2024/11/30
عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةٍ - رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ, فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ, وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخُفَّيْنِ.

وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةٍ - رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ, فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ, وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخُفَّيْنِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

تخريج الحديث:

حديث المغيرة: رواه مسلم (274).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: مشروعية المسح على العمامة([1]):

ذهب جمهور أهل العلم إلى مشروعية المسح على العمامة لعذر أو لغير عذر، مع خشية وقوع الضرر بخلعها، ومع عدم خشية ذلك، وذلك لأن الأحاديث التي جاءت عن النبي H في المسح على العمامة في الوضوء، جاءت مطلقة؛ ففي حديث المغيرة I قال: «فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى العِمَامَةِ»، فتبقى على إطلاقها، فليست مقيدة بوقت الحاجة أو بوجود العذر، وهو الصحيح.

المسألة الثانية: المسح على العمامة وحدها([2]):

لا خلاف بين العلماء أنه يشرع المسح على العمامة إذا مسح المتوضئ معها ما ظهر من رأسه، فقد مسح رسول الله H بناصيته ـ وهي مقدم الرأس ـ وعلى العمامة، أي: أكمل المسح على العمامة.

وذهب جماعة من الصحابة والتابعين، ومذهب الظاهرية، والمشهور من مذهب الحنابلة وجاء عن غيرهم: أنه يشرع المسح على العمامة وحدها، فلا يلزم على المتوضئ أن يمسح على جزء من رأسه، ثم يكمل على العمامة، فقد جاءت أحاديث ظاهرها أن النبي H مسح على العمامة وحدها، ولم يذكر فيها أنه مسح على بعض رأسه، ففي صحيح البخاري عن عمرو بن أمية I: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ H يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ»، وقد أعلَّ هذا الحديث بما لا يقدح فيه.

وعن بلال I قال: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ H مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ، وَالخِمَارِ»، رواه مسلم، والمراد بالخمار هنا: العمامة، فالمعروف عن النبي H أنه كان يلبس العمامة.

والصحيح عند الحنابلة: أنه يشترط في العمامة التي يصح المسح عليها أن تكون ساترة لجميع الرأس، إلا ما جرت العادة بظهوره كمقدم الرأس والأذنين وشبههما من جوانب الرأس، وأن تكون محكمة ويشق نزعها، وأن تلبس على طهارة كاملة - أي: بعد وضوء، قياسًا على الخف -؛ فعلى هذا يكون المسح على العمامة له كيفيتان:

الكيفية الأولى: أن يمسح الشخص على ما ظهر من رأسه ثم يكمل المسح على العمامة.

الكيفية الثانية: أن يقتصر بالمسح على العمامة وحدها، مع محاولة الاستيعاب في المسح لجميع ما يستر الرأس من هذه العمامة؛ لأنها حلت مكان الرأس.

والذي ينبغي: أن يمسح الشخص على ما ظهر من رأسه، ثم يكمل المسح على العمامة، خروجًا من الخلاف وأخذًا بالاحتياط؛ لاحتمال أن يكون حديث المغيرة I مقيدًا لما جاء مطلقًا في حديث بلال وعمرو بن أمية L.

المسألة الثالثة: المسح على الطاقية والخمار([3]):

الطاقية: هي الكوفية.

وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يشرع المسح عليها؛ لعدم وجود الدليل الصحيح عن النبي H أنه مسح على الطاقية أو أقر المسح عليها، ولا تقاس على العمامة؛ لأن العادة من هذه الطاقيات أنها لا تستر جميع الرأس ولا يشق نزعها، فلم تشبه العمامة من كل وجوه، فلا تقاس عليها، وهذا القول هو الصحيح.

وأما الخمار؛ فالمشهور من مذهب الحنابلة، والذي اختاره ابن حزم وجماعة من أهل العلم: أنه يشرع المسح عليه. والخمار يلف على جميع الرأس ويشد من تحت الحلق، فهو كالعمامة يستر جميع الرأس ويشق نزعه، وقد جاء أن النبي H مسح على الخمار كما في حديث بلال I السابق، وروى الإمام ابن أبي شيبة (1/30) عن أم سلمة J: «أَنَّهَا كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى الخِمَارِ»، وفي سنده انقطاع، ووصله ابن المنذر في كتابه "الأوسط" وسنده حسن.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى جواز المسح على الخمار عند وجود مشقة من برد أو نحوه، وقال: «ينبغي لها أيضًا أن تمسح جزءًا من رأسها». ا.هـ

وقال ابن عثيمين: «لا بأس أن تمسح عليه؛ إما لبرودة الجو، أو لمشقة النزع واللف مرة أخرى، والأولى أن لا تمسح، ولم ترد نصوص صحيحة في هذا». ا.هـ

وأما جمهور العلماء؛ فذهبوا إلى عدم جواز المسح على الخمار، ومسح رسول الله على الخمار في حديث بلال يحمل على العمامة؛ لأنه كان يلبس العمامة.

 

([1]) انظر المجموع شرح المهذب (1/407)، مجموع الفتاوى (21/122، 125).

([2]) انظر المغني (1/379)، المجموع شرح المهذب (1/407)، الاستذكار (2/218)، المحلى (1/303)، فتح الباري (1/412).

([3]) انظر الأوسط (1/471)، المغني (1/383)، المحلى (2/84)، مجموع الفتاوى (21/186، 218)، الفروع لابن مفلح (1/164)، الشرح الممتع (1/238).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=385