وَعَنْ أَنَسٍ L: أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا, فَقَالَ النَّبِيُّ H: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(145) 08- وَعَنْ عَائِشَةَ J قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ, فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تخريج الحديثين:
الحديث الأول: حديث أنس، رواه مسلم (302).
الحديث الثاني: حديث عائشة، رواه البخاري (302)، ومسلم (293).
فقه الحديثين:
أجمع العلماء على تحريم جماع الحائض، لقول الله E: ﴿ وَيَسۡئََٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِيضِۖ قُلۡ هُوَ أَذٗى فَٱعۡتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلۡمَحِيضِ وَلَا تَقۡرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطۡهُرۡنَ ﴾ [البقرة: ٢٢٢ ]، والمراد بالقرب هنا: الجماع. وقال رسول الله H في الحائض: «اِصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ»، أي: إلا الجماع.
وقد ذكر الأطباء أن في جماع المرأة الحائض في زمن حيضها أضرارًا عليها وعلى الرجل، فمن الأضرار التي تصيب المرأة:
أما في الرجل فيحصل له الضرر بسبب أنه أولج في موضع فيه نجاسة، فربما انتقلت هذا النجاسة إلى مجرى بوله.
الذي عليه جمهور العلماء: أن المرأة إذا طهرت بعد الحيض؛ فلا توطأ حتى تغتسل، ولا يكفي رؤية الطهر، وهو الصحيح.
ودليله: قوله E: ﴿ وَيَسۡئََٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِيضِۖ قُلۡ هُوَ أَذٗى فَٱعۡتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلۡمَحِيضِ وَلَا تَقۡرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطۡهُرۡنَۖ فَإِذَا تَطَهَّرۡنَ فَأۡتُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ
أَمَرَكُمُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ ٢٢٢ ﴾ [ البقرة: ٢٢٢ ]، أي: إذا تطهرت؛ فللرجل أن يجامعها. والتطهر يشمل الغسل والوضوء والتيمم، لكن المراد به هنا: الغسل، بهذا فسره أئمة التابعين؛ فقد ثبت عن مجاهد وعطاء وسالم بن عبد الله وغيرهم أنهم قالوا: ﴿ فَإِذَا تَطَهَّرۡنَ ﴾ أي: اغتسلن. ولا يعلم لهم مخالف من التابعين صح عنه غيره.
وإذا لم تجد المرأة الماء، أو خشيت الضرر على نفسها من استعمال الماء؛ فإنها تغسل فرجها وتتيمم، ويجوز أن توطأ بعد ذلك، كما أنها تتيمم وتصلي وتصوم، وهذا عليه جماهير الأئمة.
المرأة الحائض إذا جعلت لها إزارًا من فوق الركبة إلى السرة؛ فيجوز لزوجها مباشرتها بإجماع العلماء، كالمعانقة والتقبيل وما أشبه ذلك.
ودليله: حديث أنس I: «اِصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ»، فلا يحرم من الحائض إلا جماعها، وأيضًا في حديث عائشة J: «كَانَ رَسُولُ اللهِ H يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ».
وحكم اتخاذ الإزار سيأتي الكلام عليه عند حديث معاذ I في آخر هذا الباب.
أجمع العلماء على جواز مؤاكلتها، وإنما كان يمتنع عنه اليهود، وقد بين
رسول الله H أنه لا محظور منه، وقال: «اِصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ».
([1]) شرح مسلم (3/175)، الأوسط (2/205)، منحة العلام، د/ الفوزان (2/143).
([2]) الأوسط (2/213)، المجموع شرح المهذب (2/370)، مجموع الفتاوى (21/635).
([3]) المغني (1/414)، شرح مسلم (3/176).
([4]) المجموع شرح المهذب (2/543).