2024/12/21
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ,

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ, وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ, فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ, وَذَلِكَ أَفْضَلُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(386) 41- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ L, عَنِ النَّبِيِّ H قَالَ: «إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالْوَتْرُ، فَأَوْتِرُوا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

تخريج الحديثين:

حديث جابر I: رواه مسلم (755).

حديث ابن عمر L: رواه الترمذي (469) وإسناده صحيح، والصواب أن قَوْلُهُ: «إِذَا طَلَعَ الفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلَاةِ اَللَّيْلِ وَالوَتْرُ» أنه من قول ابن عمر L، وليس من قول النبي H، وإنما المرفوع إلى النبي H هو قَوْلُهُ: «فَأَوْتِرُوا قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ»، هكذا رواه مفصلًا أحمد (2/150)، وابن خزيمة (1091)، والحاكم (1/302)، والبيهقي (2/478)([1]).

فقه الحديثين:

مسألة: أفضل وقت صلاة الوتر([2]):

الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن آخر الليل هو أفضل وقت صلاة الوتر لمن قوي ووثق من نفسه أن يقوم في هذا الوقت، وأما من خشي عدم القيام في آخر الليل؛ فإن الأفضل في حقه أن يوتر قبل أن ينام.

ودليل هذا التفصيل: قوله H: «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اَللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ»، أي: هذا أفضل له حتى لا يفوت الوتر، قال: «وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اَللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اَللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ»، فنص على أن هذا الثاني هو الأفضل من هذين الأمرين إذا كان يغلب على ظنه أنه يقوم في آخر الليل، وأيضًا الصلاة في هذا الوقت مشهودة، يشهدها الله D وتشهدها الملائكة، فالله E ينزل إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، ويقول: «مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ»، متفق عليه.

وما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة I أنه قال: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ:... وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ»، وكذلك من حديث أبي الدرداء في مسلم، وعن أبي ذر عند أحمد (5/173) وغيره، وهو حديث حسن، فهذا يحمل على أمرين:

الأول: أن الوتر قبل الليل أفضل في حق من خاف على نفسه ألا يقوم في آخر الليل، وأبو هريرة I كان يشغل بجمع أحاديث النبي H وبحفظها، فإذا سهر لذلك ربما فاته الوتر من آخر الليل، فكان الأفضل له أن يصلي الوتر قبل أن ينام.

الثاني: أن الغرض من هذا الحديث: بيان جواز الوتر قبل النوم بدون كراهة، وإن كان الأفضل أن يكون في آخر الليل بعد النوم، وبهذا يجمع بين الأدلة.

وما جاء في حديث ابن عمر L: «فَأَوْتِرُوا قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ» وفي حديث أبي سعيد I: «أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا»؛ فمعناه: اجعلوا الوتر قبل الصبح، فوقته الأفضل قبل الصبح مباشرة.

 

([1]) فتح الباري لابن رجب (9/150).

([2]) الاستذكار (5/276)، الإنصاف (2/167)، فتح الباري لابن رجب (5/248)، (9/161).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=600