2025/01/15
المبحث الأول: تعريف المهر وحكمه:

المبحث الأول: تعريف المهر وحكمه:

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: تعريف المهر وأسماؤه([1]).

تعريفه: المهر اسم لما تستحقه المرأة من الرجل بعقد النكاح أو الوطء.

ومن أسمائه: الصداق والصدقة والنحلة والفريضة والحباء والعُقر والعليقة والأجر.

المسألة الثانية: حكم المهر([2]).

أجمع أهل العلم على وجوب المهر في النكاح وأنه لا يجوز التواطؤ على تركه قال تعالى: ﴿ وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةٗۚ ﴾ [النساء : ٤]. وقال أيضا: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ أَن تَبۡتَغُواْ بِأَمۡوَٰلِكُم ﴾ [النساء : ٢٤].

واختلفوا فيما إذا تزوجها بشرط نفي المهر أي اشترط عدم المهر لها عليه:

القول الأول: يصح عقد النكاح ويبطل هذا الشرط ويجب عليه مهر المثل.

وهو مذهب الحنفية والشافعية وهو قول للمالكية وهو المذهب عند الحنابلة.

دليلهم: أما عدم بطلان العقد فلأن هذا الشرط يعود إلى معنى زائد على العقد فأركان العقد التي يصح بها العقد متوفرة في الحديث النبوي «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل». أما الغرض من المهر فهو لإظهار شرف المرأة وشرف العقد لهذا لا يشترط ذكره حال العقد ولا يضر الجهل به ـ كما سيأتي ـ فلم يبطله شرط نفيه ويبطل هذا الشرط لأن هذا الشرط يتضمن إسقاط حق وجب للمرأة بالعقد ويلزم مهر المثل لعدم وجود مهر مسمى هنا.

القول الثاني: لا يصح عقد النكاح.

وهذا هو المشهور عند المالكية وهو قول للحنابلة وقول ابن حزم وابن تيمية ونقله عن أكثر السلف.

دليلهم: أنه عقد معاوضة فملك منافع المرأة مقابل المهر فيفسد بشرط نفي عوضه كالبيع لا يصح بشرط نفي الثمن فعليه يكون المهر ركنا من أركان النكاح وقد أبطل الشرع نكاح الشغار ـ كما سيأتي ـ لأن المهر فيه منفي وجعل البُضع مهرا للبضع.

وكونه لا يشترط ذكر المهر ولا يضر الجهل به لا يلزم منه عدم بطلان النكاح عند اشتراط إسقاط المهر لأنه يشترط عدم خلو النكاح من المهر سواء كان مذكورا أم لم يكن كذلك.

الترجيح: الأرجح القول الثاني الذي ينص على أن المهر ركن من أركان النكاح لا يصح عقد النكاح مع اشتراط نفيه وذلك لقوة دليله.

فائدة: قال الحافظ ابن حجر في هبة المرأة نفسها من غير ذكر مهر: ذهب الجمهور إلى بطلان النكاح وأجازه الحنفية والأوزاعي ولكن قالوا يجب مهر المثل... وحجة الجمهور قوله تعالى «خالصة لك من دون المؤمنين» فعدوا ذلك من خصائصه H وأنه يتزوج بلفظ الهبة بغير مهر في الحال ولا في المآل وأجاب المجيزون بأن المراد أن الواهبة تختص به لا مطلق الهبة([3]). اهـ

قلت: الصحيح أن النكاح يبطل وكذلك يبطل النكاح إذا وهبها وليها لشخص بدون مهر فليست ملكا له حتى يهبها لغيره والمهر حق من حقوقها لأجل الاستمتاع بها.

المسألة الثالثة: عقد النكاح من غير تسمية المهر([4]).

أجمع أهل العلم على أن النكاح يصح وإن لم يسم فيه المهر بشرط عدم نفيه ويجب عليه بعد ذلك مهر أمثالها من النساء إذا دخل عليها أو نصفه إذا طلقها ولم يدخل عليها ودليله قوله تعالى: ﴿ لَّا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِن طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمۡ تَمَسُّوهُنَّ أَوۡ تَفۡرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةٗۚ ﴾ [البقرة: ٢٣٦]. فصحح الله سبحانه النكاح الذي لم يفرض فيه للمرأة شيء إذ صحح فيه الطلاق ولحديث عقبة بن عامر I أن النبي H قال لرجل: «أترضى أن أزوجك فلانة؟»، قال: نعم، وقال للمرأة: «أترضين أن أزوجك فلانا؟»، قالت: نعم، فزوج أحدهما صاحبه فدخل بها الرجل ولم يفرض لها صداقا، ولم يعطها شيئا وكان ممن شهد الحديبية وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله H زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقا، ولم أعطها شيئا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر([5]). إلا أنه يستحب ذكره وتسميته عند العقد لما فيه من قطع احتمال النزاع وأيضًا لأنه أنفع للمرأة من حيث إنه لو حصل طلاق قبل الدخول بها وجب نصف المسمى قال تعالى: ﴿ وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدۡ فَرَضۡتُمۡ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصۡفُ مَا فَرَضۡتُمۡ ﴾ [البقرة: ٢٣٧] أما إذا لم يسم صداقا فليس لها إلا المتعة كما سيأتي.

 

([1]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/167)، حاشية الدسوقي (3/130)، روضة الطالبين (5/574)، كشاف القناع (5/128).

([2]) مراجع: فتح القدير (3/316)، فتح باب العناية (2/57)، بداية المجتهد (2/18)، المنتقى للباجي (3/275)، حاشية الدسوقي (3/130)، روضة الطالبين (5/603)، فتح الباري (10/264)، المغني (9/486)، الإنصاف (8/165)، مجموع الفتاوى (3/62، 63)، المحلى مسألة (1833)، الموسوعة الفقهية (39/152).

([3]) فتح الباري (10/205).

([4]) مراجع: فتح القدير (3/316)، حاشية الدسوقي (3/161)، بداية المجتهد (2/26)، فتح الباري (10/264)، شرح مسلم للنووي (9/182)، المغني (10/264)، المحلى مسألة (1833).

([5]) صحيح: رواه أبو داود (2117)، وابن حبان (4072)، والحاكم (2/181)، والبيهقي (7/232) وغيرهم بإسناد صحيح. وصححه الألباني في الإرواء (1924).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=2063