2024/12/09
عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ I قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ.

تخريج الحديث:

حديث أبي سعيد: رواه مسلم (343).

أما قَوْلُهُ: «وَأَصْلُهُ فِي البُخَارِيّ»، أي: أن القصة التي لأجلها قال رسول الله H: «المَاءُ مِنْ المَاءِ»، موجودة كذلك في البخاري (180)، وأما اللفظ المذكور هنا فانفرد به مسلم.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: خروج المني بشهوة([1]):

لا خلاف بين أهل العلم أن المني إذا خرج من الرجل أو المرأة بشهوة - ولو بدون الجماع - أن فيه الغسل، فقد قال النبي H: «المَاءُ مِنَ المَاءِ»، أي: يلزم استخدام الماء عند وجود هذا الماء وهو المني.

المسألة الثانية: خروج الماء مرة ثانية بعد الغسل([2]):

إذا خرج المني من الشخص بجماع أو غيره، ثم اغتسل، وبعد فترة يسيرة خرج منه مرة ثانية؛ فهل يلزمه الغسل مرة ثانية أم لا؟

فيه خلاف بين العلماء:

مذهب الشافعية ورواية لأحمد: يجب عليه الغسل مرة ثانية؛ لأنه خرج من شهوة، ولعموم قوله H: «المَاءُ مِنَ المَاءِ».

ومذهب المالكية، والمشهور عند الحنابلة: أنه لا يلزمه الغسل مرة ثانية، وذلك لأن المني واحد، والسبب واحد، فيكفي غسل واحد، وطلب الغسل أكثر من ذلك يحتاج لدليل، لكنه يتوضأ؛ لأنه ينتقض الوضوء بسبب خروجه، كما لو خرج المذي أو الودي. وهو الأرجح.

المسألة الثالثة: خروج المني بغير شهوة([3]):

بسبب مرض أو برد أو ضربة أو نحوها، وهو خروج على خلاف المعتاد، فالمعتاد أنه يخرج بسبب الشهوة.

وقد اختلف العلماء في وجوب الغسل بسببه:

فذهب الشافعية والظاهرية إلى وجوب الغسل في هذه الحالة، لعموم حديث: «المَاءُ مِنَ المَاءِ» فليس فيه التفريق بين الخارج بشهوة أو بغير شهوة.

وذهب جمهور العلماء إلى عدم وجوب الغسل، فيكفي الوضوء، ودليلهم:

الأول: ما رواه أحمد (1/107، 109) وغيره عن علي بن أبي طالب I قال: قال رسول الله H: «إِذَا خَذَفْتَ فَاغْتَسِلْ مِنَ الجَنَابَةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ خاذِفًا فَلَا تَغْتَسِلْ»، وهو حديث حسن.

والخذف: خروج الماء بقوة وتدفق، وهذا لا يكون إلا مع الشهوة.

الثاني: أن الاغتسال من المني يكون عند خروجه المعتاد المعروف، وخروج المني المعتاد المعروف هو الذي يكون بشهوة، وفيه قال رسول الله H: «المَاءُ مِنَ المَاءِ».

وأما الخروج النادر؛ فلا يأخذ حكم المعتاد المعروف، وإنما هو على خلافه، فيأخذ حكم غيره كحكم المذي، وهذا القول هو الأصح والله أعلم.

 

([1]) انظر المغني (266)، شرح مسلم (4/31).

([2]) انظر المجموع شرح المهذب (2/139)، المغني (1/268)، الإنصاف (1/231).

([3]) انظر المجموع شرح المهذب (2/139)، المغني (1/266)، أحكام الطهارة للدبيان (10/15).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=427