2024/12/21
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ, وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ, وَلَا تُسْرِعُوا,

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ I عَنِ النَّبِيِّ H قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ, وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ, وَلَا تُسْرِعُوا, فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا, وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

تخريج الحديث:

حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (636)، ومسلم (602).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: الإسراع لإدراك الجماعة([1]):

اتفق العلماء على أنه يستحب للمصلي أن يمشي إلى الصلاة وعليه السكينة ولا يسرع، ما لم يخش فوات تكبيرة الإحرام، فإذا خشي فوات تكبيرة الإحرام؛ قال جمهور أهل العلم: يكره له أيضًا الإسراع لإدراكها، فلا فرق بين الإسراع لإدراك تكبيرة الإحرام، وبين الإسراع لإدراك غيرها من أعمال الصلاة، ففي حديث أبي هريرة I: «إِذَا سَمِعْتُمْ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالوَقَارُ، وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»، وهذا عام، فمن سمع الإقامة فيمشي مشيَهُ المعتاد ولا يسرع، وتكون عليه السكينة أي: الجوارح ساكنة لا يعبث بها -، وعليه الوقار، وهذا في الهيئة، فلا يكثر من الالتفات والضحك بصوت مرتفع ونحوها.

المسألة الثانية: متى تدرك الجماعة([2])؟

ذهب جمهور أهل العلم إلى أن صلاة الجماعة تدرك بإدراك جزء من صلاة الإمام قبل سلامه، فإذا أدرك الإمام في التشهد الأخير، فالتحق به؛ فقد أدرك الجماعة، لقوله H: «فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا»، أي: فما أدركتم من صلاة الإمام فالتحقوا به، ويكون بالتالي مدركًا للجماعة، حيث أمره بالالتحاق بالإمام مطلقًا، وإلا لما كان هنالك فائدة من انضمامه لجماعة الإمام وقد فاتته الجماعة.

وأما ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي H قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»؛ فالمراد به: إدراك وقت الصلاة، فمن أدرك ركعة من الصلاة قبل انتهاء وقتها؛ فقد أدرك هذه الصلاة.

وزيادة: «مع الإمام» خرجت مخرج الغالب، وأيضًا تفرد بها أحد الرواة عن سائر الرواة، أخرجها مسلم، وقال: ليس في حديث واحد منهم «مع الإمام». اهـ.

وقَوْلُهُ: «فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا» عام يشمله وزيادة.

ومذهب المالكية، ووجه للشافعية، ورواية لأحمد، وقول ابن تيمية: إن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة مع الإمام؛ لقوله H: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»، وهذا عام، فيشمل إدراك الوقت وإدراك الجماعة. وجاء في رواية لمسلم: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ الإِمَامِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»، وهذا صريح في أن الجماعة تدرك بإدراك ركعة مع الإمام، ولأن وقت الصلاة وصلاة الجمعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة؛ فكذلك الجماعة، وهو الأرجح.

وزيادة «مع الإمام» أخرجها مسلم. وذكر الدارقطني الاختلاف في هذا الحديث، ولم يعل هذه الزيادة. «المسند المصنف المعلل» (3/388).

تنبيه: إذا جاء والإمام في التشهد الأخير يلتحق به، لقَوْلُهُ: «فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا» ويحصل له فضل الجماعة، وإن لم يدركها مع الإمام إن كان تأخر لعذر([3]).

المسألة الثالثة: ما أدركه المسبوق من الصلاة([4]):

الصحيح من أقوال أهل العلم: أن ما أدرك المسبوق مع الإمام؛ فهو أول صلاته، وما قضاه بعد سلام الإمام؛ فهو آخر صلاته، فعليه: لو دخل المسبوق مع الإمام في الركعة الثالثة؛ فتكون الثالثة للإمام وهي الأولى للمأموم المسبوق، فيقرأ فيها ما يقرؤه في الركعة الأولى، والركعة الرابعة للإمام تكون الركعة الثانية له، فإذا سلم الإمام أتى المأموم بالثالثة والرابعة.

ودليله: قوله H: «فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»، أي: الذي فاتكم تكملونه، وأكثر روايات حديث أبي هريرة I بلفظ: «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»، وجاء في بعض الروايات: «فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا»، ومعنى القضاء هنا: هو الإتمام والأداء؛ جمعًا بين الروايات، فالقضاء في اللغة العربية: هو إكمال الشيء وإتمامه، قال الله E: ﴿ فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ [فصلت: ١٢]، أي: أكملهن وأتمهن سبعًا، وهو مذهب جمهور السلف، وقول الشافعية والظاهرية، وهو رواية لمالك، ورواية لأحمد، واختاره علماء اللجنة الدائمة([5]).

 

([1]) الأوسط (4/146)، التمهيد (20/233)، المجموع شرح المهذب (4/207)، فتح الباري لابن رجب (5/391).

([2]) الأوسط (4/337)، شرح مسلم (5/90)، المغني (3/143)، المحلى [مسألة] (508)، مجموع الفتاوى (23/330)، فتح الباري لابن رجب (5/17)، الموسوعة الفقهية (27/72).

([3]) مجموع فتاوى ابن باز (12/157).

([4]) الأوسط (4/438)، التمهيد (20/234)، مجموع الفتاوى (22/37)، فتح الباري لابن رجب (5/397).

([5]) فتاواها (7/321).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=618