2025/01/15
المبحث الثاني النساء اللاتي يحرم على الرجل نكاحهن

المبحث الثاني النساء اللاتي يحرم على الرجل نكاحهن

يشتمل هذا المبحث على عدة مسائل:

المسألة الأولى: المحرمات على الرجل من جهة النسب([1]).

يحرم على الرجل من جهة النسب سبع وهن:

الأولى: الأمهات، وهن كل أنثى لها عليك ولادة فيدخل فيه التي ولدتك والتي ولدت من ولدتك وإن علون كأم الأم وأم الأب.

الثانية: البنات، وهن كل أنثى لك عليها ولادة فيدخل فيهن بنت الصلب وبنات البنين وبنات البنات وإن نزلن.

الثالثة: الأخوات، سواء من الأبوين ومن الأب فقط أو من الأم فقط.

الرابعة: العمات، وهن أخوات الأب سواء من أبويه أو من أبيه فقط أو من أمه فقط، وأخوات الأجداد من جهة الأب أو من جهة الأم قريبا كان الجد أم بعيدا.

الخامسة: الخالات، وهن أخوات الأم سواء من أبويها أو من أبيها فقط أو من أمها فقط وأخوات الجدات من جهة الأب أو من جهة الأم وإن علون.

السادسة: بنات الأخ، سواء كان الأخ لأبوين أم لأحدهما وإن نزلن كبنات ابن الأخ وبنات بنت الأخ.

السابعة: بنات الأخت سواء كانت الأخت لأبوين أم لأحدهما وإن نزلن كبنات ابن الأخت وبنات بنت الأخت.

وكل هؤلاء محرمات على الرجل على وجه التأييد بإجماع العلماء ودليله قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُمۡ وَعَمَّٰتُكُمۡ وَخَٰلَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُ ٱلۡأَخِ وَبَنَاتُ ٱلۡأُخۡتِ ﴾ [النساء : ٢٣].

وهذه الألفاظ في اللغة تطلق على كل من سبق ذكرهن على القربى منهن وعلى البعدى.

المسألة الثانية: المحرمات على الرجل بسبب المصاهرة([2]).

أي: بسبب الزواج بين الرجل والمرأة، فيحرم على الرجل بسببه أربع وهن:

الأولى: أمهات زوجاته ولو بعدت هذه الأم كأم أم زوجته وأم أبي زوجته.

الثانية: بنات الزوجات، وهن كل بنت لزوجة الرجل من غيره ولو بعدت كبنت بنتها وبنت ابنها وتسمى بالربيبة.

الثالثة: زوجات الأب، وهن نساء أبيه قريبا كان الأب أم بعيدا كزوجة أبيه وزوجة جده لأبيه وزوجة جده لأمه.

الرابعة: زوجات الابن، ويشمل زوجات أبنائه وزوجات أبناء أبنائه وزوجات أبناء بناته وهكذا.

وكل من سبق ذكرهن يحرمن على الرجل على التأبيد بإجماع العلماء.

ودليله: قوله تعالى: ﴿ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُواْ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ وَحَلَٰٓئِلُ أَبۡنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنۡ أَصۡلَٰبِكُمۡ ﴾ [النساء : ٢٣] وهذه الألفاظ تشمل في لغة العرب كل من سبق ذكرهن على القربى والبعدى.

المسألة الثالثة: متى تحرم أم الزوجة على زوج البنت؟([3])

اختلف أهل العلم هل تحرم أم الزوجة على الرجل بمجرد عقد النكاح أم لابد أن يدخل على زوجته حتى تحرم عليه أمها والخلاف فيها يسير:

القول الأول: لا تحرم عليه أم زوجته بمجرد العقد فلابد أن يدخل على ابنتها حتى تكون الأم محرما له.

وهو قول قلة من السلف ووجه شاذ للشافعية وهو رواية للإمام أحمد.

دليلهم: استدلوا بقوله تعالى: ﴿ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ ﴾ [النساء : ٢٣]

ووجه الشاهد: أن قوله (دخلتم) راجع إلى الأمهات وإلى الربائب جميعا فقوله: ﴿ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ ﴾ وصف لنسائكم في الأولى وفي الثانية. فعليه: لا تحرم عليه أم امرأته إلا بعد الدخول بامرأته كالربيبة.

القول الثاني: تحرم أم الزوجة على الرجل بمجرد العقد على البنت دخل بها أم لم يدخل.

وهو مذهب جمهور أهل العلم وجميع أئمة الفتوى بالأمصار.

دليلهم الأول: قوله تعالى: ﴿ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ والرجل إذا عقد على امرأة فإنها تكون من نسائه بمجرد هذا العقد فتدخل أمها في عموم قوله: ﴿ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ .

الثاني: ما جاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله H قال: «أيما رجل نكح امرأة فدخل بها، فلا يحل له نكاح ابنتها، وإن لم يكن دخل بها، فلينكح ابنتها، وأيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل بها فلا يحل له نكاح أمها»([4]).

والشاهد: أن الحديث صرح بأن أم زوجته تحرم عليه إذا نكح ابنتها سواء دخل بها أو لم يدخل.

وأما قوله تعالى: ﴿ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ ﴾ فهو وصف لنسائكم الثانية وهي قوله: ﴿ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ ﴾ [النساء : ٢٣] ولا تكون وصفا لنسائكم في قوله: ﴿ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ وذلك لحيلولة المعطوف بين الصفة والموصوف، وأيضًا لو كان وصفا لنسائكم الأولى والثانية فإنه يقتضي جعل صفة واحدة لموصوفين مختلفي المتعلق والعامل فنسائكم الأول مجرورة بالإضافة ونسائكم الثانية مجرورة بحرف الجر فالجران مختلفان وما كان هذا سبيله لا تجري عليه الصفة ولا يعرف في اللغة التي نزل بها القرآن، وأيضًا فإن الموصوف الذي يلي الصفة أولى بها لجواره وقربه ما لم تدع ضرورة إلى نقلها عنه أو تخطيها إياه إلى الأبعد وهنا لا ضرورة إلى نقلها عنه أو تخطيها إياه.

الترجيح: الراجح القول الثاني أن المرأة تحرم على الرجل بمجرد العقد بابنتها وجعل قوله تعالى: ﴿ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ وصفا لنسائكم في الأولى والثانية يرده نظم الكلام مع ندورة القائل به لهذا لا يكاد يوجد خلاف هنا في جعل الوصف للأقرب والمجاور وهو لفظ نسائكم الثانية فعليه: لو طلق المرأة بعد العقد أو ماتت ولم يدخل عليها فإنه لا يحل له نكاح أمها لأنها صارت من محارمه بمجرد العقد بابنتها.

المسألة الرابعة: متى تحرم زوجة الابن على أبيه وزوجة الأب على ابنه؟([5])

أجمع العلماء على أن المرأة تحرم على أبي الزوج بمجرد العقد بها ولو لم يدخل بها سواء كان أبا قريبا أم بعيدا لقوله تعالى ـ في آية المحارم ـ: ﴿ وَحَلَٰٓئِلُ أَبۡنَآئِكُمُ ﴾ [النساء : ٢٣] ولم يشترط في حصول الحرمة دخول الابن بها.

وسميت امرأة الرجل حليلة لأنها محل أزار زوجها وهي محلله له وكذلك أجمع العلماء على أن زوجة الأب تحرم على ابنه وإن نزل بمجرد العقد ولا يحل للابن نكاحها ولو طلقها الأب أو مات وذلك لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ﴾ [النساء : ٢٢] وعقد التزويج يسمى نكاحا وأيضًا لم يقيد المنع هنا بدخول الأب بها.

المسألة الخامسة: متى تحرم الربيبة وهي ابنة الزوجة على الزوج([6]).

اتفق العلماء على أن الربيبة وهي ابنة الزوجة لا تحرم على زوج الأم إلا إذا دخل بالأم، ولا يكفي لحصول الحرمة وجود العقد فقط لقوله تعالى: ﴿ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ ﴾ [النساء : ٢٣] فقوله: ﴿ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ ﴾ شرط لحرمة الربيبة عليه.

فعليه: لو طلق امرأته قبل الدخول بها فإن ابنتها لا تحرم عليه وله التزوج بها بإجماع العلماء.

ولو ماتت المرأة قبل الدخول بها فكذلك لا تحرم ابنتها عليه لاشتراط الدخول في الآية السابقة وصرحت بنفي التحريم عند عدم الدخول فظاهره أنها إذا ماتت قبل الدخول بها أن ابنتها لا تحرم عليه ونقل بعضهم على هذا الإجماع ونقل بعضهم عن بعض السلف أن موت الأم في تحريم الربيبة كالدخول بها فإذا ماتت الأم قبل الدخول بها حرمت ابنتها على الزوج، وذلك لأنه بموت أحد الزوجين يحصل التوارث بينهما ويكمل للمرأة صداقها ويوجب موته العدة عليها ولو لم يدخل بها فصار الموت كالدخول في ترتب هذه الأحكام عليه فكذلك يدخل فيه تحريم ابنتها عليه.

