وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ; أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ فِي دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ: «تَحُتُّهُ, ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ, ثُمَّ تَنْضَحُهُ, ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
تخريج الحديث:
حديث أسماء: رواه البخاري (227)، ومسلم (291).
فقه الحديث:
دم الحيض نجس بإجماع العلماء، ومما يدل على نجاسته: قوله H في دم الحيض يصيب الثوب: «تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالمَاءِ ثُمَّ تَنْضَحُهُ»، فقد أمر الشرع بغسله من الثوب.
يستحب للمرأة إذا أصاب ثوبها دم حيض أن تحته بظفرها لتذهب خشونته، ثم تقرصه ليلين، ثم تغسله بالماء، فقد قال رسول الله في دم الحيض: « تَحُتُّهُ»، أي: تحكه بعود أو بظفر أو بحجر إذا كان يابسًا، ثم بعد ذلك « تَقْرُصُهُ» بالماء، والقرص هنا: دلك بأطراف الأصابع مع الماء، وهذا من أجل إزالة النجاسة إذا كانت قد تشرَّب الثوب بها، ثم بعد ذلك « تَنْضَحُهُ»، أي: تصب عليه الماء وتغسله، وكذلك بقية النجاسات إذا احتاجت لذلك قبل الغسل.
وأما عصر الثوب إذا أمكن عصره؛ فيجب عند الحنفية، والصحيح عند الحنابلة؛ لأن الماء لا يخرج ما تشربه الثوب من النجاسة إلا بالعصر.
ومذهب المالكية والشافعية، ووجه للحنابلة: أنه لا يجب العصر، فلا دليل على اشتراطه، والغرض: ذهاب النجاسة، فمع الماء الكثير تذهب النجاسة، وهذا هو الأرجح، ويستحب العصر احتياطًا.
تقدم معنا في لعاب الكلب، أنه يشترط في تطهيره سبع غسلات مع استخدام التراب، لأنه الثابت في الشرع.
وأما لعاب الخنزير؛ ففيه خلاف، والصحيح الذي عليه أكثر العلماء: أن لعاب الخنزير لا يشترط في إزالته أن يغسل سبعًا مع الترتيب؛ لأن القياس على لعاب الكلب قياس مع الفارق، والأصل عدم وجوبه إلا بدليل شرعي، لا سيما في هذه الأمور التعبدية، فتزال نجاسته بالعدد والكيفية التي تزال به سائر النجاسات، وليس كلعاب الكلب.
وأما بقية النجاسات، كدم الحيض والأبوال والأرواث والمذي... إلخ؛ فالصحيح من أقوال أهل العلم، وهو مذهب المالكية والشافعية، ورواية عن الإمام أحمد: أنه ليس هنالك عدد معين يشترط في إزالة هذه النجاسات، وإنما المطلوب إزالة عين النجاسة بأي عدد حصلت الإزالة.
وحديث أسماء في تطهير دم الحيض قال: «تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالمَاءِ ثُمَّ تَنْضَحُهُ»، ولم يذكر عددًا، فلما أطلق الغسل هنا؛ دل ذلك على أنه ليس مقيدًا بعددٍ معين.
([1]) انظر شرح مسلم (3/170).
([2]) انظر المغني (1/80)، فتح الباري (1/443)، الإنصاف (1/316)، الفقه الإسلامي وأدلته (1/332).
([3]) انظر المجموع شرح المهذب (2/586، 592)، المغني (1/175)، الإنصاف (1/313)، الفقه الإسلامي وأدلته (1/333).