2024/11/30
عن عائشة : أَنَّ النَّبِيَّ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ, ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَعَنْ عَائِشَةَ, J: أَنَّ النَّبِيَّ H قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ, ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ.

تخريج الحديث:

حديث عائشة: رواه الإمام أحمد (6/210)، وأبو داود (179)، والترمذي (86)، وابن ماجه (502) عن عائشة J قالت: «أَنَّ النَّبِيَّ H قَبَّلَهَا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»، والحديث ضعفه البخاري كما ذكر المصنف، وأيضًا الإمام أحمد، وقال: غلط([1]). والترمذي وقال: ليس يصح عن النبي H في هذا الباب شيء. وقال أبو زرعة وأبو حاتم: لا يصح([2]). وهذا الحديث جاء من عدة طرق كلها ضعيفة؛ فالظاهر أن هذا الحديث لا يثبت.

فقه الحديث:

مسألة: لمس المتوضئ لزوجته أو للمرأة الأجنبية([3]):

الذي عليه جماعة من السلف، ومذهب الحنفية، ورواية للإمام أحمد، وعليها جماعة من الحنابلة: أن لمس النساء لا ينقض الوضوء، سواء كان اللمس بشهوة أو بغير شهوة، والمراد باللمس في قوله تعالى: ﴿ أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ [النساء: ٤٣]: الجماع، وإن كان الأصل أن اللمس يكون باليد، ولكن من أساليب القرآن: أن يكني عن الجماع بألفاظ أخرى. وقد ثبت عن ترجمان القرآن ابن عباس L أنه قال: «هو الجماع، ولكن الله D يكني عما شاء بما شاء». ومثل هذا قوله تعالى: ﴿ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَا [ الأحزاب: ٤٩ ]، فقَوْلُهُ: ﴿ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ، المراد به: الجماع بلا خلاف بين العلماء. وفي الصحيحين عن عائشة J قالت: «كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ
رَسُولِ الله
H رِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ». وفي صحيح مسلم عنها: «فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ»، وكان يقبل بعض نسائه ولا يتوضأ. ولأن المتوضئ صار وضوؤه صحيحًا متيقنًا بالإجماع، فإذا قيل بانتقاض وضوئه؛ فلا بد من دليل صحيح صريح يدل على ذلك، فلا ننقل اليقين بغير اليقين، ولا ننقل ما ثبت بإجماع ودليل صريح بغير دليل صريح أو إجماع.

واللمس بشهوة لا ينقض الوضوء؛ لأن الشهوة ليست سببًا لنقض الوضوء، وإنما هي مظنة لنقض الوضوء، والمظنة لا تكفي أن تكون ناقضة لما تيقن صحته، إلا إذا كانت المظنة قوية جدًّا كالنوم، وأيضًا النوم فيه دليل.

ومذهب بعض السلف والشافعي وأحمد في رواية: أن الوضوء ينتقض باللمس بغير حائل، سواء كان بشهوة أو بغير شهوة، فقَوْلُهُ: ﴿ أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ مطلق، فيدخل فيه كل لمس.

ومذهب جماعة من السلف ومالك، والمشهور عن أحمد: أنه ينتقض الوضوء إذا كان اللمس بشهوة؛ لأنه مظنة للحدث، وهو خروج المذي، كالنوم مظنة لخروج الريح. وأيضًا قوله تعالى: ﴿ أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ [النساء: ٤٣] يشمل اللمس بشهوة وبغير شهوة، وخرج الثاني بأدلة: منها حديث عائشة J حيث كان رسول الله H في صلاة، فبقي اللمس بشهوة. وثبت عن ابن مسعود وابن عمر أنهما قالا: «من قبل امرأته فعليه الوضوء». وتقبيل الزوج لزوجته يكون بشهوة؛ لأنه من دواعي الجماع.

والقول الأول أقوى. والأحوط للمتوضئ ألا يلمس امرأته بشهوة، فإن حصل منه ذلك أعاد الوضوء؛ حيث وأكثر العلماء يرون اللمس باليد داخلًا في الآية، وإنما اختلفوا في التفصيل.

وعامة العلماء على أن الرجل إذا لمس أو قبَّل محارمه - كأمه أو ابنته أو أخته إكرامًا وبرًا - أن وضوءه لا ينتقض.

 

([1]) المغني (1/258).

([2]) علل ابن أبي حاتم (1/48).

([3]) انظر المجموع شرح المهذب (2/30)، المغني (1/256)، الأوسط (1/113)، الاستذكار (3/43)، مجموع الفتاوى (21/232، 401)، الشرح الممتع (1/290)، تفسير الجصاص، سورة النساء، آية (43).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=402