الراجح: ما عليه جمهور أهل العلم أنها لا تحرم عليه بموت أمها ما لم يدخل بها فلا يترك نص القرآن لقياس والموت لا يقوم مقام الدخول من كل وجه بل من وجه دون وجه فكما يجري مجرى الدخول فيما سبق فإنه لا يجري مجرى الدخول في الإحصان والإحلال وعدة الإقراء.

واختلف أهل العلم في اشتراط كون الربيبة في حجر الزوج حتى تحصل الحرمة أي تكون البنت مع أمها في بيته:

القول الأول: يشترط أن تكون ابنة زوجته في حجره حتى تحرم عليه ولا يكفي الدخول بالأم.

وهو مذهب الظاهرية وقول بعض الحنابلة واختاره شيخنا الوادعي.

دليلهم الأول: ظاهر القرآن فقد قال تعالى: ﴿ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ فاشترط شيئين: الدخول وأن تكون البنت في حجره حتى تحرم عليه الربيبة ولو لم يشترط ذلك لما ذكره الله E هنا.

الثاني: ما جاء عن زينب بنت أبي سلمة، أخبرته أن أم حبيبة، قالت: قلت يا رسول الله، انكح أختي بنت أبي سفيان، قال: «وتحبين؟» قلت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي H: «إن ذلك لا يحل لي»، قلت: يا رسول الله، فوالله إنا لنتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة، قال: «بنت أم سلمة»، فقلت: نعم، قال: «فوالله لو لم تكن في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن»([7]).

والشاهد قوله H: «في حجري» ففيه دليل على اعتباره H للقيد الذي قيده الله تعالى في القرآن في تحريم الربيبة وهي أن تكون في حجر الرجل.

وما جاء في رواية أن رسول الله H قال: «لو لم تكن ربيبتي ما حلت لي»([8]). دون ذكر لفظة «في حجري» لا يضر فلا خلاف في أنه خبر واحد في قصة واحدة فأسقط بعض الرواة لفظة منه وأثبتها غيره ممن هو مثله أو فوقه في الحفظ فيحتج بالزيادة الثابتة لا بالناقصة.

وقوله في الحديث: «لا تعرضن على بناتكن» فالمراد به بناتكن اللاتي في حجري، فيحمل المطلق هنا على المقيد.

الثالث: أن هذا الشرط جاء عن كبار الصحابة، فعن إبراهيم بن ميسرة أن رجلا من سواءة يقال له عبيد الله بن معبد أثنى عليه خيرا، أخبره أن أباه أو جده كان نكح امرأة ذات ولد من غيره، ثم نكح امرأة شابة، فقال له أحد بني الأولى: قد نكحت على أمنا، وكبرت واستغنيت عنها بامرأة شابة فطلقها قال: لا والله إلا أن تنكحني ابنتك. فطلقها وأنكحه ابنته، ولم تكن في حجره هي ولا أبوها - ابن العجوز المطلقة - قال: فجئت سفيان بن عبد الله الثقفي، فقلت: استفت لي عمر، فقال: لتحجن معي، فأدخلني عليه بمنى قال: فقصصت عليه الخبر، فقال: لا بأس بذلك، فاذهب فاسأل فلانا، ثم تعال فأخبرني قال: ولا أراه قال إلا عليا قال: فسألته، فقال: «لا بأس بذلك» قال فجمعها([9]).

وعن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة - قال أبو سعيد: رأيت في كتاب غيري ابن عبيد - قال: أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النصري قال: كانت عندي امرأة قد ولدت لي فتوفيت، فوجدت عليها، فلقيت علي بن أبي طالب، فقال: «ما لك؟»، فقلت: توفيت امرأتي، فقال: «ألها ابنة؟»، قلت: نعم قال: «كانت في حجرك؟»، قلت: لا، هي في الطائف قال: «فانكحها» قال: قلت: فأين قوله {وربائبكم اللاتي في حجوركم} [النساء: 23]؟ قال: «إنها لم تكن في حجرك، وإنما ذلك إذا كانت في حجرك»([10]). فهذا مذهب عمر وعلي L فأي إجماع يسلم له مع مخالفة هذين الخليفتين.

القول الثاني: تحرم الربيبة على الرجل بالدخول بأمها سواء كانت في حجره أم لم تكن في حجره.

وهو مذهب جمهور السلف والخلف والأئمة الأربعة واختارته اللجنة الدائمة([11]) والشيخ ابن عثيمين.

دليلهم الأول: قوله تعالى: ﴿ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُواْ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ ﴾ [النساء : ٢٣] فشرط لحل الربيبة عدم الدخول بأمها فدل ذلك على أنه إذا دخل بالأم لم تحل له البنت سواء كانت في حجره أم لم تكن لهذا لم يشترط للحل مع عدم الدخول إلا أتكون في حجره فلم يقل: فإن لم تكونوا دخلتم بهن ولسن في حجوركم فلا جناح عليكم. فسكوته عنه عند ذكر المفهوم دليل على أنه قيد غير معتبر.

وذكر الحجر عند ذكر المنطوق في قوله: ﴿ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم خرج مخرج الغالب وعلى وجه العادة لا على وجه الشرط والقيد إذ الغالب والمعتاد أن ابنة الزوجة تكون عند أمها وما خرج كذلك فلا مفهوم له لهذا لم ينفه عند ذكر المفهوم وهذا له نظائر في القرآن كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖ ﴾ [الاسراء: ٣١] فقوله: ﴿ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖ أي: خوف الفقر خرج مخرج الغالب إذ المعتاد أن سبب قتلهم خشية الإملاق وهو الفقر ولا يفهم منه جواز قتلهم لغير ذلك. وكقوله: ﴿ وَلَا تُكۡرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمۡ عَلَى ٱلۡبِغَآءِ إِنۡ أَرَدۡنَ تَحَصُّنٗا ﴾ [النور : ٣٣] فقوله: ﴿ إِنۡ أَرَدۡنَ تَحَصُّنٗا ﴾ ليس بقيد بل خرج مخرج الغالب وإلا فلا يجوز السماح لهن بالبغاء عند رضاهن بذلك لكن لما كان الغالب والمعتاد أن تقع الأمة بالبغاء بسبب إكراه سيدها لها لضعفها ذكره الله E. وكقوله: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحۡلَلۡنَا لَكَ أَزۡوَٰجَكَ ٱلَّٰتِيٓ ءَاتَيۡتَ أُجُورَهُنَّ ﴾ [الاحزاب : ٥٠] فقوله: ﴿ ٱلَّٰتِيٓ ءَاتَيۡتَ أُجُورَهُنَّ خرج مخرج الغالب وإلا فتحل له من وهبت نفسها له والتي لم يفرض لها صداقا ومثل هذا في القرآن كثير.

الثاني: حديث زينب بنت أبي سلمة السابق وفيه: أن رسول الله H قال لنسائه: «لا تعرضن على بناتكن ولا أخواتكن» ومعلوم أن من بناتهن من ليست في حجره ومع هذا نهاهن رسول الله H جميعا أن يعرضن عليه نكاح بناتهن كلهن ولم يخصص من بناتهن اللاتي في حجره فسوى بينهن جميعا في التحريم لمجرد أنهن بنات نسائه اللاتي دخل بهن.

وقوله في هذا الحديث: «ربيبتي في حجري» ليس قيدا وإنما أخبر أن بنت أبي سلمة ربيبة تحرم عليه وهي في نفس الوقت في حجره لهذا روى بعضهم هذا الحديث دون ذكر لفظة «في حجره» كما رواه البخاري([12]).

الثالث: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: «أيما رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها وإن لم يكن دخل بها فلينكح ابنتها»([13]).

والشاهد: أن رسول الله H جعل البنت محرمة بمجرد الدخول بأمها ولم يشترط معه أن تكون في حجر الزوج.

وأما أثر عمر وعلي L فلا يثبتان لأمرين:

الأول: لضعف إسنادهما.

الثاني: لإجماع أهل العلم من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر على خلاف ما جاء في هذين الأثرين فدل ذلك على عدم ثبوتهما.

الترجيح: الراجح أن الربيبة تحرم على زوج المرأة بمجرد دخوله بها ولا يشترط أن تكون في حجره كما هو مذهب جمهور السلف والخلف وذلك لقوة ما اعتمدوا عليه ولقوة ردهم على من اشترطه مع ندورة المخالف والخلاف في المسألة قديم وليس فيها إجماع فقد ثبت عن علي I القول به ولا حجة لمن ضعفه ـ كما سبق تخريجه ـ إلا أنه مشكل جدا، وقد سئل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية فاستشكله وتوقف فيه كما ذكره عنه ابن كثير في تفسيره.

تنبيه: لو تزوج رجل بامرأة ودخل بها ثم طلقها و تزوجت بآخر وأنجبت للآخر بنتا فإنها تحرم على زوجها الأول لأنها ربيبة له فتحرم ابنة الزوجة سواء كانت الربيبة من زوج قبله أو من زوج بعده([14]).

فائدة: زوجة الربيب وهو ابن الزوجة لا تحرم على زوج الأم لعموم قوله تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ ﴾ [النساء : ٢٤]([15]).

المسألة السادسة: الجمع بين الأختين من النسب وبين المرأة وعمتها أو خالتها([16]).

