أجمع العلماء على وقوعه في الإثم وبطلان صيامه؛ لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [البقرة:١٨٧].
سواء أنزل المني مع الجماع أو جامع في الفرج ولم ينزل.
ولحديث أبي هريرة ا في الحديث القدسي يقول تعالى في الصائم: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» ([1]).
واختلفوا في إيجاب الكفارة عليه في هذه الحالة:
القول الأول: لا كفارة عليه.
وهو قول بعض السلف.
دليلهم: أن الله تعالى لم ينص عليها في القرآن، وأيضًا قياسًا على الصلاة؛ فإنها تفسد بالجماع، ولا كفارة عليه فيها، فكذلك في الصيام.
القول الثاني: تلزم عليه الكفارة.
وهو قول جمهور العلماء بما فيهم الأئمة الأربعة، والظاهرية.
دليلهم: حديث أبي هريرة ا: أنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ إذ جاءه رجل فقال: "يا رسول الله هلكت". قال: «ما لك؟» قال: "وقعت على امرأتي وأنا صائم". فقال رسول الله ﷺ: «هل تجد رقبة تعتقها؟» قال: "لا". قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: "لا". فقال: «فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟»([2]) وساق الحديث.
الترجيح: الراجح بلا شك الثاني: أن عليه كفارة؛ لنص الحديث، ولعل المخالف لم يبلغه هذا الحديث، وعلى كل هو خلاف شاذ([3]).
تنبيه: أما من جامع ناسيًا، أو جاهلًا بحرمة الجماع، أو مكرهًا؛ فسيأتي الكلام عليه في المطلب الآتي، وكذلك الكلام في حكم القضاء عليه في فصل أحكام المفطرين.
هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء:
القول الأول: لا كفارة عليها، ولو لم تكن مكرهة.
وهو قول بعض السلف، والظاهرية، والأصح عند الشافعية، وهي رواية لأحمد.
دليلهم: أن رسول الله ﷺ في حديث أبي هريرة السابق أمر الزوج بالكفارة، ولم يأمر زوجته بها معه، مع علمه بوجود ذلك منها، فقد قال الرجل: "وقعت على زوجتي". وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولا تقاس على الرجل؛ لأن الرجل واطئ، والمرأة موطوءة، والموطوء غير الواطيء.
القول الثاني: تجب عليها الكفارة كذلك ما دام أنها مكنته طائعة.
وهو قول جمهور العلماء منهم: مالك، وأبو حنيفة، والمذهب عند الحنابلة، وقول للشافعية.
دليلهم: أن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام، وبيان الحكم للرجل بيان في حقها، والعلة واحدة، وهي الاشتراك بانتهاك حرمة رمضان بالجماع، ولا توجد حاجة هنا لذكر المرأة في قصة هذا المجامع؛ لأنها لم تعترف ولم تسأل، ولاحتمال كونها كانت مكرهة، أو لم تكن صائمة لعذر من الأعذار، ومما يوحي بقوة هذا الاحتمال أن زوجها لم يقل: "وماذا على امرأتي؟" كونه كان يجهل باللازم عليه فمن باب أولى باللازم عليها.
الترجيح: القول الثاني أرجح وهو: أنه تلزم عليها الكفارة في هذه الحالة؛ لقوة ما ذكره أهل هذا القول.
ورجحته اللجنة الدائمة مع ابن باز، والشيخ العثيمين كذلك([4]).
هو الإيلاج الذي يوجب الغسل، وهو الذي تغيب الحشفة فيه بأكملها في الفرج، أو قدرها إذا كانت منزوعة، وهذا الحد هو الذي تحصل به جميع الأحكام المتعلقة بالجماع، منها: فساد الصوم، ووجوب الكفارة.
وهذا عليه أهل المذاهب الأربعة، والظاهرية.
ومما يدل على اعتبار تغييب الحشفة كلها في الفرج حتى يسمى جماعًا: ما جاء عن عائشة ك قالت: قال رسول الله ﷺ: «إذا التقى الختانان وجب الغسل»([5]).
وختان الرجل هو الجلد الذي يبقى بعد الختان، وهي الحشفة فيحاذي هذا الختان ختان المرأة، وهذا لا يحصل إلا بذهاب هذا الختان وهي الحشفة في فرج المرأة، فبه يوجب الغسل؛ لأنه يعتبر جماعًا، ولو لم ينزل، ودون ذلك لا يعتبر التقاء للختانين، فلم يعتبر جماعًا فلم يجب الغسل.
وأصرح منه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ا قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا التقت الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل»([6]).
وجاء عن أبي هريرة أنه سئل عما يوجب الغسل؟ فقال: «إذا غابت المدورة»([7]).
الخلاصة: أن الإيلاج الذي يفسد الصوم ويوجب الكفارة هو ما تغيبت فيه الحشفة كلها في الفرج، وبها يسمى جماعًا، أما دخول جزء منها فقط في الفرج؛ فلا يسمى جماعًا([8]).
هذه المسألة على حالتين:
الحالة الأولى: إذا جامع في يوم واحد أكثر من مرة؟
اختلف العلماء فيه:
القول الأول: ليس عليه إلا كفارة واحدة، سواء جامع ثم كفر ثم جامع ثانية في نفس اليوم، أو جامع الأولى ثم جامع الثانية في نفس اليوم ولم يكفر.
وهو قول جمهور العلماء، منهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، ورواية لأحمد، وقول الظاهرية.
دليله: أن صومه قد بطل بالجماع الأول، فمجامعته المرة الثانية حصلت وهو مفطر، فلم يفسد صومًا، ولو كان كفَّر من وقته عند الجماع الأول.
