2024/12/22
عَن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ, وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ».

وَعَن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ, وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ». قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ? قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِمُسْلِمٍ: «حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ».

وَلِلْبُخَارِيِّ: «مَنْ تَبِعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا, وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطَيْنِ, كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ».

تخريج الحديث:

حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (1325)، ومسلم (945)، وفيه زيادات انفرد ببعضها البخاري وانفرد ببعضها مسلم.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: فضل الصلاة على الجنازة واتباعها([1]):

جعل النبي H لمن شهد الجنازة وصلى عليها من الأجر قيراطًا، ولمن شهدها حتى تدفن قيراطًا آخر، وقد سئل رسول الله عن قدر القيراطين فقال: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ».

وأكثر العلماء على أن المراد بالقيراط هنا: جزء من أجزاء معلومة عند الله E، وقد قربها النبي H بالتمثيل بأحد، وليس القيراط على حقيقته الذي هو جزء من الدينار، فبيَّن النبي H الموزون من الأجر وهو الصلاة على الميت وتشييعه، وبيَّن المقدار المراد من الأجر بقوله: «مِثْلُ أُحُدٍ».

وأكثر العلماء على أن القيراط الأول يحصل بالصلاة على الجنازة ولو لم يتبعها المصلي قبل الصلاة، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة I أن النبي H قال: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ، وَلَمْ يَتْبَعْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ»، ومن اتبعها من بيتها حتى يصلى عليها وصلى عليها؛ فأجره أكمل وأعظم وقيراطه أكبر؛ لأن القراريط تتفاوت بحسب العمل، وقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة I أن النبي H قال: «أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ».

والصحيح من أقوال أهل العلم: أن القيراط الثاني يحصل كاملًا باتباع الجنازة مع الانتظار عندها حتى ينتهى من دفنها، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة I أن النبي H قال: «... وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا -أي من دفنها- فَلَهُ قِيرَاطَانِ»، وجاء عند مسلم في رواية: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنِ اتَّبَعَهَا حَتَّى تُوضَعَ فِي الْقَبْرِ فَقِيرَاطَانِ»، وهذه الرواية تحمل على أن المراد: وضعها مع الفراغ من دفنها، حتى تتفق مع الرواية التي في الصحيحين التي هي أصح منها، وهذا هو الأصح عند الشافعية والحنابلة، ولعله مذهب أكثر العلماء.

فعليه: من تبعها حتى وضعت ولم يمكث حتى ينتهى من دفنها؛ فله أجر وله جزء من القيراط، لأن القيراط يتجزأ، ومن مكث بعد الفراغ منها يدعو للميت ويستغفر له ويسأل له التثبيت؛ فهذا هو الأكمل وأجره أعظم، وقد كان النبي H يمكث عقب الفراغ منها يدعو ويستغفر للميت، فهذا يحصل على القيراط وزيادة.

المسألة الثانية: الصلاة على الصغير([2]):

الراجح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن الصلاة على الصغير تجب كما تجب الصلاة على الكبير، فلا فرق بين الصغير والكبير؛ لعموم الأدلة، وقد روى أحمد (6/267)، وأبو داود (3187) عن عائشة J قالت: «إِنّ رَسُولَ اللَّهِ H لَمْ يُصَلِّ عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ»، وظاهر سنده الحسن.

وأجابوا عليه بالآتي:

  1. أن الحديث ضعفه جماعة من الأئمة، فقال أحمد: «منكر»، وقال ابن عبد البر: «لا يصح»([3]).
  2. أنه قد روي عن النبي H أنه صلى على ابنه إبراهيم حين مات، جاء من عدة طرق كلها ضعيفة يشد بعضها بعضًا، رواها أحمد (4/284)، وأبو داود (3188)، والبيهقي (4/9) وغيرهم، وقال البيهقي: «روايتهم أولى».
  3. أن يقال: لم يصل عليه النبي H بنفسه؛ لانشغاله بكسوف الشمس في ذلك اليوم وصلى عليه غيره، والله أعلم.

المسألة الثالثة: الصلاة على السقط([4]):

نقل بعض العلماء الإجماع على أن الطفل إذا خرج من بطن أمه واستهل صارخا أنه يصلى عليه؛ لأنه يكون في حكم الأحياء، لهذا يثبت له الإرث في هذه الحالة.

ونقل الإجماع على أن الجنين إذا خرج قبل الأربعة الأشهر أنه لا يصلى عليه؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح، فكان في حكم العدم.

واختلفوا في الجنين يخرج من بطن أمه ميتًا بعد الأربعة الأشهر، والصحيح أنه يصلى عليه، فقد روى أحمد(4/247)، وأبو داود (3178) وغيرهما عن المغيرة ابن شعبة I أن النبي H قال: «وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ»، وروي موقوفًا على المغيرة بن شعبة I، والظاهر: أنه يصح مرفوعًا وموقوفًا([5])، ولأنه قد وجدت فيه حياة أصلًا، فقد حصل له بعد الأربعة الأشهر تمام النفخ والخلقة.

وهذا مذهب الظاهرية، والمشهور عند الحنابلة، ووجه للشافعية، ونقل عن أصحاب النبي H.

 

([1]) الاستذكار (8/308)، شرح مسلم (7/12)، المجموع شرح المهذب (5/278)، المغني (3/395)، زاد المعاد (1/517)، فتح الباري (3/555).

([2]) المجموع شرح المهذب (5/257).

([3]) الإصابة لابن حجر (1/93).

([4]) الأوسط (5/403)، المجموع شرح المهذب (5/255)، المحلى [مسألة] (598).

([5]) صححه الألباني في الإرواء (716).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=725