2024/12/07
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ : أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ? قَالَ: «إِنْ شِئْتَ» قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ? قَالَ: «نَعَمْ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ : أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ? قَالَ: «إِنْ شِئْتَ» قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ? قَالَ: «نَعَمْ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

تخريج الحديث:

حديث جابر: رواه مسلم (360).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: الوضوء من لحوم الإبل([1]):

الذي عليه عامة أصحاب الحديث، ومذهب الحنابلة: أن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء، ودليلهم: حديث جابر بن سمرة I، وفيه: «أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ»، أي: توضأ من لحوم الإبل. وبنحوه جاء من حديث البراء بن عازب، رواه أبو داود (184)، والترمذي (81) وغيرهما، وإسناده صحيح.

والذي عليه جمهور الفقهاء: أن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل منسوخ؛ فقد جاء في الصحيحين أن النبي H قال: «تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ»، أي: من الطعام الذي يطبخ بالنار، وهذا يدخل فيه جميع اللحوم، ثم جاء في الصحيحين: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ H يَأْكُلُ ذِرَاعًا يَحْتَزُّ مِنْهَا، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»، وروى أبو داود (192)، والنسائي (1/108) وغيرهما عن جابر I قال: «كَانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ H: تَرْكُ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ»، وإسناده صحيح، فأمر النبي H بالوضوء مما مست النار عمومًا، ثم نسخ وترك هذا الأمر؛ فيشمل لحم الإبل وغيره.

والجواب على هذه الدعوى: بأن النسخ في كل ما مسته النار، ما عدا لحم الإبل؛ فهو باق على الحكم الأول، وذلك لأن النبي H عندما سئل عن لحم الغنم قال: «إِنْ شِئْتَ»، وعندما سئل عن لحم الإبل قال: «نَعَمْ»، فدل هذا على أن الذي نسخ هو الوضوء من لحم الغنم وغيره، وأما الإبل؛ فلا زال الحكم فيه باقيًا، فعليه: يكون القول الأول هو الراجح.

واختلف العلماء في العلة منه:

فقال بعضهم: ليس فيه علة معلومة، وإنما هو أمر تعبدي لا نعرف علته.

وذكر بعضهم عللًا لذلك، ومنها: أن الإبل خلقت من شياطين، كما صح عن النبي H ـ سيأتي في باب شروط الصلاة ـ فلحمها يورث طبيعة شيطانية، فيتناسب مع لحمها استخدام الماء لإطفاء هذه الطبيعة النارية.

المسألة الثانية: الوضوء من لبن ومرق الإبل([2]):

ذهب الإمام أحمد في رواية، وبعض أهل العلم: إلى أن من شرب لبن الإبل ومرقه؛ فإن وضوءه ينتقض، وذلك لأن المرق مستخلص من اللحم، فهو جزء منه، وروى أحمد (4/352)، وابن ماجه (496) عن أسيد بن حضير أن النبي H قال: «توضئوا من لبن الإبل ولا تتوضئوا من لبن البقر»، وإسناده ضعيف، وبنحوه عند ابن ماجه (497) من حديث عبد الله بن عمرو، وإسناده ضعيف كذلك.

والذي عليه جمهور أهل العلم، وهو المذهب عند الحنابلة: أنه لا ينتقض الوضوء بسبب الشرب من مرق الإبل أو من لبنه، وليس هنالك دليل واضح يدل على انتقاض الوضوء بهما، ولا يقال للمرق بأنه لحم، فلا يسمى المرق لحمًا. وأما اللبن؛ فالحديث فيه ضعيف، فهذا القول هو الراجح، والله أعلم.

 

([1]) مراجع: شرح مسلم (4/42)، المغني (1/250).

([2]) انظر المغني (1/254)، المجموع شرح المهذب (2/57)، الإنصاف (1/216).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=407