فيه مسائل:
اختلف العلماء في اشتراط وجود الولي للمرأة عند عقد النكاح:
القول الأول: لا يشترط وجود ولي للمرأة في النكاح فللمرأة أن تزوج نفسها بمن شاءت سواء كانت ثيبا أم بكرًا .
وهو قول جماعة من السلف وهو المشهور عند الحنفية وهو رواية لأحمد.
دليلهم: الأول: قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا فَعَلۡنَ فِيٓ أَنفُسِهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ ﴾ [البقرة: ٢٣٤]. أي: إذا انتهت عدتها من وفاة زوجها فلا لؤم عليها في ما فعلت في نفسها فيستفاد منه جواز تصرفها في العقد على نفسها.
الثاني: قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحۡنَ أَزۡوَٰجَهُنَّ ﴾ [البقرة: ٢٣٢]. وقوله تعالى: ﴿ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوۡجًا غَيۡرَهُۥ ﴾ [البقرة: ٢٣٠]. فأضاف العقد إليهن في هاتين الآيتين فدل هذا على أنها تملك المباشرة للعقد.
والمراد بالعضل في الآية: المنع الحسي بأن يحبسها في بيت ويمنعها من التزويج لا أن له حقا في ولاية العقد فلا يراد بالمنع هنا امتناعه من ولاية نكاحها.
الثالث: حديث ابن عباس أن رسول الله H قال: «الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها»([2]).
والأيم: اسم للمرأة التي لا زوج لها بكرًا كانت أم ثيبا وهذا هو الصحيح عند أهل اللغة فجعل الحق لها في نفسها لا لوليها.
الرابع: حديث ابن عباس L أن رسول الله H قال: «ليس للولي مع الثيب أمر واليتيمة تستأمر وصماتها قرارها»([3]).
والشاهد من الحديث: أنه صرح بأن الثيب ليس لوليها عليها أمر أي أن أمرها بيدها فلها أن تلي عقد نكاحها دون حضور وليها.
الخامس: حديث أم سلمة أن رسول الله H بعث إليها يخطبها فقالت: إنه ليس أحد من أوليائي شاهد فقال رسول الله H: «ليس أحد من أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك» فقالت لابنها يا عمر قم فزوج رسول الله فزوجه([4]).
والشاهد من الحديث: أن رسول الله H تزوج أم سلمة مع عدم وجود الولي المعتبر أما ولدها عمر وهو ابن أبي سلمة فقد كان صغيرا حينها لم يبلغ الحلم فولايته لا تصح ولم ينتظر رسول الله H حضور أوليائها فدل ذلك على أنها زوجت نفسها لأن الأمر إليها دون أوليائها فكذلك بقية النساء.
السادس: عن سهل بن سعد الساعدي I في المرأة التي وهبت نفسها لرسول الله H فقال رجل: زوجنيها إذا لم تكن لك بها حاجة يا رسول الله فقال: «زوجتكها على ما معك من القرآن»([5]).
الشاهد: أن رسول الله H أنكحها هذا الرجل ولم يأخذ رأي وليها.
السابع: عن أم حبيبة J أنها كانت تحت عبد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي H وأمهر عنه أربعة آلاف([6]).
والشاهد من القصة: أنه لم يزوجها وليها فدل ذلك على أن المرأة لها أن تزوج نفسها.
وردوا على أدلة من اشترط الولي في النكاح بأن حديث عائشة وفيه: «أيما امرأة نكحت بغير ولي فنكاحها باطل»([7]). ضعيف، قالوا: ومما يدل على ضعفه ما جاء عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر على المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال مثلي يصنع به هذا ويفتات عليه فكلمت المنذر بن الزبير فقال المنذر: إن ذلك بيد عبد الرحمن فقال عبد الرحمن ما كنت أرد أمرا قضيته فقرت حفصة عنده ولم يكن ذلك طلاقا([8]). فزوجت عائشة J حفصة بنت عبد الرحمن مع غياب وليها وهو أبوها ورأت أن العقد يكون صحيحا بدونه ففعلها هذا على خلاف الحديث الذي روته فيدل هذا على أن ما روى من حديث عنها غير صحيح فعمل الراوي على خلاف الحديث الذي جاء أنه رواه دليل على وهن الحديث.
وحديث أبي موسى: «لا نكاح إلا بولي»([9]). إما ضعيف وإما يحمل على استحباب النكاح بولي لا أنه واجب فالنفي في الحديث للكمال وليس للصحة.
وأيضا ردوا على حديث عائشة وأبي موسى بإمكان حملهما على الصغيرة فلا يصح تزويجها بغير ولي لقصورها وعدم نضجها.
وحديث أبي هريرة: «لا تزوج المرأة المرأة...» موقوف عليه. ـ سيأتي تخريجه ـ
القول الثاني: يشترط الولي في نكاح البكر ولا يشترط في نكاح الثيب.
قول داود الظاهري.
دليله: أن رسول الله H فرق بينهما فعن ابن عباس أن رسول الله H قال: «الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها»([10]). فجعل أمر الثيب لنفسها ولم يجعل ذلك للبكر.
القول الثالث: يتوقف نكاحها ـ سواء كانت بكرًا أم ثيبا ـ على إجازة الولي فإن أجازه جاز وإن أبطله بطل.
وهو المشهور عن محمد بن الحسن الحنفي.
دليله: حديث عائشة J: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فهو باطل»([11]). فحكم ببطلانه فإذا أجازه ورضيه الولي صح لأنه صاحب الحق والشأن فالتصرف في حق الشخص تقف صحته على إجازة صاحب الحق.
القول الرابع: يشترط الولي في نكاح المرأة سواء كانت بكرًا أم ثيبا ولا تزوج نفسها ولو عقد لها بغير ولي فالعقد باطل ولا يصح ولو أجازه الولي بعد ذلك.
وهو قول جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم وهو مذهب المالكية والشافعية وهو المذهب عند الحنابلة واختاره ابن حزم الظاهري.
دليلهم الأول: قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحۡنَ أَزۡوَٰجَهُنَّ ﴾ [البقرة: ٢٣٢].
ووجه الدلالة من الآية: أنه تعالى نهى الولي عن منع المرأة من نكاح مطلقها بعد انتهاء العدة فلو لم يكن للولي حق في نكاحها لما نهي عن عضلها لأنه ليس له ذلك أصلا ولما كان لعضله معنى.
الثاني: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤۡمِنَّ ﴾ [البقرة: ٢٢١] وقوله أيضا: ﴿ وَأَنكِحُواْ ٱلۡأَيَٰمَىٰ ﴾ [النور : ٣٢] والخطاب في الآيتين للأولياء وليس للنساء فهذا يدل على أن المرأة ليس لها ولاية في النكاح وإنما الولاية للرجال.
الثالث: حديث أبي موسى I أن رسول الله H قال: «لا نكاح إلا بولي»([12]).
فقوله: «لا نكاح» أي: لا يصح نكاح بغير ولي فالحديث يقتضي نفي الصحة.
الرابع: حديث عائشة J أن رسول الله H قال: «أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها، فنكاحها باطل»، ثلاث مرات «فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له»([13]).
والشاهد من الحديث: أنه أبطل نكاح المرأة إذا كان نكاحها بغير ولي.
الخامس: حديث أبي هريرة I، قال: قال رسول الله H: «لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها»([14]).
فبين الحديث أن المرأة لا تلي أمر نكاحها وأن هذا إنما هو فعل الزانية.
وردوا على أدلة الحنفية ومن معهم بالتالي:
أما قوله تعالى: ﴿ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا فَعَلۡنَ فِيٓ أَنفُسِهِنَّ ﴾ [البقرة: ٢٣٤] والمراد: لا لوم عليهن في ترك الإحداد والتزين لغرض طلب النكاح بعد انتهاء مدة العدة وليس كما ظنوه أن الآية تجيز للمرأة تزويجها نفسها.
وأما قوله تعالى: ﴿ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحۡنَ أَزۡوَٰجَهُنَّ ﴾ [البقرة: ٢٣٢] فالمرد بالعضل: هو منع وليها تزويجها برفضه إنكاحها لمطلقها بعد انتهاء العدة يدل عليه سبب نزولها فعن معقل بن يسار، أنها نزلت فيه، قال: زوجت أختا لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وفرشتك وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبدا، وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية: {فلا تعضلوهن} [البقرة: 232] فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: «فزوجها إياه»([15]).
أما حديث ابن عباس وفيه: «الأيم بأحق بنفسها» فالمراد بالأيم هنا: الثيب خاصة كما جاء في بعض طرق ابن عباس عند مسلم وغيره([16]) أن رسول الله H قال: «الثيب أحق بنفسها من وليها» وأيضًا يدل عليه ذكر البكر بعدها فقال: «والبكر تستأذن» فغاير بين الأيم وبين البكر.
وأيضا ليس معنى أنها أحق بنفسها أن لها تزويج نفسها بدون وليها إنما معناه: أنها شريكة له في هذا الحق، بمعنى أنها لا تجبر وأنها تخطب إلى نفسها وتأمر الولي أن يزوجها بخلاف البكر لا تقوى على هذا لشدة حيائها فظهر أنه ليس في الحديث دليل على أن البكر أو الثيب تزوج نفسها بغير وليها.
