قبل الشروع في المسائل ننبه على أن كثيرًا من النقولات في مسائل هذا المطلب يتكلم عليه العلماء عند كلامهم على كفارة الظهار؛ لأن صفة كفارة المجامع والمظاهر واحدة، وتوسُع كثير من المصنفين في صفة الكفارة يكون عند كلامهم على كفارة الظهار، ونبه بعضهم إلى الرجوع إلى الكلام على كفارة الظهار.
في تحديدها ثلاثة أقوال:
الأول: هو مخير بين اعتاق رقبة، أو صيام شهرين، أو إطعام ستين مسكينًا.
وهو قول ابن جرير الطبري، والمشهور عن مالك، ورواية لأحمد.
دليله: ما رواه أبو هريرة ا: «أن النبي ﷺ أمر رجلًا أفطر في رمضان أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينًا»([1]).
وجه الدلالة: حرف (أو) يفيد التخيير.
الثاني: الكفارة لا تكون إلا بإطعام ستين مسكينًا، وليس العتق، والصيام من خصال كفارة المجامع في نهار رمضان.
وهذا القول رواية عن مالك.
ودليله: ما جاء عن عائشة ا قالت: أتى رجل إلى رسول الله ﷺ في المسجد، فقال: "يا رسول الله احترقت!" فقال رسول الله ﷺ: «ما لك ؟» فقال: "أصبت أهلي في رمضان". فقال له: «تصدق» قال: "ما عندي شيء". فجاء رجل بطعام، فقال رسول الله: «أين المحترق؟» قال: "أنا". قال: «تصدق بهذا» فقال: "يا رسول الله أغيرنا؟! فو الله إنا لجياع ما لنا شيء". فقال «فكلوه»([2]).
وجه الدلالة: أنه لم يأمره إلا بالصدقة فقط.
الثالث: الكفارة في المجامع على الترتيب، فيجب عتق رقبة، فإن عجز فصوم شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكينًا.
وهو قول جمهور العلماء، منهم: الحنفية، والشافعية، والظاهرية، والمشهور عند الحنابلة.
دليله: لما جاء عن أبي هريرة ا قال: بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ إذ جاءه رجل فقال: "يا رسول الله هلكت". قال: «ما لك؟» قال: "وقعت على امرأتي، وأنا صائم". فقال: رسول الله ﷺ: «هل تجد رقبة تعتقها؟» قال: "لا". قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: "لا". فقال: «فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟» قال: "لا"، ثم جلس فأتي النبي ﷺ بعرق فيها تمر، والعرق المكتل، قال: «أين السائل؟» فقال: "أنا". قال: «خذها فتصدق به» فقال الرجل: "أعلى أفقر مني يا رسول الله؟! فو الله ما بين لابتيها -يريد الحرتين- أهل بيت أفقر منا". فضحك النبي ﷺ حتى بدت أنيابه ثم قال: «أطعمه أهلك»([3]).
والشاهد من الحديث: أنه ألزمه بالعتق أولًا، فلما لم يجد ألزمه بالصيام، فلما لم يجد يستطيع ألزمه بالإطعام.
والرواية التي فيها التخيير هي من نفس هذه الطريق، فالمخرج واحد، والقصة واحدة، فترجح رواية الترتيب؛ لأن الذي رواها أكثر عددًا، ولأن رواية التخيير مختصرة أراد الراوي أن يذكر حصرا لأصناف الكفارة، أما رواية الترتيب فهي مفصلة وموسعة ففيها استفصال واستيعاب.
وما جاء في حديث عائشة من الاقتصار على الطعام فتقدم رواية أبي هريرة؛ لأن فيها زيادة، والقصة واحدة فقط، فقد حفظ أبو هريرة القصة كاملة، وأوردتها عائشة مختصرة، وقد كان أبو هريرة شاهدًا للقصة، فقد جاء عنه في ”الصحيحين“ قال: بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ إذ جاءه رجل... فسرد القصة. فمن شهد القصة مقدم على من أُخبر بها ونُقلت له.
الترجيح: الراجح: الأخذ بقول الجمهور عملًا بالأصح والأكمل، فتلزم الكفارة في العتق والصيام والإطعام وعلى الترتيب([4]).
اختلفوا هل يلزمه العود للإعتاق أم يستمر بصومه؟
القول الأول: يلزمه الخروج من الصوم، والتكفير بعتق رقبة.
وهو قول الحنفية، والمزني من الشافعية.
دليله: لأنه قدر عن المبدل منه، وهو العتق قبل الانتهاء من فرضه بالبدل، وهو الصوم، كما لو تيمم طالب الصلاة؛ لعدم وجود الماء، ثم وجده قبل الانتهاء من الصلاة، فإنه ينتقل إلى الماء؛ لأنه الأصل.
القول الثاني: يستمر بصومه، وتصح الكفارة، ولا يلزمه الرجوع إلى العتق.
وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.
دليله: أنه شرع في الكفارة الواجبة عليه هنا، وهي الصوم؛ لعذر شرعي، وهو العجز عن العتق، فلا يلزمه الرجوع للعتق بعد أن شرع في صومه الواجب، كما لو استمر عجزه عن العتق إلى فراغه من الصوم.
