وَعَنْ مُعَاذٍ L أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ H: مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ اِمْرَأَتِهِ, وَهِيَ حَائِضٌ? قَالَ: «مَا فَوْقَ الْإِزَارِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَضَعَّفَهُ.
تخريج الحديث:
حديث معاذ: رواه أبو داود (210) سنده ضعيف، فيه سعد بن عبد الله الأغطش، لين الحديث، وفيه عنعنة بقية بن الوليد، وهو مدلس، لكن قد جاء هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، وأصحها ما رواه أبو داود (209) عن
عبد الله بن سعد عن النبي H بمثل حديث معاذ، وإسناده حسن، فيكون حديث معاذ حسنًا لغيره.
فقه الحديث:
المشهور عند الحنفية والمالكية والشافعية: أنه يحرم مباشرة الحائض فيما دون السرة والركبة من دون إزار، لقوله H: «لَكَ مَا فَوْقَ الإِزَارِ» وما في الصحيحين عن عائشة قالت: «وَكَانَ يَأْمُرُنِي، فَأَتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ».
والذي ذهب إليه جماعة من السلف، ومذهب الظاهرية والحنابلة، وبعض الحنفية والمالكية والشافعية: أن اتخاذ الحائض إزارًا عند المباشرة يستحب ولا يجب، تستر به ما بين الركبة والسرة. وقول رسول الله H: «لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» وأمره نسائه بالإزار عند المباشرة، فيحمل على الاستحباب؛ لوجود أحاديث تدل على عدم وجوب اتخاذ الإزار، وهي:
الحديث الأول: حديث أنس I أن النبي H قال في الحائض: «اِصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ»، ففيه الإذن للزوج أن يستمتع بزوجته في كل شيء إلا النكاح، أي: إلا الجماع. وهذا الحديث منطوق، وقَوْلُهُ: «لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» مفهوم، وعند التعارض يقدم المنطوق. وأيضًا فيه زيادة لما يحل، فوجب قبول الزيادة، لا سيما وهو أصح إسنادًا منه.
الحديث الثاني: ما رواه أبو داود (272) عن بعض نساء النبي H قالت: «أَنَّ النَّبِيَّ H كَانَ إِذَا أَرَادَ مِنَ الحَائِضِ شَيْئًا، القَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا»، وإسناده صحيح، وجاء أن النبي H كان يأمر عائشة J أن تأتزر، والإزار: هو الثوب الذي يغطي ما بين الركبة والسرة. فالجمع بينهما: أنه كان في بعض الأحيان يكتفي من نسائه بتغطية مكان الفرج فقط كما في هذا الحديث، وهذا القول هو الأرجح.
فيجوز للرجل أن يباشر امرأته من غير إيلاج في الفرج، ولو لم تتخذ إزارًا. ويستحب أن تتخذ الحائض إزارًا يستر ما بين الركبة والسرة إذا أراد زوجها المباشرة لها، بل هو الأحوط؛ خشية التمادي الذي يؤدي إلى الوصول إلى المحظور، لا سيما من كان ذا شهوة شديدة، أو كان قليل التدين والمراقبة لله.
([1]) المغني (1/414)، شرح مسلم (3/76)، الأوسط (2/205)، فتح الباري لابن رجب (2/33)، فتح ذي الجلال والإكرام (1/7).