وأما حديث: «ليس للولي مع الثيب أمر» فلا يصح بهذا اللفظ ـ كما سبق في تخريجه ـ إنما يصح بلفظ: «الأيم أو الثيب أحق بنفسها».
وحديث أم سلمة ضعيف وأيضًا رسول الله H لا يحتاج عند نكاحه لامرأة أن يأذن وليها لأن المرأة لها أن تهب نفسها له كما قال تعالى: ﴿ وَٱمۡرَأَةٗ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِيِّ ﴾ [الاحزاب : ٥٠].
وأما تزويج رسول الله H تلك المرأة التي جاءت تهب نفسها له للرجل الذي طلب نكاحها فهي واقعة عين فهي محل احتمالات فلعلها لم يكن لها ولي أصلا كأن تكون أسلمت وأهلها لا زالوا على الكفر وقد يكون من خصائص رسول الله H تزويج نساء المؤمنين ويكون وليا لكل مؤمنة فلا تعارض هذه الواقعة متعددة الاحتمالات للنصوص الصريحة المشترطة لوجود الولي في النكاح كما في حديث عائشة وأبي موسى السابقين.
وأما حديث أم حبيبة فقد اختلف في وصله وإرساله ـ كما سبق ـ وأيضًا معناه: أن النجاشي تولى أمرها وما تحتاج وكان في الحبشة حينها أولياء لها ولابد أنهم راضون آذنون في ذلك ومما يدل على أنها زوجها أولياؤها ما جاء عن زينب بنت جحش أنها كانت تقول: زوجكن أهلوكن وزوجني الله D([17]).
وهذا يبين أن جميع نساء رسول الله H زوجهن أوليائهن بما فيهم أم حبيبة حاشا زينب فإن الله زوجها به O.
وأما أثر عائشة في تزويجها حفصة بنت عبد الرحمن في حال غياب والدها فمعناه أنها مهدت وسهلت أسباب تزويجها ثم ولت عقد النكاح من ولي أمرها من الرجال عند غيبة أبيها فأضيف التزويج إليها لإذنها في ذلك وتمهيدها أسبابه ويحمل على هذا حتى لا يعارض فعلها ما روته عن رسول الله H من إبطال نكاح المرأة إذا حصل بدون وجود الولي ويدل على هذا المعنى ما جاء عنها أنها كانت تخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد فإذا بقيت عقدة النكاح قالت لبعض أهلها: زوج فإن المرأة لا تلي عقد النكاح. وفي رواية: «ليس إلى النساء النكاح»([18]). وأيضًا العبرة بما رواه الراوي عن رسول الله H لا بما عمل به فربما خالف ما رواه لمحض اجتهاد وتأويل ونحن متعبدون بما صح عن رسول الله H.
والرد على تفريق داود الظاهري بأن العموم في حديث عائشة وأبي موسى وأبي هريرة يشمل البكر والثيب وأيضًا لا يلزم من كون الثيب أحق بنفسها أن وليها لا يشترط وجوده في عقد النكاح.
والرد على صحة النكاح إذا أجازه الولي كما قاله محمد بن الحسن الحنفي بأن رسول الله H حكم على نكاح المرأة بغير ولي أنه باطل فكأنه لم ينعقد من الأصل فيلزم تجديد العقد ولا
تكفي الإجازة من الولي وأيضًا لم ينص الشرع على قبوله إذا أجازه الولي بعد ذلك.
الترجيح: الراجح أنه لابد من ولي المرأة في النكاح للثيب والبكر وإلا كان العقد باطلا ولا يصح وإن أجازه كما قاله جمهور العلماء فحديث عائشة وأبي موسى حديثان صحيحان صريحان في هذا وكذا حديث أبي هريرة على صحته وبقية أدلة الأطراف كلها محتملة وغير صريحة في الدلالة لمن استدل بها مع ضعف أسانيد بعضها.
اختلف أهل العلم فيمن تثبت له ولاية نكاح المرأة من أقاربها:
القول الأول: أن الولاية تثبت للعصبة الذكور خاصة وهم كل من يرثها من الذكور من جهة أبيها فيشمل الأب والابن والأخ والعم وابن العم وليست ولاية النكاح لكل قريب ولا تدخل الإناث فيها.
وهو قول جمهور العلماء منهم المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية وبعض الحنفية.
دليلهم: أما اختصاصه بالعصبة دون سائر الأقارب فلأمرين:
الأول: أنها تنسب إلى عصبتها وهم يحرصون على دفع ما يوجب العار والشين لهم فكانوا هم الذين ينظرون ويتأملون في أمر نكاحها فالولاية فيهم وأما بقية أقاربها كالأخ لأم وذوي أرحامها كالخال وأب الأم وابن الخال فلا تنسب إليهم المرأة فلا يلحقهم العار والشين كما يلحق عصبتها فأشبهوا الأجانب فلم تكن الولاية فيهم وإذا لم يكن لها ولي من عصبتها فلا تنتقل إلى أرحامها وإنما للحاكم كما سيأتي لأنهم ليسوا أولياء لها أصلا في النكاح.
الثاني: ما روي عن علي I أنه قال: النكاح إلى العصبات([2]).
ويقدم في الولاية الأقرب من العصبة ثم الذي يليه وتقديم الأقرب على الأبعد لاعتبارين:
الأول: باعتبار الأحقية في الميراث فما دام أن الأقرباء أحق بالإرث منها فهو أحق بولايتها.
الثاني: باعتبار النظر والشفقة فمبنى الولاية على النظر والشفقة فأقربهم منها أشفق وأرحم بها وأحرص عليها ولو جاز إنكاح الأبعد مع وجود الأقرب لجاز إنكاح كل من على وجه الأرض لأنه يلقاها بلا شك في بعض آبائها والناس كلهم يلتقون في أب بعد أب إلى آدم S.
ولا تكون الولاية للإناث فلا تلي المرأة المرأة لأمرين:
الأول: أنها لا تثبت لها ولاية على نفسها لقصورها عن النظر لنفسها فمن باب أولى لا تثبت لها ولاية على غيرها.
الثاني: ما جاء عن أبي هريرة I أنه قال: «لا تزوج المرأة المرأة»([3]). وقد صححه بعض أهل العلم من قول رسول الله H ـ وهو الأقرب ـ وعلى وقفه فهو قول صحابي فيعتبر به.
القول الثاني: الولاية تكون لجميع الأقارب وعلى الترتيب فالأحق بولاية المرأة العصبة ويقدم الأقرب منهم على الأبعد ثم الإناث القريبات لها كالأم والجدة والبنت والأخت ثم ذوو الأرحام كالعمة والخال والخالة.
وهذا هو المشهور عند الحنفية.
دليلهم: الأول: قوله تعالى: ﴿ وَأَنكِحُواْ ٱلۡأَيَٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰلِحِينَ ﴾ [النور : ٣٢] فأمر الأولياء بإنكاح من تحت ولايتهم ممن لا أزواج لهم ولم يفرق بين العصبات وغيرهم من الأقارب.
الثاني: أن سبب ثبوت الولاية مطلق القرابة فيشمل كل قريب لها دون استثناء.
الثالث: أن جميعهم يستحق من الميراث فذوو الأرحام يرثون على الصحيح عند عدم وجود أهل الفروض والعصبة فعليه يستحق ذوو الأرحام ولاية المرأة عند انعدام العصبة كالميراث.
الرابع: أن مبنى الولاية على الشفقة والحرص على المرأة وهذا موجود في كل قريب.
الترجيح: الراجح ما عليه جمهور العلماء أن الولاية للعصبة الذكور فقط لقوة دليلهم ويقدم الأقرب على الأبعد لما سبق ذكره فإذا انعدمت العصبة فالولاية للسلطان ـ كما سيأتي ـ وله توكيل أحد أرحامها من الذكور للقيام بعقد نكاحها.
تنبيه: اشترط أكثر الشافعية لصحة ولاية الابن لعقد نكاح أمه أن يكون نسبهما واحد فيكون بينه وبينها مشاركة في النسب أي أنهما من قبيلة واحدة ولا تكفي مجرد البنوة لأنه في هذه الحالة لن يعتني بدفع العار عن النسب ولم يشترط ذلك الأئمة الثلاثة وبعض الشافعية فيكفي عندهم البنوة لثبوت ولايته لها في النكاح إذا أرادت النكاح فقربه منها وحرصه الكامل عليها يكفي ولا يلزم معه الاشتراك في النسب كالحاكم يلي أمر المرأة إذا لم توجد لها عصبة ولو لم يكن مشتركا معها في نسب واحد واستدل بعضهم بأن أم سلمة زوجها ابنها برسول الله H ـ كما مر ـ ورد بأنه ضعيف وعلى صحته فقد كان ولدها من بني أعمامها فنسبهم واحد([4]). والقول بعدم اشتراط اشتراكهما في النسب هو الأرجح.
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم:
القول الأول: يقدم الابن على الأب ومن باب أولى على الجد فيكون الابن ولي لعقد نكاح أمه مع وجود أبيها.