القول الثاني: إن كان كفَّر عند جماعه الأول ثم جامع ثانية في نفس اليوم؛ فتلزمه كفارة عن جِماعه الثاني، وإن لم يكفِّر بعد حتى جامع مرة ثانية في نفس اليوم؛ فليس عليه إلا كفارة واحدة.
وهو المذهب عند الحنابلة.
دليله: لأنه محرم لحرمة رمضان، فتكرار الجماع لمن كان صائمًا ذلك اليوم؛ يلزم منه تكرار انتهاك حرمة رمضان، فتلزمه كفارة ثانية، أما إذا لم يكفر فتتداخل الانتهاكات لحرمة رمضان، فتكفي كفارة واحدة كما تتداخل الحدود، فيكفي حد واحد كمن زنا أكثر من مرة، أو سرق أكثر من مرة.
الترجيح: الراجح: مذهب الجمهور: ليس عليه إلا كفارة واحدة على كل حال؛ لأن الجماع الأول هو الذي أفسد الصوم فتلزم كفارة عليه واحده.
تنبيه: يمكن تصور وجود الكفارة في نفس اليوم إذا كفر بعتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينًا.
الحالة الثانية: إذا جامع في يوم من رمضان، ولم يكفر ثم جامع في يوم آخر في نفس رمضان:
هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء:
القول الأول: ليس عليه إلا كفارة واحدة ما دام أنه في شهر واحد.
وهو قول بعض السلف، والحنفية، ووجه للحنابلة.
دليله: الأول: قياسه على الحدود، فكما تتداخل الحدود، ويلزم حد واحد، فكذلك هنا تتداخل الكفارات، فتلزم كفارة واحدة فقط، فمن سرق أكثر من مرة؛ فيلزم عليه حد واحد، فكذلك من جامع أكثر من مرة في نفس الشهر، ولو في أيام متعددة؛ تلزم كفارة واحدة.
الثاني: أن الرجل الذي جامع في عهد رسول الله ﷺ قال: "وقعت على امرأتي" وهذا يحتمل المرة والأكثر من مرة، ومع هذا أمره رسول الله ﷺ بكفارة واحدة، ولم يستفصله دل ذلك على أنه لا يختلف الحكم.
الثالث: أن الغرض من الكفارة الزجر له، فإذا جامع ولم يكفر، ثم جامع ثانية؛ فالكفارة الواحدة كافية للزجر له بخلاف، إذا جامع ثم كفر ثم جامع، فتلزمه كفارة ثانية؛ لأنه لم ينزجر بالكفارة الأولى، فعاد للجماع.
القول الثاني: تلزمه عن كل يوم كفارة ففي اليومين كفارتان.
وهو قول بعض السلف، والمالكية، والشافعية، والظاهرية، والأصح عند الحنابلة.
دليله: أن كل يوم عبادة منفردة فإذا وجبت الكفارة بإفساد يوم منه؛ لم تسقط الكفارة عن اليوم الثاني، فلا يحصل تداخل هنا، كما لو جامع في رمضانين، ولا تشبه الحدود؛ لأن الحدود مبنية على الدرء والإسقاط، وأما المجامع في عهد رسول الله فظاهره أنه لم يجامع إلا مرة واحدة، فلو كان جامع أكثر من مرة لذكره، خاصة مع تأثره الشديد من فعله، وحرصه على التوبة والتطهر.
الترجيح: الراجح: القول الثاني: تلزم أكثر من كفارة، وليست من الحدود حتى تتداخل، إنما هي جزاء على مخالفة في العبادة كما لو حصلت مخالفة واحدة في أكثر من حج أو عمرة؛ فتلزم أكثر من فدية([9]).
هذه المسألة فيها خلاف عند العلماء:
القول الأول: يلزم عليه الكفارة.
وهو المذهب عند الحنابلة.
دليله: أنه جامع في يوم واجب عليه صومه فوجبت الكفارة، كما لو جامع وهو صائم، ولأن حرمة هذا اليوم لم تذهب، وهذا وطء محرم، وذلك لحرمة رمضان، فعمله هذا انتهاك للحرمة.
وأيضًا ربما اتخذها حيلة إلى إسقاط الكفارة بالجماع.
القول الثاني: لا تلزمه الكفارة في هذه الحالة.
وهذا القول مذهب الحنفية، والشافعية، ووجه للحنابلة.
دليله: لأنه لم يفسد به صومًا، فالكفارة إنما وجبت على من أفسد صوم رمضان بجماع، فجماعه هذا لم يتضمن هتك الصوم.
الترجيح: الراجح: القول الثاني: لا كفارة عليه؛ لأن الأصل براءة الذمة من التكليف، فلا نكلفه بعبادة مالية أو بدنية إلا بنص واضح أو إجماع.
وأما إذا فعل حيلة لأجل يجامع ولا يكفر؛ فتلزمه الكفارة؛ لأن الحيل في الشرع باطلة، والجزاء من جنس الأعمال([10]).
المسألة فيها خلاف بين العلماء:
القول الأول: لا كفارة عليه.
وهو قول الحنفية، وقول للشافعية.
دليله: لأنه وطء لم يصادف صومًا صحيحًا، أي أنه صادف صومًا فاسدًا بسبب طلوع الفجر وهو يجامع، فكان كما لو ترك النية فلم يصح صومه، فجامع فلا كفارة عليه، فالكفارة إنما تجب بإفساد الصوم، وذلك بعد وجوده، وبقاؤه في الجماع يمنع وجوده.
