن تزول الشمس فلا تفطروا حتى تمسوا»([33]).
وما سبق عن عمر أولًا: لفظه عام فيشمل قبل الزوال وبعده، وهذا خاص فيه التفريق بين قبل الزوال وبعده، فيقدم المفصل على العام.
الثالث: أن الصحابة لم يتفقوا على القول الأول، بل الخلاف بينهم حاصل فهذه رواية لعمر خلاف الأولى، وكذلك جاء عن علي ا قال: «إذا رأيتم الهلال أول النهار فأفطروا، وإذا رأيتموه آخر النهار فلا تفطروا فإن الشمس تميل عنه»([34]).
وعن الربيع بن عميلة قال: كنا مع سلمان بن ربيعة الباهلي فرأيت الهلال ضحى تمام ثلاثين فأتيت سلمان
فحدثته فقال: «أرنيه» فأريته فأمر الناس فأفطروا»([1]).
الرابع: من ناحية المعنى والتجربة؛ فإن الهلال إذا رئي قبل الزوال، فإنما يراه الناظر إليه، والشمس بينه وبينه ولا شك في أنه لم يمكن رؤيته مع حوالة الشمس دونه إلا وقد أهل من البارحة وبعد عنها بعدًا كثيرًا.
وأما إذا رئي بعد الزوال فهو لليلة المقبلة بالإجماع، فيخرج من عموم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته».
القول الثالث: إذا رئي قبل الزوال في أول الشهر فهو لليلة الماضية، فيمسكون ويصومون ويعتبر من رمضان، وإذا رئي قبل الزوال من آخر الشهر؛ فهو لليلة المقبلة، فيتمون صومهم ولا يفطرون، وإذا رئي بعد الزوال فهو لليلة المقبلة، سواء في أول الشهر أو آخره.
وهو رواية للإمام أحمد، واختاره ابن تيمية.
والغرض من ذلك الاحتياط للصوم؛ لأنه إذا ظهر الهلال قبل الزوال، فيحتمل أنه لليلة الماضية، ويحتمل أنه لليلة المقبلة، فلما وجد الشك كان الاحتياط للصوم بأن يحسب في أول الشهر لليلة الماضية، فيمسك الناس حتى لا يفوت يوم عليهم بدون صيام، مع احتمال أن يكون من رمضان، وأما في آخره فمع الشك والاحتمال فالاحتياط مواصلة الصوم وعدم الإفطار؛ حتى لا يفطر الناس بدون بينة كافية، فينقصون من رمضان.
أما بعد الزوال فهو قطعًا لليلة المقبلة لهذا لا خلاف بين العلماء في أنه بعد الزوال يكون لليلة المقبلة سواء أول الشهر أو آخره.
الترجيح: الراجح: ليس في ذلك أثر عن النبي ﷺ يرجع إليه، وإنما آثار عن الصحابة ومعاني، فالظاهر أن قول الجمهور أرجح فلا دليل كافي على التفرقة بين حكم رؤيته قبل زوال الشمس وبعده، ولا دليل كذلك كافي على التفرقة بين حكم ذلك في أول الشهر وفي آخره، والتفريق بين المتماثلات بدون برهان كافي تحكم.
قال الشيخ العثيمين :: «وفصل بعض العلماء بينما إذا رئي بعيدًا عند الشمس بينه وبين غروب الشمس مسافة طويلة؛ فهذا قد يقال أنه لليلة الماضية، ولكنه لم ير لسبب لكن مع ذلك لا نتيقن هذا الأمر»([2]).
في هذه المسألة أقوال:
القول الأول: يرجع الأمر إلى إمام المسلمين، والناس تبعًا له؛ فإن صام صاموا، وإن أفطر هذا اليوم أفطروا معه.
وهو قول الحسن، وابن سيرين، ورواية للإمام أحمد.
ودليلهم: حديث أبي هريرة وفيه: «الصوم يوم تصومون»([3]).
القول الثاني: يجب صوم يوم الغد وإن كان اليوم الذي قبله هو التاسع والعشرون من شعبان ويصومه بنية أنه من رمضان احتياطا.
وهو قول بعض السلف وهو المذهب عند الحنابلة.
وحجتهم: احتمال أن الهلال قد طلع ومنع من رؤيته وجود الغيم ونحوه فالاحتياط لرمضان أن يصام هذا اليوم، ولأن هذا هو الذي جاء عن جماعة من الصحابة.
فعن أبي عثمان النهدي قال: قال عمر: «ليتق أحدكم أن يصوم يومًا من شعبان أو يفطر يومًا من رمضان» قال: «وأن يتقدم قبل الناس فليفطر إذا أفطر الناس»([4]).
ووجه الدلالة: أنه نهى من احتاط بالصوم في أول الشهر أن يبني على ذلك في آخره فيفطر يومًا من رمضان، وأمره إذا تقدم بالصوم احتياطا أن يفطر مع الناس، فيجعل احتياطه في أول الشهر وآخره.
وعن معاوية بن أبي سفيان ا قال: «إن رمضان يوم كذا وكذا، ونحن متقدمون فمن أحب أن يتقدم فليتقدم، ولأن أصوم يومًا من شعبان أحب إليَّ من أن أفطر يومًا من رمضان»([5]).
وعن نافع عن ابن عمر م قال: قال رسول الله ﷺ: «إنما الشهر تسعة وعشرون، فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُم عليكم فاقدروا له». قال نافع: «فكان عبد الله بن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر، فإن رئي فذاك، وإن لم ير ولم يَحُل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرًا، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائمًا»([6]).
فهذا ابن عمر راوي الحديث وكان يصوم يوم الثلاثين مع اغماء السماء فلفظ الحديث مجمل وفسره ابن عمر بفعله وهو راويه فهو أعلم بمعناه فيجب الرجوع إلى تفسيره.
