وَلِلْأَرْبَعَةِ عَنْ عَائِشَةَ J قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ, مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً. وَهُوَ مَعْلُولٌ.
تخريج الحديث:
حديث عائشة J: أخرجه أحمد (6/146)، وأبو داود (228)، والترمذي (118)، والنسائي في الكبرى (952)، وابن ماجه (583) ورجاله ثقات، لكنه معلول؛ أعله أكثر الحفاظ، ووجه الإعلال: أن أبا إسحاق السبيعي – أحد رواة السند – وهم فيه؛ لأن المعروف من حال النبي H أنه كان إذا أراد أن ينام وهو على جنابة يتوضأ وضوءه للصلاة. رواه البخاري (288)، ومسلم (305) من حديث عائشة([1]).
فقه الحديث:
أجمع العلماء على مشروعية الوضوء لمن كان جنبًا وأراد أن ينام ولم يغتسل، فقد جاء في الصحيحين عن عائشة J: «أَنّ رَسُولَ اللهِ H كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، قَبْلَ أَنْ يَنَامَ»، وفي رواية للبخاري: «غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ»، وأما حديث: «كَانَ النَّبِيُّ H يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَمَسُّ مَاءً»؛ فهو حديث معلول. وعلى ثبوته يكون النفي فيه للغسل لا للوضوء؛ جمعًا بين الدليلين.
اختلف العلماء فيه؛ فقالت الظاهرية وبعض المالكية: يجب عليه الوضوء، ففي الصحيحين عن عمر I أنه: «سَأَل رَسُولَ اللهِ H أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ»، فأمر النبي H بالوضوء لمن أراد النوم وهو جنب ولم يغتسل.
وذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب الوضوء، والأمر بالوضوء للاستحباب فقط، وذلك لأنه ليس مطالبًا – هنا - بالوضوء لأجل أداء عبادة تشترط فيها الطهارة كالصلاة، ولأن وضوءه هنا لا ينفع لأداء عبادة تشترط فيها الطهارة، وذلك لأنه على حدث أكبر، والحدث الأكبر لا يرتفع إلا بالغسل، والغرض من الوضوء: حتى يكون في أثناء نومه على طهارة، إن لم يكن على الطهارة الكبرى، فعلى الطهارة الصغرى، وهذا القول هو الصحيح.
([1]) تلخيص الحبير (1/48)، فتح الباري (3/343).
([2]) انظر شرح مسلم (3/186)، التمهيد (17/44)، فتح الباري (1/523).
([3]) انظر المراجع السابقة.