2024/12/09
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

وَعَنْ عَائِشَةَ J قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «إِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

تخريج الحديث:

حديث عائشة J: رواه أبو داود (232)، ورواه أيضًا ابن ماجه (640) بسنده وبلفظه، لكنه عنده عن أم سلمة J، وقد اختلف العلماء في تصحيح هذا الحديث وتضعيفه؛ فصححه بعضهم كابن خزيمة، وضعفه بعضهم كالبيهقي، والذي يظهر - والله أعلم - أن هذا الحديث لا يصح، ففيه (جسرة) الراوية له عن عائشة فيها ضعف، قال البخاري: عندها عجائب. وقال الدارقطني: يعتبر بها([1]).

فقه الحديث:

مسألة: مكث الحائض والجنب في المسجد([2]):

ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يجوز للحائض أو الجنب المكث في المسجد؛ لحديث: «إِنِّي لَا أُحِلُّ المَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٌ»، وأيضًا لقوله E: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقۡرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعۡلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغۡتَسِلُواْ [النساء: ٤٣]، فأمر الله E باعتزال الصلاة - والمراد بالصلاة هنا: المسجد -، أي: لا تقربوا مواضع الصلاة، وهي المساجد، إن كنتم جنبًا حتى تغتسلوا، إلا عابر السبيل، أي: إلا مرورًا.

ورخص جماعة منهم ببقائه في المسجد إذا توضأ؛ لآثار جاءت فيه عن بعض الصحابة.

وتقاس عليه الحائض، فكلاهما على حدث أكبر، ولا نعلم أحدًا منهم رخص لها بالبقاء إذا توضأت.

وذهبت الظاهرية، وبعض الشافعية إلى أنه لا يحرم للجنب والحائض المكث في المسجد، وذلك لعدم وجود الدليل الصحيح الصريح الذي ينص أو يقتضي منع الحائض والجنب من المكث في المسجد، وحديث عائشة J وإن كان صريحا؛ لكنه ضعيف، فلا يؤخذ به.

والآية القرآنية المذكورة، ليست صريحة في منع الجنب من المكث في المسجد، لهذا اختلف المفسرون في تفسيرها، فقال جماعة من المفسرين: معناها: لا يجوز للجنب المكث في المسجد، إلا إذا كان عابرًا. وقال آخرون: معنى الآية على ظاهرها، لا تقربوا الصلاة، أي: لا تأتوا الصلاة وليس المساجد، وأنتم جنب حتى تغتسلوا، إلا إذا كنتم عابري السبيل، أي: كنتم مسافرين، فأنتم معذورون، وذلك لأن الغالب على المسافرين في ذلك الزمان - أنهم لا يجدون الماء، فاستثنى المسافر من وجوب الغسل، وهذا التفسير صح عن ابن عباس فقد قال في قَوْلُهُ: ﴿ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغۡتَسِلُواْ هو المسافر.

قُلْتُ: الأولى والأحوط لهما ترك المكث في المسجد؛ للاحتمال الوارد في الآية، والاحتمال في ثبوت حديث عائشة، وخروجًا من خلاف جمهور العلماء، لا سيما مع قلة المخالف.

 

([1]) وضعفه الألباني في تمام المنة (ص/118).

([2]) انظر تفسير ابن جرير (8/379)، الأوسط (2/106)، (5/132)، المغني (1/200)، المجموع شرح المهذب (2/160)، المحلى [مسألة] (262)، تمام المنة (ص/118).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=436