وعن ابن أبي مريم قال: سمعت أبا هريرة ا يقول: «لأن أتعجل صوم رمضان بيوم واحد أحب إليَّ من أن أتأخر لأني إذا تعجلت لم يفتني وإذا تأخرت فاتني».([7])
وعن يحيى بن أبي إسحاق قال: «أتينا أنس بن مالك فأخبرناه برؤية الهلال فقال: هذا اليوم يكمل لي واحد وثلاثين يومًا وذلك أن الحكم بن أيوب أرسل إلي قبل صيام الناس أني صائم فكرهت الخلاف عليه فصمت»([8]).
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها «كانت تصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان»([9]).
وعن عبد الله بن أبي موسى قال: سألت عائشة عن اليوم الذي يختلف فيه من رمضان فقالت: «لأن أصوم يومًا من شعبان أحب إلي من أن أفطر يومًا من رمضان»([10]).
فهذه الآثار من الصحابة ي قالوها وفعلوها في أوقات متفرقة، وبعض هؤلاء مثل أبي هريرة وعائشة وابن عمر هم الذين رووا أحاديث إكمال العدة وأحاديث النهي عن التقدم.
وما جاء في حديث ابن عمر السابق: «فإن غُم عليكم فاقدروا له» معناه: ضيِّقَوا له العدد، بأن يُجعل شعبان تسعة وعشرين يومًا، وهذا كقوله تعالى: ﴿ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: ٧]. أي: ضُيِّق. وكقوله: ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾ [الرعد: ٢٦] أي: يضيق، ومما يدل على صحة هذا التفسير في الحديث أن راويه ابن عمر – كما مر- كان يجعل شعبان تسعة وعشرين يومًا إذا كان هنالك غيم في السماء، فمحال أن يروي الراوي: «فاقدروا له» أي: ثلاثين، ويقدر هو تسعًا وعشرين!
وما جاء في الأحاديث: «فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» – كما سيأتي- المراد عدة صيام رمضان، فإن غم علينا هلال شوال جعلنا هذا اليوم الثلاثين من رمضان احتياطا للصوم، فهذه العبارة عائدة على جملة «وأفطروا لرؤيته» ولا تعود على الجملة الأولى: «صوموا لرؤيته». فلا نجعل شعبان في هذه الحال ثلاثين يومًا، بل نحتاط لرمضان بأن نصوم هذا اليوم.
ويدل على هذا ما جاء عن الصحابة من أقوالهم وأفعالهم في صوم هذا اليوم وعدم إكمال عدة شعبان ثلاثين، وبعضهم ممن روى هذا الحديث، وهم: أبو هريرة وابن عمر.
أو أن المراد بعدة شعبان أي: تسع وعشرون يومًا من شعبان بناء على أن الغالب على شعبان النقص وعدم الإكتمال فتكون عدته تسعًا وعشرين يومًا.
وأما ما جاء من النهي عن صوم يوم الشك، والنهي عن تقدم رمضان بيوم عن رسول الله ﷺ وعن جماعة من الصحابة – سيأتي تخريجها- فليس محمولًا على هذه الصورة، وهي ما إذا حال مانع من رؤية هلال رمضان، بل على غيرها بدليل أن الصحابة وبعضهم ممن نهى عن صوم يوم الشك كانوا يقولون بصوم هذا اليوم.
فعلى هذا يوم الشك المنهي عنه يحمل على أمور:
منها: إذا كان الجو صحوًا ولم ير الناس الهلال، فأراد بعضهم أن يصوم هذا اليوم احتياطا لرمضان فيمتنع من ذلك؛ لأن هذا اليوم لا زال من شعبان حيث إن الناس لم يروا الهلال، ولا مانع يمنع من رؤيته؛ فالظاهر عدم طلوع الهلال، وصومه يعتبر تقديمًا لرمضان بيوم.
أو يحمل على الصوم لشهادة من لا يقبل الحاكم شهادته.
أو يخص يوم الشك بما إذا تقاعد الناس عن رؤية الهلال.
أما إذا حال دون منظره شيء فلا يسمى شكًّا، ولا يعتبر صومه تقديمًا لرمضان بيوم فلهذا يُصام.
القول الثاني: يحرم صيام هذا اليوم.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو رواية للإمام أحمد، واختارها جماعة من الحنابلة.
ففي ”صحيح مسلم“([11]): عن أبي هريرة ا قال: قال رسول الله ﷺ : «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين» فقوله: «فعدوا ثلاثين» يرجع إلى الجملتين معًا أي: إذا غم عليكم في صومكم أو فطركم.
وأصرح من هذا ما رواه البخاري([12]) عن ابن عمر م قال: قال رسول الله ﷺ: «الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غُم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» وهذا لفظه واضح في الرجوع إلى أول الشهر.
بل قد جاء عند البخاري([13]) عن أبي هريرة ا قال: قال رسول الله ﷺ: «صوموا لرؤيته، فإن غُبي عليكم؛ فأكملوا عدة شعبان ثلاثين». فصرح بإكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا في هذه الحالة، وقوله «غُبِّي» استعارة لخفاء الهلال.
وحديث ابن عمر م قال: قال رسول الله ﷺ: «صوموا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له»([14]) معناه: فاحسبوا تمام الثلاثين من أول الشهر، فالقدر هو الحساب.
وقد جاء في رواية عند مسلم([15]): «فإن أغمي عليكم فاقدروا له الثلاثين».
وكما سبق من حديث ابن عمر وأبي هريرة م: «فعدوا ثلاثين» فهذه الروايات ترجح بوضوح: أن المراد فاحسبوا تمام الثلاثين وأولى ما فُسر به الحديث بالحديث.
وقد جاء أيضًا من حديث ابن عباس م قال: عجبت ممن يتقدم الشهر، وقد قال رسول الله ﷺ: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وأفطروا، فإن غم عليكم؛ فأكملوا العدة ثلاثين»([16]).
وجاء من حديث جابر ا قال: قال رسول الله ﷺ : «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم؛ فعدوا ثلاثين يومًا»([17]).
