2024/12/22
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا وَيَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

وَعَنْ جَابِرٍ I قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا وَيَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

(564) 33- وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلَفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جَنَازَةٍ, فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الكِتَابِ فَقَالَ: «لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

تخريج الحديثين:

حديث جابر I، رواه الشافعي، ومن طريقه البيهقي (4/39)، وفي إسناده إبراهيم بن أبي يحيى، متروك، فإسناده ضعيف جدًّا.

حديث ابن عباس L، رواه البخاري (1335).

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: ما يقال في صلاة الجنازة([1]):

أولا: بعد التكبيرة الأولى.

قراءة (الفاتحة)، والصحيح أنه يجب قراءتها في صلاة الجنازة، وهو مذهب جماعة من السلف، ومذهب الشافعية، والحنابلة والظاهرية، فقد جاء عن ابن عباس L أنه صلى على جنازة فقرأ بالفاتحة وجهر بها وقال: «لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ»، أي: لتعلموا أنها طريقة متبعة عن النبي H، فجهر بها لأجل تعليمهم، والأصل أن القراءة في صلاة الجنازة تكون سرًّا.

ولما جاء في الصحيحين أن النبي H قال: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»، وهذا عام تدخل فيه صلاة الجنازة. ولا تقرأ سورة مع الفاتحة عند جمهور العلماء. وجاء عن ابن عباس أنه قرأ بالفاتحة وسورة. رواه النسائي (3/378) والبيهقي (4/38) وابن الجارود في المنتقى (536) ورجاله ثقات، لكن الأشهر عن ابن عباس دون ذكر «سورة».

ولا يشرع دعاء الاستفتاح فيها؛ لأن صلاة الجنازة شرع فيها التخفيف، قال ابن المنذر: لم يرد ذلك عن صحابي ولا تابعي. اهـ. وهو مذهب المالكية، والصحيح عند الشافعية والحنابلة، وقول بعض الحنفية.

ثانيا: بعد التكبيرة الثانية.

اتفق أهل المذاهب الأربعة والظاهرية على الصلاة على النبي H الصلاة الإبراهيمية بعد التكبيرة الثانية، فقد روى الحاكم (1/360)، والبيهقي (4/40) عن أبي أمامة بن سهل عن رجل من أصحاب النبي H أنه أخبره: «أَنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الإِمَامُ، ثُمَّ يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى سِرًّا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ H »، فإسناده صحيح، وقول الصحابي: «السنة» يعني سنة النبي H.

والصحيح أن الصلاة على النبي H هنا سنة وليست واجبة، فلم يأمر بها النبي H، ولأنها لم تجب في الصلاة العامة على الأرجح من أقوال أهل العلم، فلم تجب هنا، ولأن المقصود من صلاة الجنازة الدعاء للميت، وهو مذهب الحنفية والمالكية، واختاره ابن تيمية وابن القيم وبعض الشافعية.

ثالثا: بعد التكبيرة الثالثة.

اتفق الفقهاء على الدعاء بعد التكبيرة الثالثة، فقد روى عبد الرزاق (3/489) وغيره عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: «إِنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الإِمَامُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى سِرًّا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ H وَيُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلْجِنَازَةِ فِي التَّكْبِيرَاتِ الثلاث»، وأبو أمامة مختلف في صحبته، قال الحافظ ابن حجر: «معدود في الصحابة، له رؤية ولم يسمع من النبي H »، فعلى هذا ما رواه يكون من مراسيل الصحابة، ومراسيلهم مقبولة، فالحديث صحيح.

وأما الكلام على صيغة الدعاء وحكمه؛ فسيأتي فيما بعد.

رابعا: بعد التكبيرة الرابعة.

اختلف العلماء فيما يقال بعد التكبيرة الرابعة من صلاة الجنازة، فظاهر مذهب الحنفية، والمذهب عند الحنابلة، وقول لمالك، ووجه للشافعية أنه لا يقال شيء بعد التكبيرة الرابعة، وإنما هو التسليم مباشرة.

