- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ I أَنَّ النَّبِيَّ H قَالَ: «أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(383) 38- وَلِابْنِ حِبَّانَ: «مَنْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَلَمْ يُوتِرْ فَلَا وِتْرَ لَهُ».
(384) 39 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «مَنْ نَامَ عَنْ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّ إِذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَرَ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ.
تخريج الحديث:
حديث أبي سعيد: اللفظ الأول: رواه مسلم (754).
والثاني: عند ابن حبان (2408) وإسناده صحيح.
والثالث: له طريقان: الأولى: رواها أبو داود (1431)، وإسنادها صحيح، والثانية: رواها أحمد (3/44)، والترمذي (465)، وابن ماجه (1188)، وإسنادها ضعيف.
فقه الحديث:
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن صلاة الوتر تقضى، فمن فاته وتره لعذر حتى انتهى وقته؛ فيشرع له قضاؤه، فقد ثبت عن أبي سعيد الخدري I أن النبي H قال: «مَنْ نَامَ عَنْ الوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّ إِذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَرَ».
وفي الصحيحين عن أنس I أن النبي H قال: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، وهذا لفظ عام؛ فيشمل صلاة الفريضة وصلاة النافلة بما فيها الوتر، وما جاء من حديث أبي سعيد I عند مسلم أن النبي H قال: «أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا»، وزاد ابن حبان: «مَنْ أَدْرَكَ اَلصُّبْحَ وَلَمْ يُوتِرْ فَلَا وِتْرَ لَهُ»، ففيه: أن وقت الوتر ينتهي بدخول الصبح، وليس فيه أن من فاته الوتر لعذر أنه لا يشرع له القضاء.
وأما وقت قضاء الوتر؛ فلا خلاف بين جمهور العلماء أنه يشرع قضاؤه ما بين أذان الفجر إلى وقت إقامة صلاة الفجر.
واختلفوا في غير هذا الوقت؛ فذهب جماعة من أهل العلم منهم مالك والمشهور عن أحمد: أنه لا يشرع في غير هذا الوقت؛ لحديث عائشة أَنَّ
رَسُولَ اللهِ H «كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً»: رواه مسلم. وهذا يدل على أنه كان لا يقضي الوتر، إنما التهجد فقط، وإلا لصلى ثلاثة عشر ركعة، ولأنه لم يبق في قضائه الفائدة التي شرع لها.
وذهب جماعة من السلف، والصحيح عند الشافعية، ورواية لأحمد، وقول ابن حزم: أنه يقضى في النهار كالتهجد؛ لظاهر حديث أبي سعيد I: «مَنْ نَامَ عَنْ الوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّ إِذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَرَ»، والصبح يشمل ما قبل طلوع الشمس وما بعده، وقَوْلُهُ: «أَوْ ذَكَرَ» أي: يقضيه متى ذكر، وهو الأرجح.
وقد ذكر بعض أهل العلم أنه إذا جاء وقت صلاة الوتر من الليلة الثانية؛ فلا يقضي فيه ما فاته من الوتر في الليلة الأولى، حتى لا يجتمع له وتران في ليلة، وهو قيد جيد، والقضاء يشرع لمن كان مداومًا على صلاة الوتر، ومن قضاها من النهار صلاها شفعًا، فقد قالت عائشة: «كَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ، أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً»، رواه مسلم.
([1]) المجموع شرح المهذب (3/532)، مجموع الفتاوى (23/89)، الإنصاف (2/187)، فتح الباري لابن رجب (9/157، 160)، نيل الأوطار (2/231)، أحكام الوتر لفهد الطويلة (ص/337).