أجمع العلماء على أنه يحرم على الرجل أن يتزوج بأخت زوجته من النسب سواء كانت أختها من أبوين أو من أحدهما ما دام أن زوجته حية وفي عصمته ولو طلقها طلاقا رجعيا إذا كانت لا تزال في العدة لأنها لا زالت زوجته ودليل الإجماع قوله تعالى: ﴿ وَأَن تَجۡمَعُواْ بَيۡنَ ٱلۡأُخۡتَيۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَ ﴾ [النساء : ٢٣].

وأجمعوا كذلك على أنه لا يجوز له الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها سواء القريبة أم البعيدة ما دام أن زوجته في عصمته ولو طلقها طلاقا رجعيا ولم تنته عدتها لما جاء عن أبي هريرة I أن رسول الله H قال: «لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها»([17]). ولما يؤدي هذا الجمع من قطيعة للرحم وإن رضيت بذلك في البداية فإن الطبع يتغير وقد جاء عن ابن عباس أن رسول الله H نهى أن ينكح الرجل المرأة على العمة أو الخالة وقال: «إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم»([18]).

وخالف جماعة من الخوارج والشيعة فأجازوه لأنه لم يذكر في المحرمات المذكورة في القرآن.

وأجيب بأن الشرع يؤخذ من الكتاب والسنة وقد ثبت هذا الحكم في السنة.

المسألة السابعة: الجمع بين زوجة رجل وابنة هذا الرجل من زوجة أخرى([19]).

في هذه المسألة خلاف يسير عند الفقهاء وهو كالتالي:

القول الأول: يمنع الجمع بين المرأة التي كانت زوجة الرجل وبين ابنة هذا الرجل من امرأة ثانية.

وهو قول بعض السلف وزفر الحنفي.

دليلهم: أن أحدهما لو كانت ذكرا لم يحل له نكاح الأخرى فأشبه الجمع بين المرأة وعمتها فلو قدرنا أن ابنة هذا الرجل ذكرا فلا يجوز له أن ينكح زوجة أبيه.

القول الثاني: يجوز أن يجمع الرجل بين امرأة وابنة زوجها السابق.

وهو مذهب جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة.

دليلهم: قوله تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ ﴾ [النساء : ٢٤] [النساء : ٢٤] فأحل الله تعالى للرجل كل من لم يذكر في الآية السابقة من المحرمات عليه فلا دليل من الكتاب أو السنة على منعه ولا يقاس على الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها لأنه لا قرابة بينهما هنا ولا رضاع وليس فيها رحم نخشى قطعها.

الترجيح: الراجح مذهب جمهور العلماء القائلين بجواز هذا الجمع وأمره واضح، وقال ابن حزم: لا نعلم من يقول به ـ يعني منعه ـ الآن. اهـ

فائدة 1: يجوز كذلك الجمع بين زوجة الرجل السابق وأم هذا الرجل لأنه ليس بينهما قرابة ولا رضاع وليس فيها رحم يحذر قطعها.

فائدة 2: يجوز الجمع كذلك بين بنت الرجل وربيبته أي بنت زوجته وأمره واضح ولا نعلم فيه خلافا.

المسألة الثامنة: الجمع بين بنتي العم أو العمة وبنتي الخال أو الخالة أو بين بنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة([20]).

في هذه المسألة خلاف يسير بين أهل العلم:

القول الأول: يمنع الجمع بين كل من سبق.

وهو مذهب بعض السلف.

دليلهم: أنه مفضي إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها فأشبه الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها وقد جاء النهي عن الجمع بين المرأة وقريبتها فعن عيسى بن طلحة قال: نهى رسول الله H أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة([21]).

وعن أنس بن مالك قال: كانوا يكرهون أن يجمعوا بين القرائب مخافة الفساد منهم أبو بكر وعمر وعثمان([22]).

القول الثاني: لا يمنع الجمع بينهما.

وهو مذهب جمهور أهل العلم.

دليلهم: عدم وجود النص على تحريم ذلك ودخولها في عموم قوله تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ ﴾ [النساء : ٢٤] ولأن أحدهما تحل للأخرى لو كانت ذكرا.

الترجيح: الراجح جوازه كما قاله جمهور أهل العلم واختلفوا هل يكره ذلك مع جوازه أم لا؟ فقال بعضهم: يكره مخافة القطيعة. وقال أكثرهم أو كثير منهم لا يكره لضعف الحديث فيه وهو الصواب.

المسألة التاسعة: ثبوت حرمة المصاهرة في النكاح الفاسد([23]).

تمهيد: النكاح الفاسد على ضربين:

الأول: اتفق العلماء على فساده وهو كنكاح المعتدة من غيره ونكاح المحرمة من النسب أو من الرضاع إذا لم يعلما بوجود النسب أو الرضاع بينهما.

الثاني: اختلف العلماء في فساده كنكاح المرأة بدون ولي ونكاح الشغار ونكاح التحليل ونكاح المحرم بحج أو عمرة وجمهور أهل العلم على فساد النكاح في هذه الصور وقد سبق ذكر أدلتها في موضعه فإذا تزوج الرجل بامرأة ثم تبين بعد ذلك فساد هذا النكاح لأي سبب من أسباب البطلان فهل يثبت بهذا النكاح تحريم المصاهرة فيحرم على هذا الرجل تزوج أم هذه المرأة أو ابنتها وكذلك تحرم هذه المرأة على أبي هذا الرجل وابنه أم أنه لا يثبت شيء من ذلك.

اختلف العلماء في هذه المسألة:

القول الأول: لا تحصل الحرمة بالنكاح الفاسد إلا في موضع واحد وهو إذا تزوج الرجل بامرأة فلا يحل لابنه التزوج بها.

وهو قول ابن حزم الظاهري.

دليله: أن الله E قال: ﴿ وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ﴾ [النساء : ٢٢] فحرم على الولد نكاح منكوحة الأب وهذا يشمل كل نكاح فكل نكاح نكح الرجل به امرأة سواء كان نكاحا صحيحا أو فاسدا فهي حرام على ولده بهذا النص ولا دليل على تخصيص هذه الحرمة بالنكاح الصحيح.

أما ما عدا هذه الصورة فلا دليل عليه فلا تحصل حرمة بالمصاهرة فيه وإنما تحصل بنكاح صحيح.

القول الثاني: لا تثبت حرمة المصاهرة مطلقا في النكاح الفاسد.

وهو وجه ضعيف للشافعية والحنابلة.

دليلهم: أنه نكاح فاسد فلا تتعلق به حرمة إنما تحصل الحرمة بالنكاح الصحيح فليست المرأة من نسائه بسبب فساد عقد النكاح وبالتالي لا تكون أمها ـ مثلا ـ من أمهات نسائه حتى تحرم عليه.

القول الثالث: تحصل الحرمة في النكاح الفاسد بشرط أن يدخل بالمرأة فلا تحصل الحرمة بمجرد العقد دون دخول.

وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.

دليلهم: أما ثبوت حرمة المصاهرة بهذا النكاح إذا دخل بالمرأة فلأنه وطء صارت به المرأة فراشا فيثبت به النسب ويوجب العدة فتثبت به كذلك حرمة المصاهرة.

ولقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ﴾ [النساء : ٢٢] فيدخل في عموم هذه الآية النكاح الفاسد كما يدخل النكاح الصحيح فلا دليل على تقييده بالنكاح الصحيح فقط ولا تحصل الحرمة بمجرد العقد وإن كانت تحصل في النكاح الصحيح ـ عدا الربيبة يشترط لتحريمها الدخول ـ وذلك لأمور:

الأول: أن العقد الفاسد لا يتعلق به حل المنكوحة ولا يوجب العدة فلا يتعلق به حرمة المصاهرة.

الثاني: أن الإضافة إلى الضمير في قوله تعالى: ﴿ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ ﴾ [النساء : ٢٣] لا يثبت إلا بالعقد الصحيح حتى تكون المرأة من نسائه أما بالعقد الفاسد فلا تكون من نسائه.

الثالث: أن قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ﴾ المراد بالنكاح هنا الوطء ففي الآية قرينة تدل على أن المراد بالنكاح هنا الوطء وهي قوله في آخر الآية: ﴿ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَمَقۡتٗا وَسَآءَ سَبِيلًا ﴾ [النساء : ٢٢] وهذا التغليظ إنما يكون في الوطء والوطء يسمى نكاحا في الشرع.

الرابع: أن العقد غير الصحيح لا يسمى عقدا.

القول الرابع: تثبت حرمة المصاهرة في النكاح الفاسد إلا أنها تثبت في النكاح المختلف في فساده بمجرد العقد وأما المتفق على فساده فلا تثبت فيه الحرمة إلا بالوطء ولا يكفي مجرد العقد.

وهو مذهب المالكية.

دليلهم: يكفي العقد في النكاح المختلف في فساده لإثبات حرمة المصاهرة وذلك لاحتمال أن يكون نكاحا صحيحا وذلك لأنهم لم يتفقوا على فساده فيدخل تحت مطلق اللفظ والفروج إذا تعارض فيها التحريم والتحليل غلب التحريم احتياطا.

أما النكاح المتفق على فساده فلم يوجب حكما ولا تحريما وكان وجوده كعدمه إلا إذا وجد الوطء فإنها تترتب عليه أحكام كثبوت النسب ووجوب العدة فكذلك تنتشر حرمة المصاهرة.

