2024/11/30
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ».

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ I قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَهْ, بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

(50) 19 - وَلِلترْمِذِيِّ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ.

(51) 20- - وَأَبِي سَعِيدٍ نَحْوُهُ.

قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ.

تخريج الأحاديث:

حديث أبي هريرة I: رواه أحمد (2/418)، وأبو داود (101)، وابن ماجه (399)، فيه يعقوب بن سلمة، مجهول حال، وأبوه مجهول عين، ولا يعرف له سماع من أبي هريرة([1]). وله طريق أخرى عن أبي هريرة، رواه الدارقطني (1/71)، وإسنادها ضعيف أيضًا.

حديث سعيد بن زيد: رواه أحمد (4/70)، والترمذي (25)، فيه أبو ثفال المري، ورباح بن عبد الرحمن، مجهولا حال.

حديث أبي سعيد: رواه ابن ماجه (397)، فيه رُبيع بن عبد الرحمن، فيه ضعف.

وهنالك شواهد أخرى لهذا الحديث كلها ضعيفة([2]). والحديث بمجموع هذه الطرق يرتقي إلى الحسن، وقد حكم بثبوته جماعة من المحققين: كالإمام المنذري، وابن كثير، وابن حجر، وابن القيم، والهيثمي([3]).

وأما قول أحمد: «لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْء»، فيحمل على أنه قصد: لا يثبت فيه شيء مستقلًا.

فقه الحديث:

مسألة: حكم التسمية عند ابتداء الوضوء([4]):

جمهور أهل العلم على استحباب التسمية في الوضوء، وليست واجبة، والدليل على مشروعية التسمية في الوضوء: قوله H: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اِسْمَ اللهِ عَلَيْهِ»، وليست التسمية واجبة؛ لوجود ما يدل على عدم وجوبها، وهو أن الذين وصفوا وضوء النبي H لم يذكروا عنه أنه كان يبتدأ الوضوء بالتسمية، فلعله كان يسر التسمية، أو يتركها أحيانًا. وقد علم الصحابة الناس وضوء رسول الله H ولم يذكروا لهم التسمية أول الوضوء، منهم عثمان I - وقد سبق حديثه -.

وأيضًا: النبي H علَّم بعض الصحابة الوضوء ولم يذكر لهم التسمية، ففي صحيح مسلم عن عمرو بن عبسة أنه سأل النبي H أن يعلمه الوضوء، فعلمه النبي H وذكر له المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه إلخ ولم يذكر له التسمية، فلو كانت واجبة لذكرها النبي H له، لأنه أراد بيانًا وتعريفًا لهذه العبادة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وكذلك علَّم المسيء صلاته الوضوء مفصلًا، ولم يذكر له التسمية ـ كما سبق ـ.

فعليه: يكون النفي في حديث: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اِسْمَ اللهِ عَلَيْهِ»، نفي للكمال والأفضلية وتأكيد الاستحباب، وليس نفيًا للصحة، أي: لا تكمل فضيلة الوضوء إلا بالتسمية في أوله، وإن لم يذكر المتوضئ التسمية لم يبطل وضوءه، والأصل في النفي: أن يكون لنفي الصحة، لكن قد يكون النفي نفيًا للكمال لا نفيًا للصحة إذا كانت هنالك قرينة تدل عليه، كقول النبي H: «وَاللهِ لا يُؤْمِنُ مَنْ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ»، فهذا ليس نفيًا لصحة الإيمان، وإنما نفي لكمال الإيمان.

وذهب بعض العلماء إلى وجوب التسمية أول الوضوء، ولا يصح الوضوء إلا بها؛ لحديث: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اِسْمَ اللهِ عَلَيْهِ»، فنفى الحديث صحة الوضوء بغير التسمية.

والمشهور عند الحنابلة: أن الوضوء يبطل بتركها عمدًا، ولا يبطل بتركها سهوًا ونسيانًا؛ لأن وجوبها لم يتأكد كسائر واجبات الطهارة، وقياسًا على حل الذبيحة بترك التسمية سهوًا، وهو هنا أولى.

ومذهب الجمهور أصح، ولا ينبغي لأحد تعمد تركها ولو توضأ في الحمام؛ للنفي في حديث الباب.

 

([1]) التاريخ الكبير (4/76).

([2]) تخليص الحبير (1/85).

([3]) الترغيب والترهيب (1/163)، تفسير ابن كثير (1/27)، زاد المعاد (1/195)، مجمع الزوائد (1/225)، وحسنه الألباني في الإرواء (81).

([4]) انظر الأوسط (1/367)، المحلى [مسألة] (198)، المجموع شرح المهذب (1/346)، المغني (1/145)، شرح العمدة لابن تيمية (1/142)، الإنصاف (1/128)، بذل المجهود (1/256).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=388