القول الثاني: تلزم عليه الكفارة.
وهو قول المالكية، والصحيح عند الشافعية، وقول الحنابلة، والظاهرية، وروي عن أبي يوسف الحنفي نحوه.
دليله: لأنه أفسد صوم يوم من رمضان بجماع فصار كما لو وطئ أثناء النهار.
الترجيح: الراجح: القول الثاني: عليه كفارة، فلو أنه نزع قبل طلوع الفجر؛ لصح صومه، أما عند استمراره لم يصح صومه، ولما كان بسبب الاستمرار بالجماع لزمت الكفارة([11]).
هذه المسألة يمكن أن نجعلها على ثلاث حالات:
الأولى: من أفطر بسبب عذره من مرض أو سفر ثم جامع:
فالذي عليه أهل المذاهب الأربعة: أنه لا كفارة عليه؛ لأنه مفطر بعذر شرعي، وليس بصائم، وكذلك المرأة إذا كانت مفطرة بعذر شرعي؛ فلا كفارة عليها فلم، يفسدا صومًا، ولم يفطرا عصيانًا.
الحالة الثانية: إذا نوى المسافر والمريض صومًا ثم جامع:
فيه خلاف عند العلماء:
القول الأول: إذا كان صائمًا وهو مسافر، ثم جامع تلزمه الكفارة.
وهو المشهور عن مالك، ورواية لأحمد، ووجه للشافعية.
دليله: أنه أفطر بجماع وهو صائم فتلزمه الكفارة، كالحاضر إذا جامع وهو صائم، ولأن الفطر للمسافر إنما شرع لأجل أن يتقوى به، والجماع لا يتقوى به المسافر.
القول الثاني: لا كفارة على من أصبح صائمًا وهو مريض أو مسافر إذا أفطر بالجماع.
وهو مذهب الحنفية، والمذهب عند الحنابلة، والأصح عند الشافعية، ورواية لمالك عليها أكثر أصحابه.
دليله: أنه لا يجب عليه المضي في صومه هذا؛ لوجود العذر المبيح للفطر، فلم تجب عليه الكفارة إذا أفطر بالجماع، كما لو أفطر بأكل أو شرب ما دام أنه يباح له الفطر، فلم تجب الكفارة عليه.
الترجيح: الراجح: القول الثاني أنه لا كفارة عليه؛ لقوة ما ذكره أصحاب هذا القول.
الحالة الثالثة: إذا جامع وهو صائم ثم طرأ له عذر يبيح الفطر كالمرض والسفر:
يمكن جعل هذه الحالة على قسمين:
الأول: إذا طرأ له عذر السفر خاصة بعد الإفطار بالجماع:
فالذي عليه أهل المذاهب الأربعة: أنه تلزمه الكفارة، ولا تسقط عنه؛ لأن السفر عذر اختياري، بخلاف عذر المرض مثلًا عذر إجباري.
قال الإمام النووي: «اتفقوا على أن الكفارة لا تسقط بالسفر، إلا ابن الماجشون المالكي فأسقطها به » اهـ .
الثاني: إذا طرأ عليه عذر غير السفر كالمرض، وللمرأة الحيض والنفاس أو المرض، فهل تسقط الكفارة؟
فيه خلاف بين العلماء:
القول الأول: تسقط الكفارة، وإن كان جامع وهو صائم ولا عذر له يبيح له الفطر.
وهو مذهب الحنفية، ووجه للشافعية.
دليلهم: أنه بوجود العذر المبيح للفطر بعد ذلك تبين لنا أن صوم هذا اليوم خرج عن كونه صومًا مستحقًا، بدليل أنه لو لم يجامع واستمر بصومه وطرأ له العذر المبيح للفطر كالمرض أو الحيض والنفاس؛ لجاز لهما الفطر، فعليه تسقط الكفارة عليهما.
القول الثاني: تلزمه الكفارة، ولا تسقط عنه.
وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية.
دليلهم: أن هذه الأعذار إنما طرأت بعد وجوب الكفارة عليه، فلم تسقط، ولأنه أفسد صومًا واجبًا عليه لا عذر له فيه يبيح الفطر، فاستقرت عليه الكفارة، كما لو لم يطرأ له عذر.
الترجيح: الراجح: القول الثاني: تلزم الكفارة ولا تسقط، فجنايته حاصلة بجماعها في صوم واجب عليه، وكذلك المرأة إذا طرأ لها العذر بعد إفساد الصوم بالجماع([12]).
فيها خلاف يسير:
القول الأول: عليه الكفارة في قضاء رمضان إذا جامع فيه.
وهو قول الإمام قتادة، ورواية لأحمد.
دليله: أنها عبادة تجب الكفارة لمن جامع في وقت أدائها، فيكون كذلك في وقت قضائها.
القول الثاني: لا كفارة عليه إلا في صوم رمضان خاصة.
وهو قول الجمهور مع الأئمة الأربعة.
دليله: أنه جامع في غير رمضان، وإنما جاء النص بوجوب الكفارة في صيام رمضان، ويخالف القضاء؛ لأن الأداء متعين في زمن محدد في شهر معظم، بخلاف القضاء ليس بلازم في زمن معين له فضله، مأمور بعدم تعديه.
الترجيح: الراجح: لا كفارة إلا في جماع أفسد صوم يوم من رمضان كما عليه الجمهور([13]).
اختلف العلماء في هذه المسألة:
القول الأول: لا كفارة عليه.
وهو قول ابن حزم، ورواية لأبي حنيفة، ووجه شاذ للشافعية.
