وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ I: أَنَّ النَّبِيَّ H كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ خَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ.
(344) 19- وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ I قَالَ: سَجَدَ النَّبِيُّ H فَأَطَالَ السُّجُودَ, ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ آتَانِي, فَبَشَّرَنِي, فَسَجَدْت لِلَّهِ شُكْرًا». رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(345) 20 - وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ L: أَنَّ النَّبِيَّ H بَعَثَ عَلِيًّا إِلَى الْيَمَنِ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - قَالَ: فَكَتَبَ عَلِيٌّ I بِإِسْلَامِهِمْ, فَلَمَّا قَرَأَ
رَسُولُ اللَّهِ H الْكِتَابَ خَرَّ سَاجِدًا. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ.
تخريج الأحاديث:
حديث أبي بكرة I: رواه أحمد (5/45)، وأبو داود (2774)، والترمذي (1584)، وابن ماجه (1394)، وسنده ضعيف؛ فيه بكار بن عبد العزيز؛، ضعيف.
حديث عبد الرحمن بن عوف I: رواه أحمد (1/191)، وسنده ضعيف؛ فيه عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف، مجهول الحال. وله طريق ثانية عند ابن أبي شيبة (11/506) فيها موسى بن عبيد الربذي، ضعيف. وطريق ثالثة عند أبي يعلى (847)، فيها مجهولان.
حديث البراء بن عازب L: رواه البخاري (4349)، وليس فيه: «فَكَتَبَ عَلِيٌّ I بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ H الكِتَابَ خَرَّ سَاجِدًا»، وإنما رواه بهذه الزيادة البيهقي (2/369) وصححه، وفي سنده أبو عبيدة بن أبي السفر، فيه ضعف.
وجاء في سجود النبي H للشكر أيضًا من حديث سعد بن أبي وقاص I، عند أبي داود (2775)، ومن حديث أنس I، عند ابن ماجه (1392). ومن حديث جرير I، عند الطبراني في الكبير (2296)، وكلها ضعيفة؛ فالحديث يثبت بمجموع طرقه، فهو حسن لغيره، قال الألباني: «وبالجملة لا يشك العاقل في مشروعية هذا السجود بعد الوقوف على هذه الأحاديث([1])». ا.هـ يعني: لكثرتها.
فقه الأحاديث:
ثبت عن النبي H - بالجملة - أنه سجد شكرًا لله، وثبت هذا - أيضًا - عن بعض الصحابة؛ ففي الصحيحين عن كعب بن مالك I، عندما بشر بقبول توبته قال: «فَخَرَرْتُ سَاجِدًا» وفعله هذا كان في زمن
رسول الله، وعليه جمهور العلماء، وهو الراجح.
وهذا السجود يستحب عند حصول النعم الكبرى المتجددة، سواء كانت عامة، كانتصار المسلمين، وكطرد الكفار من بلاد المسلمين، أم كانت خاصة بالشخص نفسه، كما حصل لكعب بن مالك I، ولا يستحب هذا السجود في النعم المستمرة، كالعافية والغنى والحياة ووجود الأكل والشرب،
فنعم الله تعالى لا تنقطع، ولا دليل على مشروعية سجود الشكر في كل هذا، وإنما يشكر الله D على هذه النعم بالطاعة والعبادة وترك المعاصي.
الصحيح من أقوال أهل العلم: أنه لا يشترط في هذا السجود طهارة ولا استقبال للقبلة، فسجود الشكر يصح ولو بغير الطهارة ولو لغير القبلة، فليس هو بصلاة حتى تشترط له الطهارة واستقبال القبلة، وعليه كثير من السلف، وقول بعض المالكية، وكثير من المحققين كابن تيمية وابن القيم والشوكاني والصنعاني وابن باز وابن عثيمين.
ولا يكبر في خفضه ورفعه كما نص عليه بعض المحققين كابن تيمية والشوكاني؛ إذ لا دليل على مشروعية التكبير فيه، فهو سجود مجرد. ولا يشرع سجود الشكر في أثناء الصلاة كما نص عليه أكثر أهل العلم، إذا كان الشخص يصلي، فبشر في أثناء صلاته بشيء عظيم؛ فلا يشرع له أن يسجد في أثناء الصلاة، بخلاف سجود التلاوة؛ فإنه يشرع في الصلاة.
([1]) الأرواء (2/234).
([2]) المجموع شرح المهذب (4/68)، إعلام الموقعين (2/410)، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة (ص/43)، الإنصاف (2/200).
([3]) المجموع شرح المهذب (4/68، 205)، مجموع الفتاوى (21/277)، (23/166)، تهذيب سنن أبي داود (1/43)، الفروع لابن مفلح (1/505)، نيل الأوطار (3/129)، سبل السلام (2/415).