والجواب على قياسهم:
أن قياسه على المتيمم يرى الماء قياس مع الفارق، فالتيمم رافع مؤقت إذا وجد الماء زال هذا الرافع، بنص الأدلة الشرعية، أما الصوم فإنه يرفع حكم الجماع بالكلية، ولا دليل على أنه إذا قدر على العتق يزول هذا الرافع، وهو الصوم، وأيضًا الرجوع إلى الماء وقضاء الصلاة إذا شرع فيها أمره يسير، بخلاف الجمع بين الصوم والعتق فيه مشقة فالصائم تطول مدته، والمشقة تجلب التيسير، وهذا على قول من يرى أن المتيمم يبطل تيممه إذا وجد الماء أثناء الصلاة ويلزمه استخدام الماء، وأما على القول بأن التيمم لا يبطل هنا، ولا يلزمه استخدام الماء؛ فلا إشكال؛ لأنه كمن قدر على العتق بعد أن ابتدأ بالصوم فيستمر بصومه، ولا يلزمه العتق.
الترجيح: الراجح القول الثاني: يستمر في صومه، ولا يلزمه الرجوع للعتق؛ للدليل الذي ذكروه، والصحيح أن التيمم يبطل إذا وجد الماء أثناء صلاته، ولا يقاس عليه من قدر على العتق أثناء شروعه بالصيام؛ لما سبق ذكره في الجواب على قياسهم([5]).
وفي هذا الشرط خلاف عند العلماء:
القول الأول: يشترط السلامة من العيوب التي تؤدي إلى ذهاب منفعة الجنس، كالأعمى، ومقطوع اليدين، أو الرجلين، أما العيب الخفيف فيها؛ فلا يضر، إنما يمنع الكفارة العيب القوي.
وهو قول الأئمة الأربعة.
ودليلهم: لأن المقصود تمليك العبد منافعه، وتمكينه من التصرف لنفسه، ولا يحصل هذا المطلوب مع وجود العيوب المؤثرة على تحصيل منافعه.
القول الثاني: لا يشترط السلامة من العيوب.
وهذا قول الظاهرية.
دليلهم: الإطلاق في الحديث قال: «عتق رقبة»، ولم يقيده بالسليمة من العيوب، فيجوز عتق كل رقبة يقع عليها اسم العتق.
الترجيح: من حيث إطلاق النص، فقول الظاهرية أقرب، ومن حيث المعنى والغرض وهو انتفاع المعتق؛ فقول الجمهور أقرب، فالله أعلم بالصواب([6]).
فيه خلاف:
القول الأول: يشترط ذلك، فلا تجزيء الرقبة الكافرة.
وهو قول جمهور العلماء، منهم: مالك، والشافعي، والمذهب عند الحنابلة.
دليلهم: الأول: حديث معاوية السلمي ا قال: كانت لي جارية ترعى غنمًا، فذهب الذئب بشاة من غنمها، وصككتها صكة، فعظم ذلك علي، فأتيت رسول الله ﷺ فقلت: "أفلا أعتقها ؟" قال: «ائتني بها»، فأتيته بها، فقال لها: «أين الله ؟» قالت: "في السماء". قال: «من أنا ؟» قالت: "أنت رسول الله". قال: «أعتقها فإنها مؤمنة»([7]).
والشاهد: أن رسول الله ﷺ إنما أقره على إعتاقها عندما علم أنها مؤمنة، فدل هذا على أنه لا يجزئ في عتق الكفارات إلا رقبة مؤمنة، فإذا كان هذا تكفير عن لطمة، فمن باب أولى التكفير عن جماع رمضان.
الثاني: أن إطلاق الرقبة يقيد بما جاء في كفارة القتل الخطأ قال تعال: ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾ [النساء:٩2]، فاتحاد الحكم هنا وهو الكفارة يجعلنا نحمل المطلق على المقيد، ولو اختلف السبب، كون سبب الأولى: أنه جامع في نهار رمضان، وسبب الثانية: أنه قتل مؤمنًا خطأ، فالاتحاد بالحكم يكفي في حمل المطلق على المقيد.
الثالث: فيه إعانة للكافر على كفره وإفساده في الأرض.
القول الثاني: لا يشترط كونها مؤمنة فتجزئ الكفارة ولو بعتق رقبة كافرة.
وهو قول بعض السلف، والحنفية، والظاهرية، ورواية لأحمد.
دليلهم: أن الدليل أطلقه في المجامع، فيحمل على إجزاء ما تناوله هذا الإطلاق، فالمطلوب رقبة دون تقييد بكونها مؤمنة، وقياسها على كفارة قتل الخطأ وحمل المطلق في رقبة كفارة المجامع على المقيد في رقبة قتل الخطأ لا يصح، وذلك لاختلاف السبب، فلا يحمل المطلق على المقيد إذا اختلف السبب والعلة، ولو اتحد الحكم.
ولو كان تقييدها بالإيمان شرطًا؛ لما ترك رسول الله ﷺ بيانه مع وجود الحاجة إليه من قبل السائل الذي جامع في نهار رمضان.
وأما حديث معاوية السلمي ا؛ فلم يجب عليه إعتاقها كما هو ظاهر في رواية مسلم، وإنما أراد ذهاب ما عظم عليه بسبب فعله، فوافقه رسول الله ﷺ على ذلك لما وجدها مؤمنة، فتستحق أن يرضيها بالإعتاق، أما في المجامع فتجب عليه الكفارة بالعتق فتلزمه كيف ما كانت.
وأيضًا يحتمل أنه كان عليه عتق رقبة مؤمنة من سابق أصلًا فأعتقها لهذا السبب.
