2024/12/18
عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ : كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةِ مَكْتُوبَةٍ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ الْمُلْكُ,

- وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةٍ I أَنَّ النَّبِيَّ H: كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةِ مَكْتُوبَةٍ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ الْمُلْكُ, وَلَهُ الْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ, اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ, وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ, وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(320) 56- وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ I قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ H كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ, وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ, وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا, وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

(321) 57- وَعَنْ ثَوْبَانَ I قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H إِذَا اِنْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثَلَاثًا, وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(322) 58- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ I عَنْ رَسُولِ اللَّهِ H قَالَ: «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَحَمِدَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَكَبَّرَ اللَّهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, فَتِلْكَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ, وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ الْمُلْكُ, وَلَهُ الْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ, غُفِرَتْ لَهُ خَطَايَاهُ, وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

[وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: أَنَّ التَّكْبِيرَ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ].

تخريج الأحاديث:

حديث المغيرة بن شعبة: رواه البخاري (844)، ومسلم (593).

حديث سعد بن أبي وقاص: رواه البخاري (2822).

حديث ثوبان I: رواه مسلم (591).

حديث أبي هريرة I باللفظ الأول: رواه مسلم (597)، وهو في البخاري (843) دون قَوْلُهُ: «وَقَالَ تَمَامَ المِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».

حديث كعب بن عجرة: وفيه: «أَنَّ التَّكْبِيرَ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ»، رواه مسلم (596).

فقه الأحاديث:

المسألة الأولى: حكم الأذكار بعد الصلاة([1]):

الأذكار بعد الصلاة مستحبة بلا خلاف بين العلماء.

والصحيح الذي عليه أكثر العلماء: أنها لا تقال إلا بعد الصلاة المفروضة، فلا تقال بعد النافلة، فقد جاء تقييدها بالمكتوبة صريحًا في بعض الأحاديث؛ ففي حديث المغيرة بن شعبة I: «أَنَّ النَّبِيَّ H كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ». وعن كعب بن عجرة I أن النبي H قال: «مُعَقِّبَاتٌ، لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ، أَوْ فَاعِلُهُنَّ، دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً...». ويفهم من الأحاديث: أن هذه الأذكار تُقال بعد الفراغ من الصلاة، فلو تأخر يسيرًا؛ فلا يضر، فلا زال قريبًا من الصلاة.

المسألة الثانية: رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة([2]):

ذهب بعض السلف، منهم الإمام أحمد، وبعض الخلف، منهم ابن حزم وابن تيمية وابن القيم، وبعض المعاصرين منهم ابن باز وابن عثيمين: إلى أنه يستحب الجهر بالأذكار بعد الصلاة، لما جاء في الصحيحين عن ابن عباس L: «أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ H، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ»، وفي رواية: «كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ H بِالتَّكْبِيرِ»، فهذا ظاهر بأن النبي H كان يرفع صوته بالذكر، ولا دليل على أنه كان في أول الإسلام لأجل تعليم الناس الأذكار ثم نسخ.

وأيضًا ما يظهر من بعض الأدلة التي فيها بعض أذكار النبي H بعد الصلاة، كحديث المغيرة I وفيه: «كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةِ مَكْتُوبَةٍ»، وكذلك في حديث ثوبان I قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H إِذَا اِنْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اِسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثَلَاثًا»، أنه كان يرفع صوته به حتى علم الصحابة أنه H يقوله. وقد روى النسائي في «عمل اليوم والليلة» (365) عن عون بن عبد الله: «صَلَّى رَجُلٌ إِلَى جَنْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَسَمِعَهُ حِينَ سَلَّمَ، يَقُولُ: (أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجِلالِ وَالإِكْرَامِ) ثُمَّ صَلَّى إِلَى جَنْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حِينَ سَلَّمَ فَسَمِعَهُ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ... قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يَقُولُ ذَلِكَ»، وسنده محتمل للحسن، وأشار النسائي إلى تضعيفه.

قال الإمام ابن رجب: «والمنقول عن الإمام أحمد أنه كان يجهر ببعض الذكر عقب الصلاة، ثم يسر بالبقية، ويعقد التسبيح والتحميد والتكبير سرًّا»، وهذا المنقول عن الإمام أحمد هو الراجح، والله أعلم، فأحاديث التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثًا وثلاثين يظهر منها أن النبي H لم يكن يجهر بها، إنما علمها الصحابة، كما في حديث أبي هريرة I، وحديث كعب بن عجرة.

فعلى هذا: يجهر بصوته قليلًا في بعض الأذكار، بالقدر الذي يسمع نفسه ويسمعه من كان قريبًا منه دون مبالغة.

المسألة الثالثة: عدد التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل([3]):

جاء في الصحيحين أن النبي H علم الصحابة أن يسبحوا ثلاثًا وثلاثين، ويحمدوا ثلاثًا وثلاثين، ويكبروا ثلاثًا وثلاثين، وزاد مسلم: في تمام المائة أن يقول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، وفي حديث كعب بن عجرة تمام المائة أن يزيد تكبيرة، فيكون التكبير أربعًا وثلاثين.

وروى أحمد (5/184)، والنسائي (3/76) عن زيد بن ثابت I: «أُمِرُوا أَنْ يُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثلاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيَحْمَدُوا ثلاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيُكَبِّرُوا أربعًا وَثَلَاثِينَ، فَأُتِيَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي مَنَامِهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ H أَنْ تُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثلاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُوا ثلاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرُوا أربعًا وَثَلَاثِينَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَاجْعَلُوا فِيهَا التَّهْلِيلَ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ H فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: اجْعَلُوهَا كَذَلِكَ»، وإسناده صحيح، فيكون التسبيح خمسًا وعشرين مرة، والتحميد خمسًا وعشرين مرة، والتكبير خمسًا وعشرين مرة، والتهليل خمسًا وعشرين مرة، والمجموع مائة.

وروى أحمد (2/160)، وأبو داود (5065)، والنسائي (3/74) وغيرهم عن
عبد الله بن عمرو بن العاص L وفيه: «يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُهُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُهُ عَشْرًا»، وسنده حسن، وجاء بنحوه عند النسائي في «عمل اليوم والليلة» (153) عن سعد بن أبي وقاص I بسند حسن. فيجوز الأخذ بجميع ما ورد من هذه الأنواع عقب الصلوات كما ذكره بعض أهل العلم، والأفضل أن يكون الغالب بأصحها وذلك: أن يسبح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويكبر أحيانًا أربعًا وثلاثين، وأحيانًا ثلاثًا وثلاثين، ويكمل المائة بقَوْلُهُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، والله أعلم.

 

([1]) الأذكار للنووي (ص/141)، المجموع شرح المهذب (3/484)، فتح الباري (2/596).

([2]) المجموع شرح المهذب (3/487)، فتح الباري (2/592)، فتح الباري لابن رجب (7/421)، الأخبار العلمية (ص/84)، كشاف القناع (1/366)، إعلام الموقعين (2/389)، مجموع الفتاوى للعثيمين (3/244).

([3]) فتح الباري (2/597)، فتح الباري لابن رجب (7/413)، زاد المعاد (1/298).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=566