وعن بعض أصحاب رسول الله ﷺ قال: قال رسول الله ﷺ : «لا تقدموا الشهر حتى تكملوا العدة أو تروا الهلال»([18]).
وعن عائشة ك قالت: «كان رسول الله ﷺ يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عد ثلاثين يومًا ثم صام»([19]).
وأيضًا قد نهى رسول الله ﷺ أن يصوم الشخص قبل رمضان بيوم أو يومين إلا إذا كان صومًا اعتاد عليه، فعن أبي هريرة ا قال: قال رسول الله ﷺ : «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم»([20]).
فمن صام قبل أن يرى الهلال أو يكمل عدة شعبان ثلاثين؛ فإنه يكون مستقبلًا لرمضان بصوم يوم.
وأيضًا قد نهى رسول الله ﷺ عن صوم يوم الشك، وهذا يوم مشكوك فيه أنه من رمضان حين لم ير الناس الهلال، والنهي للتحريم، فعن عمار بن ياسر م قال: «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم ﷺ»([21]).
وأما الآثار السابقة عن بعض الصحابة أنه صام هذا اليوم أو قال بصومه؛ فالرد عليها من وجهين:
الأول: قد جاء عن جماعة من الصحابة خلاف ذلك، حيث منعوا من صيام يوم الشك، بل بعض من جاء عنه صيامه قد جاء عنه الإنكار على من صامه.
فعن ابن عمر م أنه قال: «لو صمت السنة كلها ما صمت اليوم الذي يشك فيه من رمضان»([22]).
وأيضًا ما مر من حديث ابن عباس في أوله قول بن عباس: «عجبت ممن يتقدم الشهر» وسنده صحيح كما مر قال ابن القيم في الزاد: «كأنه ينكر على ابن عمر».
وأيضًا ما مر عن عمار بن ياسر إنكاره على من صام يوم الشك.
وعن قتادة قال: «اختلفوا في يوم لا يدرى أمن رمضان هو أم من شعبان ؟ فأتينا أنسًا فوجدناه جالسًا يتغدى»([23]).
وعن ابن مسعود ا قال: «لأن أفطر يومًا من رمضان ثم أقضيه أحب إلي من أن أزيد فيه ما ليس منه»([24]).
وعنه قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين»([25]).
وعن الشعبي قال: «كان عمر وعلي ينهيان عن صوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان»([26]).
فالأخذ بهذه الآثار هو المطلوب؛ لأنها تتفق مع الأحاديث السابقة، فهي أولى لموافقتها النصوص المرفوعة.
الثاني: أن من خالف من الصحابة الدليل الشرعي؛ فقوله مردود حتى لو كان راويًا لحديث منها؛ لأن العبرة بما روى لا بما رأى، والحجة بما جاء عن رسول الله ﷺ، والصحابي إذا خالف الدليل الشرعي يرد قوله.
القول الثاني: يستحب صيام هذا اليوم احتياطا، ولا يجب.
وهو قول بعض الحنابلة، منهم ابن تيمية، وابن القيم، بل قال ابن تيمية: «أكثر نصوص الإمام أحمد لا تدل على وجوب صومه، إنما على استحباب صومه احتياطا لرمضان».
دليلهم: الجمع بين الأحاديث، وما جاء عن الصحابة من أقوالهم وأفعالهم الدالة على صيام هذا اليوم الذي حال بين النظر إلى الهلال وبين التأكد من ظهوره مانع، فالصحابة لا يخالفون ما جاء عن رسول ﷺ، فعليه يكون صومهم هذا من باب الاستحباب احتياطا لرمضان، وليس في الآثار التي جاءت عنهم ما يدل على إيجابهم لصيامه.
وما جاء عن رسول ﷺ وبعض الصحابة من نهيهم عن صوم يوم الشك؛ فيحمل على غير هذه الصورة، كما لو صام شخص دون وجود مانع لرؤية الهلال حيث إن الجو صحو، أو يحمل على حالة وجود الإغمام، لكن في آخر الشهر.
وإنكار ابن عمر على من صام يوم الشك، فيحمل على أنه حصل صومهم ليوم لم يكن في ليله غيم أو غبار، وإن كان إنكاره عليهم لحالة الإغمام؛ فلعله حصل إنكاره عليهم؛ لأنه فهم منه أنهم يوجبون على أنفسهم صومه.
والحامل على وضع هذه الاحتمالات حتى لا يحصل تعارض بين قول ابن عمر وفعله مع إمكان الجمع.
تنبيه: كلام ابن تيمية قد يفهم منه أنه يرى استحباب صومه، وقد يفهم منه إباحته فقط، وهكذا اختلف الحنابلة في فهم كلامه فقال صاحب ”الفائق“: «يباح، واختاره الشيخ تقي الدين»، وقال المرداوي: «قيل: يستحب. قال الزركشي: اختاره أبو العباس».
والأقرب من مجموع كلام ابن تيمية أنه يقول باستحباب صومه احتياطا، والله أعلم، وحكي عنه أنه مال أخيرًا إلى أنه لا يستحب صومه.
الترجيح: الراجح: قول الجمهور، وهو تحريم صومه لصراحة الأدلة الشرعية في الأمر بإكمال شعبان ثلاثين، وأما الصحابة فظاهر النقولات وجود الخلاف بينهم، وممن قال بتحريمه الشيخ ابن باز والعثيمين([27]).
فيها خلاف:
القول الأول: لا يلزم جميع البلاد الإسلامية الصوم، إنما يلزم البلاد الإسلامية المتفقة في مطلع الهلال مع هذا البلد، أما البلدان المختلفة معه في المطلع فلا يلزمهم الصوم لرؤية أهل هذا البلد، كالحجاز مع العراق، أو الحجاز مع الشام.
وهذا القول هو الأصح عند الشافعية وهو وجه للحنفية ووجه للحنابلة وقول لبعض المالكية.