فعن أبي هريرة ا: أن رجلا أتى النبي ﷺ بجارية سوداء أعجمية، فقال: "يا رسول الله إن علىِّ عتق رقبة مؤمنة". فقال لها رسول الله ﷺ : «أين الله؟» فأشارت إلى السماء بأصبعها السبابة، فقال لها: «من أنا» فأشارت بأصبعها إلى رسول الله ﷺ وإلى السماء، أي: أنت رسول الله، فقال: «أعتقها»([8]).
الترجيح: الأرجح – والله أعلم-: القول الثاني: لا يشترط كونها مؤمنة؛ للإطلاق فيها مع الحاجة للبيان لو كان المراد بالرقبة المؤمنة خاصة.
وحديث معاوية السلمي لم يجب عليه اعتاقها، وإنما أراد إذهاب ما في نفسه، كما هو ظاهر الحديث، فوافقه رسول الله ﷺ على ذلك لما وجدها مؤمنة، فتستحق أن يرضيها بالإعتاق، أما في المجامع فيجب عليه الكفارة بالعتق.
أما حمل المطلق على المقيد إذا اتحد الحكم، واختلف السبب؛ ففيه خلاف عند أهل الفقه والأصول، والراجح أن المطلق لا يحمل على المقيد في هذه الحالة، ولا حاجة للتوسع في هذه المسألة فمرجعها كتب الأصول([9]).
أجمعوا أن من صام بعض الشهر ثم قطعه لغير عذر قبل انتهاء صوم الشهرين، وأفطر أن عليه استئناف الشهرين من جديد، ففي الحديث: «صوم شهرين متتابعين» ومعنى التتابع الموالاة بين الصيام، فلا يفطر فيه حتى ينتهي من الشهرين([10]).
أجمع العلماء على أن المرأة إذا كان عليها صوم شهرين متتابعين فصامت بعضًا، ثم حاضت أنها تبني إذا طهرت، ولا يلزمها الاستئناف، إنما تكمل ما تبقى بعد أن تطهر؛ لأنه لا يمكن التحرز من الحيض([11]).
فيه خلاف بين العلماء:
القول الأول: لا ينقطع التتابع ويتم صيامه إذا برأ.
وهذا قول جماعة من السلف، ومالك، وأحمد، والشافعي في القديم.
دليله: أن قطعه للتتابع هنا حصل بدون اختياره، فقد أفطر لسبب لا صنع له فيه، فأشبه انقطاع تتابع صوم المرأة بسبب الحيض، وقد قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ﴾ [البقرة: ٢٨٦].
القول الثاني: يستأنف المدة من جديد، ولا يصح إكمال الصوم بعد ذهاب مرضه.
وهو قول جماعة من السلف، وأبي حنيفة، والشافعي في الجديد.
دليله: لأنه فوت صفة التتابع بفطره، وقد حصل الفطر بفعله، بخلاف الحيض، فإن أمر الحيض ليس بفعلها.
الترجيح: الراجح: المذهب الأول: يكمل المريض بعد تحسنه، ولا يعيد الصوم من جديد؛ لصحة دليل هذا المذهب([12]).
فيه خلاف بين العلماء:
القول الأول: يقطع التتابع، ويستأنف الصوم من جديد.
وهو مذهب الجمهور، منهم: المالكية، والحنفية، والصحيح عند الشافعية، ووجه للحنابلة.
دليله: أنه قطع التتابع باختياره، ويمكنه التحرز عن الإفطار بأن يصوم وهو مسافر أو يؤخر سفره، أو يؤخر صومه من البداية إلى بعد السفر.
القول الثاني: لا يقطع السفر التتابع لو أفطر بسببه، ويواصل صومه بعد ذلك.
وهو المذهب عند الحنابلة، ووجه للشافعية، وقول الحسن البصري.
دليله: أن السفر يبيح له الفطر في رمضان، فمن باب أولى هنا، فصيام رمضان ركن من أركان الإسلام.
الترجيح: الأمر محتمل عندي؛ لكن إذا وجد سفرًا اضطراريًّا، ويشق عليه الصوم فعلًا، ولم يكن يعرف به قبل نية صوم الشهرين، فإن شاء الله لا يقطع التتابع، ويكمل صومه بعد ذلك، فهو على هذا بمنزلة الفعل غير الاختياري فأشبه المرض([13]).
اختلف العلماء إذا تخلل رمضان والعيدين أو التشريق هل يقطع التتابع؟
القول الأول: لا يقطع التتابع، ويفطر العيدين، وأيام التشريق، ثم يتم بعدها، وهكذا يصوم رمضان كفرض ثم يواصل ما تبقى بعد العيد.
وهو المذهب عند الحنابلة.
دليله: أنه زمن منعه الشرع من صومه عن الكفارة، فصار عذرًا شرعيًّا، فلم يقطع التتابع، كما لو حاضت المرأة في أثناء صومها.
القول الثاني: ينقطع التتابع في هذه الحالة، ويلزمه الاستئناف من جديد.
وهو قول الجمهور، منهم الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، والظاهرية.
دليله: أنه يمكنه التحرز من البداية عن هذا الإفطار، فيكون بذلك مفطرًا في أثناء الشهرين بغير عذر؛ لأنه لا يجوز له صيام هذه الأيام، ويمكنه إيجاد شهرين يصومهما خاليين من هذه الأيام.
الترجيح: الراجح: القول الثاني: أنه يعتبر قاطعًا للتتابع، فيلزم الاستئناف من جديد؛ لصحة ما استدل به أهل هذا القول، وخاصة أنه يفتح باب التحايل على ما وجب عليه من سرد الصوم دون إفطار، بخلاف من هجم عليه المرض؛ لكنه إذا جهل مجيء العيد أو أيام التشريق في صيامه، أو كان لا يعلم بحرمة صيامها، فلا ينقطع صومه، ويعذر بالجهل فيفطرها، ثم يبني على ما مضى، وقال به بعض المالكية([14]).
