2024/12/18
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ? قَالَ: «وَمَا ذَلِكَ?».

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ I قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ H فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ? قَالَ: «وَمَا ذَلِكَ?». قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا, قَالَ: فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ, فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ, ثُمَّ سَلَّمَ, ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ, وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ, فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي, وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ, فلْيُتِمَّ عَلَيْهِ, ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «فَلْيُتِمَّ, ثُمَّ يُسَلِّمْ, ثُمَّ يَسْجُدْ».

وَلِمُسْلِمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ H سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ.

(331) 06 - وَلِأَحْمَدَ, وَأَبِي دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيِّ; مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ بْنِ جَعْفَرٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ, فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ». وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

تخريج الحديث:

حديث ابن مسعود I: رواه البخاري (401)، ومسلم (572).

حديث عبد الله بن جعفر: رواه أحمد (1/205)، وأبو داود (1033)، والنسائي (3/30)، وسنده ضعيف، فيه مصعب بن شيبة، لين الحديث، وعبد الله بن مسافع، مجهول.

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: إذا سها المصلي واستطاع أن يتحرى الصواب([1]):

أي: شك في صلاته، فغلب على ظنه أحد الاحتمالين، فهل يأخذ بالأقل أم يعمل بغالب الظن؟

قال أكثر العلماء: يبني على الأقل، ولو غلب على ظنه أن الصواب الأكثر؛ لحديث أبي سعيد الخدري I ـ السابق ـ، فالأقل هو اليقين، فيقدم.

والمراد بالتحري في حديث ابن مسعود: البناء على اليقين، وهو الأقل، فلا تعارض بينه وبين حديث أبي سعيد.

وقال بعض أهل العلم: يبني على ما غلب على ظنه أنه الصواب، فإذا شك أصلى ثلاثًا أم أربعًا وغلب على ظنه أنه صلى أربعًا جعلها أربعًا ولا يبني على الأقل، وهو مذهب بعض السلف والحنفية ورواية لأحمد وقول طائفة من أهل الحديث واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ودليله حديث ابن مسعود: «وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فلْيُتِمَّ عَلَيْهِ»، أي يجتهد فيه، فإذا أمكنه أن يدرك الصواب من الاحتمالين فيأخذ به ويتم عليه، وللحرج في تكليفه بالعمل باليقين وإن لم يغلب على ظنه شيء بنى على اليقين وهو الأقل؛ لحديث أبي سعيد الخدري I: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى؟ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؛ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ»، ففيه: أن البناء يكون على الأقل، فيحمل على الحالة التي يشك فيها المصلي، ولا يمكنه أن يرجح بين الاحتمالين، وهو الأظهر، والله أعلم. فعلى هذا: إذا غلب على ظنه أحد الأمرين أتم عليه وسجد للسهو بعد السلام؛ ففي حديث ابن مسعود: «فليتم ثم يسلم ثم يسجد».

المسألة الثانية: إذا زاد المصلي في صلاته سهوا([2]):

الذي عليه جمهور أهل العلم: أن المصلي يسجد للسهو في هذه الحالة، ويكون السجود بعد السلام، وقد جاء في الصحيحين عن ابن مسعود I قال: «صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ H الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟، قَالَ: وَمَا ذَاكَ، قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ»، وهو الراجح.

وعليه: فسجود السهو يشرع إذا حصل السهو في النقصان بلا خلاف، ويشرع سجود السهو إذا كان السهو في الزيادة عند جمهور أهل العلم؛ لصحة الأدلة في كلا الحالتين.

وإذا سها الإمام فزاد في صلاته؛ فلا يتابع المأموم الإمام فيما زاده في الصلاة سهوًا، وذكر بعضهم أنه لا خلاف بين أهل العلم في ذلك، فلو زاد الإمام ركعة في صلاته؛ فلا يتابعه المأموم، لأنها غلط، وإذا سجد الإمام ثلاث سجدات في ركعة من الركعات؛ فلا يتابعه المأموم في السجدة الثالثة؛ لأنها غلط. وأما الصحابة؛ فتابعوا النبي H في الركعة الخامسة من الظهر؛ لأنهم ظنوا أن الصلاة قد زيد فيها، فهم في زمن التشريع، وإذا تابعه المأموم سهوًا أو جهلًا؛ فلا شيء عليه، وإن تابعه ذاكرًا عالمًا بطلت صلاته.

 

([1]) مسائل أبي داود (3681)، المجموع شرح المهذب (4/109)، المغني (2/406، 410)، بداية المجتهد (1/198)، فتح الباري لابن رجب (9/470)، الأخبار العلمية (ص/61)، حاشية ابن عابدين (2/489)، الشرح الممتع (3/516)، الموسوعة الفقهية الكويتية (24/235).

([2]) الأوسط (3/493)، المجموع شرح المهذب (4/109، 127)، المحلى [مسألة] (414)، المغني (2/413)، مجموع الفتاوى (23/53)، فتح الباري لابن رجب (9/309).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=573