وحجتهم: أن المطالع تختلف باتفاق أهل المعرفة، فقد يكون بين البلدتين بُعد بحيث يطلع الهلال ليلة كذا في إحدى البلدتين دون الأخرى، فيكون الاعتبار باختلاف المطالع، وهذا كما يحصل في مطالع الشمس فإن طلوع الفجر وغروب الشمس يختلف بحسب اختلاف البلدان، مما يؤثر في الإمساك والإفطار، ومواقيت الصلاة، وكل بلد يعتبر طلوع فجره وغروب شمسه في حق أهله، فكذلك ظهور الهلال، وقد قال تعالى: ﴿ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﴾ [البقرة: 185] والذين يخالفون من شاهده ورآه في المطالع لا يقال: إنهم شاهدوه ورأوه لا حقيقة ولا حكمًا، والله تعالى أوجب الصوم على من شاهده ورآه.
ولما رواه مسلم (1087) عن كريب قال: إن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل عليَّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس م ثم ذكر الهلال فقال: «متى رأيتم الهلال؟» فقلت: رأيناه ليلة الجمعة فقال: «أنت رأيته ؟» فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا، وصام معاوية. فقال: «لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه». فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال: «لا هكذا أمرنا رسول الله ﷺ»، فلم يعتبر ابن عباس برؤية أهل الشام، واعتبر برؤية أهل بلده وهي المدينة، وزاد أن رفع هذا إلى أمر رسول الله ﷺ لهم بذلك.
وما ذكر من أجوبة على هذا الحديث ممن يرى عدم الاعتبار باختلاف المطالع إنما هي مجرد احتمالات من عندهم لا توافق ظاهر ما في هذا الحديث.
ولا إشكال في ضبط اختلاف المطالع؛ لأن هذا معروف عند أهل النظر والخبرة في مجال مطالع الهلال، فاختلافها واتفاقها يكون بحسب تقارب البلدان وتباعدها.
واختار هذا القول المجمع الفقهي الإسلامي في جلسته المعقودة في ربيع الآخر لعام 1401هـ قالوا: «هو الذي يقتضيه النظر الصحيح وما يدعيه القائلون من وجوب الإتحاد في يومي الصوم والإفطار مخالف لما جاء شرعًا وعقلًا، أما شرعًا فقد أورد أئمة الحديث حديث كريب – وذكروه كما في صحيح مسلم- وأما عقلًا: فاختلاف المطالع لا اختلاف لأحد من العلماء فيه؛ لأنه من الأمور المشاهدة التي يحكم بها العقل، فقد توافق الشرع والعقل على ذلك، وقد قرر العلماء من كل المذاهب أن اختلاف المطالع هو المعتبر عند الكثير، وكثير من كتب أهل المذاهب الأربعة طافحة بذكر اعتبار اختلاف المطالع للأدلة القائمة من الشريعة بذلك، وتطالعك الكتب الفقهية بما يشفي الغليل»([28]).
واختاره الشيخ العثيمين([29]) وشيخنا الشيخ مقبل الوادعي سماعًا من أحد الدروس.
القول الثاني: لأهل كل بلد رؤيتهم ولا يلزم أي بلد الصيام لرؤية بلدة أخرى فلا يلزم عند غير أهل البلد الذي وقعت فيه الرؤية.
وهو قول بعض السلف، وإسحاق، ورواية للإمام مالك، ووجه للشافعية.
حجتهم: حديث كريب السابق الذي رواه الإمام مسلم فظاهره يقتضي أن لكل بلد رؤيته، ولا يلحق به أي بلد آخر إذا لم ير أهله الهلال سواء قَرُب من البلد الذي رأى أهله الهلال أم بَعُد عنه.
القول الثالث: إذا رئي في بلد ما وجب على سائر المسلمين في جميع البلدان الصوم، ولو لم يروه في بلدانهم اكتفاء برؤية أهل ذلك البلد مع عدم الاعتبار باختلاف المطالع.
وهذا هو المذهب عند الحنفية، والمالكية، والحنابلة، ووجه مشهور للشافعية.
دليلهم: قوله ﷺ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»([30])، وقوله: «لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه»([31]).
ووجه الدلالة: أن الخطاب هنا عام للجميع، وهو متعلق بمطلق الرؤية، وبرؤية البعض يصدق اسم الرؤية فالمقصود من قوله: «صوموا لرؤيته» عموم المسلمين.
ولحديث ربعي بن خراش عن بعض أصحاب النبي ﷺ قال: أصبح الناس لتمام الثلاثين، فجاء أعرابيان فشهدا بالله أنهما أهلاه بالأمس عشية فأمر رسول الله ﷺ الناس أن يفطروا»([32]).
فأمرهما رسول الله ﷺ بالصيام لقول الأعرابيين مع أنهما من غير المدينة، ولم يستفصلهما عن المسافة بين المدينة وبلديهما، فترك الاستفصال دليل على عدم اعتبار البعد والقرب بين البلدان في رؤية الهلال، ولزم على كل من بلغهم الخبر الصوم أو الفطر، ولأن الأماكن التي تتفق في المطالع وتختلف فيها ليس لها حد مضبوط يمكن للناس أن يتبينوه، فما كان كذلك فلا يعتمد عليه في الأحكام الشرعية.
والرد على قياس اختلاف طلوع الهلال على اختلاف طلوع الشمس وغروبها بأنه لا يقاس أمر الهلال على طلوع الشمس وغروبها؛ لأن هذا أمر يتكرر في كل يوم، ويشق مراعاته، ويلحق المشقة في اعتبار طلوعه وغروبه، بخلاف الهلال فلا مشقة في مراعاته.
وحديث كريب يرد عليه من عدة وجوه:
الأول: أن ابن عباس إنما لم يفطر بقول كريب؛ لأنه لم يثبت عنده الإفطار إلا بقول واحد، والفطر يحتاج إلى إثباته شاهدان فلا يفطر بقول واحد.
الثاني: أن الحجة في حديث ابن عباس م إنما هو في الجزء المرفوع منه، وهو قوله: «فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه» ولم يصرح ابن عباس بأن رسول الله ﷺ أمرهم ألا يعملوا برؤية غيرهم من المسلمين للهلال، وإنما هذا من اجتهاد ابن عباس، ولم يرفع مثل هذا إلى النبي ﷺ.
