عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ I قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ H: «سَلْ». فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ: «أَوَغَيْرَ ذَلِكَ?» , قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ, قَالَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديث:
حديث ربيعة بن كعب: رواه مسلم (489).
فقه الحديث:
صلاة التطوع لها فضائل، منها:
الصحيح الذي عليه كثير من السلف والأئمة والفقهاء: أن السجود أفضل أعمال الصلاة؛ لوجود الأدلة المتعددة التي تدل على أفضليته على سائر أعمال الصلاة، فهو أفضل من القيام والركوع والجلوس، ومن هذه الأدلة الآتي:
الأول: حديث ربيعة بن كعب I: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ اَلسُّجُودِ»، فعبر عن كثرة صلاة التنفل بهذا العمل خاصة، وهذا يدل على أنه جزء أشرف من غيره.
الثاني: ما جاء في صحيح مسلم عن ثوبان I أنه سأل النبي H عن عمل يدخله الله به الجنة، فقال: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ»، وهذا فيه من الفضل ما في حديث ربيعة I السابق.
الثالث: ما جاء في الصحيحين أن النبي H قال: «إِنَّ النَّارَ تَأْكُلُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا مَوْضِعَ السُّجُودِ»، فاستثناه من البقية.
الرابع: ما جاء في صحيح مسلم أن النبي H قال: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ»، فالعبد في حال السجود يكون أقرب إلى الله D منه في غيره، وهذا كقوله E: ﴿ كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب ١٩ ﴾ [العلق: ١٩].
الخامس: ما ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الله D يتجلى لعباده يوم القيامة: «فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ»، فسجودهم في عرصات يوم القيامة دون غيره من أفراد الصلاة يدل على أن السجود أفضل من غيره.
السادس: ما جاء في الأحاديث الصحيحة إذا طلب الناس الشفاعة يوم القيامة من الأنبياء، فيشفع النبي H وفيه: «فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا»، فوفق إلى السجود؛ لأنه أفضل من غيره، والله أعلم.
([1]) صحيح أبي داود (770).
([2]) المجموع شرح المهذب (3/267)، شرح مسلم (6/31)، فتح الباري (3/326)، الإنصاف (2/190).