وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ I: أَنَّ النَّبِيَّ H صَلَّى بِهِمْ, فَسَهَا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ, ثُمَّ تَشَهَّدَ, ثُمَّ سَلَّمَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ, وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
تخريج الحديث:
حديث عمران بن حصين: رواه أبو داود (1039)، والترمذي (395) ورجاله ثقات، ولكن قَوْلُهُ: «ثُمَّ تَشَهَّدَ» زيادة شاذة، حكم عليها بالضعف جماعة من أهل العلم، منهم: البيهقي وابن عبد البر وابن تيمية وابن حجر([1])، تفرد بها أشعث الحراني، وهو ثقة، وخالف جماعة من الثقات رووا هذا الحديث بدون هذه اللفظة، وبعضهم أحفظ منه وأوثق، والحديث في صحيح مسلم عن عمران ابن حصين وليس فيه قَوْلُهُ: «ثُمَّ تَشَهَّدَ».
وقد جاء ذكر التشهد في سجود السهو من حديث ابن مسعود عند أحمد (1/429)، وأبي داود (1028)، وفي إسناده انقطاع، وخصيف بن عبد الرحمن فيه ضعف، وجاء أيضًا من حديث المغيرة بن شعبة عند البيهقي (2/355)، وفي سنده محمد بن أبي ليلى، سيء الحفظ، وقد ضعف ذكر التشهد في سجود السهو الشيخ الألباني([2]).
فقه الحديث:
أولًا: السلام:
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن لسجود السهو سلامًا، فإذا سجد المصلي للسهو قبل السلام؛ فيكفي سلام الصلاة، وإذا سجد للسهو بعد السلام؛ فيسجد سجدتين، ثم يسلم، ففي صحيح مسلم عن عمران بن حصين I أن رسول الله صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات، ثم نبه، فصلى ركعة ثم سلم: «ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ».
ثانيًا: التشهد:
فيه قولان:
القول الأول: مذهب جمهور أهل العلم.
قالوا: يشرع التشهد لسجدتي السهو، فإذا سجد للسهو بعد السلام؛ فيسجد سجدتين، ثم يتشهد، ثم يسلم، فلا يسلم إلا بعد التشهد، ففي حديث عمران: «فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ تَشَهَّدَ، ثُمَّ سَلَّمَ»، وإذا سجد للسهو قبل السلام؛ فلا يتشهد، وإنما يسجد سجدتين، ثم يسلم تسليمًا واحدًا اكتفاء بتشهد الصلاة.
القول الثاني: قول بعض السلف، والأصح عند الشافعية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ومال إليه بعض الحنابلة، قالوا: لا يشرع التشهد لسجود السهو، وإنما يسجد سجدتين، ثم يسلم بدون تشهد، فلم يثبت عن رسول الله أنه تشهد فيه ـ كما سبق ـ وهو الأرجح، والله أعلم.
([1]) مجموع الفتاوى (23/49)، فتح الباري (3/430).
([2]) الإرواء (403).
([3]) فتح الباري (2/429)، مجموع الفتاوى (23/48)، الإنصاف (2/159)، المجموع شرح المهذب (4/71).