دليله: الأول: أن النص إنما ورد فيمن وطئ امرأته في الفرج، ولا يطلق على من وطئها في غير الفرج اسم واطئ ولا اسم مجامع.
الثاني: لأنه محل مكروه ولا يشتهى، فأشبه ما لو وطء ميتة، فلا كفارة فيه فهذا مثله.
الثالث: لأنه لا حد فيه، فلا كفارة فيه أيضًا؛ لأن الغرض من الحد والكفارة واحد، وهو الزجر، فإذا انعدم الأول وهو الحد؛ فكذلك الثاني وهو الكفارة.
القول الثاني: عليه الكفارة كما لو وطء امرأة في قبلها.
وهو قول المالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو الصحيح عند الحنفية.
دليله: أن الدبر يسمى فرجًا أيضًا باتفاق أهل اللغة، فيكون جماعًا في فرج فعليه يكون أفسد صومه بجماع، فتلزمه الكفارة.
ومما يقويه: أن وطء المرأة الأجنبية واللواط كلاهما يسمى فاحشة في الشرع، فمعناهما واحد.
الترجيح: الراجح: مذهب الجمهور: تلزمه الكفارة إذا وطئ في دبر.
وأما التعليل بأنه ليس فيه حد فالجواب:
أما في اللواط ففيه الحد عند جمهور العلماء، كما هو مشهور في كتاب الحدود، وكذلك الكفارة.
وأما إتيان الزوجة في الدبر فلا حد فيه مع حرمته لكن عليه الكفارة هنا؛ لأنه وطء في فرج([14]).
أولًا: الوطء بالزنا:
الذي عليه أهل المذاهب الأربعة: أن عليه الكفارة؛ لأنه وطء في فرج أفسد صوم يوم من رمضان.
وهو الراجح.
وخالف ابن حزم، فقال: إنها تسقط الكفارة فيمن وطئ امرأة محرمة عليه لأن النص لم يرد إلا فيمن وطئ امرأته([15]).
ثانيًا: المساحقة بين النساء أي: إتيان المرأة المرأة:
القول الأول: تلزم الكفارة إذا أنزلتا المني.
وهو وجه للحنابلة.
دليله: أنه جماع أفسد صومًا، فوجبت فيه كفارة.
القول الثاني: لا تلزم الكفارة عليهما، ولو أنزلتا المني، أو أنزلت إحداهما.
وهو قول الحنفية، والأصح عند الحنابلة.
دليله: لأنه ليس بإيلاج، ولا بمعنى الإيلاج، فيبقى على الأصل وهو عدم وجوب الكفارة.
الترجيح: الراجح: القول الثاني: أنه يفسد الصوم مع الإنزال، ولا تلزم الكفارة؛ لأنه ليس بجماع([16]).
وهذا يدخل فيه عدة أصناف:
فيه خلاف:
القول الأول: لا كفارة فيه.
وهو مذهب الحنفية، وابن حزم، ووجه للحنابلة.
دليلهم: عند الظاهرية؛ لأن النص إنما جاء في امرأته خاصة.
وعند الآخرين: أن الشرط في وجوب الكفارة أن يكون المحل مشتهى على الكمال، ووطء آدمية ميتة ليس المحل مشتهى على الكمال؛ لتمكن النقصان في قضاء الشهوة فلا كفارة إذًا.
القول الثاني: تلزم الكفارة.
وهو مذهب المالكية، والمذهب عند الحنابلة، والشافعية.
دليلهم: أنه وطء في فرج آدمي، فهو كما لو وطئها حية.
الترجيح: الراجح: لعله الأول أي: لا تلزم عليه الكفارة في وطء امرأة ميتة؛ لأن الأصل عدمها، فلا تلزم بمجرد الاحتمال، ومع وجود الخلاف([17]).
فيه مذاهب:
الأول: مذهب الحنفية: لا كفارة على البالغ في هذه الحالة سواء أنزل البالغ الماء بجماعه للصغيرة أو أنزلت البالغة بجماع الصبي لها أم لم ينزلا.
دليلهم: أن هذا المحل لا يشتهى على الكمال؛ لتمكن النقصان في قضاء الشهوة، فليس بجماع إذًا.
وهو قول ابن حزم بناءً على أن الكفارة عنده لا تلزم إلا على من جامع امرأته فقط؛ لأن النص إنما جاء فيه.
الثاني: مذهب المالكية إذا وطئ البالغ الصغيرة غير المطيقة، أو وطئت البالغة من غير البالغ؛ لا كفارة على البالغ والبالغة، إذا لم ينزلا المني؛ فلا كفارة بمجرد الوطء؛ لأنه ليس بجماع كامل.
أما إذا أنزلا المني؛ فيلزم الكفارة لتعمد إخراج المني، وذلك لوجوب الكفارة عندهم على من أمنى عامدًا ولو بغير جماع.
الثالث: مذهب الحنابلة: تلزم الكفارة على البالغ والبالغة سواء أنزلا المني أم لم ينزلا، فلا فرق بين كون الموطوءة كبيرة أو صغيرة وبين كون الواطئ صغيرًا أو كبيرًا؛ للإطلاق في حديث الأعرابي الذي جامع في رمضان زمن رسول الله ﷺ، فليس فيه استفصال له عن كون زوجته صغيرة أو كبيرة.
تنبيه: الشافعية لم أقف لهم على قول بعد البحث.
الترجيح: الأقرب عندي: عدم لزوم الكفارة، ولو خرج المني؛ لعدم وجود معنى الجماع الكامل؛ فليست اللذة وقضاء الشهوة هنا كاملة، كما لو حصل الوطء في البالغين، وأما لذة خروج المني فهي تحصل ولو بوطء في غير فرج، ولا كفارة فيه عند الجمهور -كما سيأتي- فهذا مثله، والله أعلم([18]).
