وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ I قَالَ: لَيْسَ الْوِتْرُ بِحَتْمٍ كَهَيْئَةِ الْمَكْتُوبَةِ, وَلَكِنْ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ H. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
(367) 22- وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H قَامَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ, ثُمَّ انْتَظَرُوهُ مِنَ الْقَابِلَةِ فَلَمَّا يَخْرُجْ, وَقَالَ: «إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ الْوِتْرُ». رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(368) 23- وَعَنْ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ I قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «إِنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ» قُلْنَا: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ? قَالَ: «الْوِتْرُ, مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(369) 24 - وَرَوَى أَحْمَدُ: عَنْ عَمْرِوِ بْنِ شُعَيْبٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ نَحْوَهُ.
(370) 25 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «الْوِتْرُ حَقٌّ, فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَد لَيِّنٍ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(371) 26- وَلَهُ شَاهِدٌ ضَعِيفٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ.
تخريج الأحاديث:
حديث علي: رواه النسائي (3/229)، والترمذي (453)، وابن ماجه (1169) وسنده حسن.
وحديث جابر: رواه ابن حبان (2409) وسنده ضعيف، فيه عيسى بن جارية، ضعيف.
وحديث خارجة بن حذافة: رواه أحمد (6/29)، وأبو داود (1418)، والترمذي (452)، وابن ماجه (1168) وسنده ضعيف، فيه انقطاع، وعبد الله بن راشد وعبد الله بن أبي مرة مجهولان.
وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: رواه أحمد (2/208) وسنده ضعيف، فيه الحجاج بن أرطأة فيه ضعف ومدلس. ورواه الدارقطني (2/31) وفي سنده العزرمي متروك.
وجاء من حديث أبي بصرة الغفاري قال: قال رسول الله H: «إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الْوِتْرُ، فَصَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ»، رواه أحمد (6/7) وسنده صحيح([1])، وهو بمعنى حديث خارجة وعمرو بن شعيب.
وحديث عبد الله بن بريدة عن أبيه: رواه أحمد (5/357)، وأبو داود (1419)، وفي سنده ضعف؛ ففيه عبيد الله بن عبد الله العتكي، فيه ضعف، وله شاهد من حديث أبي هريرة، رواه أحمد (2/443)، وسنده ضعيف؛ ففي سنده انقطاع، وفيه الخليل بن مرة، ضعيف([2]).
فقه الأحاديث:
ذهب بعض أهل العلم إلى أن صلاة الوتر واجبة، فقد أمر النبي H بها، فقال: «أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا» رواه مسلم. وذم من لم يوتر، فقال: «فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا»، أي: ليس على هدينا وطريقتنا، وذكر النبي H أن الله زادها على العباد.
وذهب جمهور أهل العلم إلى أن صلاة الوتر سنة مؤكدة وليست واجبة؛ لأدلة منها:
الأول: ما جاء عن علي بن أبي طالب I أنه قال: «الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَهَيْئَةِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَكِنْ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ H ».
الثاني: حديث جابر I أن النبي H قال: «إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ الوِتْرُ».
الثالث: ما رواه أبو داود (1417) وغيره عن عبادة بن الصامت I أنه قيل له: «زَعَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ H يَقُولُ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ»، وإسناده صحيح.
ونحوه ما جاء في الصحيحين عن طلحة بن عبيد الله I أن النبي H قال: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللهُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»، والشاهد من هذين الحديثين: أن الصلوات الواجبة خمس، والوتر صلاة زائدة على هذه الخمس؛ فليست واجبة.
الرابع: ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ»، فلو كانت الوتر واجبة لنزل النبي H من راحلته عند أدائها وصلاها كبقية الواجبات، فلما صلاها على راحلته في السفر من غير ضرورة؛ دل ذلك على عدم وجوبها.
وما جاء من الأمر بها؛ فهو أمر للاستحباب يدل على أن هذه الصلاة سنة مؤكدة من آكد السنن. وقول النبي H: «إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الْوِتْرُ»، لا يلزم منه أن هذه الزيادة واجبة، فقد تزاد صلاة لفضلها ولعظم خيرها وإن لم تكن واجبة. وحديث: «فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا»، الأقرب فيه الضعف كما مر تخريجه، وهو الراجح، فالوتر سنة، لكنها من أوكد السنن.
([1])وصححه الألباني في الإرواء (423).
([2]) وضعفه الألباني في الإرواء (417).
([3]) الأوسط (5/167)، المغني (2/591)، المجموع شرح المهذب (4/19).