الترجيح: القول بعدم ثبوت حرمة المصاهرة مطلقا بهذا النكاح قول قوي قال الشيخ ابن عثيمين فالصواب أنه لا أثر في تحريم المصاهرة بغير عقد صحيح وذلك لأن العقود إذا أطلقت في الشرع حملت على الصحيح([24]). اهـ

قلت: لكن يشكل علينا عدم اشتهار هذا القول حتى نقل جماعة من العلماء إجماع أهل العلم على حصول حرمة المصاهرة بالوطء في النكاح الفاسد قال ابن المنذر: اجمع كل من يحفظ عنه من علماء الأمصار على أن الرجل إذا وطئ امرأة بنكاح فاسد أنها تحرم على أبيه وابنه وعلى أجداده وولد ولده. اهـ والعلم بالشهرة والأقوال الشاذة لا تطمئن النفس للأخذ بها.

وكذلك مذهب مالك في التفريق بين النكاحين له وجه قوي ويصعب عندي الترجيح في هذه المسألة ولا شك أن الأحوط لدين الشخص ألا يتزوج بمن سبق ذكرهن.

تنبيه: النكاح الفاسد عندهم إنما يوجب حرمة المصاهرة ولا يوجب المحرمية فلا يصير به الرجل محرما لمن حرمت عليه بسبب هذا النكاح فلا يباح له النظر إليها ولمسها والخلوة والمسافرة بها لأن الوطء هنا ليس بوطء شرعي بل هو فاسد ولا دليل على حصول المحرمية بهذا الوطء ولأن الموطوءة لم يستبيح النظر إليها فلأن لم يستبيح النظر إلى غيرها به أولى.

المسألة العاشرة: ثبوت حرمة المصاهرة بالوطء الحرام([25]).

المقصود من المسألة: هل يثبت بالوطء الحرام تحريم المصاهرة فإذا زنى رجل بامرأة حُرمت على أبيه وابنه وحُرمت عليه أمها وابنتها وكذلك لو وطء أم امرأته أو ابنتها حُرمت عليه امرأته.

هذه المسألة فيها خلاف عند الفقهاء:

القول الأول: تثبت بالوطء الحرام حرمة المصاهرة.

وهو مذهب جماعة من السلف ومذهب الحنفية والمذهب عند الحنابلة وهو قول لمالك.

دليلهم الأول: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ﴾ والوطء يسمى نكاحها وهذه الآية عامة فيدخل فيها الوطء الحلال والوطء الحرام دون تفريق ويقاس عليه بقية المحرمات بسبب المصاهرة.

الثاني: ما جاء عن رسول الله H أنه قال: «إذا نظر الرجل إلى فرج المرأة حرمت عليه أمها وابنتها»([26]).

وجاء عن ابن مسعود أنه قال: لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها([27]).

وجاء عن وهب بن منبه أنه قال في التوراة التي أنزل على موسى: إنه لا يكشف رجل فرج امرأة وابنتها إلا ملعون([28]).

وعن ابن جريج أخبرت عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن أم حكيم أن رجلا سأل رسول الله H عن امرأة كان زنى بها في الجاهلية أينكح الآن ابنتها فقال: لا أرى ذلك ولا يصح لك أن تنكح امرأة تتطلع على ابنتها على ما اطلعت عليه منها([29]). وهذا لفظ عام فيشمل نظرة ا لحلال ونظرة الحرام.

وجاء عن ابن مسعود أنه قال: ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام على الحلال([30]).

الثالث: قياسا على الوطء في النكاح الفاسد فإن الحرمة تحصل به مع أنه نكاح غير صحيح فكذلك هنا.

الرابع: أن ما تعلق من التحريم بالوطء المباح تعلق كذلك بالوطء المحظور بلا خلاف كوطء امرأته وهي حائض أو صائمة أو محرمة فتحرم عليه بهذا الوطء أمها وابنتها وتحرم هي على آبائه وبنيه فكذلك هنا في الوطء الحرام.

الخامس: في قصة جريج الراهب عندما ادعت عليه بغي أنه زنى بها فقال جريج للغلام: يا غلام من أبوك؟ فقال: فلان الراعي([31]). فجعله ابنه مع أنه من الزنا فهذا يدل على أن الزنى تتعلق به أحكام المصاهرة كما تتعلق بالوطء الحلال.

القول الثاني: لا يحرم وطء حرام نكاحا حلالا إلا في موضع واحد وهو أن يزني الرجل بامرأة فلا يحل نكاحها لأحد من أبنائه.

وأما لو زنى الابن بها لم يحرم بذلك نكاحها على أبيه وكذلك لم يحرم على هذا الزاني أن يتزوج بأمها أو ابنتها.

وهو قول ابن حزم الظاهري.

دليله: أنه لا دليل على أن الحرمة تحصل بسبب الوطء الحرام إلا في نكاح الرجل المرأة فهي حرام على ابنه لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ﴾ وهذا يشمل كل نكاح حلالا كان أو حراما.

القول الثالث: لا تثبت حرمة المصاهرة بالوطء الحرام فإذا زنى الرجل بامرأة فلا تحرم هذه المرأة على أبيه أو ابنه ولا تحرم أمها أو ابنتها عليه.

وهو مذهب جماعة من السلف ومذهب الشافعية والصحيح عن مالك ورواية لأحمد ومذهب الظاهرية عدا ابن حزم.

دليلهم الأول: ما جاء عن ابن عمر أن رسول الله H قال: «لا يحرم الحرام الحلال»([32]).

وعن ابن عباس قال في رجل زنى بأم امرأته أو بابنتها قال: فإنهما حرمتان تخطاهما ولا يحرمها ذلك عليه([33]).

الثاني: عدم وجود دليل على حرمة المصاهرة بهذا الوطء والله سبحانه قد فصل لنا ما حرم علينا من المناكح في قوله: ﴿ حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ... ﴾ [النساء : ٢٣] ثم قال: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ ﴾ [النساء : ٢٤] ولم يذكر الزنى في جملة ما وقع به التحريم.

الثالث: أنه وطء لا تصير به الموطوءة فراشا فلا تحصل به حرمة وأما من وطئ زوجته وهي حائض أو محرمة أو صائمة فهذا وإن كان محرما لكنه وطء من تعتبر فراشا حلالا له وإنما حرم وطأها لعلة وهي وجود المانع للوطء فإذا ارتفع حلت له لهذا لا حد عليه إذا وطأها مع وجود المانع لأنه لم يطأ إلا زوجه فلا يشبه وطء الزانية.

الرابع: أن وطء الزنا ليس فيه صداق ولا ميراث ولا يثبت به نسب ولا عدة فلا يأخذ أحكام النكاح الصحيح فكذلك لا تثبت به حرمة.

الخامس: أن الله سبحانه عندما ذكر المحرمات من المصاهرة قال: ﴿ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ﴾ [النساء : ٢٣] وليس المزني بها من نسائه وبالتالي ليست أمها من أمهات نسائه ولا ابنتها من ربائبه.

وقوله: ﴿ وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم ﴾ [النساء : ٢٢] المراد به النكاح الشرعي لأن النكاح إذا أطلق في الشرع حُمل على النكاح الصحيح فكيف يُجعل السفاح كالنكاح.

السادس: أن المصاهرة نعمة امتن الله بها على عباده وتربط الناس بعضهم ببعض والزنى محرم شرعا فلا تثبت هذه النعمة به.

الترجيح: المسألة هذه ليس فيها دليل صريح للقول بالحرمة أو عدمه إلا أن أدلة من قال بعدم حصول الحرمة أقوى وأظهر وقد جاء عن جماعة من الصحابة القول بحصول الحرمة بهذا النكاح لكنها ضعيفة، وثبت عن ابن عباس ما يدل على عدم حصول الحرمة فكان هذا أيضًا من أقوى المرجحات إذ لا نعلم له مخالفا من الصحابة صح عنه.

وقياسه على النكاح الفاسد فيه بُعد فالنكاح الفاسد أُريد به من البداية النكاح الشرعي والغرض منه النكاح الشرعي لكنه تبين بعد ذلك فساده لهذا لو علم أنها معتدة من غيره وأن زواجه بها لا يجوز ثم تزوجها لعُدَّ زانيا. أما الوطء الحرام فليس الغرض منه النكاح الشرعي أصلا مع وجود إجماع على حصول الحرمة بالنكاح الفاسد ـ إلا من شذ ـ وأما هنا فالخلاف مشهور.

وجعْل جريح الراهب ولد الزنا ولدا للزاني المقصود به الرجل الذي كان سببًا لوجوده وهو من مائه وإلا فولد الزنى لا ينسب إلى الزاني.

وقد ا ختار الشيخ ابن عثيمين القول بعدم حصول الحرمة وقال: إن القول بحصول حرمة المصاهرة بالوطء الحرام من أضعف الأقوال وأنه من غرائب العلم حيث يجعل السفاح كالنكاح. اهـ

تنبيه: وطء الزنا لا تحصل به المحرمية عند الجميع إنما الخلاف في حرمة المصاهرة.

ملاحظة: مر معنا من سابق الخلاف في الزانية هل تعتد من الزنا أم لا في مسألة: (نكاح الزانية).