فيه خلاف:
القول الأول: يلزم فيه كفارة سواء أنزل المني أم لم ينزل.
وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.
دليلهم: وذلك لأنه وطء في فرج، فلا فرق بين أن يكون فرج آدمي أو فرج بهيمة، وكونه لا يجب الحد في وطء البهيمة؛ فلا يلزم منه عدم وجوب الكفارة هنا؛ لأن وجوب الكفارة ليس مرتبطًا بالحد.
القول الثاني: لا تلزم الكفارة فيه ولو أنزل المني.
وهو قول الحنفية، وابن حزم، ووجه للشافعية، ووجه للحنابلة.
ودليلهم: أنه لا نص فيه على وجوب الكفارة، ولا هو في معنى المنصوص الذي هو الجماع للآدمية، فالفارق بين وطء البهيمة ووطء المرأة كبير، فمنها عدم وجوب الحد في واطئ البهيمة عند جمهور العلماء، وأيضًا عدم كون المحل مشتهى على الكمال، فأشبه ما لو وطئ دون الفرج.
الترجيح: الراجح: الثاني: فإلزام الكفارة في وطء البهيمة يحتاج لدليل منصوص، وقياسه على جماع الآدمية قياس مع الفارق، فلا يقبل، وليس كل قضاء للشهوة يلزم منه الكفارة([19]).
المسألة هذه فيها حالتان:
وفي حكمها في حقه خلاف:
القول الأول: يكره له القبلة والمباشرة، وهو صائم.
وهو قول المالكية، ورواية لأحمد.
دليله: أنه لا يأمن أن تتحرك فيه الشهوة، فعليه يكون هذا الفعل مكروه.
القول الثاني: يباح له ذلك من دون كراهة.
وهو قول الحنفية، والشافعية، والمشهور عند المالكية، والمذهب عند الحنابلة، وقول الظاهرية.
دليله: أن المعتبر للكراهة هنا إثارة الشهوة التي يخشى مع وجودها على الصوم، وهي منعدمة هنا، فلم توجد الكراهة.
وقد جاء عن أبي هريرة ا: أن رجلًا سأل النبي ﷺ عن المباشرة للصائم؟ فرخص له، وأتاه آخر فسأله، فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب([20]).
وفيها صورتان:
الأولى: إذا كان يخشى فساد صومه بخروج المني أو الوقوع في الجماع:
قال ابن عبد البر: «لا أعلم أحدا رخص في القبلة للصائم إلا وهو يشترط السلامة مما يتولد منها، وأن من يعلم أنه يتولد عليه منها ما يفسد صومه وجب عليه اجتنابها»اهـ
وهذا هو الموجود في مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة أنه يحرم.
وقال الحنفية: «يكره» والمشهور عندهم أنهم إذا أطلقوا الكراهة أرادوا بها التحريم.
وقال ابن حزم: مباح بلا كراهة، ولو أنزل الماء، ولو تعمد الإمناء؛ لأنه لم يأت بكراهية مثل هذا نص ولا إجماع.
الترجيح: الراجح: لا يرخص بالقبلة في هذه الحالة سدًا للذريعة وحفاظًا على الصوم.
الثانية: إذا كان يأمن من عدم فساد الصوم بعدم خروج المني أو الوقوع في الجماع:
فيه خلاف:
القول الأول: تحرم القبلة والمباشرة في هذه الحالة.
وهو قول جماعة من السلف، والأصح عند الشافعية، ورواية لأحمد.
دليله: حديث أبي هريرة السابق حيث لم يرخص رسول الله ﷺ للشاب؛ لأنه مظنة للشهوة، بخلاف الشيخ الكبير، وعدم الترخيص يدل على التحريم.
ولما جاء عن عائشة ك قالت: «كان رسول الله ﷺ يقبلني وهو صائم ثم تقول وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله ﷺ يملك إربه» ([21]) أي: لا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثل النبي ﷺ في استباحة القبلة لأنه يملك نفسه ويأمن من الوقوع في قبلة يتولد منها إنزال أو قوة شهوة وأنتم لا تأمنون ذلك.
القول الثاني: يُباح ذلك دون كراهة أو تحريم.
وهو قول جماعة من السلف، ومذهب الحنفية.
ودليله: الأول: أن رسول الله ﷺ كان يقبل وهو صائم، وما فعله رسول الله إلا لإباحته.
الثاني: حديث عمر بن أبي سلمة ا: أنه سأل رسول الله ﷺ أيقبل الصائم؟ فقال: «سل هذه» لأم سلمة، فأخبرته أن رسول الله ﷺ كان يصنع ذلك، فقال: "يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر"، فقال له رسول الله ﷺ: «والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له»([22])، فرخص له بالقبلة مع أنه شاب.
الثالث: حديث عمر بن الخطاب ا قال: قبلت وأنا صائم، فأخبرت رسول الله ﷺ فقال: «أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم؟» فقلت: لا بأس به قال: «فمه؟»([23]).
والشاهد: أنه جعل القبلة كالمضمضة لا بأس بها للصائم.
وضعف بعضهم حديث أبي هريرة السابق الذي فيه عدم الترخيص للشاب في القبلة.
القول الثالث: تكره في هذه الحالة؛ جمعًا بين الأدلة وليست محرمة.
وهو قول جماعة من السلف، ومذهب مالك، والأصح عند الحنابلة، وجه للشافعية.
