وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ I قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً, فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ H فَسَأَلَهُ? فَقَالَ: «فِيهِ الْوُضُوءُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
تخريج الحديث:
حديث علي: رواه البخاري (132)، ومسلم (303).
فقه الحديث:
أجمع العلماء على أن المذي ينقض الوضوء، وقد سبق أن المذي: سائل أبيض خفيف لزج يخرج عند الشهوة. وقد كان علي I رجلًا مذاءً، أي: يخرج منه المذي بكثرة، وكان يعتقد أنه مثل المني يغتسل منه، واستحيا أن يسأل
رسول الله H مباشرة؛ لأنه متزوج بابنة النبي H فاطمة J، فوكل المقداد، فسأل رسول الله، فأمره أن يتوضأ.
جاء في الصحيحين في رواية في حديث علي أن النبي H قال: «يَغْسِلُ ذَكَرَهُ، وَيَتَوَضَّأُ»، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن المذاء يغسل الجزء العلوي من ذكره؛ لأنه الذي أصابته هذه النجاسة، فقَوْلُهُ: «يَغْسِلُ ذَكَرَهُ»، بلفظ الكل ويراد به الجزء، فلا يلزم أن يغسل الجميع.
والمشهور عند المالكية، ورواية عن أحمد، وقول بعض أهل العلم: الأخذ بظاهر الحديث، فقالوا: يغسل جميع ذكره، لأنه ربما وصلت هذه النجاسة إلى أسفل الذكر وهو لا يشعر، فكان الواجب غسل الذكر كله وهو الأرجح.
الأنثيان: هما الخصيتان.
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه يستحب للمذاء أن يغسل أنثييه عند غسل ذكره، فقد جاء عند أبي داود (211) عن عبد الله بن سعد الأنصاري I أن رسول الله H قال: «وَكُلُّ فَحْلٍ يَمْذِي، فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ»، وإسناده حسن، فأمره النبي H أن يغسل الفرج والانثيين، وهذا الأمر للاستحباب؛ لأن النبي H لم يأمر عليًّا I بغسل الأنثيين، فلو كان واجبًا لأمره بذلك، إلا في رواية لا تصح، رواها أحمد (1/124)، وأبو داود (208)، فدل ذلك على أن الأمر بغسل الأنثيين ليس على سبيل الوجوب، فلا يؤخر البيان عن وقت الحاجة، وهذا الذي عليه الجمهور هو الأصح.
والحكمة من استحباب غسل الأنثيين: هي احتمال وصول شيء من المذي إلى الأنثيين. وقيل: لأجل تخفيف خروج المذي ومنع استمرار خروجه.
([1]) انظر الاستذكار (3/22)، المغني (1/320).
([2]) انظر الاستذكار (3/14، 20)، شرح مسلم (3/183).
([3]) انظر المغني (1/232)، الاستذكار (3/14)، فتح الباري لابن رجب (1/306).