فلا خلاف بين العلماء: أنه يجزئه صيام شهرين بالأهلة، سواء كان الشهران تامين أو ناقصين، أو كان أحدهما تامًّا والآخر ناقصًا.
في حسابه خلاف:
القول الأول: يحسب الشهر بالعدد، ويكمله من الشهر الثالث، حتى يصير المجموع ثلاثين يومًا، والشهر الثاني بحسب الهلال سواء كان الشهر الثاني كاملًا أو ناقصًا.
مثلًا: صام في خمسة عشر من شهر محرم حتى انتهى، ثم ألحقه بصفر ثم دخل ربيع فيصوم منه ما يكمل ثلاثين يومًا مع ما صامه من محرم، ويحسب في الشهرين شهر صفر كشهر، بغض النظر كان ثلاثين يومًا أو تسعة وعشرين يومًا.
وهذا قول جمهور العلماء، منهم: المالكية، والشافعية، والحنابلة، والمشهور عند الحنفية.
دليله: أن الأصل حساب الأشهر بالأهلة، فما دام أمكن تحصيله هنا في الشهر الثاني فيعمل به، أما الشهر الأول فلا يصلح معه إلا العدد، وحيث إن الصيام في أثنائه، فيكمل إلى ثلاثين يومًا بصيام أيام من الشهر الثالث، وإكمال العدد إلى الثلاثين، هذا هو الأحوط؛ لأن الشهر يكون ثلاثين، ويكون تسعة وعشرين.
القول الثاني: لا يكون هنا الحساب إلا بالعدد فيصوم ستين يومًا.
وهو قول الزهري، وقول للحنفية.
دليله: أننا سوف نحسب من أثناء الشهر الأول بالعدد، فنكمل الشهر من أيام الشهر الثاني، فحينها نحتاج للعدد فنوفيه ثلاثين يومًا، ثم نواصل صوم هذا الشهر، ونكمله من أيام الشهر الثالث، فنحتاج للعدد فنوفيه ثلاثين فالمجموع ستون يومًا.
الترجيح: الراجح مذهب الجمهور، ما دام أمكن تحصيل شهر من الشهرين بالأهلة، وتعذر أخذ الشهر الآخر بالأهلة؛ لكن يصلح حسابه بالعدد([15]).
المذكور في كتب الفقهاء طريقتان في جميع الكفارات:
وكيفيتها أن يعطى لكل مسكين المقدار الواجب عليه من الحبوب، ويكون ملكًا للمسكين فله أكله أو بيعه أو إهداؤه.
وهذه الطريقة اتفق العلماء على أنها مجزئه في الكفارة، وجاءت آثار كثيرة عن الصحابة بالقول بهذه الطريقة.
وفي صحة الإطعام في الكفارة بهذه الطريقة خلاف بين العلماء:
القول الأول: لا تجزئ؛ فلا يصح إلا التمليك والإعطاء.
وهو قول جماعة من السلف، والشافعية، والمشهور عند المالكية، والمذهب عند الحنابلة.
دليلهم: الأول: أن هذا هو الذي وُجد في عهد رسول الله ﷺ، وفي عهد الصحابة في الفدية والكفارة، فعن كعب بن عجرة ا قال: حُملت إلى رسول الله ﷺ والقمل يتناثر على وجهي وأنا محرم، فقال: «تجد شاة؟» قلت: "لا". فقال: «فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع»([16]).
الثاني: أن الواجب فيه التمليك، كما في الزكاة، فالتغدية أو التعشية هنا إباحة، وليست بتمليك.
الثالث: أنهم يختلفون في مقدار الأكل، ولا يتحقق أن كل واحد منهم يتناول قدر حقه الذي يلزم له في الإعطاء والتمليك.
القول الثاني: دعوة المساكين لوجبة الطعام المعمول تجزئ في الكفارة.
وهو قول جماعة من السلف، والحنفية، والظاهرية، ورواية لأحمد، وقول للمالكية، ونقله ابن القيم عن الجمهور من العلماء.
دليلهم: الأول: أن الشرع أمر بالإطعام، ففي المجامع في نهار رمضان قال له: «أطعم ستين مسكينًا» ومن صنع لهم الطعام وأكلوه؛ فقد أطعمهم فهو كما لو ملكهم، وقدر الإطعام ما يحصل به الإشباع، فالتمكين من الطعام كالتمليك له يؤدى به الكفارة.
الثاني: ما ثبت عن أنس ا: أنه عجز عن الصيام في العام الذي توفي فيه، فأمر بمساكين فأطعمو خبزًا ولحمًا حتى أُشبعوا([17]).
فهذا أنس فهم من قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]: أن إطعامهم لا يلزم فيه التمليك، بل يصلح فيه صنع الطعام ودعوتهم إليه ويأكلو حتى يشبعوا.
الترجيح: الراجح: القول الثاني: أن إشباع المساكين من الطعام المطبوخ يجزئ في الكفارات.
وما جاء عن الصحابة من الإفتاء بمقادير من حبوب؛ فلم يأتي عنهم المنع من الدعوى إلى الطعام، والقول بعدم إجزائه وصحته، ولو جاء عنهم القول بعدم الإجزاء في هذه الحالة؛ فلم يجمعوا عليه، فهذا أنس ا يرى الإجزاء فيه، والله أعلم([18]).