والمشهور عند المالكية والشافعية، وقول بعض الحنفية، ورواية لأحمد وعليها كثير من الحنابلة، وقول ابن حزم: أنه يستحب الدعاء بعد التكبيرة الرابعة قبل السلام، فهو خير من السكوت، فقد جاء في بعض طرق حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: «وَيُخْلِصُ الصَّلاةَ فِي التَّكْبِيرَاتِ الثَّلاثِ»، والصلاة هنا هي الدعاء، وقد روى البيهقي (4/35) عن عبد الله بن أبي أوفى I: «أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ أَرْبَعًا، ثُمَّ قَامَ سَاعَةً، يَعْنِي يَدْعُو، ثُمَّ قَالَ: أَتَرَوْنِي كُنْتُ أُكَبِّرُ خَمْسًا ؟، قَالُوا: لا، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ H كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا»، وإسناده صحيح، وذكر الدعاء فيه بعد الرابعة موقوف على ابن أبي أوفى، وقد جاء مرفوعًا في مسند أحمد (4/356) وسنده ضعيف، وهو الأرجح والله أعلم، ورجحه الشوكاني والألباني وابن عثيمين رحمهم الله، فلا بأس أن يسلم بعد الرابعة مباشرة، وإن دعا بدعاء يسير فيشر؛ع على الصحيح من أقوال أهل العلم.

خامسا: التسليم في صلاة الجنازة.

لا خلاف بين الفقهاء أن صلاة الجنازة تنتهي بالتسليم، والتسليم في صلاة الجنازة واجب كوجوبه في سائر الصلوات.

واختلفوا في كيفية التسليم؟

فمذهب الحنفية، والصحيح عند الشافعية، ورواية لأحمد، وقول ابن حزم: تستحب التسليمتان، فيسلِّم الإمام عن يمينه وعن شماله قياسًا على سائر الصلوات، ولما جاء عن ابن مسعود أنه قال: «ثَلاثُ خِلالٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يَفْعَلُهُنَّ، تَرَكَهُنَّ النَّاسُ، إِحْدَاهُنَّ: التَّسْلِيمُ عَلَى الْجِنَازَةِ مِثْلُ التَّسْلِيمِ فِي الصَّلاةِ»، رواه البيهقي (4/43) بإسناد حسن، والمعروف عن النبي H أنه كان يسلم في الصلاة العامة تسليمتين، فيكون التسليم في صلاة الجنازة مثله.

وذهب جمهور العلماء إلى أنها تستحب تسليمة واحدة عن اليمين، فيسلم على يمينه فقط، فقد جاء في بعض طرق حديث أبي أمامة قال: «يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً عَنْ يَمِينِهِ»، وجاء عن أبي هريرة I قال: «إِنَّ النَّبِيَّ H: سَلَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً»، رواه البيهقي (4/43)، والصحيح أنه من قول أبي هريرة I، وقد جاء الاقتصار على تسليمة واحدة في الجنازة عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن عباس وواثلة بن الأسقع، وقال أحمد: «لم تثبت التسليمتان عن أحد من الصحابة، وإنما ثبتت واحدة عن ستة من الصحابة» ا.هـ.

فالأمر واسع إن شاء الله، والأفضل أن يقتصر على تسليمة واحدة؛ لأنه المشهور عن الصحابة، وإذا سلم تسليمة واحدة يقول: «السلام عليكم ورحمة الله».

المسألة الثانية: من فاتته بعض التكبيرات مع الإمام([2]):

الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن المسبوق يقضي ما فاته من التكبيرات، لعموم قوله H: «فما أدركْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»، والحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة I، وهو يشمل جميع الصلوات، فعلى هذا يرتب لنفسه على الصحيح من أقوال أهل العلم، فيبدأ بالفاتحة ثم الصلاة على النبي ثم الدعاء، مع محاولة التعجيل قبل أن ترفع الجنازة، فلا بأس أن يقتصر على قوله: «اللهم صل عل محمد وآله» وأن يقتصر في الدعاء على طلب المغفرة والرحمة للميت، فيقول: «اللهم اغفر له وارحمه».

 

([1]) المحلى [مسألة] (573، 574)، بداية المجتهد (1/235)، المجموع شرح المهذب (5/535-543)، المغني (3/412-418)، الأوسط (5/437-444)، الإنصاف (2/521)، الموسوعة الفقهية الكويتية (16/21).

([2]) الأوسط (5/448)، المجموع شرح المهذب (5/242)، المغني (3/423)، الشرح الممتع (5/433).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=722