ثالثًا: أن حديث ابن عباس يحمل على من صام ابتداء على رؤية بلده، ثم بلغه في أثناء رمضان أن أهل بلد آخر رأوا الهلال قبله بيوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يروا هلالهم، أو يكملوا ثلاثين، بخلاف ما إذا بلغتهم هذه الرؤية في اليوم الأول؛ فإنه يلزمهم صيام هذا اليوم معهم.
واختاره الشيخ ابن باز، والشيخ الألباني([33]).
تنبيه: الذي يظهر أن شيخ الإسلام ابن تيمية له في هذه المسألة، قولان:
الأول: وهو الذي ذكره في كتاب الصيام من ”شرح العمدة“، والمذكور في ”مجموع فتاويه“ هو عدم الاعتبار بمطالع الهلال، والسير على ما عليه جمهور العلماء.
الثاني: وهو الذي نقله عنه العلامة البعلي في كتابه ”الأخبار العلمية في الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية“ ونقله عنه بعض تلاميذه ابن مفلح وصاحب ”الفائق“ كما في ”الإنصاف“ للمرداوي: أنه يرى الاعتبار في الصوم بالمطالع.
الترجيح: أدلة الجمهور وأدلة من قال باعتبار اختلاف المطالع جميعها قوية كما هو ظاهر.
وقد قالت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في هذه المسألة: «اختلف العلماء على قولين: فمنهم من رأى اعتبار المطالع، ومنهم من لم ير اعتبار اختلاف المطالع، واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة».
ورأت أن اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال.
ورأت عدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها، من الرأيين المشار إليهما في المسألة؛ إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.اهـ ([34])
والذي يظهر لي مع قوة أدلة الطرفين: أن الاعتبار باختلاف المطالع في أمر الصوم هو الأقرب؛ إذ دل عليه الشرع والعقل معًا، وأما مذهب الجمهور؛ فليس فيه إلا دليل الشرع الذي هو معارض بدليل شرعي مثله أو أقوى.
اقتراح: يرى الشيخ ابن باز والشيخ الألباني أنه مع وجود الاختلاف بين المسلمين الآن وعدم تيسر العمل بتوحيد صيام جميع المسلمين برؤية بعض البلدان للهلال: أن يصوم كل شخص مع أهل بلده الذين يعيش معهم، ولا يفترق عنهم في هذا لرؤية أهل بلد آخر، وإنما يعتمد على رؤية أهل البلد الذي يقيم فيه.
قلت: وهو متجه حسن فيعمل به حتى مع قولنا باعتبار المطالع([35]).
قالت اللجنة الدائمة للبحوث في المملكة السعودية: «إذا انتقل من البلد الذي بدأ الصيام مع أهله إلى بلد آخر، فحكمه في الإفطار والاستمرار حكم البلد الذي انتقل إليه، فيفطر معهم إن أفطروا قبل البلد الذي بدأ الصيام به، لكن إن أفطر لأقل من تسعة وعشرين يوما؛ لزمه أن يقضي يوما؛ لأن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوما، ويقضي ما فاته»([36]).
وهكذا قال العثيمين: «يصوم معهم ولو زاد على ثلاثين يومًا، كما لو سافر إلى بلدة ويومهم طويل، وزاد في ساعات النهار حتى تغرب شمسهم، وإن نقص يفطر معهم ثم يقضي». اهـ ([37]).
وقال الرافعي الشافعي([38]): «على القول بأن لكل بلدة حكمها ففيه وجهان:
أظهرهما: أنه يصوم معهم؛ لأنه بالانتقال إلى بلدتهم أخذ حكمهم وصار من جملتهم.
والثاني: أنه يفطر؛ لأنه التزم حكم البلدة الأولى فيستمر عليه».اهـ
الترجيح: الراجح أنه يعتمد ما عليه أهل البلدة التي انتقل إليها، ولو زاد صومه عن ثلاثين يومًا؛ لأن أهل البلدة التي يقيم فيها حاليًّا لم يروا الهلال، ولم تكتمل العدة عندهم، وإن صام أقل من تسعة وعشرين؛ لأنه التزم الفطر معهم، ويقضي مكانه، والله أعلم.
([1]) رواه ابن أبي شيبة (2/319) وعبد الرزاق (4/163) وسنده صحيح لكن قد اختلف العلماء في سلمان الباهلي هل له صحبة أم لا؟ ولعل الأقرب أنه صحابي. انظر ”الاستيعاب“ (2/632).
([2]) ”الشرح الممتع“ (6/307).
مراجع للمسألة: ”حاشية ابن عابدين“ (3/322)، ”بداية المجتهد“ (1/285)، ”المجموع“ (6/272)، ”فتح الباري“ (4م616)، ”المغني“ (4/431)، ”الإنصاف“ (3/272) كتاب الصيام من ”شرح العمدة“ (1/161)، ”المحلى“ (758).
([3]) سبق تخريجه.
([4]) سنده صحيح: رواه ابن أبي شيبة (2/324).
([5]) سنده صحيح: يونس بن ميسره بن حليس الرواي عن معاوية قد سمع من معاوية. انظر تاريخ الإسلام للذهبي (8/576).
والأثر أخرجه الإمام أحمد في ”مسائل الفضل بن زياد“ ذكره بسنده ابن القيم في ”زاد المعاد“ (2/44) وذكر متنه باللفظ المذكور ابن تيمية في كتاب الصيام من ”شرح العمدة“ (1/96).
([6]) إسناده صحيح على شرط الشيخين: رواه أحمد في ”مسنده“ (2/5، 13) ورواه أيضًا أبو داود (2320) والدارقطني (2/161) والبيهقي (4/204) وزادوا في آخره عن نافع: وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع الناس. وزاد البيهقي في روايته: وقال ابن عون: فذكرت فعل ابن عمر لمحمد بن سيرين فلم يعجبه.