توطئة قبل الدخول في أقوال العلماء: إن سبب اختلاف العلماء في تحديد المقدار المجزئ للمسكين من الحبوب واختلافهم في الراجح فيه الغالب أنه راجع لثلاثة أسباب:
الأول: الاختلاف في العرق أو المكتل الذي أعطاه رسول الله ﷺ للمجامع في نهار رمضان لكي يتصدق به، هل جاء التصريح بمقدار ما فيه أم لا؟ وإذا جاء فكم القدر المذكور في الحديث؟
والجواب: أن الرواية التي في ”الصحيحين“ لم تعين مقدار ما في المكيل، ولا في شيء من طرق هذه الرواية التي في ”الصحيحين“ التي هي من حديث أبي هريرة.
وجاء التصريح بما فيه إما من حديث أبي هريرة خارج ”الصحيحين“، أو من حديث غيره، أو مرسلًا مع الاضطراب في تحديد ما كان فيه.
فأكثر الروايات أن فيه: «خمسة عشر صاعًا»، وفي بعض الروايات «عشرون صاعًا»، وفي بعضها «خمسة عشر أو عشرون»، هكذا بالشك وكل هذه الروايات لا تثبت، والثابت بذكر المكتل أو العرق، دون ذكر مقدار ما فيه من التمر([19]).
واختلفوا في العَرَق كم يتسع أصلًا؟
فقال بعضهم: خمسة عشر صاعًا.
وقال بعضهم: أنه لا حصر له.
وفي ”لسان العرب“ (9/363) قال: «العرق الزنبيل»، ولم يذكر كم يتسع من الصاعات.
السبب الثاني: الاختلاف في كفارة المظاهر، وهما رجلان:
الأول: سلمة بن صخر، وقصة مظاهرته لزوجته، وإلزامه بالكفارة جاءت من طرق كلها مراسيل.
وفي بعضها دون ذكر مقدار الصدقة.
وفي بعضها مقدرة مقدارها خمسة عشر صاعًا.
وفي بعضها وسقًا من تمر، والوسق يساوي ستين صاعًا([20]).
ولو قلنا بثبوت قصة مظاهرة سلمة لزوجته بمجموع الطرق؛ فلا تطمئن النفس للأخذ بتقدير حجم الصدقة المقدرة هنا «بخمسة عشر صاعًا»، أو بـ«وسق من تمر».
ومزيد من الكلام على تخريج قصة مظاهرة سلمة بن صخر ومزيد من المراجع مظانه عند الكلام على كفارة الظهار([21]).
والثاني: هو أوس بن الصامت ظاهر من زوجته خولة بنت ثعلبة، وحديث مظاهرته لها يثبت.
وأما ذكر الكفارة فيه فجاء من طرق عديدة كلها فيها ضعف مع اختلاف في مقدارها.
ففي بعضها دون تحديد مقدار الصدقة.
وفي بعضها مقدرة بـ «خمسة عشر صاعًا».
وفي بعضها بـ «ثلاثين صاع».
وفي بعضها بـ «ستين صاعًا»([22]).
ولو قلنا بثبوت قصة مظاهرة أوس بن الصامت لزوجته مع ذكر الكفارة وهو الظاهر؛ فلا تطمئن النفس للأخذ بما جاء في مقدار الصدقة للاضطراب فيه، ولعدم ذكر هذا المقدار في جميع الروايات مع ما في أسانيدها من كلام.
وللمزيد في تخريج هذا الحديث، ومزيد مراجع تجدها في مظانه، وهو الكلام على كفارة الظهار.
وجاء عن أبي زيد المدني: أن رسول الله ﷺ قال للمظاهر: «إن مدَّي شعير مكان مد بر» ([23]).
الثالث: الآثار عن الصحابة، فقد جاءت مجموعة آثار عن الصحابة في تقدير الواجب للمسكين الواحد في كفارة اليمين ولم يتفقوا على تقدير واحد، وبالتالي اختلف الفقهاء بسبب اختلافهم في الأثر الذي يؤخذ به:
فعن عمر ا قال: «صاع من بر لمسكينين، أو صاع من تمر لكل مسكين، أو صاع من شعير لكل مسكين».
وعن ابن عمر م: «أنه كان يطعم عشرة لكل مسكين مد من حنطة – بر- ».
وعن زيد بن ثابت ا: قال: «مد من حنطة لكل مسكين».
وعنه طريق أخرى قال: «مدين من حنطة لكل مسكين»
وعن ابن عباس: «مد من حنطة لكل مسكين»
وهذه آثار ثابتة عنهم([24]).
وجاءت آثار عن غيرهم كعلي بن أبي طالب، وعائشة وفيها ضعف.
أما أقوال الفقهاء في القدر المجزئ للمسكين الواحد في كفارة المجامع فهي كالتالي:
القول الأول: مد واحد من بر أو تمر أو شعير.
وهو قول جماعة من السلف، والشافعي، والمالكية، والظاهرية، ورواية لأحمد، ونقله النووي عن الجمهور .
دليلهم: الأول: ما جاء في بعض طرق حديث المجامع: «أعطاه رسول الله ﷺ مكتل فيه خمسة عشر صاعًا»، وكذلك في بعض طرق المظاهر من زوجته: «أمره أن يتصدق بخمسة عشر صاعًا».
الثاني: ما صح عن جماعة من الصحابة في كفارة اليمين مد من بر، والقدر في الإطعام في الكفارات سواء.
القول الثاني: نصف صاع من بر، وصاع من غيره: من شعير، أو تمر، أو زبيب.