المسألة الحادية عشر: نكاح الرجل لابنته من الزنا([34]).

اختلف العلماء في هذه المسألة: هل يُحرم على الرجل نكاح ابنته من الزنا أم يحل له نكاحها؟

القول الأول: لا تحرم على الرجل ابنته من الزنا ويجوز له التزوج بها.

وهو الصحيح عند الشافعية وقول بعض المالكية.

دليلهم الأول: أن الذي ينشئ الحرمة هو النكاح الشرعي وأما هذا فهو وطء حرام لا تثبت به المصاهرة فكذلك لا تحرم عليه المخلوقة من مائة من وطء حرام.

الثاني: أن المخلوقة من مائه من وطء حرام لا تنسب إليه ولا ترثه ولا يلزمه نفقتها فلا يثبت لها شيء من أحكام البنوة بالإجماع فهي أجنبية عنه فلم تحرم عليه كسائر الأجانب فتدخل في عموم قوله: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ .

القول الثاني: تحرم عليه ابنته من الزنا ولا يحل له نكاحها.

وهو قول جمهور أهل العلم وهو المشهور عند المالكية وهو وجه للشافعية عليه كثير منهم.

دليلهم الأول: أن الله E قال: ﴿ حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ ﴾ [النساء : ٢٣]. ولفظ: (وبناتكم) متناول لكل من شمله هذا اللفظ سوءا حقيقة أم مجازًا وسواء ثبت في حقه التوارث وغيره من الأحكام أم لم يثبت ذلك، لكن تبقى الحرمة فالمخلوقة من مائه ابنته سواء كانت من ماء حرام أم من ماء حلال لهذا في قصة جريج الراهب ـ السابقة الذكر ـ قال للغلام: من أبوك؟ قال: فلان الراعي. فجعله أبا له مع أنه مخلوق من وطء حرام.

الثاني: إن لفظ البنات في لغة العرب يطلق على من كانت من صلب الرجل ولو من حرام والقرآن نزل بكلام العرب فيحمل عليه عند الإطلاق فلم ينقله الشارع عن موضعه الأصلي كلفظ الصلاة والإيمان وغيرهما فيبقى على وضعه اللغوي.

الثالث: أن بنت الملاعنة إذا نفى الزوج نسبها إليه لا تباح للملاعن بإجماع العلماء وليس فيه إلا نزاع شاذ مع أنها لا تنسب إليه ولا ترث منه ولا ينفق عليها وهذا دليل على أن النسب يتبعض أحكامه فقد يكون الشخص ابنا للرجل في بعض الأحكام دون بعض، فابنة الملاعنة ليست بابنة للملاعن في باب الميراث فلا ترث منه ولا يرث منها وهي ابنة له في باب النكاح فتحرم عليه فكذلك ابنته من الزنا.

الرابع: أن البنت المرتضعة من امرأة تحرم على زوج المرأة المرضعة بسبب أنه وطء المرأة المرضعة حتى در اللبن بوطئه وتكون ابنته من الرضاعة فإذا كان يحرم على الرجل أن ينكح ابنته من الرضاع مع أنه لا يثبت في حقها شيء من أحكام النسب فكيف له نكاح بنت خلقت من نفس مائه وأين المخلوق من مائه من المتغذية بلبن در بوطئه بل هو أولى وأحرى بإثبات التحريم.

الترجيح: الراجح بلا شك مذهب جمهور العلماء الذي ينص على تحريم نكاح الرجل لابنته من الزنا وقد أنكر الإمام أحمد ـ مع كثرة اطلاعه ـ أن يكون في ذلك نزاع بين السلف وكذب النقل عن مالك وأنكر أن يكون الشافعي نص على خلاف ذلك.

فائدة: كما يحرم على الرجل نكاح ابنته من الزنى فكذلك يحرم عليه نكاح بنت ابنه وبنت ابنته وبنت أخيه وبنت أخته من الزنا وعلى هذا جمهور أهل العلم كما يحرم عليه بنت ابنه وبنت ابنته وبنت أخيه وبنت أخته من النسب.

وقال بعض المالكية: يحرم عليه المخلوقة من ماء الزنا من جهة أصوله أو فروعه فتحرم بنت أبيه وبنت ابنه وبنت انبته وبنت أمه من الزنا ولا تحرم عليه بنت أخيه وبنت أخته من الزنا لأنها بمنزلة الربيبة لا بمنزلة بنته. اهـ

والراجح ما عليه جمهور أهل العلم.

المسألة الثانية عشر: المحرمات من الرضاع([35]).

اعلم أن الرضاع يعتبر سببًا من الأسباب التي تحصل به الحرمة كالنسب والمصاهرة ثبت هذا في القرآن الكريم والسنة النبوية ـ كما سيأتي ـ وأجمع عليه العلماء، فيترتب على الرضاع المتوفر فيه الشروط المطلوبة شرعا تحريم النكاح وتوابعه وجواز الخلوة والنظر وحصول المحرمية في السفر ولا يترتب عليه باقي أحكام المحرمية من التوارث ووجوب الإنفاق والولاية في النكاح والعتق بالملك وإسقاط القصاص وغيرها وهذا كله وقع عليه الإجماع([36]).

والحرمة بسبب الرضاع المعتبر شرعا على ثلاث صور:

الصورة الأولى: الحرمة التي تحصل بين المرتضع وأقاربه وبين المرضعة وأقاربها.

أجمع العلماء على أن الحرمة تحصل بين المرتضع والمرضعة وأقاربها فتصبح المرضعة أمه وأمها جدته وبناتها أخواته وأبناؤها إخوانه وأولاد أولاد المرضعة أولاد إخوانه وأخواته وإخوان وأخوات المرضعة أخواله وخالاته ... إلى آخره.

وأجمعوا كذلك على حصول الحرمة بين المرضعة وأقاربها وفروع المرتضع وهم أولاده وأولاد أولاده وإن نزلوا فتصبح أمه من الرضاعة جدتهم وإخوانه وأخواته من الرضاعه أعمامهم وعماتهم... إلى آخره.

ودليل ما سبق:

الأول من القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ... وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِيٓ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ ﴾ [النساء : ٢٣]  فذكر من ضمن من تحرم عليه أمه من الرضاعة وأخواته من الرضاعة.

الثاني: من السنة النبوية حديث ابن عباس قيل للنبي H: ألا تتزوج ابنة حمزة؟ قال: «إنها لا تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب»([37]). فلم يتزوج ابنة حمزة لأن حمزة أخوه من الرضاعة فتكون ابنة حمزة ابنة أخيه من الرضاعة.

وقوله: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب» معناه: أن الحرمة تحصل بسبب الرضاع كما تحصل بسبب النسب فكل ما يحرم من النسب يحرم نظيره من الرضاع فتحرم الأم من النسب فكذا تحرم الأم من الرضاعة، وتحرم البنت من النسب فكذا تحرم البنت من الرضاع وهكذا.

وأجمع العلماء على أن الحرمة لا تتعدى إلى باقي أقارب المرتضع من أصول أو حواشي كأمه وأبيه وإخوانه وأخواته من النسب فيجوز لأخيه من النسب أن يتزوج بأخته من الرضاع ويجوز لأخيه من الرضاع أن يتزوج بأخته من النسب ويجوز لأبيه من النسب أن يتزوج بأمه من الرضاع... إلى آخره.

وذلك لأن سبب التحريم ما ينفصل من أجزاء المرضعة وهو اللبن فيصبح المرتضع جزءا من أجزائها بخلاف أقارب المرتضع فليس بينهم وبين المرضعة وأقاربها لا نسب ولا سبب وهو اللبن.

الصورة الثانية: حصول الحرمة بين المرتضع وبين زوج المرضعة وأقاربه وهي ما تسمى بـ(لبن الفحل) وإضافة اللبن إلى الفحل وهو زوج المرضعة إضافة مجازية وإلا فاللبن يضاف إلى المرضعة.

واختلف العلماء في حصول الحرمة في هذه الصورة:

القول الأول: إن لبن الفحل لا يؤثر فلا تحصل الحرمة بين المرتضع وزوج المرضعة وأقاربه.

وهذا مذهب جماعة من السلف ومذهب داود الظاهري.

دليلهم الأول: قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ ... فلم يذكر العمة من الرضاع وهي أخت زوج المرضعة ولا بنت زوج المرضعة من غير المرضعة كما ذكرهما في النسب ولو حرمتا عليه بسبب الرضاع لذكرهما الله E في هذه الآية إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ويقويه قوله تعالى بعد ذكر المحرمات: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ ﴾ [النساء : ٢٤].

الدليل الثاني: من جهة النظر فاللبن الذي تحصل بسببه الحرمة لا ينفصل من الرجل وإنما ينفصل من المرأة فلا تنتشر الحرمة إلى الرجل.

القول الثاني: لبن الفحل يحرم فتحصل الحرمة بين المرتضع وبين زوج المرضعة وأقاربه فيصبح زوج المرضعة أبا له من الرضاعة وأولاد الزوج من غير المرضعة إخوانه وأخواته من الرضاعة وإخوان الزوج وأخواته أعمام المرتضع وعماته من الرضاعة... إلى آخره.

وهذا مذهب جمهور العلماء وابن حزم الظاهري.