وأصله في البخاري (1906) ومسلم (1080) بذكر المرفوع منه دون ذكر قول نافع فكان عبد الله بن عمر ... إلخ.
([7]) سنده حسن: رواه أحمد كما في ”مسائل الفضل بن زياد“ وسنده ومتنه في ”زاد المعاد“ (2/44) وقد رواه البيهقي (4/211) بسنده وبلفظ نحوه، قال: «لأن أصوم اليوم الذي يشك فيه من شعبان أحب إلى من أن أفطر يومًا من رمضان».
([8]) سنده حسن: من ”مسائل عبد الله بن أحمد لأبيه“ وهو في ”الغيلانيات“ (ص/101).
([9]) سنده صحيح: رواه البيهقي (4/211).
([10]) سنده حسن: رواه أحمد في ”مسنده“ (6/125) والبيهقي (4/211). قال الإمام أحمد عقبه: «وعبد الله هو ابن أبي قيس قوله: ابن أبي موسى خطأ». اهـ
([11]) برقم (1081).
([12]) برقم (1907).
([13]) برقم (1909)، إلا أن لفظ «شعبان» في الحديث ليست من الحديث، وإنما هي مدرجة من تفسير أحد الرواة، فإن أكثر الرواة لم يذكرها، وقد رواه البيهقي في ”السنن“ (4/205) يظهر فيها الإدراج حيث رواه بلفظ: «فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يومًا» قال: يعني عدوا شعبان ثلاثين.اهـ بتصرف من ”فتح الباري“ (4/616) و”كتاب الصيام“ لابن تيمية (1/119).
([14]) سبق تخريجه.
([15]) برقم (1080 الطريق رقم/4، 5)
([16]) سنده صحيح: رواه النسائي (4/135) وعبد الرزاق (4/155) والبيهقي (4/207) وابن الجارود (375).
وله طريق أخرى عن ابن عباس بنحوه، رواها أحمد (1/226) والنسائي (4/136) والترمذي (688) وغيرهم وهي صحيحة لغيرها.
([17]) سنده صحيح: رواه أحمد (3/329) وأبو يعلى (2248) والبيهقي (4/206) وغيرهم.
([18]) سنده صحيح، وفي بعض الروايات اسم الصحابي حذيفة، رواه ابن أبي شيبة (2/149) وأحمد (4/314) والنسائي (4/136) وأبو داود (2325) والبيهقي (4/208).
([19]) سنده حسن: رواه أحمد (6/149) وأبو داود (2325) وابن خزيمة (1910) والدارقطني (2/156)، وقال: "هذا إسناد حسن صحيح"، والبيهقي (4/206) وقد حكم شيخنا مقبل على ثبوت هذه الأحاديث في ”الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين“ (2/416).
([20]) رواه البخاري (1914) ومسلم (1082).
([21]) سنده معل: رواه أبو داود (2334) والنسائي (4/153) والدارمي (2/5) والترمذي (686) وابن ماجة (1645) والدارقطني (2/157) والبيهقي (4/208) والحاكم (1/424) وغيرهم: عن أبي خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس الملائي، عن أبي إسحاق عن صلة، عن عمار به. وهذا إسناده حسن: الأحمر هو سليمان بن حيان صدوق.
قال ابن حجر/في ”تغليق التعليق“ (3/141): «للحديث علة خفية ذكر الترمذي في ”العلل“ أن بعض الرواة قال فيه: عن أبي إسحاق قال: حُدِّثت عن صلة فذكره»اهـ قال الألباني – متعقبًا الحاكم قوله على الحديث: صحيح على الشيخين- قال الألباني: «في ذلك نظر عندي أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي وهو وإن كان ثقة فقد اختلط في آخره وقد رماه غير واحد بالتدليس وقد رواه معنعنًا»اهـ ”الإرواء“ (4/126).
قلت: وقد أشار الترمذي إلى تدليس أبي إسحاق بقوله آنفًا عن بعض الرواة عن أبي إسحاق حدثت عن صلة أي: أنه لم يسمعه من صلة، ولا نعلم ممن سمعه، فالراوي له عن صلة مبهم.
وله طريق أخرى رواه عبد الرزاق (7318) عن الثوري عن منصور عن ربعي عن رجل قال: كنا عند عمار ابن ياسر في اليوم الذي يُشك فيه في رمضان، فجيء بشاة مصلية فتنحى رجل، فقال: "إني صائم وما هو إلا صوم كنت أصومه"، فقال: «أما أنت تؤمن بالله واليوم الآخر فأطعم» في سنده مبهم.
ورواه ابن أبي شيبة (2/323) دون ذكر الرجل المبهم قال ابن حجر في تغليق التعليق: «وله- أي الطريق الأولى- متابع بإسناد حسن» - وذكر طريق عبد الرزاق- وقال الترمذي عقبه: «حديث أبي إسحاق عن صلة عن عمار حديث حسن صحيح».
وقال الدارقطني: «هذا إسناد حسن صحيح» وقال البيهقي: «حديث صحيح» كما في ”مختصر الخلافيات“ (3/33)
وأعل الألباني حديث صلة عن عمار وصحح إسناد حديث ربعي عن عمار الذي رواه ابن أبي شيبة ولم يقف على سند رواية عبد الرزاق التي فيها الواسطة وهو الرجل الذي لم يسم كما في ”الإرواء“ (961).
قلت: وهذا الحديث لا يرتقي عندي للحسن لأن الطريق الثانية مع ضعفها فهي من الموقوف على عمار.
([22]) سنده حسن: رواه ابن أبي شيبة (4/322) وسنده حسن. وأخرجه الإمام أحمد فيما رواه حنبل وساق سنده ابن القيم في ”زاد المعاد“ (2/49) عن عبد العزيز بن حكيم قال: سألوا ابن عمر نسبق رمضان حتى لا يفوتنا منه شيء فقال: «أف أف صوموا مع الجماعة».
