2024/12/18
عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ I قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

تخريج الحديث:

حديث مالك بن الحويرث I: أصله في الصحيحين، وقَوْلُهُ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» انفرد به البخاري (631).

فقه الحديث:

مسألة: الأمر بالصلاة كصلاة النبي H([1]):

حديث مالك بن الحويرث I نص صريح بأن المسلم مأمور بأن يصلي كما كان النبي H يصلي، فيأتي بالأقوال والأفعال التي كان النبي H يأتي بها في صلاته، فقَوْلُهُ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، أي: كما رأيتموني أصلي بالفعل، أو كما سمعتموني أجهر به، أو علمتكم بعض ما يفعل أو يقال في الصلاة.

والأصل في الأمر الوجوب، أي: يجب الاقتداء بالنبي H في أقواله وأفعاله في الصلاة، لكن الفقهاء لم يجعلوا كل ما جاء عن النبي H في الصلاة واجبًا، ولكن اتفقوا على أن الصلاة فيها الواجب وفيها المستحب، ويستدلون بما جاء في الصحيحين من تعليم النبي H المسيء في صلاته، فلم يعلمه النبي H كل قول وفعل في الصلاة، وإنما علمه بعض ذلك، فيكون ما علمه النبي H له هو الواجب، فقد كان يقول له: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» وهذا الحديث استدل به كثير من أهل العلم على أن واجبات الصلاة محصورة بما جاء فيه.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا الحديث لا يلزم منه عدم وجوب غير ما ذكر، ويوجه بأمرين:

الأول: أن هنالك واجبات في الصلاة لم تذكر في هذا الحديث، كقراءة الفاتحة، وقد قال النبي H: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ القُرْآنِ»، وإنما جاء في حديث المسيء صلاته: «اِقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ القُرْآنِ»، وهذا عام. وكذلك التشهد الأخير، والسلام، ولم يعلمها النبي H للمسيء صلاته، إما لأنه كان يعرفها ولا يجهلها، فكان لا يسيء فيها، فليس كل شيء في الصلاة أساء فيه هذا الرجل، وإما أن هذه الأشياء أمر بها المصلي مؤخرًا، فصارت واجبة فيما بعد.

الثاني: أن يقال: إن النبي H إنما علم المسيء صلاته أركان الصلاة، وأما الواجبات في الصلاة التي ليست من الأركان، فلم يعلمها النبي H للمسيء صلاته، فتؤخذ من أدلة أخرى.

وقد اختلف الفقهاء: هل في الصلاة واجبات هي وسط بين الأركان والسنن، أم لا؟

فذهب المالكية والشافعية إلى أن الصلاة ليس فيها واجبات، إنما هي أركان وسنن.

وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن هناك واجبات في الصلاة هي وسط بين الأركان والمستحبات، فالصلاة عندهم: أركان، وواجبات، ومستحبات.

ثم اختلفوا في معنى الواجب هنا؛

فعند الحنابلة: الواجب الذي إذا تركه المصلي سهوًا لا تبطل صلاته، وتجبر بسجود السهو، وإذا تركه عمدًا لم تصح الصلاة.

وعند الحنفية: الواجبات تصح الصلاة بتركها عمدًا أو سهوًا، لكن إذا تركها سهوًا تجبر بسجود السهو، وإذا تركها عمدًا يكون آثمًا فاسقًا، وصلاته مجزئة، وإن كانت ناقصة بترك الواجب، ولا يرفع النقص والإثم إلا بعادتها

 

([1]) الاستذكار (4/124)، مجموع الفتاوى (23/28)، تهذيب أبي داود لابن القيم (1/51)، أحكام الأحكام (2/2)، حاشية ابن عابدين (2/130)، نيل الأوطار (2/298)، الموسوعة الكويتية (24/238).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=568