وَعَنْ جَابِرٍ I قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «خَيْرُ أُمَّتِي الَّذِينَ إِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا, وَإِذَا سَافَرُوا قَصَرُوا وَأَفْطَرُوا». أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «الْأَوْسَطِ» بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
(437) 14- وَهُوَ فِي مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مُخْتَصَرٌ.
تخريج الحديث:
حديث جابر I: رواه الطبراني في الأوسط (7/286) بإسناد ضعيف، ففيه ابن لهيعة، سيء الحفظ، وعنعنة أبي الزبير، وهو مدلس، ومرسل سعيد بن المسيب رواه البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (2/425) بنحوه، وفيه إبراهيم بن محمد وهو ابن أبي يحيى، متروك، لكنه متابع عند ابن أبي شيبة (2/204)، وعبد الرزاق (2/566)، فثبت السند إلى سعيد بن المسيب، وبقي فيه الأرسال.
فقه الحديث:
أجمع العلماء على أن القصر في السفر أفضل من الإتمام. واختلفوا في وجوبه، والصحيح أنه واجب كما سبق، وقد كان النبي H يقصر الصلاة في السفر، ولا يعلم عنه أنه أتم الصلاة في السفر، وبين حديث أن خيار الأمة من إذا سافر قصر الصلاة وأفطر من الصيام.
والقصر في الصلاة بالإجماع يكون في الصلاة الرباعية: الظهر، والعصر، والعشاء، وقصرها بأن تصلى ركعتين.
ولا خلاف بين أهل العلم أن صلاة المغرب وصلاة الفجر لا تقصران في السفر.
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن المسافر إذا صلى خلف المقيم؛ فإنه يتم صلاته، فقد روى أحمد (1/216) وغيره أنه قيل لابن عباس L: «إِنَّا إِذَا كُنَّا مَعَكُمْ صَلَّيْنَا أَرْبَعًا، وَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى رِحَالِنَا صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: تِلْكَ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ H »، وسنده حسن. ورواه مسلم (688) مختصرًا بمعناه، فسنة رسول الله H أن المسافر إذا صلى مؤتمًّا بالمقيم؛ فإنه يتم صلاته.
وأيضًا لعموم الأمر بمتابعة الإمام، وعدم الاختلاف عليه، فالقصر حكمه إما سنة مستحبة وإما واجب، لكن المتابعة أوجب منه، فيقدم الأمر بالمتابعة على الأمر بالقصر.
فعليه: إذا أدرك ركعة مع الإمام لزمه الإتمام عند عامة الفقهاء، وأما إذا أدرك أقل من ركعة؛ فذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يلزمه الإتمام.
وذهب جمهور العلماء إلى أنه يلزمه، وهو الأحوط.
إذا قصر الإمام الصلاة؛ فإن المقيم لا يسلم معه، ويتم صلاته بإجماع العلماء. وإذا أتم الإمامُ المسافرُ؛ فالصحيح أن المقيم يكمل معه، وذلك لأن صلاة المسافر صحيحة إذا أتمها ـ كما سبق بيانه ـ، وهذا مذهب جماعة من أهل العلم، منهم الشافعية، والصحيح عند الحنابلة.
وكذلك المسافر إذا أتم إمامه المسافر؛ فإنه يتم خلفه ولو نوى القصر، لأن المأموم مطالب بمتابعة الإمام ولا يختلف عليه، وينوي الإتمام عند قيامه للركعة الثالثة، وهذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
يبني على غالب الظن، فإن تبين أنه كما ظن؛ فلا إشكال، وإن كان على خلاف ظنه؛ فإن ظنه مسافرًا كرؤية آثار السفر عليه؛ فينوي القصر، وإن أتم الإمام لزمه متابعته؛ فينوي الإتمام عند قيامه للركعة الثالثة، وإن ظنه مقيمًا فنوى الإتمام فقصر الإمام أتم هو اعتبارًا بنيته، فالنية هنا أقوى من المتابعة، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة.
([1]) المجموع شرح المهذب (4/322).
([2]) المحلى [مسألة] (518)، المغني (3/143)، الأوسط (4/338)، فتح الباري لابن رجب (8/375).
([3]) المجموع شرح المهذب (4/232)، الأوسط (4/365)، المغني (3/147)، الإنصاف (2/251).
([4]) المجموع شرح المهذب (4/235)، المغني (3/145)، الإنصاف (2/323).