2024/12/21
عَنْ سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ : أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كُلَّ جُمُعَةٍ. رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ.

وَعَنْ سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ I: أَنَّ النَّبِيَّ H كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كُلَّ جُمُعَةٍ. رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ.

تخريج الحديث:

حديث سمرة بن جندب: رواه البزار كما في «كشف الأستار» (641)، وإسناده ضعيف جدًّا؛ فهو مسلسل بالعلل، وأشدها أن في إسناده يوسف بن خالد السمْتي، متروك.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: الدعاء في خطبة الجمعة([1]):

اتفق الفقهاء على مشروعية الدعاء في خطبة الجمعة، فقد جاء عن سمرة بن جندب I: «أَنَّ النَّبِيَّ H كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ كُلَّ جُمُعَةٍ»، والاستغفار: طلب المغفرة من الله، وهذا دعاء. واستدل أيضًا لمشروعيته بما جاء عن عمارة بن رؤيبة I: «أَنَّهُ دَخَلَ المَسْجِدَ وَبِشْرٌ يَخْطُبُنَا، فَلَمَّا دَعَا، رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ عِمَارَةُ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، رَأَيْتُ رَسُولَ الله H وَهُوَ يَخْطُبُ، إِذَا دَعَا يَقُولُ هَكَذَا، وَرَفَعَ السَّبَّابَةَ وَحْدَهَا»، رواه أحمد (4/236) بسند صحيح، وأصله في مسلم دون ذكر الدعاء، ففيه إثبات لمشروعية الدعاء في الخطبة.

وينبغي أن يراعى هنا أمران:

  1. ألا يلتزم الخطيب دعاءً معينًا في كل جمعة، وإنما يدعو بحسب الأحوال([2]).
  2. أن يترك الخطيب الدعاء أحيانًا، فلا يواظب عليه في كل جمعة، فلا يعلم عن النبي H ولا عن الصحابة M أنهم واظبوا على الدعاء في كل خطبة، وحتى لا يظن الناس بسبب هذه المواظبة وجوب الدعاء في الخطبة([3]).

المسألة الثانية: رفع الخطيب يديه عند الدعاء([4]):

يكره للخطيب رفع يديه عند الدعاء في الخطبة، ويسن له الإشارة بالسبابة وحدها، لأن هذا الذي كان يفعله النبي H؛ ففي حديث عمارة I قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله H وَهُوَ يَخْطُبُ، إِذَا دَعَا يَقُولُ هَكَذَا، وَرَفَعَ السَّبَّابَةَ وَحْدَهَا»، وهو الصحيح عند فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم، بل نص بعض أهل العلم على بدعية رفع اليدين عند الدعاء في الخطبة، فقد دعا عمارة على الخطيب الذي رفع يديه عند الخطبة بقَوْلُهُ: «قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ»، وإنما السنة أن يشير بالسبابة عند الدعاء.

وأما ما جاء في الصحيحين عن أنس قال: «بَيْنَمَا النَّبِيُّ H يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، هَلَكَ الْكُرَاعُ وَهَلَكَ الشَّاءُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا»، فالجواب عليه: أنه رفع يديه مع الدعاء هنا لعارض، وإلا فالأصل أنه يشير بالسبابة عند الدعاء في الخطبة.

المسألة الثالثة: الترضي على الخلفاء والصحابة في الخطبة([5]):

لا يعلم عن أحد من أهل العلم أنه قال بوجوب ذلك، وإنما اختلفوا في استحبابه؛ فقال جماعة من علماء أهل السنة: لا يستحب ذلك، لأنه لم يكن من عادة السلف في خطبهم، فلا يشرع تعمد الترضي على الخلفاء والصحابة في خطبة الجمعة.

وذهب جماعة من علماء أهل السنة إلى استحباب الترضي على الخلفاء والصحابة في خطبة الجمعة، وذلك لأجل الرد على الرافضة والإغاضة لهم والإفساد لعقائدهم، والتعريض بمن يسبهم ويقدح فيهم، وهو وإن لم يكن على عهد السلف؛ فقد وجدت مصلحة لفعله. وقد قيل: إن أول من فعله الخليفة عمر بن عبد العزيز؛ لما وجد في زمنه من بني أمية من يسب بعض الخلفاء.

قُلْتُ: الأولى أن يترك عملًا بما كان عليه السلف، ولا بأس بفعله إن وجدت المصلحة دون مداومة، فليس هو من السنن التي يحافظ عليها في كل زمان ومكان.

 

([1]) المجموع شرح المهذب (4/391)، سنن البيهقي (3/210)، زاد المعاد (1/428)، الموسوعة الفقهية (19/184).

([2]) فتاوى اللجنة الدائمة (8/323).

([3]) الشرح الممتع (5/87)، مجلة المنار (31/54).

([4]) شرح مسلم (6/142)، الفروع لابن مفلح (2/93)، الأخبار العلمية (ص/80)، الإنصاف (2/398)، نيل الأوطار (4/555).

([5]) منهاج السنة (4/160)، الاعتصام للشاطبي (1/20)، المدخل لابن الحاج (2/272).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=649