2024/12/22
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كَسَانِي النَّبِيُّ حُلَّةً سِيَرَاءَ, فَخَرَجْتُ فِيهَا, فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ, فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.

وَعَنْ عَلِيٍّ I قَالَ: كَسَانِي النَّبِيُّ H حُلَّةً سِيَرَاءَ, فَخَرَجْتُ فِيهَا, فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ, فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.

(527) 06- وَعَنْ أَبِي مُوسَى I أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H قَالَ: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي, وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهِمْ». رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

تخريج الحديثين:

حديث علي بن أبي طالب I: رواه البخاري (5840)، ومسلم (2071).

وحديث أبي موسى الأشعري I: رواه أحمد (4/392)، والنسائي (8/161)، والترمذي (1720) وفي سنده رجل مبهم، فهو عن سعيد بن أبي هند عن رجل عن أبي موسى I. وجاء أيضًا من حديث علي بن أبي طالب I، رواه أحمد (1/96)، والنسائي (8/160)، وابن ماجه (3595)، وفي سنده أبو أفلح الهمداني، مجهول الحال. وجاء من حديث عقبة بن عامر I عند الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (4/251)، والبيهقي (3/275)، وفي سنده هشام ابن أبي رقية، مجهول الحال. وللحديث شواهد أخرى، أسانيدها كلها ضعيفة.

والحديث بمجموع هذه الطرق - على أقل أحواله - حسن لغيره([1]).

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: الحرير المشوب بغيره([2]):

هو الثوب المنسوج من حرير وغيره من المواد.

وقد ذهب بعض الأئمة إلى أنه يحرم على الرجل لبس الحرير المشوب، كما يحرم عليه لبس الحرير الخالص، فقد جاء عن علي بن أبي طالب I أنه لبس حلة سيراء، فغضب منه النبي H. والحلة السيراء فسرها أهل اللغة: بالحلة المخلوطة من حرير وغيره.

وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه يجوز للرجل لبس الثوب المشوب من الحرير وغيره، إذا كان غير الحرير هو الأغلب، والحرير هو الأقل، وذلك لأن النهي إنما جاء عما يسمى حريرًا، والحرير إذا خلط مع غيره، وكان الغير أكثر منه؛ فلا يسمى حريرًا.

وقد جاء عن ابن عباس L أنه قال: «إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ H عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ»، رواه أحمد (1/313)، وإسناده صحيح. والمصمت: هو الخالص.

وأما الحلة السيراء؛ فهي عند الفقهاء: الحلة من الحرير الخالص. وتفسيرهم هو المعتمد، فإذا اختلف أهل اللغة وأهل الفقه في معاني ألفاظ الشريعة؛ يقدم أهل الفقه، فهم أعلم بمدلولات ألفاظ الشريعة، وهو الراجح.

المسألة الثانية: حكم لبس الحرير للنساء([3]):

أجمع العلماء على أنه يجوز للنساء لبس الحرير، بلا فرق بين كثير وقليل، فعن علي بن أبي طالب I قال: أعطاه النبي H حلة سيراء، فلبسها فغضب منه النبي H، فشققها بين نسائه، فهذا دليل على حل الحرير للنساء، وفي حديث أبي موسى الأشعري I: «أُحِلَّ اَلذَّهَبُ وَالحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي».

المسألة الثالثة: لبس الذهب للنساء والرجال([4]):

أجمع العلماء على أنه يجوز لبس الذهب للنساء، بلا فرق بين محلق وغير محلق، لأدلة تدل على جواز الذهب للنساء مطلقًا، منها: ما جاء في حديث أبي موسى I أن النبي H قال: «أُحِلَّ اَلذَّهَبُ وَالحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي».

واستقر الإجماع عل تحريم لبس الذهب للرجال، بلا فرق بين كثير وبين يسير مستقل كالخاتم، وفيه أحاديث، منها: أن النبي H قال: «أُحِلَّ اَلذَّهَبُ وَالحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهِمْ»، أي: حرم على الرجال لبس الذهب والحرير.

واختلفوا في اليسير من الذهب التابع لغيره، كمسمار من ذهب على سلاح، أو كزر في ثوب، أو كفص في محلق:

فذهب جمهور العلماء إلى تحريمه أيضًا؛ لأن الأدلة التي جاءت في تحريم الذهب على الرجال أدلة عامة، فتشمل كل ملبوس فيه ذهب، وما جاء في بعض الأدلة من الترخيص في اليسير من الذهب؛ فهو إما ضعيف السند، وإما يحمل على أنه خاص بالنساء، وإما أنه منسوخ.

ورخص أكثرهم بالمسمار يكون على السيف خاصة؛ لما جاء عن بعض الصحابة أنه كان على سيفه شيء من ذهب.

وذهب الحنفية، وأحمد في رواية، وبعض الحنابلة منهم ابن تيمية: إلى إباحة اليسير من الذهب التابع لغيره مطلقًا للرجال، لدليلين:

  1. القياس على الحرير، فكما يرخص في اليسير من الحرير للرجال يرخص كذلك في اليسير التابع من الذهب للرجال، والقياس هنا جلي؛ فالعلة من النهي واحدة، وهي أن لبس الذهب والحرير ذريعة للوقوع في الإسراف والخيلاء، ولأنهما من لباس النساء، وقد جاءت أحاديث قرن فيها النبي H النهي بين الذهب والحرير، كحديث أبي موسى I.
  2. ما جاء عن معاوية بن أبي سفيان L أنه كان مع جمع من أصحاب النبي H فقال: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H نَهَى عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ إِلَّا مُقَطَّعًا؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ»، رواه أحمد (4/9 والنسائي (8/161) وغيرهما، وإسناده صحيح. والمقطع: هو الشيء اليسير التابع لغيره. ويحمل هذا الاستثناء على الرجال، وذلك لأن الذهب الكثير مباح للنساء، فتكون الإباحة هنا في لبس اليسير للرجال، ولا دليل على نسخه.

وهذا القول أظهر، وقول الجمهور أحوط؛ براءة للدين والعرض، وخروجًا من الخلاف.

وأما الذهب في الأسنان؛ فيجوز للرجال عند الحاجة، وعليه جمهور أهل العلم([5]).

 

([1]) صححه الألباني بمجموع طرقه في الإرواء (277).

([2]) المجموع شرح المهذب (4/323)، المغني (2/307)، شرح مسلم (15/43)، فتح الباري (11/475).

([3]) شرح مسلم (14/291)، الاستذكار (26/204).

([4]) المغني (4/226)، فتح القدير لابن الهمام (10/23)، النقاية شرح الهداية (3/7)، المجموع شرح المهذب (4/326)، التمهيد لابن عبد البر (7/14، 97)، مجموع الفتاوى (25/164)، الإنصاف (1/477)، (3/145)، العقود الياقوتية لابن بدران (ص/116).

([5]) كتاب اللباس، د/ الغامدي (1/513).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=694