وهو قول المالكية والأصح عند الحنفية وهو رواية لأحمد.
دليلهم: أن الابن مقدم على الأب في الميراث فلو هلكت فالأب يستحق السدس فقط مع وجود الابن الذي يأخذ الباقي كله فعليه يكون الابن أولى من الأب في ولاية أمر نكاحها كما أنه أولى بالميراث ومن باب أولى يقدم على الجد.
القول الثاني: يقدم الأب والجد كذلك على الابن في ولاية نكاح المرأة فيكون الأب ولي لنكاح ابنته مع وجود ولدها وكذلك يكون الجد ولي لحفيدته مع وجود ولدها.
وهو قول محمد بن الحسن الحنفي وقول الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة.
دليلهم: أن الولد يعتبر موهوبا لأبيه قال تعالى: ﴿ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ يَحۡيَىٰ ﴾ [الانبياء: ٩٠] وقال: ﴿ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلۡكِبَرِ إِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ ﴾ [ابراهيم: ٣٩]فإثبات ولاية الموهوب له أولى من ولاية الهبة.
ولأن الأب أكمل نظرا وأشد شفقة على ابنته من ولدها عليها فوجب تقديمه فهو أصلح لها وأنفع لكمال نظره وشدة شفقته وحرصه عليها.
وكذلك يقدم الجد عليه لأنه يعتبر أبا فيستحق ما يستحقه الأب من ولاية وغيرها.
الترجيح: الراجح تقديم الأب والجد على ابنها لما سبق ذكره كما قاله أهل المذهب الثاني وقد اختارت هذا القول اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية([6]).
اختلف الفقهاء بالأحق منهما:
القول الأول: يقدم الجد عليه.
وهو قول أبي حنيفة ووجه عند المالكية وقول الشافعية والمذهب عند الحنابلة.
دليلهم: الأول: أنه أقوى منه في الميراث فالجد لا يحجب إلا بالأب فقط والأخ يحجب بالأب والابن وابنه فكان أحق منه بالولاية.
الثاني: أن في الولاية معنى الشفقة والرحمة وشفقة الجد أعلى من شفقة الأخ.
الثالث: اختصاصه هو والأب عن سائر العصبة بالولادة فهي ابنت ولده فكان الجد أقوى من الأخ بهذا الاختصاص.
القول الثاني: يقدم الأخ في ولاية النكاح على الجد.
وهو المشهور عند المالكية وهو رواية لأحمد.
دليلهم: أن الجد يدلي بالأبوة فيقول: أنا أبو أبيها والأخ يدلي بالبنوة فيقول: أنا ابن أبيها والبنوة مقدمة على الأبوة عندهم كما سبق فكان الأخ مقدم على الجد.
القول الثالث: هما سواء في الولاية لا يقدم أحدهما على الآخر.
وهو قول محمد بن الحسن وأبي يوسف صاحبي أبي حنيفة وهو رواية لأحمد.
دليلهم: أن الأخ يزاحم الجد في العصوبة حتى يشتركان في الميراث ـ على مذهبهم ـ فكذلك في الولاية هنا.
الترجيح: الراجح القول الأول أن الجد مقدم ودليلهم أوضح وأظهر وأيضًا أن الجد يحجب الأخ في الميراث على الصحيح من أقوال أهل العلم لأنه أب.
اختلف العلماء في هذه المسألة:
القول الأول: هما سواء في الولاية فلا يقدم أحدهما على الآخر.
وهذا القول هو المشهور عن أحمد وقول للشافعي ووجه للمالكية.
دليلهم: أن ولاية التزويج لقرابة الأب دون قرابة الأم فاستويا هنا بالإدلاء بالجهة التي تستفاد منها الولاية وهي جهة الأب وإنما يقدم الأخ لأبوين في الميراث لأنه يتصل بالموروث من جهتين جهة الأب وجهة الأم ولا مدخل لجهة الأم في الولاية فلم يرجح بها.
القول الثاني: يقدم الأخ لأبوين على الأخ لأب في ولاية النكاح.
وهو مذهب الحنفية والأصح عند المالكية والصحيح عند الشافعية وهو المذهب عند المتأخرين من الحنابلة.
دليلهم: أن الأخ لأبوين أقرب للأخت من الأخ لأب لأنه يدلي بقرابتين والأخ لأب يدلي بقرابة واحدة هي جهة الأب فقط فيقدم من يدلي بقرابتين على من يدلي بقرابة واحدة ولأنه يقدم عليه بالميراث وحجبه فيه فكان أحق من الأخ لأب ومقدم عليه في الولاية كالميراث.
الترجيح: الراجح القول الثاني أن الأخ لأب وأم مقدم على الأخ لأب فقط فدليل هذا القول أصح وحرصه وشفقته عليها أشد وأكبر كما هو ملموس في الواقع.
يكون ترتيبهم بعد ذلك على ترتيب الإرث بالتعصيب فأحقهم بميراثها أحقهم بولايتها فيكون بعد من سبق أولاد الأخوة وإن سفلوا ثم بنو جدها وهم الأعمام ثم أولاد الأعمام وإن سفلوا ثم بنو جد الأب وهم أعمام الأب ثم أولاد أعمام الأب وإن سفلوا وهكذا كالميراث أبدا.
وهذا كله مما لا خلاف فيه عند الفقهاء إلا أن المالكية يقدمون أبناء الإخوة على الجد في المشهور عندهم كما يقدمون الإخوة على الجد فالترتيب عندهم إخوة ثم أبناء إخوة ثم جد ثم كالمذكور هنا و غيرهم يقدم الجد على أبناء الإخوة والصحيح تقديم الجد على الإخوة وبالتالي على بنيهم.
ذكر الفقهاء جملة من الصفات التي تشترط في الولي حتى تصح ولايته واتفقوا على بعضها و اختلفوا في بعضها كالتالي:
الأولى: الذكورية.
وقد سبق الحديث على هذا الشرط في المسألة الثانية.
الثانية: الإسلام([10]).
لا خلاف بين الفقهاء على أن المرأة إذا كانت مسلمة أنه يشترط في وليها الإسلام فلو كان الولي الأقرب كافرا والأبعد مسلما قدم المسلم فلا ولاية لكافر على مسلمة في النكاح قال تعالى: ﴿ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖ ﴾ [التوبة: ٧١] وقال أيضا: ﴿ وَلَن يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لِلۡكَٰفِرِينَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء : ١٤١]. وإذا لم يكن لها ولي مسلم زوجها القاضي المسلم.
وأما المرأة الكافرة يتزوجها الكافر فيلي أمرها الولي الكافر ولو من ملة غير ملتها كيهودي يزوج نصرانية ولا يلي أمرها المسلم ولو كانت ابنته أو أخته لقوله تعالى: ﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍ ﴾ [الانفال: ٧٣]. ولا موالاة بين المسلم والكافر وهذا مما لا خلاف فيه ـ نعرفه ـ عند الفقهاء.
ولو خطبها المسلم بأن كانت كافرة كتابية فيلي أمرها وليها الكافر عند الحنفية والمالكية والشافعية والظاهرية وهو المذهب عند الحنابلة لأنه ولي مناسب لها لكونها كافرة وهو كافر.
وللحنابلة وجه آخر بأنه لا يليها الكافر هنا لأنه عقد يحتاج إلى شهود ولابد من شهود مسلمين فلم تصح ولاية الكافر وعليه يزوجها الحاكم المسلم.
والصواب: الأول فلا تلازم بين الشهود والولاية فلا مانع أن يكون ولي أمرها كافرا ويكون الخاطب والشهود من المسلمين.
تنبيه: يكون عقد المسلم على الكافرة على يد القاضي المسلم ولا يكون عند القضاة الكفرة أو عند أساقفتهم.
الثالثة: البلوغ([1]).
نقل بعض الفقهاء الاتفاق على اشتراط البلوغ في الولي لأن غير البالغ ليس له قدرة على ولاية نفسه فأولى أن لا يكون له ولاية على غيره ولأن الولاية يعتبر لها كمال الحال لأنها تنفيذ التصرف في حق الغير.
وعن الإمام أحمد رواية خلاف المشهور عنه أنه يجوز ولاية من كان عمره عشر سنين فما فوق وإن لم يبلغ الحلم والأول هو الصواب.
الرابعة: العقل([2]).
لا خلاف بين أهل العلم أن المجنون الدائم جنونه أنها لا تصح ولايته لأن من لا عقل له لا يمكنه النظر ولا يلي نفسه فغيره أولى.
أما إذا كان جنونه منقطعا بمعنى أنه يجن أحيانا ويفيق أحيانا ففي إثبات الولاية له خلاف بين الفقهاء:
القول الأول: ولايته باقية ثابتة ولا تنقل عنه وينظر وقت إفاقته وهو مذهب ا لحنفية ووجه للشافعية ومذهب الحنابلة.
دليلهم: أنه أشبه المغمى عليه والنائم وهؤلاء ولايتهم باقية وينتظر إفاقتهم.
القول الثاني: تزول ولايته وتنتقل لمن بعده.
وهو الأصح عند الشافعية.
دليلهم: بطلان أهليته لكونه مجنونا.