دليلهم الأول: قوله H: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب». وهو في الصحيحين من حديث ابن عباس كما سبق ذكره، وجاء من حديث عائشة بلفظه([38]).

ومعناه: أنه يحرم بسبب الرضاع ما يحرم بسبب النسب فكما أن له أبا من النسب فكذلك يكون له أب من الرضاع وكما أن له أختا لأب من النسب فكذلك يكون له أخت لأب من الرضاع... إلى آخره.

الدليل الثاني: حديث عائشة J قالت: استأذن علي أفلح فلم آذن له، فقال: أتحتجبين مني وأنا عمك؟! فقلت: وكيف ذلك؟ فقال: أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي. فسألت رسول الله H فقال: «صدق أفلح ائذني له». وفي رواية: أن عائشة قالت: جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن عليها وكان أبو القعيس أبا عائشة من الرضاعة، فقالت: والله لا آذن لأفلح حتى أستأذن رسول الله H، فإن أبا القعيس ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأته فسألت رسول الله H، فقال: «ائذني له». قال عروة: فبذلك كانت عائشة تقول: حرموا من الرضاعة ما تحرمون من النسب([39]). وهذا نص صريح في الحرمة بلبن الفحل فأبو القعيس أبو عائشة من الرضاعة وأخوه عمها من الرضاعة.

والرد على المخالف بالآتي:

أما الآية؛ فالجواب عليها بأن ذكر البعض لا يدل على نفي الحكم عما عداه، فالآية ذكرت من المحرمات على الرجل: الأم والأخت من الرضاعة، والسنة دلت على أكثر من ذلك كما أن الرجل يحرم عليه الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها بالإجماع ولم يذكر هذا في هذه الآية لكن هذا الحكم ذكر في السنة النبوية.

أما قولهم: إن اللبن لا ينفصل من الرجل فلا تنتشر الحرمة إلى الرجل فهو تنظير بمقابل النص فلا يلتفت إليه. وأيضًا فإن سبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة معا فوجب أن يكون الرضاع منهما لهذا قال أفلح I كما في حديث عائشة J السابق: أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي.

الترجيح: الراجح ثبوت التحريم بلبن الفحل كما قاله جمهور العلماء والأصل فيه حديث عائشة المخرج في الصحيحين.

الصورة الثالثة: حصول الحرمة من الرضاع بمثل ما تحصل من المصاهرة.

وهي عدة صور: أم الزوجة من الرضاع، ابنة الزوجة من الرضاع، زوجة الابن من الرضاع، زوجة الأب من الرضاع، الجمع بين الأختين من الرضاع، الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها من الرضاع، أبو الزوج من الرضاع، وابن الزوج من الرضاع.

فهل يحرم من الرضاع ما يحرم من المصاهرة؟

فيه خلاف بين العلماء:

القول الأول: يحرم من الرضاع ما يحرم من المصاهرة كما يحرم من النسب فتحصل الحرمة في الصور السابقة بسبب الرضاع كما تحصل بسبب المصاهرة.

وهو مذهب جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة وأتباعهم.

دليلهم: ما ثبت عن النبي H أنه قال: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب([40]).

ووجه الشاهد منه: أنه يفهم من عمومه دخول هذه الصور فيه فمثلا يفهم منه أن أم زوجته من الرضاع تحرم عليه كما تحرم عليه أم زوجته من النسب وبيان ذلك: أن زوجته إذا كان لها أمان واحدة هي أمها من النسب والأخرى هي أمها من الرضاع فإذا حرمت عليه أمها التي من النسب فتحرم عليه نظيرتها التي من الرضاع لحديث «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب».

وكما أنها تحرم عليه ابنة زوجته من النسب فكذلك تحرم عليه ابنة زوجته من الرضاع، وبيان ذلك: أن زوجته إذا كانت لها بنتان: أحدهما من النسب، والثانية من الرضاع؛ فإذا حرمت عليه التي من النسب فإنها بالمقابل تحرم عليه نظيرتها التي من الرضاع لقوله: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب».

ويحرم عليه الجمع بين الأختين من الرضاعة كما يحرم عليه الجمع بين الأختين من النسب لهذا الحديث وزوجة الابن أو زوجة الأب محرمة بسبب النسب فكذا بسبب الرضاع، وهكذا يقال في بقية الصور المذكورة آنفا.

القول الثاني: لا تحصل الحرمة هنا كما تحصل بالمصاهرة، فلا تحصل حرمة في الصور المذكورة فلا تحرم على الرجل أم زوجته من الرضاع ولا ابنتها من الرضاع ولا زوجة ابنه أو أبيه من الرضاع ولا يحرم عليه الجمع بين الأختين من الرضاع... إلى آخره.

وهو قول العلامة ابن القيم وجعل سلفه في هذه الصورة من لم يثبتوا التحريم بلبن الفحل وقد مر ذكرهم ونقل عن ابن تيمية التوقف وذكر بعض العلماء أنه مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية([41])، واختاره الشيخ ابن عثيمين وقال: ولو ذهب ذاهب إلى حالة وسط في هذه المسألة قال بقول الجمهور في أنه لا يحل له نكاحها وإلى قول شيخ الإسلام بأنها ليست من محارمه وعمل بالاحتياط لكان هذا له وجه([42]). أهـ

دليلهم: أن النبي H قال: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» ولم يقل: «ما يحرم من الصهرية» فمثلا أبو الزوج حرام على زوجة الابن وهذه الحرمة من جهة الصهر وليست من جهة النسب وزوجة الأب محرمة على ابنه بسبب المصاهرة لا النسب، وقد قال تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ ولم يذكره في المحرمات فدل ذلك على أنه مما أحل لنا.

الترجيح: الحرمة هنا تفهم من عموم الحديث السابق كما قاله جمهور العلماء فيشمل هذا الحديث الصور المذكورة وقد رجح مذهب الجمهور الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ([43])، وكذلك اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية([44]).

تنبيه: الشروط المعتبرة في الرضاع الذي تنتشر به الحرمة من عدد وسن وقدر وشهود لم نتكلم عليها هنا لأن المراد هو الكلام على المحرمات بسبب الرضاع وليس الغرض استيعاب مسائل الرضاع فهذا له مظانه الخاصة به.

 


([1]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/82)، تفسير القرطبي (5/174، 178)، بداية المجتهد (2/32)، روضة الطالبين (5/449)، المغني (9/514، 525)، زاد المعاد (5/119).

([2]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/84)، تفسير القرطبي (5/174)، بداية المجتهد (2/33)، روضة الطالبين (5/450)، المغني (9/515-519)، زاد المعاد (5/121).

([3]) مراجع: فتح القدير (3/210)، فتح باب العناية (2/11)، تفسير القرطبي (6/174)، بداية المجتهد (2/34)، روضة الطالبين (5/541)، مغني المحتاج (3/228)، المغني (9/515، 524)، زاد المعاد (5/152)، شرح الزركشي مختصر الخرقي (5/160)، الإنصاف (8/114).

([4]) ضعيف: رواه عبد الرزاق (10821)، والترمذي (1145)، والبيهقي (7/160) وفي سنده ابن لهيعة وهو ضعيف، وتابعه المثنى بن الصباح عند البيهقي (7/160)، والمثنى كذلك ضعيف، قال الترمذي ـ عقب الحديث ـ: هذا حديث لا يصح من قبل إسناده، وإنما رواه ابن لهيعة والمثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب، والمثنى وابن لهيعة ضعيفان في الحديث. اهـ

قلت: ولا يتقوى الحديث بالطريقين لاحتمال أن يكون ابن لهيعة أخذه من المثنى بن الصباح فيكون الحديث حديث المثنى فقط، قال الحافظ ابن حجر في التلخيص (3/166): يشبه أن يكون ابن لهيعة أخذه من المثنى ثم أسقطه فإن أبا حاتم قد قال: لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب. اهـ

وضعف الحديث الألباني في الإرواء (1879).

([5]) مراجع: فتح باب العناية (2/12)، بداية المجتهد (2/33)، تفسير القرطبي (6/188)، روضة الطالبين (5/451)، المغني (9/518، 524).

([6]) مراجع: فتح القدير (3/210)، فتح باب العناية (2/11)، تفسير القرطبي (6/186)، بداية المجتهد (2/33)، شرح مسلم للنووي (10/24)، الأوسط لابن المنذر (8/483)، تفسير ابن كثير (3/418)، فتح الباري (10/198)، المغني (9/516)، زاد المعاد (5/120، 562)، الإنصاف (8/115)، المحلى مسألة (1864)، الشرح الممتع (12/122).

([7]) رواه البخاري (5101) ومسلم (1449).

([8]) رواها البخاري (5106).

([9]) في سنده ضعف: رواه عبد الرزاق (10835)، وابن حزم في المحلى (9/144)، وأبو عبيد الله أو جده صاحب القصة مجهول، وأيضًا ظاهره الإرسال ولعل عبيد الله أخذه من صاحب القصة وهو أبوه أو جده، ومع هذا صحح إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح.