فحديث عمر بن أبي سلمة يدل على الجواز، وعدم التحريم، وقد كان عمر بن أبي سلمة السائل شابًّا في حينها، وحديث أبي هريرة في نهي الشاب يدل على أنه نهاه على سبيل التنزيه، لا على سبيل التحريم؛ حتى لا تتعارض الأدلة.
وما جاء عن عائشة في النهي عنه يحمل: أنها أرادت كراهة التنزيه، وقد صح عنها ك أنها كانت عند عائشة بنت طلحة زوجة عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، فدخل عليها زوجها، فقالت عائشة أم المؤمنين: «ما يمنعك أن تدنوا من أهلك فتقبلها؟» فقال: "أقبلها وأنا صائم؟!" فقالت: «نعم»([24])، وعائشة بنت طلحة كانت من أجمل نساء العرب كما جاء في ترجمتها، وكانت هي وزوجها شابين حينها.
وأيضًا كان رسول الله ﷺ يقبل عائشة، وهي شابة فقد مات رسول الله ﷺ وهي بنت ثمان عشرة سنة، فإذا كان رسول الله ﷺ يملك إربه؛ فعائشة ك كغيرها من الشباب، فيرخص لهم كما يرخص لها، إذا أمنوا على صومهم من الفساد بخروج المني أو الوقوع في الجماع.
الترجيح: القول الثالث القائل بالجواز مع كراهة ذلك هو الأرجح؛ لقوة أدلته وسلامتها من التعارض([25]).
القول الأول: تلزم الكفارة عليه.
وهو قول بعض السلف، والمالكية، ورواية لأحمد.
دليلهم: أنه أفسد صومه بقضاء شهوته بإخراج المني، فهو في معنى الجماع فتلزم به كفارة، كما في الجماع.
القول الثاني: لا تلزم عليه الكفارة في هذه الحالة.
وهو قول جمهور العلماء، منهم: الحنفية، والشافعية، والظاهرية، وهو المذهب عند الحنابلة.
دليلهم: أن الكفارة لا تجب إلا بدليل شرعي، ولا دليل هنا على وجوب الكفارة على من أنزل المني بغير الجماع، ولو فسد صومه بهذا الإنزال، فليس كل مفسد للصوم يلزم فيه الكفارة.
الترجيح: الراجح قول الجمهور: لا كفارة عليه في هذه الحالة، وأما في فساد الصوم بهذا الإنزال؛ فمر معنا في المطلب الذي قبل هذا، وقلنا: الصحيح ما عليه الجمهور يفسد الصوم فراجعه([26]).
فيه خلاف بين العلماء:
القول الأول: تلزم الكفارة على من أفطر عمدًا بأي مفطر كان.
وهو مذهب المالكية، ورواية لأحمد.
دليلهم: الأول: حديث أبي هريرة ا: أن رجلًا أفطر في رمضان، فأمره رسول الله ﷺ أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينًا»([27])، فلفظ أفطر تعم كل مفطر بالجماع وغيره، ولم يستفصله بأي المفطرات كان.
الثاني: قياسًا على الجماع بجامع ما بينهما من الاشتراك، وهو انتهاك حرمة رمضان بارتكاب هذه المفطرات، فأوجب رسول الله ﷺ الكفارة على المجامع لعموم كونه مفطرًا، لا بخصوص كونه مجامعًا.
القول الثاني: تلزم الكفارة إذا أفطر بأكل أو شرب، أما بغيرها فلا كفارة عليه.
وهو قول الحنفية، وجماعة من السلف.
دليلهم: الأول: أن الكفارة في الجماع وجبت لكونه إفساد لصوم رمضان تعمدًا من غير عذر، والأكل والشرب كذلك إفساده لصوم رمضان تعمدًا من غير عذر، فكان إيجاب الكفارة هناك إيجابًا له ههنا أيضًا.
الثاني: أن الكفارة شرعت للحاجة إلى الزجر؛ لوجود الداعي الطبعي إلى شهوة الجماع، وهذا الداعي الطبعي إلى شهوة الأكل والشرب أكثر؛ لأن الجوع والعطش يقلل الشهوة، فكانت الحاجة إلى الزجر عن الأكل والشرب أكثر، فكانت الكفارة فيها أولى.
الثالث: جاء عن أبي هريرة ا: أن رجلًا أكل في رمضان فأمره النبي ﷺ أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينًا([28]).
القول الثالث: ليس هنالك كفارة في سائر المفطرات إلا في الجماع فقط.
وهو مذهب الجمهور، منهم: الشافعية، والظاهرية، والمذهب عند الحنابلة.
دليلهم: أن النص إنما جاء في وجوب الكفارة على المجامع، والإجمال الذي جاء في بعض الروايات يُفسر بما جاء في الروايات الأخرى التي فيها ذكر سبب إفطاره وهو الجماع، ففيه أنه قال: «وقعت على أهلي»، وحيث إنه حديث واحد عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة، خاصة أن أكثر الرواة رووه بذكر الإفطار بالجماع، وهي واقعة واحدة.
والحديث الذي فيه أنه أفطر بأكل ضعيف – كما مر-.
ولا يجوز إلحاق سائر المفطرات بالجماع في وجوب الكفارة لوجوه:
الأول: أن الأصل براءة الذمة من هذه الكفارة، فلا تجب إلا بما جاء فيه الدليل، وهو الجماع، وإلحاق غيره به يحتاج إلى دليل؛ لأنه خلاف البراءة الأصلية.
