2024/12/21
عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ بِالنَّاسِ, وَهُوَ مَرِيضٌ قَالَتْ: فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ,

وَعَنْ عَائِشَةَ J فِي قِصَّةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ H بِالنَّاسِ, وَهُوَ مَرِيضٌ قَالَتْ: فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ, فَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا, يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ H وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

تخريج الحديث:

حديث عائشة: رواه البخاري (713)، ومسلم (418).

فقه الحديث:

مسألة: إذا صلى الإمام جالسًا([1]):

اختلف العلماء: هل يصلي المأموم جالسًا أم يصلي قائمًا؟

فقال بعض أهل العلم: يصلي المأموم قائمًا، فقد كان النبي H يصلي جالسًا وهو إمام، وأبو بكر يقتدي به ويصلي قائمًا، وهذا آخر ما جاء عن النبي H، فقد كان في مرض موته، وهو قول جماعة من السلف والحنفية، والصحيح عند الشافعية.

وقال بعض أهل العلم: إذا صلى الإمام جالسًا صلى المأموم جالسًا أيضًا، حتى لا يختلف على إمامه، والإمام في حديث عائشة هو أبو بكر I، وليس رسول الله H، فأبو بكر كان قائمًا، وهو قول جماعة من السلف وفقهاء أهل الحديث.

واختار بعض أهل العلم التفصيل في هذه المسألة، فقالوا: إذا ابتدأ الإمام صلاته جالسًا؛ صلى المأموم خلفه جالسًا، وإذا ابتدأ الإمام صلاته قائمًا، فعجز عن مواصلة القيام، فأكمل صلاته جالسًا؛ أكمل المأموم صلاته قائمًا، ولا يجلس لجلوس الإمام، وبهذا التفصيل يحصل الجمع بين الأدلة، فقد جاء في الصحيحين عن عائشة J قالت: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ H فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جالسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جالسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا»، وكذلك من حديث أبي هريرة I أن النبي H قال: «وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلَّوْا قُعُودًا أَجْمَعُونَ» ـ سبق تخريجه ـ يحمل هذا فيما إذا ابتدأ الإمام صلاته جالسًا.

وأما إذا ابتدأ صلاته قائمًا، ثم اعتل، فجلس بعد ذلك؛ فلا يجلس المأموم، فقد أقيمت الصلاة والنبي H في مرض موته، فصلى أبو بكر بالناس، ثم خرج النبي H وهم يصلون، فجلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر عن يمينه؛ فهذا دليل على أن النبي H صار إمامًا لهم في هذه الصلاة، فصلى بهم جالسًا وصلوا قيامًا، قالت عائشة J: «فَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جالسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ H وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ»، أي: يأتم أبو بكر بالنبي H، ويبلغ أبو بكر صلاته للناس؛ لأن النبي H كان يصلي جالسًا، فدخل
رسول الله H وأكمل بهم جالسًا، ومثله إذا ابتدأ بهم قائمًا ثم جلس، ولا دليل على نسخه، وهو المذهب عند الحنابلة، ووجه للشافعية، وهو الراجح إن شاء الله؛ لما فيه من الجمع بين الأدلة، والله أعلم.

 

([1]) المغني (3/60)، المجموع شرح المهذب (4/265)، الاستذكار (5/381)، الإنصاف (2/261)، فتح الباري لابن رجب (6/151).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=609