([10]) حسن: رواه عبد الرزاق (10834)، وابن المنذر في الأوسط (7353)، وابن أبي حاتم في تفسيره (5087)، وابن حزم في المحلى (9/143) وسنده حسن، فرجاله ثقات إلا إبراهيم بن عبيد فهو صدوق. وقال ابن كثير في تفسيره (3/418): هذا إسناد قوي ثابت إلى علي بن أبي طالب على شرط مسلم وهو قول غريب جدا. اهـ وذكر القرطبي في تفسيره (6/186) أن ابن المنذر والطحاوي قالا: لا يثبت عن علي لأن راويه إبراهيم بن عبيد لا يعرف. اهـ قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/198): وقد دفع بعض المتأخرين هذا الأثر وادعى نفي ثبوته بأن إبراهيم بن عبيد لا يعرف وهو عجيب فإن الأثر المذكور عند بن أبي حاتم في تفسيره من طريق إبراهيم بن عبيد بن رفاعة وإبراهيم ثقة تابعي معروف وأبوه وجده صحابيان والأثر صحيح عن علي. اهـ وقال ابن حزم في المحلى (9/146): وادعوا أن إبراهيم بن عبيد مجهول قال وهو كذب بل هو مشهور ثقة روى مسلم وغيره عنه في الصحيح. اهـ

وأيضا يشهد لثبوته عن علي I الأثر السابق ففي آخره أن عمر قال للسائل: اذهب فسأل فلانا. قال ولا أراه إلا عليا، فسأله، فقال: لا بأس بذلك. وهذا الأثر وإن كان في سنده ضعف إلا أنه يزيد أثر علي I قوة بأن يقال: إن هذا الحكم جاء عن علي I من طريقين.

([11]) فتاواها (18/214).

([12]) سبق تخريجه.

([13]) سبق تخريجه وهو ضعيف.

([14]) انظر فتاوى اللجنة الدائمة (18/215).

([15]) حاشية ابن عابدين (4/84).

([16]) مراجع: فتح القدير (3/212، 216)، بداية المجتهد (2/41)، تفسير القرطبي (6/193، 205)، المنتقى شرح الموطأ (3/352)، شرح مسلم للنووي (9/163)، مغني المحتاج (3/231)، المغني (9/519، 522).

([17]) رواه البخاري (5108)، ومسلم (1408).

([18]) في سنده ضعف: رواه ابن حبان (4116)، والطبراني في الكبير (11931)، وابن عبد البر في التمهيد (18/277) وفي سنده أبو حريز عبد الله بن حسين الأزدي يعتبر به وقد رواه الترمذي (1153) دون قوله: إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم.

([19]) مراجع: فتح القدير (3/218)، بداية المجتهد (2/42)، الاستذكار (16/174)، تفسير القرطبي (6/208)، مغني المحتاج (3/231)، شرح مسلم (9/164)، المغني (9/543)، المحلى مسألة (1865).

([20]) مراجع: الاستذكار (16/182)، تفسير القرطبي (6/209)، بداية المجتهد (2/42)، الأوسط (8/504)، شرح مسلم للنووي (9/164)، المغني (9/524)، الإنصاف (8/123).

([21]) ضعيف:رواه عبد الرزاق (10767)، وأبو داود في المراسيل (208) ورجاله ثقات لكنه مرسل.

([22]) ضعيف جدا: رواه ابن عدي في الكامل (3/902)، وابن المنذر في الأوسط (8/504) وفيه خالد بن عمرو القرشي كُذب.

([23]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/84)، الاستذكار (16/191)، تفسير القرطبي (6/188)، حاشية الخرشي (4/207)، النجم الوهاج (7/160)، مغني المحتاج (3/228)، المغني (9/528)، الإنصاف (8/117)، كشاف القناع (5/72)، الموسوعة الفقهية (41/319).

([24]) الشرح الممتع (1/120).

([25]) مراجع: فتح القدير (3/219)، فتح باب العناية (2/13)، الاستذكار (16/196)، تفسير القرطبي (6/189)، المنتقى شرح الموطأ (3/306)، شرح مسلم للنووي (10/34)، النجم الوهاج (7/161)، المغني (9/526)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (32/140)، الإنصاف (8/117)، المحلى مسألة (1866)، الشرح الممتع (12/119).

([26]) ضعيف جدا: رواه ابن أبي شيبة (3/481)، والبيهقي (7/170) معلقا وضعفه فقال: إنما رواه الحجاج بن أرطأة عن أبي هانئ أو أم هانئ عن النبي H. وهذا منقطع ومجهول وضعيف والحجاج بن أرطأة لا يحتج به فيما يسنده فكيف فيما يرسله عمن لا يُعرف. اهـ. قلت: وهو كما قال.

([27]) ضعيف: رواه ابن أبي شيبة (3/480)، والدارقطني (3/269)، والبيهقي (7/170). قال الدارقطني عقبه: موقوف وليث وحماد ضعيفان.

قلت: ليث هو ابن أبي سُليم وحماد هو ابن أبي سليمان وكلاهما مختلف فيه والأقرب في ليث أنه ضعيف، أما حماد فالأقرب أنه حسن الحديث.

([28]) رواه ابن أبي شيبة (3/482) وهذا لا حجة فيه.

([29]) ضعيف جدا: رواه ابن حزم في المحلى (9/149) معلقا وقال هو مرسل وفيه انقطاع وأبو بكر بن عبد الرحمن مجهول.

([30]) ضعيف: رواه عبد الرزاق (12772)، والبيهقي (7/169) معلقا وقال جابر الجعفي ضعيف والشعبي عن ابن مسعود منقطع، وإنما رواه غيره بمعناه عن الشعبي من قوله. اهـ قلت: والأمر كما قال.

([31]) رواه البخاري (3436)، ومسلم (2550).

([32]) ضعيف: رواه ابن ماجه (2015)، والدارقطني (3/268)، والبيهقي (7/168). وفي سنده عبد الله بن عمر العمري ضعيف وإسحاق بن محمد الفروي مختلف فيه وقال الحافظ ابن حجر صدوق ساء حفظه كما في التقريب. وجاء من حديث عائشة بنحوه، رواه الدارقطني (3/268)، والطبراني في الأوسط (4800)، والبيهقي (7/169) وغيرهم وفيه عثمان بن عبد الرحمن الزهري كذاب وضعف الألباني حديث ابن عمر في السلسلة الضعيفة (385) وحكم على حديث عائشة بأنه باطل في الضعيفة (388).

([33]) صحيح: رواه ابن أبي شيبة (3/480)، وعبد الرزاق (12769)، والبيهقي (7/168) بإسناد صحيح. وله طريق ثانية وثالثة عن ابن عباس، انظر سنن سعيد بن منصور (3/392)، عبد الرزاق (12781)، والبيهقي.

([34]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/82)، تفسير القرطبي (6/191)، حاشية الخرشي (4/204)، مواهب الجليل (5/109)، النجم الوهاج (7/153)، روضة الطالبين (5/448)، المغني (9/529)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (32/135، 138)، زاد المعاد (569)، السلسلة الضعيفة للألباني (1/566).

([35]) مراجع: فتح باب العناية (2/85-87)، حاشية ابن عابدين (4/297)، فتح القدير (3/447)، بداية المجتهد (2/35، 37)، مواهب الجليل (5/537-539)، تفسير القرطبي سورة النساء الآية (230)، روضة الطالبين (5/449، 451)، شرح مسلم للنووي (10/17-18)، فتح الباري (10/176، 189)، المغني (9/515-523)، فتاوى ابن تيمية (34/31، 33، 36، 41، 49)، زاد المعاد (5/561-564)، المحلى لابن حزم (1859، 1860)، دروس وفتاوى الحرم المكي للعثيمين (3/262).

([36]) انظر شرح مسلم للنووي (10/17)، وفتاوى ابن تيمية (32/139)، وفتح الباري (10/176).

([37]) رواه البخاري (2646)، ومسلم (1447).

([38]) رواه مسلم (10/20).

([39]) رواه البخاري (2644، 5111)، ومسلم (1445).

([40]) سبق تخريجه.

([41]) القواعد لابن رجب (3/114)، الاختيارات للبعلي (ص/213).

([42]) دروس وفتاوى الحرم المكي (3/262).

([43]) فتاوى ورسائل آل الشيخ (10/128).

([44]) مجموع فتاوى اللجنة الدائمة (21/45، 96، 103).

([45]) مراجع المسألة: تفسير ابن جرير الطبري سورة البقرة آية (221)، تفسير القرطبي سورة البقرة آية (221)، وسورة المائدة آية (5)، تفسير الرازي سورة البقرة آية (221)، تفسير البحر المحيط لأبي حيان سورة البقرة آية (221)، فتح القدير (3/228-231)، بدائع الصنائع (2/271)، التمهيد لابن عبد البر (12/21، 24)، موسوعة الإمام الشافعي (10/11، 13، 19)، روضة الطالبين (5/472)، فتح الباري (10/522)، مغني المحتاج (3/240)، المغني (9/545-548)، (10/10)، مجموع فتاوى ابن تيمية (32/178-190)، المحلى مسألة (1821، 1822)، فتاوى اللجنة الدائمة (18/279).