الترجيح: الراجح القول الأول ولايته ثابتة إلا إذا خشينا فوات الخاطب الكفء واحتاجت للنكاح وتأخر جنونه فالمصلحة أن تزوج وتكون ولايتها لمن بعده ويكون هذا بعد أخذ إذن الحاكم احتياطا وقطعا للنزاع بعد ذلك والله أعلم.
الخامسة: العدالة([3]).
اختلف الفقهاء في اشتراط العدالة في الولي:
القول الأول: يشترط في الولي أن يكون عدلا فلا تصح ولاية الفاسق.
وهو المذهب عند الشافعية والمذهب عند الحنابلة.
دليلهم: الأول: حديث ابن عباس L أن رسول الله H قال: «أيما امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل»([4]).
الثاني: عن ابن عباس L أن رسول الله H قال: «لا نكاح إلا بولي مرشد أو سلطان»([5]).
والشاهد من الحديث قوله: «ولي مرشد» والمرشد: العدل.
الثالث: أنه لا يؤمن مع عدم العدالة أن يختار لها غير الكفء.
القول الثاني: لا تشترط العدالة في الولي.
وهو قول الحنفية والمالكية وقول للشافعي عليه أكثر متأخري الشافعية وهو رواية لأحمد.
دليلهم: عدم وجود دليل صحيح على اشتراط العدالة فيه وما زال المسلمون يزوجون بناتهم من غير نكير من أحد ولم يعرف عنهم إبطال نكاح لفسق الولي فالعمل عندهم على قبول ولاية الفاسق بشرط أن يزوجها بكفء ويمنع من تزويجها بغير كفء.
والمراد بالرشد: حسن التصرف لا العدالة كما سيأتي.
الترجيح: الراجح القول الثاني لا يشترط أن يكون الولي عدلا لا سيما في هذا الأزمنة فقل أن تجد العدل فأسباب الفسق انتشرت بين المسلمين.
السادسة: الرشد([6]).
وهو ضد السفه ومعناه هنا المعرفة بالكفء وبمصالح النكاح وليس هو حفظ المال فإن رشد كل مقام بحسبه فهو الرشد في اختيار الكفء وحسن التصرف في ولايتها.
وقد اختلف الفقهاء في اشتراط الرشد في الولي مع كونه عاقلا بالغا:
القول الأول: لا يشترط في الولي أن يكون رشيدا.
وهو قول الحنفية والمشهور عند المالكية ووجه للشافعية.
دليله: أن الرشد إنما يشترط في حفظ المال ولا دليل على اشتراطه في ولاية النكاح ولا حاجة أيضًا لاشتراطه.
القول الثاني: يشترط في الولي أن يكون رشيدا.
وهو المذهب عند الشافعية وقول الحنابلة ووجه للمالكية.
دليله: حديث ابن عباس السابق: «لا نكاح إلا بولي مرشد» وهو وإن كان الصحيح فيه الوقف إلا أنه أصح شيء في هذا وأيضًا ليتمكن من اختيار الكفء لها.
الترجيح: الأقرب عندي القول الثاني أنه يشترط الرشد في الولي اعتمادا على قول ابن عباس وللحاجة لذلك حتى يحسن الاختيار لموليته.
كأن يكون ولي أمر المرأة أكثر من أخ شقيق أو أكثر من عم أو أكثر من ابن عم فمن يقدم منهم في الولاية؟
الذي عليه أهل المذاهب الأربعة أن المرأة إذا عينت أحدهم فيقدم دون غيره فهذا التزويج يخصها وإذا لم تعين أحدهم أو وكلت الجميع فلكل واحد منهم الحق في ولاية عقدها فأيهم عقد لها صح عقده لأن كل واحد منهم استحق الولاية شرعا.
وإذا عقد لها كل واحد منهم صح العقد للأسبق منهم وقد جاء عن الحسن البصري عن سمرة بن جندب أن رسول الله H قال: «إذا نكح الوليان فهو للأول»([8]).
وإذا عقدوا لها بوقت واحد ولم يعلم الأسبق منهم بطل عقد الجميع.
وإن أتى كل واحد منهم بخاطب فرضيت خاطبا بعينه كانت الولاية لمن جاء بهذا الخاطب.
وإذا وكلت الجميع وتشاحوا واختلفوا فيما بينهم فاختلف الفقهاء فيمن يقدم منهم:
القول الأول: يرجع الأمر إلى السلطان فينظر في أمرهم ويوكل من شاء منهم وهو قول المالكية.
دليلهم: حديث عائشة: «فإن تشاجرا فالسلطان ولي من لا ولي له»([9]).
القول الثاني: الأفضل أن يقدم الأفقه ثم الأورع ثم الأكبر سنا فإن لم يفعلوا ذلك أقرع بينهم فمن خرج بالقرعة قدم.
وهو قول الشافعية والحنابلة.
دليلهم: أن من كان أفقه أو أورع أو أسن كانت له مزية على غيره فكان أولى وإن صح العقد من الجميع.
أما الرجوع إلى القرعة عند الاختلاف فلاستواء الجميع في هذا الحق وقد استخدم الشرع القرعة في بعض المسائل التي يحصل فيها مشاحة بين أفراد مشتركين في حق واحد كالقرعة بين النساء إذا أراد الزوج السفر بواحدة منهن.
الترجيح: الراجح القول الثاني يقدم من كان فيه من الوصف ما يميزه عن الآخرين وإلا بالقرعة فإن اشتد الخلاف أو رفضوا القرعة يرجع للسلطان لحديث عائشة السابق.
اختلف الفقهاء في صحة النكاح إذا كان الولي الأقرب حاضرا وزوجها الأبعد بدون إذن الأقرب.
القول الأول: يصح النكاح ولا يفسخ.
وهذا هو المشهور عند المالكية.
دليلهم: أما صحته فلأن ترتيب الولاية إنما هو من باب الندب أو الوجوب غير الشرطي فإذا عقد لها الأبعد صح.
القول الثاني: ينفسخ العقد ولا يصح النكاح مطلقا ولو أجازه الأقرب بعد ذلك.
وهو مذهب الشافعية والمذهب عند الحنابلة ورواية لمالك وظاهر كلام ابن حزم.
دليلهم: أن الأقرب مستحق للولاية بالتعصيب كاستحقاقه للإرث فلم يحل للأبعد مع وجود الأقرب ولو أجازه الأقرب فهو فاسد من أوله لأنه تصرف فيما لا حق له فيه بغير إذن ممن له الحق فالأبعد كالأجنبي عند حضرة الأقرب.
القول الثالث: يتوقف على إجازة الأقرب بعد ذلك فإن أجازه ووافق عليه صح وإن لم يجزه ورفضه انفسخ ولم يصح.
وهو قول الحنفية ورواية لمالك ورواية لأحمد.
دليلهم: أن الأبعد ولي لها أصلا وإنما قدم الأقرب لأنه أكثر شفقة وحرصا عليها فإن أجازه الأقرب صح وليس كما لو نكحت بغير ولي أو بولاية أجنبي.
الترجيح: الراجح القول الثالث أنه يتوقف على إجازته مع أن الحنفية يتوسعون أكثر فيجعلون العقد صحيحا إن أجازه الولي ولو عقد لها ولي أجنبي كتصرف الفضولي ببيع متاع غيره فإنه يقف على إجازة صاحب الملك فكذلك هنا لكن ترجيح هذا القول عندي إنما هو للدليل المذكور لأصحاب هذا القول والأحوط تجديد النكاح احتياطا للفروج وخروجا من الخلاف.
وأما لو عقد لها أجنبي فلا يصح ولو أجازه لأنه يعتبر نكاحا بغير ولي كما مر معنا في مسألة اشتراط الولي في النكاح.
تنبيه: الروايات السابقة المذكورة عند المالكية فيما إذا كان الولي الأقرب غير الأب كالجد والأخ والعم أو كان وليها الأب وكانت ثيبا.
أما إذا كانت بكرًا وكان أبوها وليها وعقد لها غيره من الأولياء بغير إذنه فلا يصح العقد قولا واحدا عندهم ولو أجازه الأب لأن له إجبار ابنته البكر على النكاح ولو كانت كبيرة كما مر فكان حقا واجبًا له لا يصح من غيره مع وجوده إلا بتفويض منه.
هذه المسألة لها ثلاثة أقسام:
القسم الأول: انتقال الولاية في هذه الحالة إلى غيره:
اختلف العلماء في انتقال الولاية لغيره:
القول الأول: تنتقل الولاية إلى غيره إذا وجدت الغيبة المعتبرة.
وهو مذهب جمهور العلماء بما فيهم أهل المذاهب الأربعة.
دليلهم: الأول: أن انتظار الولي الأقرب يضر بالمرأة في هذه الحالة فصارت ضرورة.
الثاني: أن المراد برأي الولي الانتفاع به وهذا خرج رأيه من أن يكون منتفعا به في هذه الحالة
فالتحق بمن لا رأي له أصلا كالصغير والمجنون.
القول الثاني: لا تنقل الولاية إلى غيره وتبقى الولاية له حتى يرجع أو يوكل من ينوب عنه.
وهو قول بعض الحنفية وابن حزم الظاهري.
