2024/11/30
عَنْ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ? قَالَ: «نَعَمْ»

وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ I أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ? قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: يَوْمًا? قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: وَيَوْمَيْنِ? قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: وَثَلَاثَةً? قَالَ: «نَعَمْ, وَمَا شِئْتَ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

تخريج الحديث:

حديث أبي بن عمارة: رواه أبو داود (158)، وإسناده ضعيف جدًّا، وقد ضعفه أبو داود عقب ذكره، وفيه ثلاثة مجاهيل، قال الحافظ ابن حجر: في إسناده جهالة واضطراب([1]). اهـ، وقال النووي: ضعيف باتفاق أهل الحديث([2]).

فقه الحديث:

مسألة: دليل من قال بعدم التوقيت في المسح على الخفين([3]):

ذهب بعض السلف، والمشهور عند المالكية: أنه يجوز للشخص أن يمسح على خفيه في السفر وفي الحضر ما شاء من المدة بدون توقيت، ولو أكثر من ثلاثة أيام، وأصرح دليل لهم: حديث أبي بن عمارة I قال: «يا رسول الله، أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: يَوْمًا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَيَوْمَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَثَلَاثَةً؟ قَالَ: نَعَمْ وَمَا شِئْتَ»، ولأجل هذا والله أعلم جاء المؤلف بهذا الحديث، ليبين أن أصرح حديث لمن لم يقل بتحديد مدة المسح هو هذا الحديث وهو في نفس الوقت ضعيف.

ومعهم أحاديث أخر مثل: حديث أنس I: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا, وَلَا يَخْلَعْهُمَا إِنْ شَاءَ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ»، وظاهره: أن له أن يمسح عليهما ما لم يخلعهما ما أراد من مدة، وهو مطلق يقيد بالأدلة التي حددت مدة معينة للمسح، كحديث علي I «جَعَلَ النَّبِيُّ H ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ, وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ».

وأقوى وأصح دليل لهم: ما رواه الدارقطني (252)، والحاكم (1/180)، والبيهقي (1/280) عن عقبة بن عامر I: «قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الشَّامِ إِلَى المَدِينَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَدَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فَقَالَ لِى: مَتَى أَوْلَجْتَ خُفَّيْكَ فِى رِجْلَيْكَ؟ قُلْتُ: يَوْمَ الجُمُعَةِ، قَالَ: فَهَلْ نَزَعْتَهُمَا؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: أَصَبْتَ»، وفي رواية: «أَصَبْتَ السُّنَّةَ»، قال بعض الحفاظ في قَوْلُهُ: «السُّنَّةَ»، أنها زيادة شاذة، الصواب أنه قال له: «أصبت»، دون ذكر «السنة»، والظاهر أن هذا الحديث يصح بلفظ: « أَصَبْتَ السُّنَّةَ([4])»، والفرق بين اللفظين واضح، فقَوْلُهُ: «أصبت»، أي: أنه من اجتهاد عمر I، فهو موقوف عليه. أما قَوْلُهُ: «أصبت السنة»، أي: أنه مرفوع إلى النبي H، فالمراد بها: سنة النبي H.

والجواب على هذا الحديث عند الجمهور من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: أنه حديث ضعيف.

الوجه الثاني: أن يقال بنسخه، أي: أن عمر I كان يرى جواز المسح بلا توقيت، وكان يظن أنها من سنة النبي H، فلما تبين له التوقيت رجع إلى القول بالتوقيت، فقد صح عنه أنه قال في المسح: «يمسح على الخفين إلى مثل ساعته ويومه». رواه عبد الرزاق (1/209)، والبيهقي (1/276). وروى ابن أبي شيبة (1/205) عن عمر I قال: «في المسح على الخفين: ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم»، وإسناده صحيح، وهو أصح من أثر عقبة مع عمر L، وإذا صح الأمران؛ نختار ما دلت عليه السنة، وما كان أشهر، وما كان عليه الصحابة، وهو التوقيت بثلاثة أيام للمسافر، ويوم وليلة للمقيم. وهو أقوى الأجوبة.

الوجه الثالث: أن هذا في حق من كان في السفر، ويتضرر بسبب الغسل للقدمين؛ فإنه يباح له أن يمسح أكثر من المدة المحددة، كما لو كان في حالة البرد الشديد فيتضرر إذا غسل قدميه، فيمسح أكثر من ثلاثة أيام، وهذا اختيار بعض فقهاء الحنفية، وقول شيخ الإسلام ابن تيمية، ورجحه الألباني.

 

 

([1]) تهذيب التهذيب ترجمة أيوب بن قطن.

([2]) المجموع شرح المهذب (1/484).

([3]) انظر المحلى [مسألة] (215)، المجموع شرح المهذب (1/467)، مجموع الفتاوى (21/177، 215)، إعلام الموقعين (3/287)، فتح الباري (1/248).

([4]) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2622).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=398