([46]) ضعيف مرفوعا: رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (3/716) وأشار لضعفه وفي سنده شريك القاضي سيء حفظ وأشعث بن سوار ضعيف يعتبر به. وروى عبد الرزاق في مصنفه (6/83) عن جابر بن عبد الله نحوه موقوفا عليه وإسناده صحيح.

([47]) روضة الطالبين (5/472)، المغني (9/546)، فتاوى اللجنة الدائمة (18/316).

([48]) رواه البخاري (3157)، من حديث عبد الرحمن بن عوف.

([49]) ضعيف: رواه مالك في الموطأ (669)، وابن أبي شيبة (3/223)، وعبد الرزاق (6/68)، والبيهقي (9/189) وغيرهم وهو منقطع محمد بن علي بن الحسين لم يدرك عمر وضعف الأثر الألباني في الإرواء (1248).

([50]) ضعيف: رواه الطبراني في الأوسط (3442) وفي سنده روح بن المسيب أبو رجال الكلبي مختلف فيه، قال ابن حجر في كتابه موافقة الخبر الخبر (2/181): لين الحديث. وذكر في لسان الميزان في ترجمة روح بن المسيب هذا الحديث وقال: غريب جدا.

([51]) رجال سنده ثقات مع إرساله: رواه ابن أبي شيبة (12/241)، وعبد الرزاق (10/356)، والبيهقي (9/193)، وقال: مرسل وإجماع أكثر المسلمين عليه يؤكده. اهـ

([52]) مجموع الفتاوى (32/188) بتصرف.

([53]) بداية المجتهد (1/389)، فتح الباري (6/393)، المغني (13/31، 208)، الإنصاف (9/217)، الشرح الممتع (8/63).

([54]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/281)، بداية المجتهد (2/49)، الاستذكار (18/143)، مواهب الجليل (5/139)، المجموع شرح المهذب (16/244)، فتح الباري (10/174)، المغني (9/472).

([55]) حديث حسن بمجموع طرقه مر معنا تخريجه في المسألة الحادية عشر من المبحث الأول من هذا الفصل.

([56]) ضعيف: رواه أحمد (4/232)، وأبو داود (2243)، والترمذي (1159، 1160)، وابن ماجه (1951)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/255)، (4/227)، وابن حبان (4155)، والدارقطني (3/273)، والبيهقي (7/184) وغيرهم، عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز عن أبيه به. وأبو وهب الجيشاني والضحاك كلاهما لم يوثقه معتبر فهما مجهولا حال. وقال ابن حجر فيهما: مقبولان. في تقريب التهذيب، ويعني بقوله: مقبول: إن توبع وإلا فلين الحديث، كما ذكر هذا في مقدمة التقريب. ولا نعلم لكل واحد منهما متابعا. وضعف هذا الحديث البخاري في التاريخ الكبير (3/249)، فقال: في إسناده نظر. وقال أيضًا في تاريخه (4/333): لا يعرف سماع بعضهم من بعض. اهـ وكذلك ضعفه العقيلي وغيره. انظر تلخيص الحبير (3/200). وصحح إسناده الدارقطني كما في تهذيب التهذيب (4/448)، والبيهقي في سننه، وقال الشيخ الألباني: الحسن محتمل. الإرواء (6/335).

([57]) مراجع: تفسير القرطبي سورة الممتحنة آية (10)، حاشية ابن عابدين (4/267، 270)، شرح معاني الآثار (3/258)، المنتقى للباجي (3/344)، موسوعة الإمام الشافعي (10/148، 152)، (11/10، 12)، المجموع شرح المهذب (16/299)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (32/335)، أحكام أهل الذمة (2/646، 662)، السيل الجرار (2/306)، فتاوى اللجنة الدائمة (18/292).

([58]) رجاله ثقات: رواه عبد الرزاق (6/84).

([59]) سنده صحيح: قال ابن حجر: رواه حماد بن سلمة في مصنفه وصححه في فتح الباري (10/528) وذكر أيضًا هذا السند والمتن ابن حزم في المحلى (5/370)، وابن القيم في زاد المعاد (5/139) وصححاه وهو كما قالوا.

([60]) ميزان الاعتدال (2/609).

([61]) تهذيب التهذيب (10/244)، شرح علل الترمذي لابن رجب (ص/334).

([62]) شرح علل الترمذي (ص/334).

([63]) المعرفة والتاريخ للفسوي (2/201).

([64]) صحيح: رواه ابن أبي شيبة (5/91).

([65]) إسناده ضعيف: رواه ابن أبي شيبة (5/91)، فالشعبي لم يسمع من علي I إلا حديثا واحدا عندما أقام علي I حد الرجم. قال الدارقطني: سمع الشعبي من علي I حرفا ما سمع غير هذا. تهذيب التهذيب (ترجمة الشعبي) علل الدارقطني (4/97). قال الحازمي: لم يثبت أئمة الحديث سماع الشعبي من على الاعتبار (ص/160).

([66]) إسناده صحيح: رواه ابن أبي شيبة (5/91)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/260).

([67]) التمهيد لابن عبد البر (12/24).

([68]) مراجع: شرح معاني الآثار (3/258)، فتح القدير (3/418، 421)، حاشية ابن عابدين (4/267، 270)، التمهيد لابن عبد البر (12/23)، بداية المجتهد (2/49)، المنتقى للباجي (3/343-346)، المجموع شرح المهذب (16/295-300)، روضة الطالبين (5/480)، فتح الباري (10/527-528)، المغني (10/7، 11)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (32/175)، زاد المعاد (5/133) وما بعد، أحكام أهل الذمة (2/640-694)، المحلى (939)، عون المعبود مع تهذيب السنن (6/230).

([69]) ضعيف: رواه ابن أبي شيبة (5/90)، وعبد الرزاق (6/83) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/259) وله طريقان:

الأول: فيها يزيد بن علقمة مجهول عين.

والثانية: فيها داود بن كردوس مجهول عين والسفاح بن مطر مجهول حال.

([70]) ضعيف: رواه مالك في الموطأ (1/597)، وعبد الرزاق (7/170)، والبيهقي (7/186) وهو مرسل ومراسيل الزهري من أضعف المراسيل.

([71]) مجموع فتاوى اللجنة الدائمة (18/292).

([72]) ضعيف: رواه البيهقي (7/186) وهو مرسل مع إبهام بعض رجال السند.

([73]) معل: رواه البخاري في صحيحه (5286)، وقد أعله أبو مسعود الدمشقي وجماعة بأن عطاء هنا هو الخراساني كما ذكر ذلك ابن المديني وعطاء لم يسمع من ابن عباس وابن جريج لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني. فتح الباري (10/524).

([74]) سنده صحيح: رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/257)، ورواه ابن أبي شيبة (5/89)، وفيه: فهي أملك بنفسها. ورواه سعيد بن منصور في سننه (2/46)، ولفظه: يفرق بينهما لا يملك نساءنا غيرنا نحن على الناس والناس ليسوا علينا. وسنده صحيح. وفي البخاري (10/526) قال ابن عباس: إذا أسلمت النصرانية قبل زوجها بساعة حرمت عليه.

([75]) الشرح الممتع (12/247).

([76]) نيل الأوطار (6/162).

([77]) سبق تخريجه في المسألة التي قبل هذه.

([78]) سبق تخريجه في المسألة التي قبل هذه.

([79]) حسن لغيره: رواه أحمد (1/217)، وأبو داود (2237)، والترمذي (1143)، ابن ماجه (2009)، والدارقطني (3/252)، والبيهقي (7/187)، وهو من طريق محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس.

وابن إسحاق مدلس لكنه صرح بالتحديث هنا في بعض الطرق.

وداود بن الحصين ثقة لكن في روايته عن عكرمة ضعف، قال ابن حجر في تقريب التهذيب: ثقة إلا في عكرمة. اهـ

ولهذا الحديث شواهد مرسلة صحيحة الإسناد وليس فيها ذكر الزمن بين إسلامها وإسلامه:

الأول: عن الشعبي رواه ابن سعد في الطبقات (8/32) وسعيد بن منصور في سننه (2/3، 73).

والثاني: عن قتادة أخرجه كذلك ابن سعد وسعيد بن منصور والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/260).

الثالث: عن عمرو بن دينار رواه سعيد بن منصور في سننه (2/3، 73). فالحديث حسن بمجموع هذه الطرق. وقد صحح هذا الحديث الإمام أحمد في سننه (2/208) وابن حزم في المحلى (5/372) قال ابن القيم شهد الأئمة بصحته. أحكام أهل الذمة (2/681) وصححه الألباني بشواهده في الإرواء (1921).

([80]) ضعيف: رواه أحمد (2/208)، والترمذي (1142)، وابن ماجه (2010)، والدارقطني (3/253)، والبيهقي (7/188) وفي سنده الحجاج بن أرطأة فيه ضعف وهو مدلس أيضًا ولم يصرح بالتحديث هنا بل قال الإمام أحمد عقبه لم يسمعه الحجاج بن أرطأة من عمرو بن شعيب إنما سمعه من محمد بن عبيد الله العرزمي. اهـ

قلت: والعرزمي هذا متروك. وضعف الألباني الحديث في الإرواء (1922).

([81]) سبق نصه وتخريجه.

([82]) انظر البداية والنهاية لابن كثير (6/252)، الإصابة لابن حجر (4/221).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=2069