دليله: الأول: أن ولايته باقية فلا تأثير للغيبة في قطع الولاية كما أن هذه الغيبة لا تؤثر على ميراثه ولا ينقطع التوارث بسببها.
الثاني: أن الضرورة لا تبيح الفروج.
الترجيح: الراجح قول جمهور العلماء تنتقل الولاية للغير خشية إيقاع الضرر بالمرأة وخشية تفويت ما فيه مصلحة لها ويكون هذا عند تعذر الاتصال به باي وسيلة من وسائل الاتصال وإلا فالتواصل مع الغائب في هذا الزمان صار سهلا وممكنا فيمكن أن يخاطب بالهاتف أو يكتب الولي بالفاكس وكالة لغيره ويرسلها([1]).
تنبيه: إذا عقد لها من استحق الولاية بعده ثم جاء هذا الولي الغائب فلا ينفسخ النكاح لأن العقد تم بولاية تامة صحيحة.
القسم الثاني: لمن تنتقل الولاية؟
اختلف العلماء هل تنتقل الولاية عنه للولي الأبعد أم للحاكم؟
القول الأول: تنتقل للحاكم.
وهو المعتمد عند المالكية والأصح عند الشافعية ورواية لأحمد.
دليلهم: أن وليها لا زال موجودا فولايته باقية مع غيبته وإنما تعذر الوصول إليه بدليل أنه لو زوجها في غيبته صح منه فعليه تنتقل الولاية بطريق النيابة لا بطريق الولاية فيكون الحاكم نائبا عن الولي الغائب.
القول الثاني: تنتقل للولي الذي يليه مباشرة ولا تنتقل للحاكم.
وهو المعتمد عند الحنفية ووجه للمالكية ووجه للشافعية والمذهب عند الحنابلة.
دليلهم الأول: حديث عائشة السابق وفيه «والسلطان ولي من لا ولي له».
ووجه الدلالة: أنه جعل السلطان ولي لمن ليس لها ولي أصلا وهنا لها ولي يخلف الغائب فالحاكم يكون وليا لها عند الحاجة إليه وهنا لا حاجة له لوجود الولي الأبعد وعدم وجود المزاحمة بين الأولياء أو العضل لها.
الثاني: أنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فملك الحق الأبعد كما لو تعذرت ولاية الأقرب بسبب موت أو جنون أو ارتداد عن الإسلام.
الترجيح: الراجح القول الثاني أنها تنتقل للأبعد فهو أولى من الأجنبي عنها ولو كان الحاكم.
تنبيه 1: على القول بأنها تنتقل إلى الحاكم يرى المالكية مع هذا أنه لو عقد لها الأبعد صح أيضًا لأنه ولي في الجملة إلا إذا كان وليها الأب خاصة فإن العقد ينفسخ كما يظهر من كلامهم
تنبيه 2: يرى الشافعية مع انتقالها إلى الحاكم أن الأفضل أن يوكل وليها الأبعد ليعقد لها أو يعقد لها هو بعد استئذان وليها الأبعد ليخرج من الخلاف.
القسم الثالث: حد الغيبة البعيدة المعتبرة.
أولا: الحنفية قالوا: إذا كانت غيبة منقطعة وحدها على الأصح عندهم أن يكون الولي في موضع لو انتظر حضوره أو استطلاع رأيه فات الكفء الذي تقدم للخطبة وإن كان لا يفوت الكفء بأن يمكن حضور الولي أو معرفة رأيه قبل فوات الخاطب أو يرضى الخاطب الكفء بالانتظار حتى يرجع وليها فلا تكون الغيبة منقطعة فلا يزوجها وليها الأبعد.
وقال بعض الحنفية: حدها مسافة القصر في السفر.
ثانيا: المالكية وحدها عندهم فيه تفصيل بحسب الولي فإذا كان الولي المجبر أي الذي له حق إجبارها على التزويج وهو الأب إذا كانت ابنته بكرًا فلا تنتقل الولاية منه إلا إذا كانت غيبة بعيدا جدا وحدها عند أكثرهم مسافة من المدينة إلى أفريقيه وهي تقدر بنحو أربعة أشهر وحدها عند بعضهم من مصر إلى أفريقيه وهي تقدر بنحو ثلاثة أشهر أما إذا كان الولي غير مجبر ـ وهو غير الأب أو الأب مع الثيب ـ فتنتقل الولاية منه إذا غاب غيبة مسافتها من بلد المرأة ثلاثة أيام أو نحوها وتقدم لها الكفء.
ثالثا: الشافعية: والأصح عندهم أن حدها مسافة مرحتلين وهي مسافة القصر في السفر ولهم وجه آخر بأن الولاية تنتقل أيضًا بأقل من هذه المسافة إذا خشي الضرر عليها بفوات الكفء.
رابعا: الحنابلة: قالوا: إذا كانت غيبة منقطعة أي ينقطع عن إمكان تزويجها وتعيين حدها عندهم فيه أقوال:
الأول: وهو المذهب عندهم مسافة لا تقطع ولا تدرك إلا بكلفة ومشقة وهذا يرجع إلى ما يتعارفه الناس بينهم مما لم تجر العادة بالانتظار فيه ويلحق المرأة الضرر بمنعها من التزويج في مثله.
وقال بعض الحنابلة حدها مسافة القصر في السفر.
وقال بعضهم هي المسافة التي لا يصل إليه الكتاب أو يصل فلا يجيب عنه كمن هو اقصى الهند بالنسبة إلى الشام ومصر ونحوهما لأن في مثل هذا تتعذر مراجعته بالكلية.
وقال بعضهم: حدها ما يفوت به كفء راغب.
الترجيح: الراجح أن حد الغيبة المعتبرة لانتقال الولاية إلى الغير إذا كان هذا الولي غائبا في بلدة لا يوصل إليها إلا بكلفة ومشقة كما هو المذهب عند الحنابلة وهو أعدل الأقوال مع ملاحظة أن المشقة والكلفة تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة و تحديدها بالمسافة من بلدة إلى أخرى تحديد لا دليل عليه والتحديدات توقيفية تحتاج إلى نص شرعي وكذلك تحديدها بمسافة السفر لا دليل عليه وفيه تساهل كما يظهر.
والقول إن حدها بمدة يفوت بها الكفء لو انتظرنا حضور الولي أو معرفة رأيه كما قاله الحنفية قول قوي ولعله قريب مما عليه الحنابلة فإنما يصعب الانتظار إذا كان في التواصل مع الولي مشقة وكلفة.
تنبيه: إذا لم تكن غيبته غيبة معتبرة أي ليست بعيدة أو منقطعة فإنه ينتظر ويراسل حتى يحضر أو يوكل فلا تزوج إلا بإذنه ولا تنتقل لغيره وهذا الذي نص عليه الحنفية والشافعية والحنابلة وهو الصواب.
وأما المالكية فعندهم تفصيل فإذا كان الولي المجبر وهو الأب مع ابنته البكر فلا يعقد غيره أبدا وإذا كان الولي غير الأب فيجوز للأبعد دون السلطان أن يعقد لها كما يجوز له ذلك إذا كان الولي الأقرب حاضرا كما مر وذلك لأن ترتيب الأولياء عندهم في الولاية من باب الندب لا الوجوب.
اتفق الفقهاء على أن الولي الأقرب إذا كان أسيرا ولو في مسافة قريبا ولا يمكن مراجعته أو كان مفقودا ولا يعلم أقريب هو أم بعيد أن الولاية تنتقل إلى غيره لدفع الضرر عن المرأة.
واختلفوا لمن تنتقل:
فعند الشافعية تنتقل إلى السلطان لأن ولاية الأقرب باقية وإنما تعذر التواصل معه فينوب السلطان عنه.
وعند الحنفية والحنابلة تنتقل للأبعد فهو أولى من الحاكم وإنما تنتقل إلى الحاكم إذا لم يكن لها ولي أصلا ووافقهما المالكية هنا في المشهور عندهم فقالوا تنتقل للأبعد دون السلطان لأنه في هذه الحالة ينزل بمنزلة الميت فتنتقل الولاية لمن يستحقها من الأولياء بعده.
الترجيح: الراجح أنها تنتقل للولي الذي يليه كما عليه أكثر الفقهاء لأنه ولي لها.
أي: منعها من النكاح بغير سبب إذا تقدم لها الكفء وبصداق مثلها ووافقت عليه والذي عليه أهل المذاهب الأربعة أن الولاية تنتقل منه إلى غيره لتفادي حصول الضرر بها وتفادي تفويت ما فيه مصلحة لها أما إذا وجد السبب الكافي لمنعها من هذا الزواج كما لو تقدم لها من ليس كفئا لها فلا يعتبر عضلا وتبقى الولاية له.
ثم اختلفوا في الأحق بولايتها إذا عضلها الأقرب بغير عذر:
القول الأول: الأحق بولايتها الحاكم.
وهو قول الحنفية والمشهور عند المالكية وقول الشافعية ورواية لأحمد.
دليلهم: الأول: أن الولاية للأقرب فامتنع من أدائه فقام الحاكم مقامه.
الثاني: أن النكاح حق للمرأة فإذا تعذر ذلك من جهة وليها كان على الحاكم استيفاؤه.