الثاني: أن الجماع يفارق غيره من المفطرات بقوة داعيه، وشدة باعثه، فإنه إذا هاجت شهوته لم يكد يمنعها حارس الدين، ولا يدفعها وازع العقل، وداعي الأكل والشرب وإن كان أكبر لكن داعي الجماع إذا وقع كان أشد وأقوى؛ فلا يقاس الأخف على الأشد.
الثالث: وجود المغايرة بين الأكل والجماع فلم يسوَّ بينهما في موضع واحد من الشريعة فكيف يصح مثل هذا القياس؟!
الترجيح: الراجح: مذهب الجمهور: ليست هناك كفارة على من أفطر بأي مفطر سوى الجماع؛ للفارق بين الجماع وسائر المفطرات، ومن أوضح الفوارق أن من زنى بامرأة في رمضان وكان صائمًا عليه الحد، ومن أكل وشرب؛ فلا حد عليه، وإن فسد صومه بكل ذلك([29]).
أجمع العلماء على عدم فساد الصوم لمن نام وهو صائم واستيقظ وقد احتلم؛ لأنه مغلوب على أمره، وليس هذا بإرادته([30]).
فيه اختلاف يسير هل يصح الصوم أم لا؟
الأول: لا يصح صومه.
وهو قول أبي هريرة ا.
الثاني: يتم صومه ويقضي أيضًا.
وهو قول الحسن، وسالم بن عبد الله.
الثالث: إذا علم بجنابته في رمضان فلم يغتسل حتى أصبح؛ فهو مفطر، وإن لم يعلم فهو صائم.
وهو قول عروة، وطاووس.
وحجة كل من سبق: ما جاء عن أبي هريرة ا قال: «من أدركه الفجر جنبًا فلا يصوم» رواه مسلم (1109) وهو من قوله يفتي به.
وثبت من طرق عن أبي هريرة يرفعه إلى النبي ﷺ بنحوه([31]).
وأما ما جاء عن رسول الله ﷺ أنه كان يصبح جنبًا فيصوم فهو خاص به.
الرابع: والذي عليه جمهور العلماء، واستقر عليه الإجماع بعد ذلك: أن من أصبح جنبًا وهو يريد الصوم في رمضان أو غيره أن صيامه يصح، ولا يكون مفطرًا ولو تعمد ذلك.
دليله: لما جاء عن أم سلمة وعائشة م قالتا: «إن رسول الله ﷺ كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم». فذُكر لأبي هريرة قول عائشة وأم سلمة فقال: «إنما سمعت ذلك من الفضل بن عباس وهما أعلم»([32]) وزاد فيه مسلم فقال: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك.
والجواب عما جاء عن أبي هريرة:
1- أنه إما وهم منه، فَنِساء رسول الله ﷺ أعلم لما رأينه من فعل رسول الله ﷺ.
2- أو أنه منسوخ.
3- أو يُحمل على استحباب قضاء الصوم لا أنه فسد صومه.
وأما دعوى الخصوصية برسول الله ﷺ فلا يثبت ذلك إلا بدليل، فالأصل العموم للجميع، وقد ورد صحيحًا ما يدل على عدم الخصوصية، وهو ما رواه مسلم (1110) أن رجلًا قال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب أفأصوم ؟ فقال رسول الله ﷺ: «وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم» فقال: لست مثلنا. فقال رسول الله ﷺ: «إني لأرجوا أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي».
وقد جاء عن أبي هريرة أنه رجع لهذا القول كما جاء في ”صحيح مسلم“.
الترجيح: الراجح: مذهب الجمهور يصح صومه، ولا يعتبر مفطرًا لأجل هذا([33]).
} ¥ }
([1]) أخرجه البخاري (1894) ومسلم (1151).
([2]) رواه البخاري (1936) ومسلم (1111).
([3]) مراجع: ”المغني“ (4/372)، ”المجموع“ (6/344)، ”الإشراف“ لابن المنذر (3/120-121)، ”بداية المجتهد“ (1/301-302)، كتاب الصيام ”شرح العمدة“ (1/284).
([4]) مراجع: ”فتح باب العناية“ (1/570)، ”بداية المجتهد“ (1/304)، ”المجموع“ (6/334، 345)، ”فتح الباري“ (4/677)، ”المغني“ (4/375)، ”الإنصاف“ (3/314)، ”المحلى“ لابن حزم (4/327)، ”فتاوى اللجنة الدائمة“ (10/302، 312)، و”الشرح الممتع“ (6/402).
([5]) صحيح: رواه الترمذي (108) وابن ماجة (608)، وسنده صحيح، ورواه مسلم (783) بنحوه.
([6]) سنده ضعيف: رواه أحمد (2/178) وابن ماجة (611) وغيرهما ، وله طريق أخرى أضعف منها رواها الطبراني في ”الأوسط“ (4489) وحسن الألباني الحديث بمجموع الطريقين في ”الصحيحة“ (3/260).
([7]) سنده حسن إن شاء الله: رواه الطحاوي في ”شرح معاني الآثار“ (1/57) موقوفًا ، وصحح الألباني الأثر عن أبي هريرة في ”الصحيحة“.
([8]) مراجع للمسألة: ”حاشية ابن عابدين“ (3/344)، ”حاشية الدسوقي“ (2/158)، ”المجموع“ (2/131، 133)، ”نهاية المطلب“ (4/306)، ”الإنصاف“ (1/232)، ”الموسوعة الفقهية الكويتية“ (28/59).
([9]) مراجع: ”بدائع الصنائع“ (2/101)، ”المجموع“ (6/337)، ”المغني“ (4/386)، ”الإنصاف“ (3/319-320)، ”بداية المجتهد“ (1/306)، ”المحلى“ (مسألة/771).
