2024/12/22
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ : أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ, بِالدِّيبَاجِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ L: أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ H مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ, بِالدِّيبَاجِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

وَأَصْلُهُ فِي «مُسْلِمٍ»، وَزَادَ: «كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ, فَقَبَضْتُهَا, وَكَانَ النَّبِيُّ H يَلْبَسُهَا, فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى نَسْتَشْفِي بِهَا».

وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي «الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ»: «وَكَانَ يَلْبَسُهَا لِلْوَفْدِ وَالْجُمُعَةِ».

تخريج الحديث:

حديث أسماء J: رواه أبو داود (4054)، وإسناده حسن، وأصله في صحيح مسلم (2069)، والزيادة التي زادها البخاري في كتابه «الأدب المفرد» (384) إسنادها حسن على شرط مسلم،

فقه الحديث:

المسألة الأولى: الحرير في جبة رسول الله H([1]):

كانت «جُبَّةَ رَسُولِ اَللَّهِ H مَكْفُوفَةَ الجَيْبِ وَالكُمَّيْنِ وَالفَرْجَيْنِ، بِالدِّيبَاجِ»، أي: مكفوتة بعضها على بعض.

والجيب: هو الفتحة من الثوب حول العنق.

والكمان: هما فتحة الثوب عند مدخل ومخرج اليد.

والفرجان: هما الفتحة في الثوب من أمامه وخلفه وأسفله.

والديباج: وهو نوع من الحرير.

والمعنى: أن أطراف جبة النبي H كانت مخيطة بشيء من الديباج.

وقد ذهب بعض السلف، وبعض فقهاء المالكية إلى أنه يجوز للرجل لبس الثوب الذي فيه حرير، ولو زاد على أربع أصابع، فقد كان على جبة النبي H الحرير في الجيب والفرجين والكمين.

وذهب جمهور العلماء إلى تحريم الحرير على الرجال، إلا اليسير الذي لا يتعدى قدر أربع أصابع - كما مر سابقًا -، ويحمل ما جاء في حديث أسماء J على أن الحرير الذي في جبة النبي H كان يسيرًا لا يتعدى قدر أربع أصابع، أو أنه خاص بالنبي H.

المسألة الثانية: لبس الجميل من الثياب([2]):

لا بأس بلبس الجميل من الثياب، ولا يعد هذا من الكبر إذا لم يقصده اللابس، وهذا مما لا خلاف فيه يعلم بين العلماء، لا سيما إذا كان في المناسبات كيوم العيد والجمعة، فقد كان للنبي H جبة فيها شيء من حرير، وكان يلبسها في الجمعة وعند استقبال الوفود، وقد جاء في صحيح مسلم أن رجلًا سأل النبي H فقال: «إِنَّ الرَّجُلَ، يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً -فهل هو من الكبر؟-، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»، فلبس الجميل من الثياب يعد من المباحات إذا لم يلبسه المرء لقصد الخيلاء والتفاخر.

المسألة الثالثة: التبرك بآثار النبي H([3]):

لا خلاف بين العلماء أنه يشرع التبرك والاستشفاء بآثار النبي H، فقد كان الصحابة يفعلون ذلك في حياته وبعد مماته بما ترك من آثاره، فكانوا يتبركون بفضل وضوئه وبشعره عند حلقه، وبملابسه التي لبسها، فقد قالت أسماء J في جبة النبي H: «فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى نَسْتَشْفِي بِهَا»، أي: يتداوون بما يقطر منها من الماء عند غسلها، فآثار النبي H فيها البركة.

وأما غير النبي H؛ فلا يشرع التبرك والاستشفاء بآثاره ولو كان من الصحابة، فلم يكن الصحابة يتبركون بآثار أفاضلهم كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي M.

 

([1]) فتح الباري (11/470)، التمهيد لابن عبد البر (14/249).

([2]) تفسير ابن كثير، القصص، أية (83)، الفتاوى الهندية (5/333)، نيل الأوطار (2/115).

([3]) الموسوعة الفقهية (10/70)، منحة العلام (4/327).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=696