وَعَنْ عَائِشَةَ J قَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً, يُصَلِّي أَرْبَعًا, فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ, ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا, فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ, ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. قَالَتْ عَائِشَةُ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ? قَالَ: «يَا عَائِشَةُ, إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(373) 28- وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا عَنْهَا: «كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ, وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ, وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ, فَتِلْكَ ثَلَاثُ عَشْرَةَ».
(374) 29- وَعَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً, يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ, لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي آخِرِهَا».
(375) 30 - وَعَنْهَا قَالَتْ: «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ H فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
تخريج الأحاديث:
حديث عائشة: اللفظ الأول: رواه البخاري (1147)، ومسلم (738).
واللفظ الثاني: رواه البخاري (1140)، ومسلم (738).
واللفظ الثالث: ذكر المؤلف أنه متفق عليه، وليس كذلك، إنما انفرد به مسلم (737).
واللفظ الرابع: رواه البخاري (996)، ومسلم (745).
فقه الحديث:
الصحيح الذي عليه فقهاء أهل الحديث، ومذهب الشافعي وأحمد: أن الأفضل في ركعات الوتر الثلاث الفصل مع جواز الوصل، فالأفضل في هذه الثلاث أن يصلي المسلم ركعتين، ثم يسلم، ثم يصلي ركعة واحدة، ثم يسلم، ففي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي H قال: «صَلَاةُ اَللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ اَلصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى»، وروى مسلم عن عائشة قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ».
ويجوز أن تصلى ثلاثًا متواصلة بتشهد وسلام واحد، فعن عائشة قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يُصَلِّي أَرْبَعًا... يُصَلِّي ثَلاثًا» فظاهره: أن الأربع متصلة، وكذلك الثلاث الوتر.
ولكن الأحاديث التي فيها الفصل أكثر وأوضح؛ فكان الأفضل، وأما بقية الركعات في صلاة الليل؛ فالأفضل فيها الفصل - كما سبق -.
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أنه يجوز الزيادة في قيام الليل ـ في رمضان أو غيره ـ على إحدى عشرة ركعة، وهو المأثور عن السلف، ولم يمنع النبي H من الزيادة عليها، قال ابن عبد البر: «لا خلاف بين المسلمين أن صلاة الليل ليس فيها حد محدود، وأنها نافلة وفعل خير وعمل بر، فمن شاء استقل ومن شاء استكثر». وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «من ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقت عن رسول الله لا يزاد عليه ولا ينقص؛ فقد أخطأ». ا.هـ وقد سبق عن ابن عمر أن رسول الله قال: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى...» فأطلق رسول الله عدد ركعات صلاة الليل، ولم يقيدها بعدد معين، ولو كانت الزيادة على إحدى عشر ركعة لا تجوز؛ لبينها له رسول الله.
والأفضل: الاقتصار في قيام الليل على إحدى عشرة ركعة لمن أطال القيام والقراءة، فقد كان النبي H لا يزيد على هذا العدد، قالت عائشة J: «مَا كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ H يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسْال عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ»، أي: أنه H كان يصلي أربع ركعات حسان طوال، فكان طول قيامه يغني عن تكثير الركعات.
اتفق العلماء على أن أول وقت الوتر مغيب الشفق بعد صلاة العشاء.
وذهب جمهور أهل العلم إلى أن آخر وقت الوتر ينتهي بطلوع الفجر الثاني، وهو وقت دخول صلاة الفجر، وهو الراجح، فالأدلة المتكاثرة تدل على أن الوتر ينتهي وقته بدخول وقت صلاة الفجر، وقد قالت عائشة: «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ H، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ» أي: إلى وقت السحر.
وقال بعض أهل العلم: يمتد وقت الوتر إلى وقت إقامة صلاة الفجر، وهو قول مردود.
([1]) مجموع الفتاوى (21/145)، (22/269).
([2]) التمهيد (21/70)، المجموع شرح المهذب (4/32)، مجموع الفتاوى (22/272)، (23/112)، فتح الباري (4/782).
([3]) فتح الباري (3/171)، شرح مسلم (6/27)، فتح الباري لابن رجب (9/145).