عن ابن عباس قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ H مُتَوَاضِعًا, مُتَبَذِّلًا, مُتَخَشِّعًا, مُتَرَسِّلًا, مُتَضَرِّعًا, فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ, كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ, لَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ.
تخريج الحديث:
حديث ابن عباس L: رواه أحمد (1/230)، وأبو دود (1165)، والنسائي (3/163)، والترمذي (558)، وابن ماجه (1266) وغيرهم، وفي سنده ضعف، ففيه هشام بن إسحاق بن كنانة، الأقرب ضعفه، وقد صحح هذا الحديث بعض أهل العلم([1]).
فقه الحديث:
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن صلاة الاستسقاء ركعتان، وأنها سنة ثابتة، ويستحب أن تؤدى في المصلى خارج البلدة، وذلك لما ثبت عن النبي H أنه كان يخرج للاستسقاء ويصلي ركعتين في المصلى؛ فعن ابن عباس L قال: «خَرَجَ اَلنَّبِيُّ H... فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ»، وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد I أن النبي H خرج للاستسقاء وخرج معه الناس وصلى ركعتين، وبنحوه من حديث عائشة J كما سيأتي.
والحنفية لا يرون بصلاة الاستسقاء، إنما هو الدعاء والتضرع. والأحاديث السابقة ترد عليهم.
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن صلاة الاستسقاء ليس فيها تكبيرات زائدة قبل القراءة كالتكبيرات في صلاة العيد، فقد ذكر بعض الصحابة أن النبي H صلى في الاستسقاء ركعتين، ولم يذكروا أنه كبر سبعًا في الركعة الأولى قبل القراءة، وأنه كبر خمسًا في الركعة الثانية قبل القراءة، وما جاء في حديث ابن عباس L أنه قال: «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَمَا يُصَلِّي فِي العِيدِ»، يجاب عليه من وجهين:
فهذا اللفظ مجمل، وليس صريحًا في إثبات التكبيرات في صلاة الاستسقاء كثبوته في صلاة العيد.
ومذهب الشافعية: أنه يكبر قبل القراءة في الأولى سبعًا وفي الثانية خمسًا، كما يفعل في صلاة العيد، لقوله: «يصلي ركعتين كما يصلي العيد».
يخرج الناس للاستسقاء متبذلين – أي: في غير ثياب الزينة - ولا يتطيبون، متخشعين في مشيهم وجلوسهم، متأنين في المشي، متذللين لله E، عليهم التواضع والسكينة، وهذه مستحبات، لم يرد فيها خلاف بين أهل العلم، وهكذا كان النبي H يخرج للاستسقاء، ففي حديث ابن عباس: «خَرَجَ اَلنَّبِيُّ H مُتَوَاضِعًا، مُتَبَذِّلًا، مُتَخَشِّعًا، مُتَرَسِّلًا، مُتَضَرِّعًا»، فهذا اليوم يوم تواضع وتضرع واستكانة.
فالخروج إلى الاستسقاء ليس كالخروج إلى الجمعة والعيد، فيه الفرح والسرور والزينة.
([1]) وحسنه الألباني في الإرواء (665).
([2]) الأوسط (4/319، 327)، المغني (3/337)، فتح الباري (3/179، 207)، فتح الباري لابن رجب (5/201، 210).
([3]) المجموع شرح المهذب (5/103)، المغني (3/335)، شرح مسلم (6/166)، فتح الباري لابن رجب (9/206).
([4]) المغني (3/334)، الموسوعة الفقهية (3/310).