الثالث: أن العاضل ظالم بالامتناع فقام الحاكم مقامه في دفع هذا الظلم.
القول الثاني: تنتقل الولاية للذي يليه من عصبتها وليس للحاكم.
وهو وجه للمالكية وهو المذهب عند الحنابلة.
دليلهم: الأول: أنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فملكه الأبعد كما لو جن أو ارتد فهو أولى من الحاكم وإنما يليها الحاكم إذا لم يكن لها ولي أصلا أو إذا عضلها جميع أوليائها كما سيأتي.
الثاني: أن عضل الأقرب واستمراره في العضل صيره بمنزلة العدم فينتقل الحق للأبعد.
الترجيح: الراجح القول الثاني أن الولاية تنتقل للولي الأبعد لدليلهم المذكور والأحوط الرجوع إلى الحاكم فربما كان الأقرب محقا في منعها من هذا التزويج فيتسرع الأبعد في تزويجها لمجرد رغبتها بهذا الخاطب وأيضًا لسد باب الصراع والخلاف بين أوليائها الأقرب والأبعد فينظر الحاكم في الأصلح وأما إذا ادعى الأقرب أنه محق في منعها وادعى الأبعد أنه غير محق فلابد في هذه الحالة من الرجوع للحاكم.
لا خلاف بين أهل العلم على أن للسلطان ـ الحاكم ـ ولاية تزويج المرأة ـ ولو لم يكن من عصبتها ـ فيما إذا لم يكن لها أولياء أصلا كما لو أسلمت وهم كفرة أو ارتدوا وهي باقية على الإسلام أو قتلوا أو فقدوا وكذلك إذا عضلها جميع أوليائها عن الزواج بغير عذر شرعي وتقدم لها الكفء بصداق مثلها فيأمرهم السلطان بتزويجها وترك العضل وإلا تولى أمرها هو أو وكل أجنبيا عنها ثقة يتولى أمرها.
ودليل ما سبق: ما جاء عن عائشة J أن رسول الله H قال: «فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له»([5]).
والمراد بالسلطان هو الإمام أو الحاكم أي القاضي أو من فوضا إليه ذلك.
والمراد بالقاضي أو الحاكم أي الذي يقضي في الفروج والحدود لا صاحب الشرطة ولا من نيابته في الأمور الإدارية وفي تنفيذ أحكام القضاء.
وللإمام أحمد رواية بأنه يزوجها ولي البلد عند عدم القاضي واختاره ابن تيمية.
فائدة: بنت الزنا يزوجها السلطان ولا يزوجها الذي رباها ورعاها لأنه ليس وليا لها وأن أحسن لها كما أنها أيضًا لا تنسب إليه ولا تدعى إليه لأنها ليست بنتا له حتى تنسب إليه وإذا عقد لها لا يصح العقد ويجدد العقد عند القاضي الشرعي ولا بأس أن يوكله القاضي بعقد النكاح لها نيابة عنه([6]).
وذلك كما لو أسلمت وهي في بلدة كافرة وأولياؤها لا زالوا كفار ولا سلطان مسلم هنالك.
فالمختار عند الشافعية والحنابلة أنه يزوجها رجل مسلم عدل بإذنها لأنها ضرورة فاشتراط الولي هنا يمنع النكاح بالكلية وفيه إضرار بالمرأة فصار اشتراط الولي هنا كاشتراط كون الولي عصبة في حق من لا عصبة لها.
ولا يشترط في هذا العدل أن يكون من أهل الاجتهاد والفقه لشدة الحاجة إلى النكاح مع صعوبة توفر هذا ا لشرط.
وقال بعض الشافعية يشترط أن يكون عدلا مجتهدا أي أن يكون صالحا للقضاء.
وعند الشافعية والحنابلة وجه أنها لا تزوج أبدا لعموم الأخبار التي تنص على أن المرأة يزوجها الولي أو السلطان.
وقال المالكية تكون الولاية لعامة المسلمين أي كلهم فتصح لكل فرد من المسلمين بإذنها ولم يشترطوا كونه عدلا لقوله تعالى: ﴿ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖ ﴾ [التوبة: ٧١].
الترجيح: الضرورة تقدر بقدرها فإذا وجد العدل وكانت له في نفس الوقت نوع سلطنة في هذا المكان كما لو كان رئيس مركز إسلامي أو رئيس الجماعة الإسلامية أو رئيس الجالية المسلمة فإنه يقدم على غيره([8])، أو كبيرا صاحب وجاهة يرجع إليه المسلمون في قضاياهم ومسائلهم فإن لم يكن كل ذلك فعالم أو فقيه عدل فإن لم يوجد فعدل موكل بعمل يتعلق بالشئون الدينية أي له سلطة دينية كقيم مسجد فإن لم يوجد فعدل من عدول المسلمين لحصول الطمأنينة من العدل والوثوق به أكثر من غير العدل فإن لم يوجد العدل فأي فرد من المسلمين عند وجود الحاجة لتزويجها.
الذي عليه أهل المذاهب الأربعة أنه يجوز لكل ولي من أولياء المرأة أن يوكل غيره في تزويج هذه المرأة سواء كان الوكيل من أقربائها أم كان أجنبيا عنها.
وتصح هذه الوكالة سواء كان الولي حاضرا أم غائبا وذلك لأن عقد النكاح عقد معاوضة فجاز التوكيل فيه كالتوكيل في البيع.
قلت: ينبغي أن توثق الوكالة إما بشاهدين وإما بختم الحاكم أو المحكمة خشية جحد الموكل لها بعد ذلك.
فائدة: تصح الوكالة إذا كانت عن طريق الهاتف أو كتابتها عن طريق الفاكس([10]).
وهي أن يعمد الولي لشخص بولاية نكاح موليته ـ كابنته ـ بعد موته.
تمهيد: الفرق بين الوكالة والوصية: أن الوكالة تكون في أثناء حياة الموكل وتنتهي بوفاته. وأما الوصية فتكون بعد موت الموكل. فالوصي وكيل بعد موت الولي الموصي.
واختلف أهل العلم هل تثبت الولاية في النكاح بالإيصاء:
القول الأول: تثبت الولاية في النكاح بالوصية فيكون الموصى له وليا على المرأة في النكاح ولو كان أجنبيا عنها ويكون مقدما على عصبتها في الولاية.
وهو رواية لأبي حنيفة ومذهب مالك والمذهب عند الحنابلة.
دليلهم الأول: القياس على ولاية المال فكما تثبت الولاية على مال اليتيم للموصى له فكذلك تثبت ولاية النكاح له.
الثاني: القياس على الوكالة فكما تثبت ولاية النكاح للوكيل في أثناء حياة الموكل فكذلك تثبت له بعد موت الولي بالإيصاء له.
القول الثاني: لا تثبت الولاية في النكاح بالوصية فلا يكون الموصى له وليا على المرأة في النكاح ولو خصه وليها بذلك وإنما تنتقل للأقرب من عصبتها بعد هذا المتوفى.
وهو المذهب عند الحنفية ومذهب الشافعية ورواية لأحمد وقول الظاهرية.
دليلهم الأول: أن الولاية حق شرعي تنتقل لمن هو أحق بها وهو هنا الأقرب من عصبتها فلم يجز الإيصاء بها لغير صاحب الحق كالحضانة للصغير يأخذها الأحق ولا تصح الوصية فيها.
الثاني: أن حق الولي الأول يسقط بوفاته فلم يكن له الإيصاء بما سقط عنه ولا يحق له.
الثالث: أن الولاية بنيت على أساس الشفقة والحرص على المرأة والقريب أولى بهذا من العصبة البعيدة أو الأجنبي.
الرابع: أن اختيار الخاطب يهم العصبة لما يلحق نسبهم من عار إذا لم يكن كفئا بخلاف الأجنبي لا يلحقه ما يلحقه بسبب هذا الزواج فكانت العصبة أولى منه.
الترجيح: الراجح القول الثاني لا تثبت الولاية بالوصية للأدلة المذكورة لأصحاب هذا القول.
وهذا كابن عمها إذا كان وليها الأقرب وأراد الزواج بها فهل يصح أن يكون وليا لها في هذا النكاح؟
فيه خلاف عند العلماء:
القول الأول: لا يصح أن يكون هذا الخاطب هو الولي لها في نفس الوقت ولا يوكل غيره لكن يزوجها له ولي آخر لها في نفس درجة هذا الخاطب كابن عم مع ابن عم فإن لم يكن في درجته كابن عم مع ابن عم أب زوجها القاضي وهذا هو المذهب عند الشافعية.
دليلهم: لا يلي عقد نفسه لأن الولاية شرط في العقد فلا يجوز أن يكون الناكح هو المنكوح كما لا يبيع من نفسه وقد جاء عن عائشة I أنها قالت: عن رسول الله H لابد في النكاح من أربعة: الولي والزوج والشاهدين([13]).
وأيضا الآثار عن الصحابة M في هذه المسألة متعارضة ـ سيأتي تخريجها ـ فسقط الأخذ بها.