([23]) سنده حسن: رواه البيهقي (4/209).
([24]) سنده حسن: رواه ابن أبي شيبة (2/322) البيهقي (4/209).
([25]) سنده صحيح: رواه ابن أبي شيبة (2/284).
([26]) سنده ضعيف: رواه ابن أبي شيبة (2/322) والبيهقي (4/209).
([27]) مراجع للمسالة: ”حاشية ابن عابدين“ (3/309)، ”بداية المجتهد“ (1/284)، ”مواهب الجليل من أدلة الخليل“ (2/7)، ”المجموع“ (6/270)، ”فتح الباري“ (4/616)، ”المغني“ (4/330)، ”الإنصاف“ (3/269)، كتاب الصيام ”شرح العمدة“ (1/76)، ”الفتاوى“ (25/122)، ”زاد المعاد“ (2/38)، ”الشرح الممتع“ (6/303)، ”فتاوى ومقالات ابن باز“ (15/60)
([28]) نقلًا من كتاب ”فقه النوازل“ للدكتور محمد الجيزاني (2/376).
([29])، ”الشرح الممتع“ (6/310).
([30]) مر تخريجه.
([31]) مر تخريجه.
([32]) سنده صحيح: وقد سبق تخريجه.
([33])، ”مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز“ (5/78)، ”وتمام المنة“ للألباني (ص/398).
([34])، ”فتاوى اللجنة الدائمة“ (10/100-103).
([35]) مراجع للمسألة: ”فتح باب العناية“ (1/567)، ”حاشية ابن عابدين“ (3/324)، ”المحيط البرهاني“ (3/341)، ”بداية المجتهد“ (1/287)، ”مواهب الجليل من أدلة خليل“ (2/9)، ”المجموع“ (6/273-274)، ”فتح الباري“ (4/619)، ”المغني“ (4/328)، ”الإنصاف“ (3/273)، كتاب الصيام من ”شرح العمدة“ (1/170)، ”الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية“ (ص/158)، ”فتاوى ابن تيمية“ (25/103)، ”نيل الأوطار“ (3/119)، ”تمام المنة“ (ص/398)، ”فتاوى ومقالات ابن باز“ (15/98).
([36])، ”فتاوى اللجنة“ (10/124).
([37]) انظر ”منار الإسلام“ (ص/453).
([38])، ”الشرح الكبير“ (3/180).
([1]) البخاري (1906) ومسلم (1080).
([2]) مراجع للمسألة ”بداية المجتهد“ (1/283)، ”مواهب الجليل في أدلة خليل“ (2/7)، ”فتح الباري“ (4/618)، ”المغني“ (4/325)، ”الموسوعة الكويتية“ (28/18).
([3]) سنده حسن: رواه أبو داود (2338) والدارقطني (2/167)، وقال: "إسناده متصل صحيح"، وصححه الألباني في ”صحيح أبي داود“ (2050).
([4]) سنده ضعيف: رواه أحمد (4/321) والدارقطني (2/167) وفي سنده الحجاج بن أرطأة ضعيف.
ورواه النسائي (4/132) دون ذكر الحجاج بن أرطأة في السند. قال الحافظ المزي في ”تهذيب الكمال“ (17/123): "والصواب ذكر الحجاج" اهـ
وجاء عن عمرو بن دينار قال: «إن عثمان ا أبى أن يجيز هاشم بن عتبة الأعور وحده على رؤية هلال رمضان» رواه ابن أبي شيبة (2/320) وعبد الرزاق (4/167) وسنده ضعيف منقطع.
([5]) سنده حسن: رواه أبو داود (2342) والدارمي (2/4) والدارقطني (2/156) والبيهقي (4/212) وغيرهم، وصححه الألباني في ”الإرواء“ (908).
([6]) حديث ضعيف: رواه أبو داود (2340، 2341) والنسائي (4/132) والترمذي (691) وابن ماجة (1652) والبيهقي (4/211) والدارقطني (2/158) وغيرهم، جاء متصلًا ومرسلًا، والصواب فيه الإرسال، وضعفه الألباني في ”الإرواء“ (907).
([7]) مراجع للمسألة: ”بدائع الصنائع“ (2/80)، ”حاشية ابن عابدين“ (3/317)، ”فتح باب العناية بشرح النقاية“ (1/565)، ”بداية المجتهد“ (1/287)، ”الاستذكار“ لابن عبد البر (10/26)، ”مواهب الجليل“ (3/279)، ”المجموع“ (6/277-282)، ”شرح السنة“ للبغوي (6/244)، ”فتح الباري“ (4/618)، ”المغني“ (4/416) كتاب الصيام من ”شرح العمدة“ (1/135)، ”الإنصاف“ (3/273)، ”المحلى“ لابن حزم مسألة (رقم/757)، ”الفقه الإسلامي وأدلته“ (3/1651).
([8]) مراجع للمسألة: ”حاشية ابن عابدين“ (3/315)، ”فتح باب العناية“ (1/565)، ”مواهب الجليل“ (3/280)، ”المجموع“ (6/277، 284) كتاب الصيام من ”شرح العمدة“ (1/145)، ”المغني“ (4/419)، ”معونة أولي النهى شرح المنتهى“ لابن النجار الحنبلي (3/22)، ”المحلى“ لابن حزم المسألة (رقم/757).
([9]) سنده صحيح: رواه أحمد (4/314) وأبو داود (2339) والدارقطني (2/168) والبيهقي (2/248) وغيرهم، وصححه الألباني في ”صحيح أبي داود“ (2051).
([10]) سنده ضعيف: رواه البيهقي (4/212) وضعفه.
([11]) سنده صحيح: رواه ابن أبي شيبة (2/321) وعبد الرزاق (4/162) والبيهقي (4/248) وقال: هذا أثر صحيح.
([12]) سنده ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة (2/320) وعبد الرزاق (4/166) والبيهقي (4/248) وابن حزم في ”المحلى“ (4/377) والدارقطني (2/168)، وضعفه، ومع ضعف سنده ففي ألفاظ متنه اختلاف.