وهو قول جماعة من السلف، ومذهب الحنفية.
دليلهم: الأول: ما جاء في بعض طرق حديث المظاهر: «أعطاه رسول الله ﷺ وسقًا من تمر» والوسق يساوي ستين صاعًا.
الثاني: أنه الذي ثبت عن عمر ا في كفارة اليمين، فمثله في جميع الكفارات.
الثالث: قياسًا على صدقة الفطر، والعلة واحدة إعطاء المسكين ما تقتضيه حاجته.
القول الثالث: مد من بر، ونصف صاع من غيره.
وهو قول جماعة من السلف، والمذهب عند الحنابلة.
دليلهم: الأول: حديث المظاهر من طريق أبي يزيد المدني فيه: «أن مدَّي شعير مكان مد بر»، ومن طريق أخرى فيها: «شطر وسق» أي ثلاثون صاعًا.
الثاني: القياس على فدية الأذى في الحج والعمرة، التي جاءت في ”الصحيحين“ من حديث كعب بن عجرة – ومر قريبًا- وفيه: «أطعم ستة مساكين نصف صاع»، وقياس قدر الإجزاء للمسكين الواحد من الطعام في المجامع في نهار رمضان والمظاهر على كفارة من حلق شعره في إحرامه مستقيم فالعلة واحدة وهي تكفير عن مخالفة حصلت.
القول الرابع: نصف صاع من أي شيء حتى من البر.
وهو قول بعض السلف.
دليلهم: أن الحكم بنصف صاع من البر قد ثبت عن عمر وزيد بن ثابت – كما مر-، وقياسًا على فدية الأذى بنصف صاع فيكون في التمر والشعير، وكذلك يلحق به البر.
واختارت اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز هذا القول فقالوا: «نصف صاع من بر أو تمر أو رز وغيره من قوت البلد» ([25]).
الترجيح: الراجح: نصف صاع من أي نوع؛ قياسًا على فدية الأذى في الحج، فهذا أقرب شيء يمكن الاعتماد عليه مما جاء عن رسول الله ﷺ.
ويفارق صدقة الفطر؛ لأن المراد منها أن نُغني المسكين ذلك اليوم، وهذا يحتاج له إلى صاع كامل بخلاف الكفارات والفدية المطلوب إطعامه، ولا دليل على أن يكون الإطعام ليوم كامل، فقياس الكفارات على الفدية هنا أولى.
والقول الثالث يتفق مع هذا القول، إلا في مقدار البر.
والتقدير الذي جاء في المجامع أو المظاهر كلها في أسانيدها ضعف مع اختلاف في القدر – كما مر-([26]).
الصاع يساوي أربعة أمداد، والمد تقريبًا ملء كفي الإنسان المعتدل، إذا ملأهما ومد يده بها أي بملء الكفين ممدودة.
والصاع بالكيلو غرام مختلف فيه، فقدره الشيخ العثيمين باثنين كيلو غرام وأربعين غراما، وبحثه د/محمود الخطيب ضمن بحث له في الأوزان والمكاييل الشرعية فقال: «يساوي الصاع (2175) غراما» أي اثنين كيلو ومائة وخمسة وسبعون غرام؛ بناء على تتبع منه لمقدار الصاع عند المتقدمين بالمد أو الرطل، وقدرت اللجنة الدائمة الصاع المدني بثلاثة كيلوا غرام، وعليه يساوي نصف الصاع كيلو ونصف([27]).
قلت: تحقيق البحث فيه يحتاج إلى اطلاعات ودراسات موسعة، لكن الأحوط الأخذ بما قررته اللجنة: الدائمة أن الصاع يساوي ثلاثة كيلو غرام.
فيه خلاف بين العلماء:
القول الأول: لا بد من أكلتين: غداء وعشاء، أو عشائين أو غدائين.
وهو قول بعض السلف، ومذهب الحنفية.
دليلهم: أن المعتبر حاجة اليوم، وذلك لا يكون إلا بالغداء والعشاء، أي بوجبتين.
القول الثاني: تجزيء أكلة واحدة – وجبة واحدة- للمسكين الواحد: إما غداء، وإما عشاء.
وهو قول بعض السلف، والإمام أحمد، وابن تيمية، والظاهرية، وبعض المالكية.
دليلهم: أنه ﷺ قال- للمجامع في نهار رمضان-: «أطعم ستين مسكينا» فمن عشاهم أو غداهم القدر المطلوب بحصول الإشباع؛ يكون قد أطعمهم، واشتراط أكلتين تحكم لا نص عليه ولا إجماع.
الترجيح: الراجح: القول الثاني: تجزئ وجبة واحدة مشبعة مما يأكل أهل البلاد من خبز وأدم([28]).
فيه خلاف عند أصحاب المذاهب:
القول الأول: لا يشترط ذلك، فيجزئ ولو إطعام مسكين واحد ستين يومًا بالقدر الواجب لكل مسكين.
وهو قول الحنفية، ورواية لأحمد.
دليلهم: أنه بهذا يكون قد أطعم ستين مسكينًا، في إطعام المسكين الواحد بتجدد الأيام في معنى المساكين، والمقصود سد حاجته، وذلك يتجدد له بتجدد الأيام، فكان هذا المسكين نفسه في اليوم الثاني في المعنى مسكينًا آخر؛ لتجدد سبب الاستحقاق له.
القول الثاني: لا بد من إطعام ستين مسكينًا بهذا العدد.
وهو قول جمهور العلماء، منهم: المالكية، والشافعية، والمذهب عند الحنابلة، والظاهرية.