ولا يوكل غيره لأن وكيله بمنزلته فهو قائم مقامه فكأنه عقد لها بنفسه فلا فرق. ويتولى أمرها من يساويه في الدرجة لأن الحق لهما فامتنع الأول لأنه الخاطب لها فبقي الحق للآخر، فإن فقد زوجها القاضي لعموم ولايته ولأن ولاية الأول باقية وإنما تعذر الاعتبار بها لسبب فهو كما لو غاب أو عضلها.
القول الثاني: لا يلي نكاحها هو ولكن له أن يوكل غيره بولاية نكاحها بإذنها.
وهو رواية للإمام أحمد.
دليله: أما أنه لا يلي نكاحها فلاشتراط العدد المطلوب في العقد من خاطب وولي ولا يكون هذا إلا بولاية غيره، وله أن يوكل غيره لأنه حق له فجاز أن يوكل به غيره كما لو كان الخاطب غيره ولما جاء أن المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوج امرأة هو وليها فجعل أمرها
إلى رجل أبعد منه فزوجه([1]).
القول الثالث: يلي طرفي العقد بنفسه فيكون هو الولي لها وهو الخاطب في نفسه الوقت.
وهو قول جمهور العلماء منهم الحنفية والمالكية وهو المذهب عند الحنابلة وقول ابن حزم.
دليلهم: الأول: حديث أنس بن مالك I أن رسول الله H أعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها([2]).
فظاهره أن رسول الله H زوج مولاته من نفسه.
الثاني: أن عبد الرحمن بن عوف تزوج أم حكيم بنت قارظ وكان وليها([3]).
الثالث: أنه يملك الإيجاب والقبول فجاز أن يتولاهما كما لو وجدا من رجلين ولم يمنع الله ولا رسوله الولي أن يكون هو الناكح إذا رضيت المرأة.
وحديث عائشة السابق ضعيف وخبر المغيرة ليس فيه التصريح من المغيرة بالمنع من تزويجه نفسه وإنما فعل ما يراه أحوط وأفضل فوكل من ينوب عنه في ولايته.
الترجيح: الراجح: مذهب الجمهور فلا مانع منه ولا مخالفة فيه.
([1]) صحيح: رواه عبد الرزاق (10502)، وابن حزم في المحلى (9/61)، وبنحوه رواه سعيد بن منصور (3/153).
([2]) رواه البخاري (5086)، ومسلم (9/190).
([3]) رواته محتج بهم: رواه ابن سعد في الطبقات (8/472)، وعلقه البخاري في صحيحه (10/236)، وقال الألباني في الإرواء (1854): إسناده صحيح.
([1]) انظر الشرح الممتع (12/90)، وفتاوى اللجنة الدائمة (18/152).
([2]) مراجع: حاشية الخرشي (4/164)، المجموع شرح المهذب (17/259)، روضة الطالبين (5/414)، المغني (9/387)، الإنصاف (8/77).
([3]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/145)، حاشية الدسوقي (3/31)، المجموع (17/259)، المغني (9/382)، الإنصاف (8/75).
([4]) مراجع: فتح القدير (3/287)، حاشية ابن عابدين (4/145)، حاشية الدسوقي (3/21، 31)، حاشية الخرشي (4/154، 169)، فتح الباري (10/236)، النجم الوهاج (7/82)، المغني (9/360، 383)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (32/35)، الإنصاف (8/71)، المحلى مسألة (1825)، فتاوى اللجنة الدائمة (18/143).
([5]) صحيح: سبق تخريجه.
([6]) فتاوى اللجنة الدائمة (18/158، 160).
([7]) مراجع: حاشية الخرشي (4/155)، حاشية الدسوقي (3/22)، مغني المحتاج (3/191)، روضة الطالبين (5/398)، كشاف القناع (5/52)، الإنصاف (8/71).
([8]) فتاوى اللجنة الدائمة (18/157)، الشرح الممتع (12/86)، تسهيل الإلمام للفوزان (4/327).
([9]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/160) فتح القدير (3/305)، بداية المجتهد (2/13)، حاشية الخرشي (4/169)، المجموع شرح المهذب (17/273)، النجم الوهاج (7/99)، المغني (9/363)، الإنصاف (8/82).
([10]) الشرح الممتع (12/89)، منحة العلام شرح بلوغ المرام لعبد الله الفوزان (7/229).
([11]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/142)، فتح القدير (3/288)، بداية المجتهد (2/13)، حاشية الدسوقي (3/18)، المجموع شرح المهذب (16/377)، المغني (9/365)، الإنصاف (8/85)، المحلى مسألة (1829)، فتح الباري (10/235).
([12]) مراجع: فتح القدير (3/305)، حاشية الدسوقي (3/32)، فتح الباري (10/237)، روضة الطالبين (5/417)، النجم الوهاج (7/114)، المغني (9/373)، الإنصاف (8/96)، المحلى مسألة (1842)، فتاوى إسلامية (2/360).
([13]) سنده ضعيف: رواه الدارقطني (3/225)، وضعفه.
([1]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/139)، حاشية الخرشي (4/165)، المغني (9/367)، مغني المحتاج (3/199)، بداية المجتهد (2/12).
([2]) مراجع: فتح القدير (3/285)، حاشية ابن عابدين (4/139)، حاشية الدسوقي (3/28)، روضة الطالبين (5/408)، المغني (9/366).
([3]) مراجع: فتح القدير (3/285)، حاشية الدسوقي (3/28)، روضة الطالبين (5/410)، مغني المحتاج (3/201)، المغني (9/368)، الإنصاف (8/73).
([4]) ضعيف: رواه سعيد بن منصور (3/154)، والدارقطني (3/221)، والبيهقي (7/134)، وقال: الصحيح موقوف. اهـ. قلت: وسنده ضعيف بهذا اللفظ موقوفا ومرفوعا.
([5]) الصواب وقفه: رواه البيهقي (7/112، 124، 126)، وقال: المشهور وقفه. اهـ وهو كما قال وقد أخرجه موقوفا عبد الرزاق (10483)، وابن أبي شيبة (3/272)، والبيهقي وسنده حسن.
وقال الألباني في المرفوع: إسناده صحيح رجاله ثقات لكن قد أعل بالوقف. الإرواء (6/239) وقال في ص (260): الصواب فيه الوقف. اهـ
([6]) مراجع: بداية المجتهد (2/12)، حاشية الدسوقي (3/30)، روضة الطالبين (5/409)، الإنصاف (8/74).
([7]) مراجع: بدائع الصنائع (2/251)، المبسوط (2/847)، حاشية ابن عابدين (4/143)، بداية المجتهد (2/15)، حاشية الخرشي (4/182)، حاشية الدسوقي (3/33)، المجموع شرح المهذب (17/252)، مغني المحتاج (3/207)، روضة الطالبين (5/431)، المغني (9/428، 430، 432)، الإنصاف (8/87).
([8]) فيه ضعف: رواه أحمد (5/8، 11)، وأبو داود (2088)، والترمذي (1136)، والنسائي (7/314)، والبيهقي (7/139) وغيرهم. والحسن لم يصرح بسماعه من سمرة وقد كان يرسل كثيرا عن الصحابة وقد قال بعض الحفاظ: إنه لم يسمع من سمرة إلا حديثا واحدا وهو حديث العقيقة. وجاء في بعض طرقه عن الحسن البصري عن عقبة بن عامر به وهو خطأ والصحيح الأول. وضعف الألباني الحديث ورجح أنه عن الحسن عن سمرة في الإرواء (1853).
([9]) صحيح: سبق تخريجه.
([10]) مراجع: المبسوط (2/838)، حاشية ابن عابدين (4/144)، بداية المجتهد (2/14)، حاشية الدسوقي (3/22)، الذخيرة للقرافي (4/248)، مغني المحتاج (3/200)، المغني (9/378)، الإنصاف (8/81)، المحلى (9/37).
([11]) مراجع: المبسوط (2/838)، حاشية ابن عابدين (4/144)، بداية المجتهد (2/11)، حاشية الدسوقي (3/27)، حاشية الخرشي (4/163)، مغني المحتاج (3/203)، النجم الوهاج (7/96)، المغني (9/385)، الإنصاف (8/76)، المحلى (9/38).
([1]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/140)، المبسوط (2/838)، بدائع الصنائع (2/240)، بداية المجتهد (2/12-13)، المنتقى شرح الموطأ (3/268)، فتح الباري (10/235)، النجم الوهاج (7/64، 77)، المغني (9/359، 367)، المحلى مسألة (1825).
([2]) لم أقف عليه: قال ابن حجر: لم أجده كما في الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/62).
قلت: لكن جاء عن علي I أنه قال: إذا بلغ النساء نص الحقائق فالعصبة أولى. رواه البيهقي (7/121) عن معاوية بن سويد قال: وجدت في كتاب ابي عن علي I. فذكره. وسنده صحيح إلى معاوية بن سويد.
والحقائق من المحاقة أي أن الأم تحاق العصبة فيها فقال علي I: العصبة أولى أي أولى بالمرأة من أمها. انظر سنن البيهقي.
([3]) سبق تخريجه.
([4]) انظر المغني (9/357)، ومغني المحتاج (3/196)، وسنن البيهقي (7/131).
([5]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/139)، المبسوط (2/838)، حاشية الدسوقي (3/20)، بداية المجتهد (2/13)، روضة الطالبين (5/205، 406)، المغني (9/355)، الإنصاف (8/69).
