2024/11/30
عَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: مَسَسْتُ ذَكَرِي، أَوْ قَالَ: الرَّجُلُ يَمَسُّ ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ, أَعَلَيْهِ وُضُوءٌ?

وَعَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ I قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: مَسَسْتُ ذَكَرِي، أَوْ قَالَ: الرَّجُلُ يَمَسُّ ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ, أَعَلَيْهِ وُضُوءٌ? فَقَالَ النَّبِيُّ H: «لَا, إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ». أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ.

(73) 07- - وَعَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ J أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H قَالَ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ». أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ.

تخريج الحديثين:

حديث طلق بن علي I: رواه أحمد (4/22)، وأبو داود (182)، والنسائي (1/101)، والترمذي (85)، وابن ماجه (483)، وإسناده حسن، وقد صححه بعض أهل العلم، وضعفه آخرون([1]).

حديث بسرة I: رواه أحمد (6/407)، وأبو داود (181)، والنسائي (1/100)، والترمذي (83)، وابن ماجه (479)، وإسناده صحيح، وهو أصح من حديث طلق، وصححه جماعة من الأئمة([2]).

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: انتقاض الوضوء بمس الذكر([3]):

جمهور أهل العلم على أن الوضوء ينتقض بمس الذكر، لحديث: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ». وهو حديث مشهور، رواه جماعة من الصحابة.

وأما حديث طلق بن علي I، وفيه: أن النبي H سئل عن الرجل يمسك ذكره عليه وضوء، فقال: «لَا، إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ»، أي: لا يلزم عليك أن تتوضأ من مس الذكر؛ فالجواب عليه من وجهين:

الأول: أنه حديث ضعيف، فقد ضعفه جماعة من الأئمة.

الثاني: أنه يحمل على المس من على حائل، فقد سأله عن مس الذكر في الصلاة، والمصلي لا يمس ذكره في الصلاة بدون حائل، ومسه بحائل لا ينقض الوضوء.

الثالث: أن حديث طلق باق على الأصل، فالأصل أن من مس جزءًا من أجزاء جسمه أن وضوءه لا ينتقض، وجاء حديث بسرة يفيد أمرًا زائدًا، وهو نقل حكم الذكر خاصة عن الأصل، والناقل عن الأصل مقدم؛ لأن معه زيادة علم وحكم، فخص الذكر من بقية الأعضاء؛ وهو الأرجح.

وقال بعض العلماء: يستحب الوضوء لمن مس ذكره، فالأمر في حديث بسرة للاستحباب؛ جمعًا بين الأدلة، وهذا القول رواية لمالك ورواية لأحمد، واختاره بعض أهل الحديث، ورجحه ابن تيمية، وهذا القول له حظ من النظر، والله أعلم.

المسألة الثانية: مس المرأة لفرجها([4]):

فيه خلاف بين العلماء، والصحيح: أن المرأة إذا مست فرجها فإن وضوءها ينتقض، وهذا مذهب الشافعية والظاهرية، والصحيح عند الحنابلة، فعن عَمْرِو ابْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ H قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ»، رواه أحمد (2/223) وإسناده حسن، وقد صح عن عائشة J أنها قالت: «إِذَا مَسَّتِ المَرْأَةُ فَرْجَهَا تَوَضَّأَتْ»، رواه البيهقي (1/133).

المسألة الثالثة: مس حلقة الدبر للمتوضئ([5]):

فيه خلاف بين العلماء، فمذهب المالكية والظاهرية، ورواية لأحمد: أن من مس دبره - من ذكر أو أنثى - أن وضوءه لا ينتقض، فقد قال النبي H: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ»، فخص الذكر، وما جاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ»، فلفظ «الفرج»، عام فيشمل الدبر والذكر، لكن قد جاءت أحاديث بينت أن المراد بالفرج هنا: الذكر خاصة، كما في حديث بسرة، ولأن الأصل بقاء الطهارة، فلا ترفع إلا بيقين، من نص ظاهر أو إجماع.

ومذهب الشافعي، والمذهب عند الحنابلة: أن الوضوء ينتقض لدخوله في عموم قَوْلُهُ: «أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ». وذكر الذكر من ذكر بعض أفراد العام، وليس الغرض التخصيص، وهو الأقوى.

المسألة الرابعة: حكم مسح الفرج بحائل([6]):

جمهور أهل العلم على أن الوضوء لا ينتقض، إنما ينتقض الوضوء إذا كان المس بدون حائل، وذلك لما رواه أحمد (2/333)، وابن حبان (1118) وغيرهما عن أبي هريرة I قال: قال رسول الله H: «إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إِلَى فَرْجِهِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ وَلا حِجَابٌ، فَلْيَتَوَضَّأْ»، وإسناده حسن، فقيد انتقاض الوضوء بمس الفرج بدون حائل.

المسألة الخامسة: مس فرج الصبي([7]):

مذهب المالكية والظاهرية: أن الوضوء لا ينتقض؛ لأن أكثر الأحاديث جاءت مقيدة بفرج الإنسان نفسه، قال النبي H: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ»، وقال أيضا: «أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ»، وما دام أن العلة هنا غير ظاهرة؛ فلا يتعدى الحكم إلى غيره.

ومذهب الشافعية والحنابلة: أن الوضوء ينتقض؛ لأنه ذكر آدمي متصل به. والتفريق في الحكم بين المتماثلات غير سائغ، وهذا القول أصح.

 

([1]) تلخيص الحبير (1/134). وصححه الألباني في صحيح الترمذي (74).

([2]) تلخيص الحبير (1/133). وصححه الألباني في الإرواء (116).

([3]) انظر الأوسط (1/193)، الاستذكار (3/32)، المحلى [مسألة] (163)، المجموع شرح المهذب (2/41)، مجموع الفتاوى (21/241).

([4]) انظر المجموع شرح المهذب (22/43)، المحلى [مسألة] (163)، الإنصاف (1/210).

([5]) انظر الأوسط (1/212)، المحلى [مسألة] (163)، المغني (1/244).

([6]) انظر المجموع شرح المهذب (2/43)، المحلى [مسألة] (163)، الإنصاف (1/202).

([7]) انظر الأوسط (1/210)، المغني (1/243)، المحلى [مسألة] (163).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=404