دليلهم: أنه ظاهر القرآن، وإطعام أقل من ستين مسكينًا ولو بنفس المقدار يعتبر خروجًا بالقرآن عن الظاهر المتبادر منه بغير دليل شرعي، ولأن الغرض سد حاجة أكثر من مسكين، وهو في كفارة المجامع في نهار رمضان والمظاهر ستون مسكينًا، فالمطلوب حصول النفع لكل هؤلاء.
الترجيح: الراجح: قول الجمهور لا يجزئ إطعام أقل من العدد المنصوص عليه؛ لما سبق ذكره من الدليل لهذا القول.
فائدة: إذا لم يوجد هذا العدد إنما وجد أقل منه فيوفيهم القدر المجزئ في الكفارة بما يُطعم به ستين مسكينًا، أي يطعم هذا العدد بقدرهم ثم يعيد لهم بقدر ما تبقى عليه، وذلك؛ لأنه مضطر في هذه الحالة.
وهذا المذهب عند الحنابلة ورجحه ابن القيم، وهو الصواب([29]).
اختلف العلماء هل تسقط عنه الكفارة مع الإعسار والعجز عن الصوم أم لا تسقط؟
القول الأول: تسقط الكفارة عنه في هذه الحالة، ولا تلزمه بعد ذلك ولو أيسر.
وهو قول بعض السلف، والصحيح عند الحنابلة، وقول للشافعية، وقول بعض المالكية.
دليلهم: ما جاء في حديث المجامع في نهار رمضان: أنه لما عجز عن الإطعام؛ أعطاه رسول الله ﷺ طعامًا من تمر يتصدق به، فذكر المجامع أنه ليس في المدينة أفقر منه، فقال له رسول الله ﷺ: «أطعم به أهلك» ولم يأمره بكفارة مرة أخرى، ولم يبين له بقاءها في ذمته إلى حين يساره، ولو كان واجبًا عليه الإطعام بعد ذلك؛ لبينه له، فتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
فعن أبي هريرة في قصته قال رسول الله ﷺ للمجامع: «أتجد ما تطعم به ستين مسكينًا؟» قال: "لا". قال: فأتي رسول الله ﷺ بعرق فيه تمر، فقال له: «أطعم هذا عنك» فقال: "على أحوج منا؟!" فو الله ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا فقال: «فأطعمه أهلك»([30]).
وجاء من حديث علي ا أنه قال له: «انطلق فكله أنت وعيالك فقد كفر الله عنك»([31]).
وقياسًا على صدقة الفطر فمن عجز عنها وقت إخراجها لم تلزمه بعد ذلك، فكذلك هنا.
القول الثاني: لا تسقط عنه، بل تبقى في ذمته إلى حين القدرة واليسار.
وهو مذهب جمهور العلماء، منهم: الحنفية، والصحيح عند المالكية، والصحيح عند الشافعية، وقول الظاهرية، وهي رواية لأحمد.
دليلهم: أن رسول الله ﷺ أمره بهذا، فلم يسقطها عنه، فلم يقل: «إنها سقطت عنه»، وإنما أباح له أن يطعم أهله؛ لشدة حاجته، وهكذا من وجد طعامًا وهو محتاج إليه هو وأهله، فيأكله هو وأهله أولى من إخراجه في الكفارة، ويبقى الإطعام دين عليه.
وبقاء الكفارة عليه لا يحتاج إلى بيان ثاني؛ لأنه قد أعلمه بوجوب الإطعام عليه قبل ذلك، وأباح له الطعام لحاجته فليس في ذلك تأخير للبيان، وقد أخبره المجامع بإعساره قبل مجيء العرق من التمر، وقبل أن يدفعه له، ولم يسقطها عنه حينها، بأن يقول له مثلًا: «سقطت عنك» فبقي الأمر على ما هو عليه من وجوب الإطعام عليه.
وأما ما جاء من إسقاطها في حديث علي ا؛ فسنده ضعيف فلا حجة فيه.
وقياسه على صدقة الفطر قياس مع الفرق، فلا يصح، وذلك؛ لأن صدقة الفطر لها أمد تنتهي إليه، وهو انتهاء صلاة العيد، أو غروب شمس يوم العيد، أما كفارة الجماع فباقية، فلا أمد لها تنتهي إليه، فتستقر بالذمة.
وإنما تقاس على بقية الديون المالية لله وللناس، فمن عجز عنها فتبقى بذمته حتى يؤديها متى قدر على الأداء.
الترجيح: الراجح: قول الجمهور: تلزمه الكفارة متى استطاع لها بعد ذلك؛ لصحة ما قالوه([32]).
} ¥ }
([1]) رواه مسلم (7/196)
([2]) رواه البخاري (1935، 6822) ومسلم (1112).
([3]) رواه البخاري (1936) ومسلم (1111).
([4]) مراجع: ”بداية المجتهد“ (1/305) المدونة (1/218)، ”مواهب الجليل من أدلة خليل“ (2/43)، ”حاشية ابن عابدين“ (3/347)، ”المجموع“ (6/345)، ”فتح الباري“ (4/668، 674)، ”المغني“ (4/380)، ”الإنصاف“ (3/322).
([5]) مراجع: ”البحر الرائق“ (4/163) ”حاشية الخرشي“ (5/58)، ”روضة الطالبين“ (6/274)، ”المغني“ (4/381)، ”الإنصاف“ (3/322)
([6]) مراجع ”البحر الرائق“ (4/156)، ”حاشية الخرشي“ (4/49)، ”روضة الطالبين“ (6/258)، ”المغني“ (11/82)، ”المحلى“ (مسألة/740) ”أضواء البيان“ للشنقيطي (6/549).