([6])فتاوى إسلامية للمسند (2/338).
([7]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/139)، المبسوط (2/837)، بداية المجتهد (2/13)، حاشية الدسوقي (3/20)، مغني ا لمحتاج (3/195)، المغني (9/356)، الإنصاف (8/69).
([8]) مراجع: المبسوط (2/837)، حاشية ابن عابدين (4/139)، حاشية الدسوقي (3/20)، روضة الطالبين (5/405)، المغني (9/358)، الإنصاف (8/69).
([9]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/139)، حاشية الدسوقي (3/20)، روضة الطالبين (5/405)، المغني (9/359)، المحلى (9/38).
([10]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/140)، حاشية الخرشي (4/167)، مغني المحتاج (3/201)، المغني (9/377)، الإنصاف (8/78)، فتاوى ابن تيمية (32/35)، المحلى مسألة (1841).
([1]) مراجع: فتح باب العناية (3/31)، المبسوط (3/858)، شرح معاني الآثار للطحاوي (3/8)، بدائع الصنائع (2/247)، بداية المجتهد (2/8)، المنتقى شرح الموطأ (3/267)، فتح الباري (10/235)، النجم الوهاج (7/64)، المغني (9/345)، الإنصاف (8/66)، المحلى مسألة (1825).
([2]) رواه مسلم. سبق تخريجه.
([3]) صحيح إلا الشطر الأول منه فشاذ: رواه عبد الرزاق (10299)، وأحمد (1/334)، وأبو داود (2100) والنسائي (6/85)، والدارقطني (3/239)، والبيهقي (7/118) وغيرهم، عن معمر عن صالح بن كيسان عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس به، ورجاله ثقات لكن وهم معمر في قوله: «ليس للولي مع الثيب أمر» إنما هو: «الثيب أحق بنفسها من وليها» كما هو في صحيح مسلم وغيره، قال الدارقطني في سننه: خالف معمر في سنده فأسقط منه رجلا يعني: عبد الله بن الفضل بين صالح بن كيسان ونافع بن جبير وخالف أيضًا في متنه فأتى بلفظ آخر وهم فيه فذكر هذا اللفظ «ليس للولي مع الثيب أمر» قال: لأن كل من رواه عن عبد الله بن الفضل وكل من رواه عن نافع بن جبير مع عبد الله بن الفضل خالفوا معمرا واتفاقهم على خلافه دليل على وهمه ثم قال: والذي قبله أصح في الإسناد والمتن. يعني: قولهم: «والأيم أحق بنفسها من وليها» ونقل عن الحافظ النيسابوري أنه قال عندي أن معمرا أخطأ فيه. اهـ
قلت: أما الشطر الثاني من المتن وهو قوله: «واليتيمة تستأمر» فلم يعله الدارقطني وله شواهد يرتقي بها إلى الصحيح كما سبق تخريجه في مسألة استئذان البكر في المبحث الخامس.
([4]) سنده ضعيف: رواه أحمد (6/295)، والنسائي (6/81)، والبيهقي (7/131) وغيرهم عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة به. وابن عمر بن أبي سلمة مجهول. ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/11) بإسقاط ابن عمر بن أبي سلمة ـ الراوي المجهول ـ وهو خطأ كما في بقية المراجع، وقد صرح بهذا بعض الحفاظ فقال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان: هو الأصح أي بزيادة ابن عمر بن أبي سلمة في الإسناد كما في علل ابن أبي حاتم (1/405) وضعف الألباني الحديث في الإرواء (6/220). لجهالة ابن عمر بن أبي سلمة.
([5]) رواه البخاري (5087)، ومسلم (1425).
([6]) سنده صحيح إن شاء الله: رواه أحمد (6/427)، وأبو داود (2107، 2108)، والنسائي (6/119)، والدارقطني (3/246)، والبيهقي (7/139، 232)، والحاكم (2/181) وغيرهم، واختلف في وصله وإرساله:
فرواه معمر عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة به.
ورواه يونس عن الزهري أن أم حبيبة هكذا مرسل، قال الدارقطني في علله (5/281) ورواه عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن الزهري عن عروة مرسلا قال: والمرسل أشبهها بالصواب. اهـ
قلت: ومعمر ثقة حافظ وقد رواه موصولا فتقبل زيادته. وصحح شيخنا الوادعي طريق معمر المتصلة في الصحيح المسند (2/469) وقال: وقد رواه يونس مرسلا ولا يضر. اهـ
([7]) سيأتي تخريجه.
([8]) سنده صحيح: رواه مالك في الموطأ (1564)، والطحاوي في معاني الآثار (3/8)، والبيهقي (7/112).
([9]) سيأتي تخريجه.
([10]) رواه مسلم. سبق تخريجه.
([11]) سيأتي تخريجه.
([12]) صحيح: رواه عبد الرزاق (10475)، وسعيد بن منصور (3/148)، وابن أبي شيبة (3/273)، وأحمد (4/394)، وأبو داود (2085)، والترمذي (1126)، وابن ماجه (1881)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/9)، واختلف في وصله وإرساله:
وقد صرح بثبوته موصولا كبار الحفاظ كالقطان وابن المديني وأحمد وابن معين وابن مهدي والبخاري والترمذي. انظر سنن البيهقي (7/108)، والمغني لابن قدامة (9/45). وقد صححه أيضًا شيخنا الوادعي في الصحيح المسند (2/632)، وقال: ولا يعل بإرسال من أرسله. وله شاهد عن أبي هريرة قال قال رسول الله H: «لا نكاح إلا بولي...». رواه ابن عدي في الكامل (6/2356) وظاهر سنده الحسن.
([13]) صحيح: رواه سعيد بن منصور (3/148)، وابن أبي شيبة (3/272)، وأحمد (6/47)، وأبو داود (2083)، والترمذي (1127)، والنسائي في الكبرى (3/285)، وابن ماجه (1879)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/7)، وأبو يعلى (4750)، والبيهقي (7/105، 138) وغيرهم عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة به. هكذا رواه جماعة من الحفاظ عن ابن جريج.
ورواه إسماعيل بن علية عن ابن جريج وزاد فيه: أن ابن جريج قال: فلقيت الزهري فسألته عن هذ الحديث فلم يعرفه. قال: وكان سليمان بن موسى وكان فأثنى عليه. وقد صحح هذا الحديث جماعة من الحفاظ كأحمد وابن معين والدارقطني والبيهقي.
وردوا على ما زاده ابن عليه عن ابن جريج بأمرين:
الأول: إعلال هذه الرواية فقد انفرد بها ابن علية وخالف جماعة من الحفاظ يقاربون العشرين وليس سماع ابن علية من ابن جريج بذاك، وابن جريج له كتب مدونة وليس هذا في كتبه المدونة يعني حكاية ابن عليه هذا عنه.
الثاني: على التسليم بصحة هذه الرواية فالمشهور عند المحدثين أن الشيخ إذا لم ينكر ما رُوي عنه وجزم التلميذ بأخذه عنه أنه يؤخذ بقول التلميذ والزهري هنا لم يكذب ما روى عنه ولم ينكره وإنما قال: لا أعرفه فلا يعل الحديث بهذا فالظاهر أنه نسيه. انظر علل الدارقطني (15/11)، سنن البيهقي (7/106)، والتمهيد لابن عبد البر (19/86)، ونصب الراية (3/187). وصححه شيخنا الوادعي في الصحيح المسند (2/509).
([14]) سنده صحيح وآخره موقوف: رواه ابن ماجه (1882)، و الدارقطني (3/227)، والبيهقي (7/110) من طريقين فيهما ضعف عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة به مرفوعا.
ورواه حماد بن أسامة والأوزاعي وابن عيينة وعبد الرزاق والنضر بن شميل عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة به موقوفا عليه. قال ابن عبد الهادي صاحب التنقيح (3/148): وهو أشبه. اهـ
ورواه حفص بن غياث وعباد بن العوام عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: كنا نتحدث أن التي تنكح نفسها هي الزانية. هكذا مختصرا وموقوفا. رواه الدارقطني (3/227)، والبيهقي (7/112). وفصل فيه عبد السلام بن حرب فرواه عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله H: «لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها» قال أبو هريرة: كنا نقول: التي تنكح نفسها هي الزانية. رواه الدارقطني والبيهقي وسنده صحيح. فجعل القسم الأخير منه فقط موقوفا. وأشار البيهقي إلى ترجيح هذه الطريق فقال: عبد السلام بن حرب قد ميز المسند من الموقوف فيشبه أن يكون قد حفظه. اهـ. واختار هذا التفصيل الشيخ الألباني في الإرواء (1841). وهو اختيار قوي فعبد السلام ثقة حافظ وحديثه هذا على شرط البخاري.
([15]) رواه البخاري (5130).
([16]) سبق تخريجه.
([17]) متفق عليه.
([18]) في سنده ضعف: رواه الطحاوي في معاني الآثار (3/11)، والبيهقي (7/112)، وابن حزم في المحلى (9/31)، ورجاله ثقات لكن فيه عنعنة ابن جريج وهو مشهور بالتدليس.