وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: عَادَ النَّبِيُّ H مَرِيضًا, فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ, فَرَمَى بِهَا, وَقَالَ: «صَلِّ عَلَى الْأَرْضِ إِنِ اسْتَطَعْتَ, وَإِلَّا فَأَوْمِ إِيمَاءً, وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ». رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَصَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَقْفَهُ.
تخريج الحديث:
حديث جابر I: رواه البيهقي (2/306) ورجاله ثقات، لكن صحح أبو حاتم وقفه على جابر I، وحكم على المرفوع بأنه خطأ([1]). وجاء عند الطبراني في الأوسط (7/135) عن ابن عمر L مرفوعًا بمعناه، وإسناده جيد.
فقه الحديث:
لا خلاف بين أهل العلم أن المريض إذا عجز عن الركوع أو السجود؛ فإنه يومئ برأسه، وقد قال النبي H: «فَأَوْمِ إِيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ»، فيومئ برأسه، ويخفض رأسه في السجود أكثر من الركوع.
وإذا عجز عن القيام أو القعود، واستطاع الركوع أو السجود؛ فيجب عليه أن يركع ويسجد، ولا يصح منه الإيماء، على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو مذهب الحنابلة، والمشهور عند الشافعية، ورواية لمالك، فلا يسقط الركوع والسجود بالعجز عن القيام أو القعود.
الصحيح من أقوال أهل العلم: أن من عجز عن السجود؛ فلا يرفع إلى رأسه شيئًا يسجد عليه، كوسادة أو عود، وإنما يومئ فينحني إلى قرب الأرض بقدر طاقته، وقد جاء من حديث جابر I أن النبي H رأى رجلًا يصلي على وسادة فرمى بها، ثم قال له: «فَأَوْمِ إِيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ»، وهذا مذهب الحنفية والمالكية، ورواية للإمام أحمد.
مثلًا: مرضه في ظهره أو في رأسه، فلا يستطيع الإتيان بالركوع والسجود ولا الإيماء بهما؛ فالصحيح أن الصلاة في هذه الحالة لا تسقط عنه ما دام عقله موجودًا، فيجب عليه من الصلاة ما يقدر عليه، فالصلاة أقوال وأفعال ونية، فإذا عجز عن الأفعال بقيت الأقوال والنية، فينوي أنه في الصلاة، وينوي القيام والركوع والسجود وغيرها، ويقرأ القرآن والأذكار في مكانه المطلوب من الصلاة، وهو مذهب الشافعية، والصحيح عند الحنابلة، وهو الراجح، فيتق الله ما استطاع، ولا يترك الصلاة، ما دام العقل باقيًا، فيصلي بقلبه، فيقول: الله أكبر، فيستحضر أنه في القيام؛ فيقرأ الفاتحة، ثم يستحضر أنه يركع؛ فيقرأ أذكار الركوع، وهكذا.
([1]) علل ابن أبي حاتم (1/113).
([2]) الأوسط (4/373)، المغني (2/575)، فتح الباري (3/300).
([3]) المجموع شرح المهذب (4/312)، المغني (2/576)، المبسوط للسرخسي (1/199)، حاشية ابن عابدين (2/494)، الإنصاف (2/308).
([4]) المغني (2/576)، روضة الطالبين (1/343)، مجموع الفتاوى (10/440)، الإنصاف (2/208)، الشرح الممتع (3/468).