([13]) مراجع للمسألة: ”حاشية ابن عابدين“ (3/315) و”فتح باب العناية“ (1/566) و”المحيط البرهاني“ (3/338) و”بداية المجتهد“ (1/286)، ”المجموع“ (6/281) كتاب الصيام من ”شرح العمدة“ (1/146)، ”المغني“ (4/419)، ”الإنصاف“ (3/275)، ”المحلى“ (757)، ”نيل الأوطار“ (3/109).
([14]) مراجع للمسألة: ”حاشية ابن عابدين“ (3/315)، ”المحيط البرهاني“ للحنفية (3/338)، ”بداية المجتهد“ (1/286)، ”مواهب الجليل“ (3/280)، ”المجموع“ (6/281)، ”المغني“ (4/420)، ”كشاف القناع“ (2/304)، ”المحلى“ (757).
([15]) سنده حسن: رواه الترمذي (697) والبيهقي (4/252) وغيرهما.
وله طريق أخرى إلى أبي هريرة بنحوه، رواها عبد الرزاق (4/156) وأبو داود (2322) والدارقطني (2/163). والبيهقي (4/252).
واختلف في رفعه ووقفه وإرساله ووصله، والصواب أن الحديث عن أبي هريرة مرفوعًا وموقوفًا، لكن في سنده انقطاع.
وله طريق أخرى إلى أبي هريرة رواها ابن ماجة (1660) قال الألباني: "منكرة لضعف أحد الرواة مع المخالفة".
وجاء من حديث عائشة مرفوعًا، بنحوه عند الترمذي (802) وهو منكر أيضًا لضعف أحد الرواة مع المخالفة لغيره. قال الألباني: "فالحديث من مسند أبي هريرة، وليس من مسند عائشة، وحكم على هذا الحديث بأنه صحيح إن شاء الله بمجموع طرقه". ”الإرواء“ (905).
([16]) رواه البخاري (1909) ومسلم (1081).
([17]) سنده حسن: ذكره ابن القيم في ”زاد المعاد“ (2/49) عن أحمد بن حنبل بسنده إلى ابن عمر .
([18]) مراجع للمسألة: ”المبسوط“ للسرخسي (2/492)، ”حاشية ابن عابدين“ (3/313)، ”البحر الرائق“ (2/420)، ”الاستذكار“ لابن عبد البر (10/24)، ”بداية المجتهد“ (1/285)، ”مواهب الجليل من أدلة خليل“ (2/9)، ”المجموع“ (6/280)، ”المغني“ (4/416)، ”الإنصاف“ (3/277)، ”كشاف القناع“ (2/306) كتاب الصيام من ”شرح العمدة“ (1/131)، ”الفتاوى“ لابن تيمية (25/114)، ”المحلى“ لابن حزم (757)، ”عون المعبود“ مع ”تهذيب السنن“ (6/422)، ”شرح السنة“ للبغوي (6/247)، ”السلسلة الصحيحة“ للألباني رقم الحديث (224)، ”مجموع فتاوى ومقالات ابن باز“ (15/72)، ”الشرح الممتع“ للعثيمين (6/320).
([19]) رواه عبد الرزاق (4/165) وسعيد بن منصور في ”مسند الفاروق“ (1/271) وسنده ضعيف منقطع.
([20])، ”البحر الرائق“ (2/419)، ”مواهب الجليل شرح مختصر خليل“ (3/292)، ”المنتقى“ للباجي (2/39)، ”المجموع“ (6/280)، ”بداية المجتهد“ (1/285)، ”المغني“ (4/420)، ”كشاف القناع“ (2/306)، ”الإنصاف“ (3/278)، ”تنوير المقالة“ (3/117)، ”المحيط البرهاني“ (3/342)، ”الذخيرة“ للقرافي (المالكي (2/491) كتاب الصيام من ”شرح العمدة“ (1/153)، ”الفتاوى“ (25/114)، ”فتح الباري“ (4/619)، ”الصحيحة“ (224)، ”فتاوى ابن باز“ (15/72)، ”المحلى“ (757)، ”الشرح الممتع“ (6/320).
([21])، ”إعلاء السنن“ (6/2855).
([22])، ”الإنصاف“ (3/279).
([23]) في ”المغني“ (4/421)
([24]) وسنده ضعيف، تقدم تخريجه.
([25])، ”مجموع الفتاوى“ (25/117)
([26]) مراجع للمسألة: ”حاشية ابن عابدين“ (3/321)، ”المحيط البرهاني“ (3/340)، ”المجموع“ (6/278)، ”روضة الطالبين“ (2/209)، ”المغني“ (4/420)، ”الإنصاف“ (3/276)، ”الشرح الممتع“ لابن عثيمين (6/317).
([27]) مراجع للمسألة: ”المجموع“ (6/277)، ”روضة الطالبين“ (2/208) و”مغني المحتاج“ (1/569)، ”شرح كتاب الصيام من العمدة“ (1/158)، ”المغني“ (4/419) معونة أولي النهى (3/22)، ”كشاف القناع“ (2/304)، ”المحلى“ (757).
([28]) سنده صحيح: رواه ابن أبي شيبه (2/319) وعبد الرزاق (4/162) والبيهقي (4/212).
([29]) سنده صحيح: رواه ابن أبي شيبة (2/318) والبيهقي (4/213).
([30]) سنده حسن: رواه ابن أبي شيبة (2/319).
([31]) سنده حسن: رواه ابن أبي شيبة (2/318).
([32]) سنده ضعيف: رواه ابن أبي شيبة (2/319).
([33]) سنده ضعيف منقطع: رواه ابن أبي شيبة (2/319) وعبد الرزاق (4/163) والبيهقي (4/213).
([34]) ضعيف جدا: رواه عبد الرزاق (4/163) وسنده ضعيف جدًا، وله سند آخر إلى علي وهو في ”الغيلانيات“ (ص/102) وسنده ضعيف جدًا أيضًا.