([7]) رواه مسلم (537).
([8]) سنده ضعيف: رواه أحمد (2/291)، وأبو داود (3284)، واليهقي (7/388)، وغيرهم.
([9]) مراجع: ”المبسوط“ (7/3)، ”حاشية الدسوقي“ (2/161)، ”شرح مسلم“ (5/23)، ”المغني“ (11/80)، ”الإنصاف“ (9/214)، ”المحلى“ (مسألة/740).
([10]) مراجع المسألة: ”المغني“ (11/88) الإجماع لابن المنذر (ص/106)، ”البحر الرائق“ (2/435).
([11]) مراجع: الإشراف لابن المنذر (3/150)، ”المغني“ (11/89)، ”روضة الطالبين“ (6/277)، ”البحر الرائق“ (2/435).
([12]) مراجع: ”المبسوط“ (3/75) ”حاشية الخرشي“ (5/60) ”الإشراف“ (3/151)، ”روضة الطالبين“ (6/277)، ”المغني“ (11/89)، ”الإنصاف“ (9/224، 226).
([13]) مراجع: ”حاشية ابن عابدين“ (3/348) ”حاشية الخرشي“ (5/60)، ”روضة الطالبين“ (6/277) ”الإشراف“ (3/151)، ”المغني“ (11/89)، ”الإنصاف“ (9/226)، ”أضواء البيان“ (6/557).
([14]) مراجع المسألة: ”البحر الرائق“ (4/162) ”حاشية الخرشي“ (5/61)، ”حاشية الدسوقي“ (3/384)، ”المغني“ (11/103)، ”الإنصاف“ (9/224)، ”المحلى“ (مسألة/742)، ”روضة الطالبين“ (6/278).
([15]) مراجع: ”حاشية ابن عابدين“ (5/111)، ”حاشية الدسوقي“ (3/381)، ”المجموع“ (17/374)، ”المغني“ (11/105).
([16]) رواه البخاري (1816) ومسلم (1201)
([17]) انظر ”تغليق التعليق على صحيح البخاري“ لابن حجر (4/177) ساق السند والمتن، ورواه البيهقي (4/271) بنحوه.
([18]) مراجع المسألة: ”المبسوط“ (7/14)، ”حاشية الدسوقي“ (3/161)، ”مواهب الجليل“ (3/362)، ”المجموع“ (17/383)، ”المغني“ (4/383، 11/97)، ”المحلى“ مسألة/746)، ”أضواء البيان“ (6/566)، ”زاد المعاد“ (5/339).
([19]) انظر هذه الرويات في: ”مصنف عبد الرزاق“ (7458، 7460)، و”مسند أحمد“ (2/208)، و”صحيح ابن خزيمة“ (1951)، والدارقطني (2/190، 191، 208، 210)، والبيهقي (4/222)، و”فتح الباري“ (4/676).
([20]) رواه أحمد (4/37)، وأبو داود (2212)، والترمذي (1199، 1200)، والبيهقي (7/390)، وغيرهم.
([21]) انظر ”الإرواء“ (2090).
([22]) رواه أحمد (6/410)، وأبو داود (2213، 2216)، والبيهقي (7/389) و”تفسير ابن جرير“ الطبري (23/219) و”سنن سعيد بن منصور“ (2/15)، و”طبقات ابن سعد“ (8/378) وغيرهم.
([23]) مرسل: رواه أحمد، وساق سنده ابن قدامه في ”المغني“ (11/95).
([24]) انظرها في ”مصنف ابن أبي شيبة“ (3/473)، و”مصنف عبد الرزاق“ (8/506).
([25]) ”فتاوى اللجنة الدائمة“ (10/306-307).
([26]) مراجع: ”الاستذكار“ (10/104)، ”مواهب الجليل“ (3/362)، ”المجموع“ (6/345، 17/378)، ”شرح مسلم“ للنووي (7/197)، ”المغني“ (4/382) 11/94)، ”الإنصاف“ (9/233)، ”المحلى“ (مسألة/746) ”المبسوط“ (7/15)، ”بداية المجتهد“ (1/305).
([27]) مراجع: ”أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة“ (3/554)، ”فتاوى اللجنة الدائمة“ (9/371) (10/324).
([28]) ”المبسوط“ (7/15)، ”حاشية الدسوقي“ (2/161)، ”المغني“ (4/383)، ”الإنصاف“ (9/233)، ”مصنف ابن أبي شيبة“ (3/475).
([29]) مراجع: ”المبسوط“ (7/16)، ”مواهب الجليل“ (3/362)، ”المجموع“ (17/377)، ”المغني“ (11/93)، ”الإنصاف“ (9/230)، ”زاد المعاد“ (5/340)، ”أضواء البيان“ (6/561)، ”المحلى“ (المسألة/748).
([30]) رواه البخاري (1937) ومسلم (1111)، وبنحوه من حديث عائشة في البخاري (6822) ومسلم (1112).
([31]) إسناده ضعيف: رواه الدارقطني (2/208).
([32]) مراجع ”إعلاء السنن“ للتهانوي (6/2869)، ”بداية المجتهد“ (1/306)، ”المغني“ (4/385)، ”المجموع“ (6/343)، ”فتح الباري“ (4/679)، ”شرح مسلم“ للنووي (7/194)، ”الإنصاف“ (3/323)، ”المحلى“ المسألة/751).