([10]) مراجع: ”بدائع الصنائع“ (2/101)، ”المجموع“ (6/344)، ”المغني“ (4/386)، ”الإنصاف“ (3/320) كتاب الصيام من ”شرح العمدة“ (1/310).
([11]) مراجع: ”حاشية ابن عابدين“ (3/330)، ”حاشية الدسوقي“ (2/167)، ”المجموع“ (6/338)، ”المغني“ (4/379)، ”الإنصاف“ (3/321)، ”المحلى“ مسألة/756).
([12]) مراجع: ”بدائع الصنائع“ (2/100) ”المبسوط“ (2/502)، ”حاشية الدسوقي“ (2/138، 169)، ”الاستذكار“ (10/76)، ”المجموع“ (6/263، 340)، ”المغني“ (4/348، 378)، ”الإنصاف“ (3/288، 321)، ”المحلى“ (مسألة/738).
([13]) مراجع: ”حاشية ابن عابدين“ (3/339) ”تفسير القرطبي“ (3/140)، ”المجموع“ (6/345)، ”المغني“ (4/378)، ”الإنصاف“ (3/321).
([14]) مراجع: ”بدائع الصنائع“ (2/98)، ”حاشية ابن عابدين“ (3/332، 344)، ”المجموع“ (6/341-342)، ”المغني“ (4/375)، ”الإنصاف“ (3/311)، ”المحلى“ (4/327)، ”حاشية الدسوقي“ (2/150، 158).
([15]) انظر المراجع السابقة وكتاب الصيام ”شرح العمدة“ (1/301).
([16]) مراجع: ”المغني“ (4/376)، ”حاشية ابن عابدين“ (3/331).
([17]) مراجع: ”حاشية ابن عابدين“ (3/338)، ”حاشية الدسوقي“ (2/150)، ”مواهب الجليل“ (3/359)، ”الإنصاف“ (3/312)، ”المحلى“ (4/327)، ”حاشيتا قليوبي وعميره“ (2/112).
([18]) مراجع: ”حاشية ابن عابدين“ (3/338)، ”حاشية الدسوقي“ (2/158)، ”المغني“ (4/375)، ”كشاف القناع“ (2/325)، ”المحلى“ (4/327)، ”الموسوعة الفقهية الكويتية“ (28/33).
([19]) مراجع: ”حاشية ابن عابدين“ (3/338)، ”حاشية الدسوقي“ (2/150)، ”مواهب الجليل“ (3/359)، ”المجموع“ (6/341)، ”المغني“ (4/375)، ”الإنصاف“ (3/316، 318)، ”المحلى“ (4/327).
([20])سنده صحيح: رواه أبو داود (2387)، والبيهقي (4/232)، وأبو العنبس أحد رجال السند قد وثقه ابن معين، كما في ”تاريخ الدارمي“ (ص/236) وصحح الحديث الألباني في ”صحيح أبي داود“ رقم (2090).
([21]) البخاري (1927) ومسلم (1106) واللفظ له.
([22]) رواه مسلم (1108).
([23]) سنده حسن: رواه أحمد (1/21)، وأبو داود (2385)، والنسائي في ”الكبرى“ (6 303)، وابن خزيمة (1999)، والبيهقي (4/218)، وغيرهم، ورجاله رجال مسلم، وصححه الألباني في ”صحيح أبي داود“ (2089).
لكن قال النسائي عقبه: «حديث منكر»، وقال الإمام أحمد: «ضعيف»، وذلك لأن عمر بن الخطاب كان ينهى عن القبلة للصائم.
وحمل ابن عبد البر قول عمر على التنزيه جمعًا بين الحديث والأثر. انظر ”التنقيح“ لابن عبد الهادي (2/310).
([24]) رواه مالك في ”الموطأ“ (785) .
([25]) مراجع: ”فتح القدير“ (2/330-332)، ”الاستذكار“ (10/56)، ”بداية المجتهد“ (1/290)، ”حاشية الدسوقي“ (2/142)، ”المجموع“ (6/354)، ”فتح الباري“ (4/652-655)، ”المغني“ (4/360)، ”الإنصاف“ (3/328)، ”المحلى“ مسألة رقم (753).
([26]) مراجع: ”فتح القدير“ (2/331)، ”حاشية الدسوقي“ (2/150)، ”الاستذكار“ (10/58)، ”المجموع“ (6/342)، ”المغني“ (4/365)، ”الإنصاف“ (3/316-317)
([27]) رواه مسلم (7/196).
([28]) حديث منكر: رواه الدارقطني (2/191) وضعفه، قلت: هو حديث منكر لأنه مع ضعفه خالف رواية الثقات.
([29]) مراجع: ”بدائع الصنائع“ (2/98)، ”بداية المجتهد“ (1/302)، ”المجموع“ (6/329)، ”فتح الباري“ (4/671)، ”المغني“ (4/365) الإشراف لابن المنذر (3/127)، كتاب الصيام ”شرح العمدة“ (1/272)، ”المحلى“ المسألة رقم 737).
([30]) مراجع: ”المجموع“ (6/322).
([31]) رواه أحمد (2/249، 314)، والنسائي في ”الكبرى“ (2936، 2938)، وابن ماجة (1702) وغيرهم.
([32]) رواه البخاري (1926) ومسلم (1109)
([33]) مراجع: ”الإشراف“ لابن المنذر (3/135)، ”شرح مسلم“ للنووي (7/193)، ”المغني“ (4/391)، ”فتح الباري“ (4/644، 648)، ”المجموع“ (6/307).